أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - ضم مناطق جديدة الى بغداد تكريس للتخلف واعتراف بالفشل















المزيد.....

ضم مناطق جديدة الى بغداد تكريس للتخلف واعتراف بالفشل


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 14:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تسعى الدول المتحضرة جاهدة، الى تحقيق الرخاء والعمران لعواصمها و مدنها، بانجاز مستوى اعمار متساو لجميع أجزاء البلد و تأمين خدمات مماثلة، ويؤدي ذلك بالضرورة الى إحداث حالة التماثل بين عواصم تلك البلدان ومدنها البعيدة عن المركز، ما يؤدي الى تشجيع السكان على البقاء في تلك الحواضر، لأنها توفر لهم مستوى عيش ملائم وعصري، الأمر الذي يؤدي الى توزع السكان بصورة تكاد تكون متماثلة في جميع مدن بلدانها، كما لا تشهد عواصمها زيادات سكانية غير طبيعية، بل يحدث في أحيان كثيرة ان تترك العواصم أعداد كبيرة من السكان لتحط الرحال في المدن الجديدة، أو القديمة التي اهتمت بها الدول ووفرت لها جميع أسباب العيش الكريم .
ويحدث العكس لدينا في العراق، اذ تشهد العاصمة بغداد زيادة سكانية غير مسبوقة، وبالطبع ان بحث أسباب تلك الزيادات في عدد سكان بغداد، هي ليست موضوع هذا المقال، فذلك امر بحاجة الى دراسة بل دراسات مستفيضة، ولكنني سأركز على جانب واحد ارتبط بسوء الإدارة الذي لمسنا نتائجه المرة طيلة الأعوام الثمانية منذ التغيير في نيسان 2003، و يعبر عن نفسه الآن في تصريحات لسياسيين ومسؤولين يطالبون فيها بضم مناطق بأكملها الى كيان العاصمة الإداري، بدلا من تطوير حال الناس في تلك المدن لتخفيف الزخم عن بغداد التي تجاوز عدد نفوسها السبعة ملايين أي ربع سكان البلاد.
وبالمقارنة ببعض الدول التي تفوقنا سكانا، يتوضح لنا حجم الكارثة التي نسير إليها، لا سيما مع اعتراف المسؤولين ذاتهم ان في العاصمة ملايين ممن يعيشون تحت خط الفقر ولا يتوفر لهم السكن وغيرها من متطلبات الحياة الاعتيادية. وعلى سبيل المثال تبلغ نفوس المانيا نحو 82 مليون نسمة في حين لا يتجاوز عدد سكان العاصمة برلين 3,431,700 برغم ان مساحة المانيا اقل من مساحة العراق بنحو مائة الف كيلومتر اذ تبلغ 357.021 كلم مربع، اما اسبانيا فبلغ عدد نفوسها في عام 2008 رسمياً 46 مليون شخص في حين ان عدد سكان مدينة مدريد هو 3.3 مليون (نهاية عام 2009), وبلغ عدد سكان ايطاليا في نيسان 2011 60,681,514 اما العاصمة روما فيسكنها 2,743,796 روما ، ولسنا بحاجة لذكر المزيد من الأمثلة إذ أن دولا أوروبية أخرى ينخفض سكان عواصمها بدرجة اكبر من تلك النسبة.
لقد أسهم التناسب في أعداد السكان بين عواصم تلك الدول ومدنها القريبة منها او البعيدة، في تحقيق انسيابية الشؤون الإدارية والخدمية، وتحقيق الكفاءة المطلوبة في اداء الدوائر البلدية، ولا يفوتنا طبعاً الإشارة الى كفاءة المسؤولين عن المحافظات والمدن في تلك الدول.
و الذي اثأر هذا الموضوع هو ما صرح به مؤخرا ً نواب و مسؤولون في محافظة بغداد ومسؤولو أقضية ونواح ٍ في محافظات مجاورة لبغداد، ومنها قضاءا الدجيل وبلد، التابعان إداريا لمحافظة صلاح الذين طالبوا بضمها الى بغداد.
وعلى سبيل المثال، ان احد الأعضاء في مجلس النواب سابقا ً، قال إن " ارتباط قضائي بلد و الدجيل بالعاصمة بغداد أمر طبيعي ومنطقي لأن هذه الاقضية غير موجودة على خارطة الخدمات في محافظة صلاح الدين"، وأضاف ان " هناك روابط كثيرة لهذه الأقضية مع بغداد تؤهلها للعودة من اجل الحصول على الخدمات وحان الوقت ان تعود الى الاصل".
وهذا تصريح غير متحضر، ويعبر عن عدم الشعور بالمسؤولية اذ ان التحدث بلغة "الاصل و الفرع" يعبر عن منطق متخلف وغير سياسي، كما ان ضم تلك المناطق لا يجلب لها بالضرورة الخدمات، فلم تزل مناطق واسعة من بغداد تعاني من تدهور خطير في الخدمات، وتتكدس القمامة في عدة مناطق من دون رفعها لأيام، وبعض المناطق لم يزرها عمال النظافة منذ شهور! وبإمكان من يشاء ان يذهب الى وسط سوق الشورجة وهو ابرز الأسواق في مركز بغداد ليشاهد الكمية المرعبة من الازبال التي لا يرفعها احد ـ ولربما لا يرغب برفعها احد ـ. بل ان منطقة بأكمالها يبلغ نفوسها نحو نصف سكان العاصمة (مدينة الثورة ـ الصدر) لم تزل تعيش وكأنها في العصور الوسطى.
نرى ان خروج المسؤولين والسياسيين عن المنطق السليم في التعامل مع المشكلات، وتصرفهم بأسلوب الفعل ورد الفعل، ومحاولة الدوران في الحلقة الطائفية ذاتها التي خربت البلد وكرست التخلف والإفساد والفوضى، يعد أمرا خطيرا ولن ينفع أحدا سوى المتطرفين الطائفيين الساعين للصعود الى الكراسي والبقاء فيها وحصد المكتسبات استغلالا ً لمصائب الناس بالكذب عليهم والتلاعب بمصائرهم.
و يأتي ضمن ذلك السياق تصريح محافظ بغداد الذي يقول فيه ان " اهالي ومسؤولي بلد والدجيل شكوا من سوء تعامل الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين معهم وأكدوا ان لديهم الكثير من المعاناة فيما يتعلق بالتخصيصات المالية لاقضيتهم وفي المشاريع الخدمية والتعيينات والبطاقة التموينية التي ما زالت لحد الآن يتم تأمينها من قبل محافظة بغداد ". فما الذي قدمته محافظة بغداد لأهالي العاصمة الحاليين حتى نطالب بضم مناطق أخرى لها؟ .. هل نريد بذلك إعمام الفوضى وسوء الخدمات التي ترزح فيهما بغداد على الجميع؟!، والأكثر إيلاما من ذلك قول المحافظ، ان " قضائي بلد والدجيل بالاضافة الى بيجي ومدينة تكريت والشرقاط وسامراء كانت قبل عام 1976 تابعة الى محافظة بغداد "، وهو منطق تقسيمي لا يتسم بالحكمة و بالمسؤولية و يتنافى مع الحصافة السياسية التي يتوجب ان تتوفر لدى أي مسؤول في مثل تلك المناصب، إذ ان التصرف السديد يتمثل في إعادة اعمار تلك الحواضر ورفدها بالخدمات المتطورة، وحل مشكلات سكانها المتفاقمة، بدلا من الحديث الخطير عن كونها تابعة لبغداد من عدمه، ويتحدث المحافظ بشكل أكثر غرابة فيقول، إن "قضائي الدجيل وبلد يريدان الانفصال عن صلاح الدين في الأحوال كلها، سواء عدل سياسيو المحافظة عن إقامة الإقليم أم لا"،
قلنا ونقولها مرارا، لو ان أداء الحكومة في بغداد كان بمستوى الطموح ولو لبت مهامها الخدمية و الاقتصادية وأنجزت مهام الاعمار بصورة صادقة، و لو تحركت بخطوات ملائمة لمجابهة الفساد، وأعادت إحياء المصانع وتشغيل العاطلين، او منحهم ضمانات حياتية، لما فكر احد في ضم منطقته الى مناطق أخرى، او تحدث عن الحدود الإدارية في الماضي، ولتوصلنا الى تحقيق المواطنة التي لم نصل اليها حتى الآن، ولعبرنا الحدود الطائفية والعرقية وتجاوزنا المخاض العسير الذي لا نعرف الى أين يقودنا، إذا واصل السياسيون التفكير بمنطق ثأري وانتقامي متخلف، لا يليق بالعراق الجديد، الذين يصرحون انهم يسعون الى تطبيقه على أنقاض النظام المباد الذي ولى، ولكن يبدو ان كثيرا ً من ممارسات اليوم تقترب من ممارساته في كثير من مفاصلها، ويبدو ان وافرا من السياسيين غير معنيين بالبناء والاعمار مثلما هم معنيون و مشغولون بالتفكير بالكيفية التي يحتفظون فيها بمناصبهم لينالوا مكتسباتها الشخصية حتى إذا كان ذلك على حساب مصالح الناس ومتطلبات حياتهم.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين
- هل يسترد فقراء العراق أموالهم المسروقة؟!
- الزحف الحكومي لاحتلال بغداد
- حقيقة أسعار شقق بسماية!
- رفقاً بالطلبة!
- مهنة متاعب .. أم مهنة سرقات؟!
- الكهرباء لعبة سياسية متقنة
- هل تحققت الديمقراطية في العراق؟
- نهاية عقيد
- مُتنفس النواب للفرار بالغنيمة
- تنمية الشعور بالمواطنة
- ثلاث صفقات تجارية فاسدة في عشرة ايام!
- آلية غير منصفة لتنفيذ القرارات
- سلف المالية وعود من دون إجراءات
- الكهرباء في قبضة الاحتيال
- (الفاو) و (مبارك) في خضم سباق المصالح
- لنغتنم فرص الارتقاء بالبلد
- التسويف في ترشيق الوزارات
- نزاهة الزعيم
- الحلقات المفرغة للوضع العراقي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - ضم مناطق جديدة الى بغداد تكريس للتخلف واعتراف بالفشل