أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيلي امين علي - صفقنا لامريكا مرتين















المزيد.....

صفقنا لامريكا مرتين


تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عندما دخلت القوات الامريكية عام 2003 الى بغداد وازاحت صنم صدام ، والذي كان يرمز الى عبودية الشعب العراقي ، صفقنا لها ، واستقبل البعض من اطفالنا قواتها الغازية بالورود ، وكنا على حق على وهم في نفس الوقت .
كنا على حق ، لان حكم صدام كان كابوسا حقيقيا مرعبا ، لم يكن التخلص منه ممكنا للشعب العراقي في ذلك الحين الذي سبق ثورة الياسمين التونسية بسنوات عديدة ، وكان انجاز القضاء على حكم مستبد وظالم ودموي يعد مفخرة للمنجز ايا كان ، وحتى ان كان هو صانعه وظهيره في صناعة الموت لعدة عقود .
كنا على حق ، لان الغازية كانت قد اقنعتنا ، انها حصن الحرية المنيع وقلعة الديمقراطية ، وان همومها كثيرة ومتنوعة ، لكن مهمة نشر اجنحة الحرية وفرش بساط الديمقراطية في المناطق المكبلة بقيود الاستبداد من العالم تأتي في مقدمة هذه الهموم ، وان نشر النور في الزوايا المظلمة تسبق كل اولوياتها الاخرى .
كنا على حق ، لاننا لم نجد في رحلة البحث الطويلة من يعيننا على الخلاص من محنة ما كان لنا ان نتحملها لوقت اضافي . وقتها ونحن نعيش الجحيم ، لم ننظر الى وجه ونوايا من يؤخذ بيدنا لانتشالنا منه .
وكنا نتصور ، ان الولايات المتحدة ، تفعل ما تقول ،وتؤمن بما يصدر عن مؤسساتها وقادتها عندما تخاطب شعوبا ضعيفة ومغلوبة على امرها ، صدّقنا الوعود والبيانات ، قلنا انها وبعد ان حققت لنا حلما كبيرا ، ستتابع عملها الخيري وبهمّ انساني ، وستجلب لنا الحرية والديمقراطية .
قلنا حان الوقت بوجود العم سام ان ندع عهد الدماء والحروب والصراعات والمظلم ورائنا وان ننعم بفترة من الامن والاستقرار ، ومن اكثر حاجة الى الامن منّا ، نحن الشعب العراقي ؟ من احوجه اكثر منّا ونحن لن نذق طعمه منذ ان خلق الله اغلبنا على هذه الارض التي لم نشعر يوما انها تطعمنا من خيراتها الوفيرة ، او تشعرنا بالدفئ في حضنها كالأم ، أليس الوطم أم المواطن ؟
قلنا ان الخدمات الضرورية ، مثل الماء والكهرباء والصحة والتعليم والشوارع وحتى الحليب الشكولاتة لاطفالنا، لن تكون مشكلة لدولة عظمى او للدولة الاعظم .
تصورنا ، ان الحكومة العراقية التي سيشرف عليها ( الاصدقاء ) الامريكيون ، ستعطي لكل ذي حق حقه . لا يفكر وزرائها ومدرائها الا في مصلحة الشعب ، سيسهرون الليالي ولن يجدوا وقتا للهو، لا بل لأداء حتى فريضة الحج لكثرة انشغالهم بالتفكير في وضع خطط للترفيه عن الشعب .
تصورنا ان دول الجوار ستنكفأ على شؤؤونها ، وان هيبة امريكا ستردعها حتى عن التفكير في ايذاء احد مواطنينا .
وقلنا ان الشخص المناسب سيجد مكانه المناسب في مؤسسات دولتنا الديمقراطية ، وان الحريات للجميع ستكون مشاعة برعاية امريكية مثل الهواء تماما . وقلنا لن يجرء احد في بلدنا من التعرض لابسط حق من حقوق الانسان . و و و
فما الذي حصل حتى نصفق لامريكا كلما شاهدنا او سمعنا انها تسارع في اخراج قواتها من بلدنا المسكين ؟
ما الذي حصل اذ صعب علينا ان نقول لقواتها حتى كلمة وداع وهي تودعنا الى قدرنا المجهول ؟
ما حصل هو اننا فهمنا الحقيقة ولو بعد حين ، وعلمنا اننا كنا نعيش وهما ، ولمسنا عن قرب معاناة الشعوب في ظل الاحتلال الاجنبي .
كانت سياسة العهد الصدامي مبنية على التمايز العرقي والطائفي والحزبي ، وكان يدفن ابناء وبنات هذا البلد ، كما يدفن الناس الذباب والجراد ، ولكن كان الانسان العراقي في اكثر الاحيان يشعر بالامان ان لم يرتكب هو او احد اقربائه اي( خطأ) في قاموس الاخطاء التي ابتدعها النظام المقبور وعدّها جرائم، اما في ظل الاحتلال فقد فقدنا الشعور بالامان ، لم اسمع في عهد البعث ان قوة بعثية اطلقت النار على ركاب سيارة مدنية تجاوزت قافلتها العسكرية ، كما حصل ابان عهد الاحتلال . قتل النظام الصدامي الالاف من الابرياء وحتى الرضع والاطفال ، لكن لم اسمع عن القتل للتسلية .
الذي حصل هو ، تضاعفت مشاكلنا الخدمية ، وتعاظمت الصراعات الطائفية والعرقية وسالت دماء غزيرة ، وترملت مليون امرأة وثلاثة اضعاف هذا الرقم ايتام ، واصبحت دولتنا في مقدمة الدول الفاسدة او الدولة الاكثر فسادا ، واصبح سجلنا في حقوق الانسان مخجلا ، واصبحت الحرية تتكيف في العراق ( الامريكي ) وفق المقاسات التي جاء بها المليشيات الحزبية ، والديمقراطية انقلبت الى محاصصة ونسب وهبات بدعوى التوافق ، والشراكة الوطنية يراد منها تحويل الوطن الى شركة مساهمة .فأصبحنا نسمع عن اسلحة خردة وطائرات سكراب واجهزة لا تعمل وادوية فاسدة وزيت نافذ الصلاحية وحليب مسموم ، ومليارات عدا ونقدا مفقودة.

الذي حصل هو ان امريكا لم تدعنا نتفق على حل اية مشكلة بيننا ، واصبحت مرجعا لكل قوانا السياسية . كتبت لنا دستورا لن نتفق في ظله ، واوجدت لنا قواعدا في الحكم لم يسمع بها احد ، بددّت ثرواتنا او تسببت في تبديدها،ونصبت نفسها حكما لتوزيع المال العام على السياسيين بوفاق وتآلف، خلقت لنا جيشا ليس من مهامه التفكير في التخندق على الحدود ، وقضاءا يصعب القول ان جلّه محايد كما كان معروفا عنه ، واوجد لنا برلمانا يتخذ قراراته المصيرية في غير جلسات الانعقاد ، انما في رواق وصالونات الرؤساء والزعماء . برلمانا اعضائه ( جنود ) في سرية آمر الكتلة . اوجدت لنا مؤسسات يتوظف فيها الابناء والبنات وبني العمومة ، وغيرهم من يدفع أكثر .
اصبحنا نرى اجوائنا تخترق كل يوم دون ان تخشى الطائرات المغيرة التي تلقي بحممها على اراضينا اسراب الفانتوم الرابضة عليها . تأتينا قذائف المدافع عابرة حدودنا دون ردع ، واصبحت اكثر الدول ضعفا في المنطقة تقتص ارضنا وتطمع في المزيد منها وتقيم منشآت لاستفزازنا ، وفي العرف الامريكي لا زلنا نشكل تهديدا للسلم العالمي بدليل خضوعنا للبند السابع من ميثاق الامم المتحدة حتى الان ، في الوقت الذي ندفع تعويضا ظالما لاصغر جيراننا ، ويتسابق قادتنا او الكثيرين منهم لأستجداء هذه العاصمة الاقليمية او تلك .
مع ذلك يتحسر البعض على رحيل القوات الامريكية ، ويعرب عن خشيته من فقدان الامن ، وكأننا عشنا عهدا آمنا بوجودها .



#تيلي_امين_علي (هاشتاغ)       Tely_Ameen_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطالباني وعباس على منبر هيئة الامم المتحدة
- الفاسدون يا سادة .. في قمة هرم السلطة وليسوا في السجون
- عفوا سيد ليبرمان .. اياديكم ملوّثة
- انه ليس الوجه الاخر للاتحاد الوطني الكردستاني
- نحو تقليص قاعدة الاستثناءات في قانون العفو العام
- السيد المالكي ، من اين جئت بهذه البدعة ؟
- لا تسقطوا المالكي غيره أسوء منه
- لكبار الفاسدين رب يحميهم
- رئيس وزراء يبحث عن واسطة للتوظيف !
- هل يمكن اخراج مفوضية حقوق الانسان من المحاصصة
- برهم صالح امام خيارين الاستقالة او الاقالة
- اليمن الذبيح ، الا من ناصر ينصره يا ادارة اوباما
- الجرذان تناطح الالهة
- هل تشهد كردستان اقامة نصب للمغفور له القذافي ؟
- الحكمة يا حكماء كردستان
- السيد المالكي ... ممنوع استخدام القوة ضد الشعب
- صباح الخير سيدتي مصر
- مبارك.. من اين تأتيه رصاصة الرحمة?
- شعب مهان وحاكم عزيز ومبارك
- ماذا قال الرئيس الطالباني للرئيس المصري ( المخلوع )


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيلي امين علي - صفقنا لامريكا مرتين