تركيا العلمانيه المسلمه والاتحاد الاوروبي

تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)

الحوار المتمدن-العدد: 1055 - 2004 / 12 / 22 - 09:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تركيا000العلمانيه المسلمه 000 والاتحاد الاوروبي
000قامت الجمهورية التركية على انقاض الامبراطورية العثمانيه التي كانت مترامية الاطراف لتشمل اقساما من اوروبا وآسيا وافريقيا وقدمت نفسها للعالم كدوله مناقضه ومخالفه للعهد القديم وبفضل وجود رجال في الحكم امثال مصطفى جمال اتاتورك الذي يعتبر باني تركيا الحديثه استطاعوا المحافظة على الهوية التركيه وابراز انفسهم على انهم محررين بلدهم من اوهام ومخلفات الماضي0 وعندما تسلم الجمهوريون الاتراك الاوائل مقاليد الامور انحو باللوم والمسؤوليه على الامبراطوريه العثمانيه بكل السلبيات والتخلف والرجعيه التي آلت اليها وحاولوا بناء الجمهوريه وفقا لمعايير وتطلعات حديثه وعلمانيه تقدميه بنفس الوقت0 واعتبار انفسهم انهم جزؤ من اوروبا المتقدمه00وتسارعو للتباهي بنقل الصوره الحضاريه الاوروبيه لتركيا بكل ما تحمل من مظاهر الازدهار والنشاط في كل مجالاات الحياه0 وكان الاتراك مقلدين لها اكثر منهم صانعين لها او فاعلين في التغلب على مشاكلهم وايجاد الحلول المناسبه لها0 وخلال العشرينات والثلاثينات واوائل الاربعينات كانوا قد تخلو تماما عن ماضي تركيا القديم0
00ومع تطور السوق الاوروبيه المشتركه الى اتحاد اقوى واعمق واكثر اتساعا وشموليه زاد التصميم والاصرار من الجانب التركي على الانضمام للاتحاد000وقد تردد الاتحاد الاوروبي في الاستجابه للمطلب التركي لعدة اسباب00بعضها يخص تركيبة المجتمع التركي وانقساماته وتناقضاته التي بقيت قائمه منذ تاسيس الجمهوريه التركيه عام 1923م وحتى اليوم حيث ما زال العلمانيون يدعون الى نظام سياسي واجتماعي على الطريقه الغربيه بحيث يبقى الدين مساله شخصيه لا يتدخل في شؤون الدوله ويبقى فقط في دور العباده وما بين الانسان وربه00!!!
وهناك فريق اخر يقف من الدين موقفا يعطي للدين دورا اكبر في المجتمع التركي واكثر شموليه مع احترام العلمانيه واعتباراها حريه دينيه اوسع0 وبالتالي فأن وجهتي النظر هاتين تتصارعان وتتصادمان حول كثير من القضايا0
00اما على الجانب الآخر من المساله فأن الاوروبيين ينظرون الى التجربه التركيه ورغبتها الملحه في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي على انها اشد تعقيدا وخوفا من الاسراع بقبول تركيا للسوق00فهم ينظرون الى الحزب الحاكم على انه ذو جذور اسلاميه يذكرهم دائما بالامبراطوريه العثمانيه المسلمه في القرون الماضيه وما كانت عليه من الغلبه والقهر لكثير من دول اوروبا واخضاعها لسيطرة التركي المسلم الذي يمثل عند الاوروبي رمز الوحشيه والمغتصب والقاتل المتوحش لسفك الدماء000
00ومع مرور الزمن وتسارع مجريات الاحداث على الساحه الدوليه اصبح هذا الخوف اكبر واعمق عند الاوروبيين ففي الوقت الحاضر ومع تسجيل المسلم في قائمة الارهابيين منذ 11سبتمبر2001م وما تبعها من غزو واحتلال لافغانستان والعراق وتحميل مسؤولية الارهاب للجماعات الاسلاميه بزعزعة الامن الدولي فأن المسأله التركيه تزداد تعقيدا وغموضا في الوقت الذي تتأرجح فيه تركيا بين معسكرين من الصعب ان تختار احدهما على حساب الآخر
او ان تجمع بينهما في الوقت نفسه00فنفوذ امريكا في تركيا معروف ومكشوف ولا يحتاج الى ادله فهناك القواعد العسكريه والسفن الحربيه ومنصات الصواريخ المجهزه بأحدث التجهيزات الحربيه على الاراضي التركيه تستعملها امريكا عند الحاجه وكلما دعت الضروره لذلك وما اكثر الضرورات والحاجات العسكريه لدى امريكا00!!!
ومجرد وجودها على الارض التركيه فأنها تهدد امن واستقرار كثير من دول الجوار ومنها طبعا بعض الدول الاوروبيه التي تنظر الى الدركي الامريكي على انه نمر جائع لن يميز بين لحم مسلم ولحم اوروبي عندما يشعر بالجوع والوحشيه00!!!
000ومع ذلك كله فأن انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي سيؤدي الى المزيد من القوه والنجاح وحل المشكلات التركيه العالقه وبالنسبه للجانب الاوروبي فلا يمض يوم بدون استطلاعات وبيانات ومناقشات واطلاق التصريحات عن الاراء بشأن انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي غير ان الشيء المفقود من الجانبين هو الاتفاق على صيغه واضحه ومقبوله من الطرفين0

#تيسير_خروب (هاشتاغ)       Taiseer_Khroob#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات