أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جعفر هادي حسن - تاريخ العراق الذي ينهب















المزيد.....

تاريخ العراق الذي ينهب


جعفر هادي حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3558 - 2011 / 11 / 26 - 20:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



قد لايوجد بلد في العالم اليوم تدمر حضارته ويستباح تاريخه وتنهب آثاره مثل العراق. وعلى الرغم من أن حالة النهب هذه ليست جديدة ، إذ هي تعود لعقود طويلة ، إلا أن فترتي حرب الخليج الثانية والثالثة كانتا أشد وطأة ، وأكثر ضررا وتأثيرا على إرث العراق وتاريخه. وقد كان من حظ هذا البلد أن ظهرت فيه حضارات متعاقبة على ارضه ، خلفت كما هائلا ومتميزا من تاريخ الإنسان وآثاره وتطور حياة سكانه.ومنذ ماقبل إنشاء الدولة العراقية، وخلالها كانت هناك تنقيبات في أكثر من موقع في هذا البلد، اكتشفت بها آثار مهمة،حفظ الكثير منها في المتحف العراقي ،وبعضها في متاحف عالمية معروفة . ولكثرة ماخلفته حضارات بلاد الرافدين المتعاقبة من آثار، ظلت الالاف من المواقع الاثرية مهملة وغير مكتشفة، فأصبح بعضها عرضة للتآكل والتلف بسبب العوامل الطبيعية، والإهمال من قبل المسؤولين. ويفترض أن تعطي الدولة هذه المواقع أولوية وتحيطها بالإهتمام وتوفر لها الحماية ، لأهمية ماتحتويه من تاريخ وماتختزنه من حضارة ، إلا أن الغالبية العظمى من هذه المواقع تفتقر إلى أبسط وسائل الحفظ ، من عبث العابثين وسطو المخربين. ولذلك فهي اليوم عرضة للنهب والسرقة المنظمة ، من قبل لصوص وعصابات متخصصة ، تعودت على القيام بذلك، خاصة في غياب سيطرة الدولة وضعف سلطتها ، بل وعدم اهتمامها كما هو حادث اليوم .
وأكثر المواقع الأثرية التي تنهب هذه الأيام ، هي التي تقع في الوسط وفي الجنوب من العراق، حيث نشأت الحضارة الأولى للإنسان،
وحيث ظهرت وازدهرت مدن عظيمة،(كان الكثير منها دويلات) مثل أريدو وأور وأومَا ولكش ، وأوروك (الوركاء) مدينة جلجامش ، التي يعود تاريخها إلى الألف الرابع قبل الميلاد، والتي يعتقد المؤرخون ، أنها كانت آنئذ من أكبر مدن العالم القديم ، والتي كان الحرف الأول قد خط فيها ، ولأهميتها سميت فترة تاريخية باسمها، وغير هذه من المدن الأخرى ذات التاريخ العريق
وقد ازداد نشاط لصوص الأثار بشكل خاص ، بعد الإحتلال ولم تكن القوات المحتلة تهتم بما كان يحدث، بل إنها هي نفسها شاركت في هذا التدمير ، حيث كانت لها قواعد عسكرية، بعد ان استقر بها الأمر، في مواقع تاريخية مهمة ، مثل بابل وأور ، المدينتين التاريخيتين المعروفتين . ومن مظاهر عدم اهتمام المحتل بما كان يحدثه الجنود من تدمير أن هؤلاء كانوا يملأون الأكياس بالتراب الذي يحتوي على كسر الأواني والأحجار القديمة ، ليجعلوا منها متاريس يحتمون بها .
ومن يذهب اليوم إلى مواقع الأثار في وسط العراق وجنوبه ، يرى المئات من الحفر المتناثرة على مسافة واسعة ، والتي حفرها اللصوص والسراق ونهبوا مافيها. والكثير منها يدل على أنها حفرت حديثا، ويمكن أن يُرى من خلال بعضها بقايا سلم يقود إلى قبر أوقبور. ومعروف أن العراقيين الأوائل كانوا يدفنون كثيرا من المقتنيات المهمة مع موتاهم، وكانت القيثارة السومرية الشهيرة قد وجدت مع أوان وحلي ذهبية ، في مقبرة أورالملكية المشهورة، من الألف الثالث قبل الميلاد. ولذلك أصبحت المقابر مواقع مفضلة للناهبين واللصوص .
وطريقة الحفر في هذه المواقع واختيارها، يدلان على خبرة هؤلاء اللصوص ومعرفتهم بها
والعديد من الأماكن التي يُعبث بها وتُنهب آثارها، كانت مدنا في التاريخ القديم لها مجدها وعراقتها. ومنها "أيسن"(في محافظة القادسية)، التي كانت مركزا لدولة ، حكمها عدد من الملوك مابين الفترة الأخيرة من الألف الثالث ، والفترة الأولى من الألف الثاني قبل الميلاد لمايقرب قرنين من الزمن. وكان أشهر ملوكها لبت- عشتار الذي وضع شريعة تحتوي على عشرات المواد ، وهي تسبق شريعة حمورابي ،وهي اليوم تسرق آثارها على نطاق واسع ..
ومن المدن القديمة التي امتدت إليها يد اللصوص، وسُرق الكثير من أثارها المملكة - المدينة "أومَا"( في محافظة ذي قار)، ومازالت آثارها إلى اليوم تسرق وتهرب، لعدم توفر الحماية الكافية لها. وأومًا التي تمتد على أرض واسعة، هي من المدن السومرية ذات الشأن والتاريخ والحضارة، وقد كانت في أوج عظمتها في النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد، خاصة في عصر ملكها لوكال-زاكي- سي، الذي أصبح أيضا ملكاعلى معظم بلاد سومر وأكد. وقد عثر فيها الأثاريون في السابق على عشرات الآلاف من الألواح والرقم ، التي تتعلق بقضايا الإقتصاد والإدارة والقانون والأدب ، وقد وصل لنا منها نصوص تعتبر من أقدم نصوص بلاد الرافدين.و"أومَا "هي واحدة من مئات المواقع، في محافظة ذي قار التي تنتظر أن يعود التنقيب لها ،وكشف كنوزها.
ومن المدن التي تنهب أيضا مدينة "باد –تبيرا"جنوب غربي الشطرة
وهي من المدن السومرية القديمة ، ومن أقدم المدن التي حكمها ملوك، كما أنها اشتهرت بسورها وباكتشاف ما يسمى ب"نص الأخوة" فيها ، بين حاكم أوروك وحاكم لكش. ولأهمية هذه المدينة فقد ذكرها مؤرخون قدماء مثل المؤرخ والعالم الفلكي البابلي"بيروسس"، (بل آشور) وبعض المؤرخين اليونانيين .وطبقا لما ذكرته التقارير الحديثة ، فإن النهب المتواصل لها ا
جردها من الكثير من آثارها.ويلاحظ المتجول بين الحفر ، التي عبث بها اللصوص كسرا من ألواح أو قطعا من زجاج أو أوانٍ فخارية مرمية على الأرض هنا وهناك، تركها هؤلاء لاعتقادهم بعدم أهميتها، بينما يمكن أن تكون ذات أهمية لاتقدر بثمن، إذ أن هذه القطع الصغيرة قد تشير
إلى فترة زمنية معينة يبحث عنها الأثاريون، أو أنها جزء من نص ناقص يتقفون ماينقصه ويبحثون عن تتمته. وقد ذكرت بعض التقارير أن هؤلاء اللصوص مطمئنون لما يقومون به ، إلى حد أنهم يستعملون آلات حفر حديثة ، كما حدث في الوركاء حديثا، كما أن لهم حمايتهم المسلحة الخاصة بهم . ونهب الآثار اليوم من هذا المتحف المستباح ، الذي لايعتني أهله به ولايهتمون له – مع أنهم يتشدقون دائما بتاريخه ويفاخرون الناس بحضارته - قائم على قدم وساق،وأصبح ظاهرة تحتاج إلى حل جذري ، يقوم عليه من يهتم بتاريخ هذا البلد ويعتز بحضارته ويعرف قيمتها . وقد ذكر بأن الكثير من المواقع الأثرية في جنوب العراق هي تحت سيطرة هؤلاء اللصوص ، حيث يخزنون ما يعثرون عليه في مخازن بعيدة عن عيون الناس واهتمامهم ، ثم يهربونها إلى خارج العراق. والطامة الكبرى هو أن مايسرق من هذه الآثار لايسترد ولايعود ، وإذا أعيد لايعاد سالما . ويحتج المسؤولون عن حماية هذه الآثار ، بأن مايحدث سببه عدم وجود مخصصات مالية لهذا الغرض، بل إن البعض منهم قال إنه ليس بامكانه حتى كتابة التقارير عما يسرق، ولايمكنه شراء وقود للسيارات كي تصل إلى المكان المسروق منه ، ليتمكن أن يقوم بما يجب أن يقوم به من حماية.ويستغيث هؤلاء بين فترة وأخرى بالحكومة لزيادة ميزانيتهم، وتوفير أعداد أكثر من الحماية لآثار مناطقهم،ولكنهم لايجدون لاستغاثتهم مغيث،ولا لنداءاتهم صدى.ولابد أن نشير هنا إلى أن الفساد –كما ذكرت التقارير- له دور في الوضع المزري السائد،كما هو الحال في كل مفاصل الدولة حيث أصبح لازمة لها. ويضاف الى كل هذا ماسرق من آلاف القطع من المتحف قبل الإحتلال
وبعده
ويقول رئيس المدرسة البريطانية للآثار العراقية الاستاذ روجر ماثيو "إن تاريخ البلد يختفي أمام عيوننا، ونحن نتفرج عليه فقط،، وإن مواقع أثرية وبضمنها ، مدن كاملة تدمر بحفريات غير قانونية"
وعبر مؤرخ بريطاني عن أساه لما يحدث بالقول "إن العراق هو مهد الحضارة الأولى، التي ظهرت على الأرض ، حيث كلنا مدينون له وللمدن القديمة فيه التي اخترعت الكتابة، ولكن هذه المدن اليوم تدمر بالحفريات غير المشروعة "



#جعفر_هادي_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكوياكفرقة يابانية صهيونية
- بين إيلان بابيه وبندكت سبينوزا
- من مفكري الحركة الصهيونية وفلاسفتها: يعقوب كلتزكن
- قانون العودة وهجرة اليهود غير المعترف بهم إلى إسرائيل
- جدعون ليغي الصحافي الذي يزعج اسرائيل بكتاباته
- من تاريخ الحركة النسوية اليهودية
- الصراع العلماني الديني في اسرائيل اسبابه وتجلياته
- منظمات يهودية تبحث عن -قبائل بني إسرائيل الضائعة- لتهجيرها إ ...
- احتفال اليهود بالسنة العبرية الجديدة
- هوس الديمغرافيا وظاهرة النازيين الجدد في اسرائيل
- الاحتفاء بحضارة بابل
- التغلب على الصهيونية:إنشاء دولة ديمقراطية واحدة على أرض إسرا ...
- بعد المؤرخين الجدد..ظاهرة الروائيين الجدد في إسرائيل
- اسرائيل واستقلال كوسفو
- السر الذي لاتريد اسرائيل ان تكشف عنه:قضية اختفاء -الاف الأطف ...
- جنرالات اسرائيل يترددون في مغادرتها خشية اعتقالهم بتهمة ارتك ...
- دراسة تكشف عن وجود آلاف العسكريين اليهود خدموا في الجيش النا ...
- المهاجرون إلى إسرائيل والتاركون لها
- المسيحيون الصهيونيون ونظرتهم إلى الناس والعالم
- محاولة من القرن السادس عشر لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جعفر هادي حسن - تاريخ العراق الذي ينهب