أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - صادق إطيمش - الحوار المتمدن ... عقد من النضال ألثقافي والإعلامي الهادف















المزيد.....



الحوار المتمدن ... عقد من النضال ألثقافي والإعلامي الهادف


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:27
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


الحوار المتمدن ... عقد من النضال ألثقافي والإعلامي الهادف

ألأسئلة العشرة التي تفضلتم بتوجيهها تشير إلى وقوفكم في مركز الحدث دوماً . لا يمكن لأي جواب على اي من هذه الأسئلة العميقة المحتوى والآنية الحضور ان يغطي كل ما يهدف إليه فحوى السؤال بالذات من تحليل لموضوعه واستنتاج لمعطياته . إلا ان المحاولة يجب ان تكون حتى وإن اشارت بشيئ من الوضوح إلى الحدث الذي جعله الحوار المتمدن يتعلق بنضاله لعقد مضى ومرتبطاً به لعقود آتية أخرى ، الحدث الذي لا يريد الحوار المتمدن إلا ان ينظر إليه من خلال الفكر اليساري التقدمي عبر طريق الإعلام الهادف ، وهذا ما تنشده الشعوب اليوم .

1. لا اعتقد بإمكانية إستغناء حركة التغيير في اي قطر يرزخ تحت نير الأنظمة القمعية، عن القوى اليسارية بمختلف تنظيماتها الحزبية والمهنية . والسب في ذلك واضح جدا ويتجلى بوقوف الفكر اليساري في كل نشاطاته في مواجهة القمع والتسلط وفي الدفاع عن حقوق الجماهير المُضطَهَدَة والنضال الدائب في سبيل الحصول على ما تستحقه من مكتسبات سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية . أما مدى وكيفية تعبير قوى اليسار هذه عن نشاطها في ميادين النضال المختلفة فذلك امر يتطلب الدقة العلمية والموضوعية في تعريف قوى اليسار هذه إستناداً إلى برامجها المطروحة ومدى إرتباط هذه البرامج بالقدرات والإمكانيات الذاتية والموضوعية التي تمر بها الحركة السياسية عموماً في هذا البلد او ذاك اولاً ، والحالة التي تجد الحركة اليسارية نفسها فيها والتي تؤهلها للتعامل مع هذه القدرات والإمكانيات ثانياً . أي ان المتابع لنشاط القوى اليسارية ينبغي ان يمتلك القدرة الكافية للتفريق بين الغث والسمين في هذا اليسار ليخرج بنتيجة علمية تسمح له التمييز بين المغالاة والواقع ، بين القفز على المراحل والتعامل معها .

لم يختلف هذا الوضع في الهبّات الجماهيرية التي إنطلقت بوجه الدكتاتوريات الجاثمة على هذه الجماهير منذ عقود من الزمن وسوف لن يختلف ايضاً فيما سيأتي من هبّات وانتفاضات أخرى ينتظرها ما تبقى من الجبابرة الذين لا مستقر لهم غير مزبلة التاريخ . التوجه الفكري الوطني العام بما يتضمنه من أنفاس يسارية تقدمية كان ، بدون اي شك ، حاضراً في إنتفاضات الجماهير على الأنظمة العربية الدكتاتورية . لقد برز ذلك من خلال الشعارات التي إختلفت بشكل جذري عن تلك التي تطرحها قوى الإسلام السياسي كلما رفعت عقيرتها لتستغل هذا الموقف او ذاك لتعلن عن محدودية بعدها الفكري الذي لا يتجاوز شعارات بالية تخرج بها وترددها دون ملل كل مرة بالرغم من قناعة البعض من هذا التيار بعدم إمكانية تحقيق ما يدعون إليه في شعار كشعار " الإسلام هو الحل " أو " لا حكم إلا لله " او " العودة إلى الخلافة " أو الشعارات التي جعلت أمريكا والصهيونية العالمية شماعات تعلق عليها كل إخفاقات وانحطاط المجتمعات الإسلامية التي شكلت خزعبلاتهم التي ينشرونها على الناس دوماً واحداً من الأسباب الهامة في تدهور وانحطاط هذه المجتمعات التي اصبحت اليوم عالة على العملية الإنتاجية العالمية التي لا تساهم هذه المجتمعات فيها . لا لم يجر طرح مثل هذه الشعارات البالية في الإنتفاضات الجماهيرية ، بل كانت السمة الغالبة لها تصب في المجرى الوطني الساعي إلى " إسقاط النظام " و " سلمية ...سلمية " و " الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية " و " ألإنتخابات الحرة " و " إرحل ...إرحل " و " الدولة المدنية " وغير ذلك الكثير من الشعارات التي توحي بما لا يقبل الشك بمساهمة قوى اليسار بين هذه الجماهير الثائرة وتأثيرها على مسيرتها من خلال الفكر الذي مثلته ودعت إليه ورفعته كشعارات تبنتها الجماهير المنتفضة . وما يجري اليوم في مصر من تجديد للثورة ورفض كل الحلول العرجاء التي اراد بها المجلس العسكري ، مستنداً إلى بعض قوى الإسلام السياسي ، حرف مسيرة ومطالب الجماهير المنتفِضة ، تشير بوضوح إلى البعد الوطني الذي يتبناه التيار الوطني المنفتح وقوى اليسار فيه .



2. المتتبع للحقب التي مر بها تطور العمل السياسي ضمن الأنظمة التي تبنتها الدول العربية يخرج بنتائج قد تساعد على فهم الوضع الذي آل إليه اليسار بشكل عام تحت هذه الأنظمة . السمة الغالبة ، بل والأساسية ، التي تتسم بها الأنظمة القمعية عموماً ، عربية وغير عربية ، هي سمة التشبث بالبقاء على قمة السلطة والإلتصاق بكرسي الحكم مهما كلف ذلك من هدر للأرواح والأموال ، ومهما كانت نتيجة ذلك على البلد. ولغرض تحقيق هذا الهدف تسعى القوى الحاكمة في هذه الأنظمة ، إلى جانب توظيفها لكل ما تملكه من الأساليب القمعية ضد مناوئيها ، إلى التهادن مع بعض القوى السياسية العاملة على الساحة والتي تجد فيها فسحة من المشتركات التي تؤمن لها إسناد هذه القوى جماهيرياً من جهة ، مقابل إشعار هذه القوى السياسية بدعم السلطة لها من جهة أخرى . لقد جرت هذه المهادنات والمناورات مع كل القوى السياسية التي غلب عليها الفكر البرجوازي. إذ كانت هناك القوى التي إدعت الديمقراطية وتبني افكار الحرية والليبرالية وحتى الإشتراكية أحياناً ، إضافة إلى القوى ذات التوجهات الدينية الإسلاموية ، التي تهادنت في هذه الحقبة التاريخية او تلك مع الحكومات القمعية ، فاستطاعت بذلك ان تؤسس ، وبكل حرية أحياناً ، لعملها الجماهيري الذي إكتسب طابع الإرتزاق من العمل السياسي أكثر من العمل المبدئي ضمن برنامج سياسي وطني حريص .

وبالنظر لإبتعاد قوى اليسار ، في الغالب ، عن مثل هذه التصرفات الإنتهازية وإصرارها على ألإشارة وبمختلف الطرق إلى الخلل والإعوجاج لدى الحكام القمعيين ، فقد أدى ذلك لأن تكون في متناول مرمى الأجهزة القمعية لهذه الأنظمة التي لم تتوان عن إحضار التهم الجاهزة مسبقاً لتجعل منها السيف الذي تشهره ضد الفكر اليساري التقدمي ، خاصة في تلك المراحل التي يتبنى فيها اليسار سياسة تقف بمستوى سياسة القمع التي يتعرض لها .

وهذا ما حدث فعلاً في كل الأنظمة التي تبنتها الدول العربية التي كتب عنها الراحل نصر حامد ابو زيد يوماً ما قائلاً [1] :

" كل الحكومات في العالم العربي وصلت إلى الحكم عن طريق الإنقلابات العسكرية أو عن طريق الوراثة . لا يوجد فيها نظام واحد ديمقراطي ، كل الحكام فيها ملوك كالملك حسن او من العسكر كناصر، والسادات ومبارك ".

هذا بالإضافة إلى تأثير العمل السري وتداعياته على مجمل النشاط اليساري الذي برز بشكل واضح إثر اول فرصة يستطيع فيها اليسار ان يخرج للجماهير بشكل علني دون إتخاذ الإجراءات الأمنية لحمايته من القمع المتواصل الذي يتعرض له . لقد أدى كل ذلك إلى ضآلة التجربة في العمل الجماهيري ، بالرغم من نجاح اليسار نوعاً ما بنشر الفكر الوطني التقدمي حتى ضمن نشاطه العلني المحدود هذا .





3. لا شك في إكتساب قوى اليسار من هذه التجارب النضالية التي مرت بها الشعوب الثائرة في الدول العربية خبرات غنية كثيرة يمكن توظيفها ، إذا ما تم إستيعابها وتحليلها بشكل علمي دقيق ، لتطوير العمل المستقبلي بشكل افضل واكثر فرصاً للنجاح . فلقد افرزت هذه الإنتفاضات الشعبية معطيات وقوى كانت حتى الأمس القريب قبل إندلاع هذه الإنتفاضات تعتبر من العوامل الصعبة التعامل معها بالنظر لقوة القمع المسلط من قبل الأجهزة الحاكمة أولاً ولوجود عوامل ذاتية وموضوعية سياسية واقتصادية وثقافية صعبة ومعقدة ساهمت في ضمور مثل هذه القوى واختفاء مثل هذه المعطيات ثانياً . لقد أوضحت الإنتفاضات السمات التي تشترك فيها المعطيات الذاتية في كل مجتمع من هذه المجتمعات بالرغم من تباعدها جغرافياً عن بعضها البعض .

مَن يستعرض الأحداث التي اتت بها رياح التغييرالتي هبت اول نسماتها في الشهرين الأخيرين من عام 2010 في تونس حينما عجز بوعزيزي ان يقنع السلطة المحلية في مدينة سيدي بوزيد ان تعيد له عربته المصادرة بما فيها من خضروات كان يحصل من خلال بيعها على قوت عائلته اليومي الذي لم يستطع الحصول عليه عبر شهادته الجامعية ، فأشعل النارفي جسده ليكون لهيباً لثورة عارمة إمتدت إلى أبعد من تونس لتشمل المنطقة برمتها وليس الشمال الأفريقي فقط ، إذ عبرت البحر الأحمر ايضاً لتأتي على انظمة كانت قبل أن تطالها نار الثورة هذه على يقين ثابت من بقاءها عبر نظام الوراثة الذي بدأه بنجاح حافظ الأسد ففتح شهية الحكام العرب الآخرين ليسلكوا هذا الطريق هم ايضاً ، وقد تعاهدوا على سلوكه فعلاً.

وعلى هذا الأساس فهناك الكثير من المشتركات التي جعلت الأنظمة العربية الحاكمة تتمادى امام اولى الضربات التي واجهتها من قبل الجماهير الثائرة في البلدان التي تسيطر عليها هذه الأنظمة .

فجميع الحكام الذين إستلموا هذه الدول عبر إنقلاب عسكري او إستيلاء على السلطة بهذا الشكل او ذاك مارسوا سياسة القمع بكل انواعه تجاه المعارضين لسياستهم التي خططوا لها ونفذوها بالشكل الذي يبقيهم على كرسي الحكم لعقود عديدة من الزمن وبذلك أصبح مصطلح تداول السلطة غريباً على قواميسهم .

واستناداً إلى مفهومهم هذا للسلطة وارتباطهم الأزلي بها عرج الحاكمون إلى تأسيس مفهوم وراثة السلطة على الطريقة الملكية في دول تتبنى النظام الجمهوري . وقد شاع مفهوم الوراثة هذا وترسخ في عقول الحاكمين بشكل اكثر حينما نجحت التجربة الأولى التي طبقها النظام السوري بعد موت حافظ الأسد وإحلال إبنه بشار الأسد محله في مسرحية هزلية تمت على مسرح " البرلمان السوري " ولم تستغرق سوى بضعة دقائق جرى فيها تغيير الدستور السوري وجعله مناسباً لولي العرش الجديد .

كما تبنت جميع هذه الأنظمة مبدأ وصاية العائلة على مؤسسات الدولة التي تحولت فيها حتى الأحزاب السياسية التي كان هؤلاء الحكام يستندون إليها في حكمهم إلى تجمعات تسيطر عليها عائلة الرئيس وحاشيته المقربة إليه . وبذلك كانت العائلة ورموزها التي يسندها الرئيس تتحكم بأهل وخيرات البلاد وكأنها مقاطعة تملكها ملكاً صرفاً وتتصرف بها كيفما تشاء مما سبب الإثراء الفاحش لهذه العائلة وكل من إرتبط بها او اخلص في خدمته لها . وقد جرى كل ذلك طبعاً تحت ظروف قمعية وعلى حساب الجماهير الشعبية وحقوقها المُستباحة من قبل النظام وزبانيته .

جميع هذه الأنظمة مرتبطة بسياسة واقتصاد الغرب الرأسمالي بشكل لا تستطيع معه البقاء على قيد الحياة دون الإستمرار على هذا الإرتباط . ولتبرير علاقة الغرب الذي يتبنى الديمقراطية البرلمانية بهذه الأنظمة الدكتاتورية القمعية فقد سعى إلى إجبارها على تبني بعض سمات الحياة الديمقراطية وذلك من خلال إنتخابات شكلية معروفة نتائجها مسبقاً لتتبلور عما يسمى بالبرلمان الذي لا عمل له سوى التصفيق للرئيس وتمرير القوانين التي يريدها .

وما إشتركت به هذه الأنظمة القمعية ايضاً حينما واجهت رياح التغيير العاتية هو تبنيها لمفهوم المؤامرة الخارجية على وحدة الوطن وكأن هذه الأنظمة هي التي كانت ترعى هذه الوحدة وتحافظ عليها . كما أنها إشتركت بتحشيد المظاهرات المضادة من اعوانها ودفعت ببلطجيتها وزودتهم بالخيل والجمال والعصي والسكاكين لمواجهة المظاهرات التي ظل طابعها سلمياً بالرغم من كل هذه الإعتداءات الإجرامية التي ذهب ضحيتها شهداء كثيرون . وبالرغم من محاولات بعض القوى الإسلاموية عسكرة الإنتفاضات الشعبية السلمية .

هذه المشتركات الأساسية التي إتسمت بها الأنظمة الحاكمة التي لم تستطع الوقوف امام رياح التغيير التي أطلقتها الجماهير الشعبية الغاضبة ، فظلت تترنح وتتمادى حتى سقط بعضها في أيام أو أسابيع وما ظل منها فإنه ينتظر السقوط لا محالة .

الإنتفاضات الجماهيرية التي أججتها الجماهير في مناطق مختلفة من المجتمعات العربية كانت لها هي الأخرى مشتركات عدة وكأنها جاءت كإنعكاس طبيعي للمشتركات التي تميزت بها الأنظمة التي تصدت لها هذه الجماهير .

لقد اثبتت هذه التحركات الشعبية التي قادت إلى التغيير بأنها حققت ثورات لها طابعها الخاص المختلف تماماً عن التغييرات التي جرت سابقاً على انظمة الحكم والتي إعتمدت في معظمها على الإنقلابات العسكرية او الحركات الموَجهَة توجيهاً حزبياً معيناً .

لم تبرز في جميع هذه المظاهرات التي كانت مليونية في بعض المناطق أية شعارات متطرفة كتلك التي ترفعها الأحزاب الدينية المتطرفة بين الحين والآخر متخذة من اتفه الأسباب وسيلة لرفع المصاحف وترديد شعارات التبجح الفارغ والتهديدات الهوجاء . لقد برزت شعارات الجماهير المنتفضة وقد تناولت القمع الدكتاتوري ، الفساد في كافة مرافق الدولة ، البطالة وما ينتج عنها من إفقار الناس وسوء حياتهم المعاشية ، تحكم الحزب الواحد وجلاوزة الحاكم ، وغيرها من المطالب الشعبية التي أوجزها شعار واحد رددته حناجر الملايين في المناطق البعيدة عن بعضها البعض جغرافياً وهي تهتف جميعاً " الشعب يريد إسقاط النظام "

كما واشتركت جميع الثورات الجماهيرية ببروز تنظيم وقيادة الشارع التي كانت أكبر من ان يستوعبها حزب واحد او تتبناها منظمة معينة ، مستعملة الوسائل المعلوماتية الحديثة للتواصل والتنسيق . لقد تخلت القيادات الفوقية للأحزاب والحركات السياسية عن الدور القيادي التوجيهي فاصبحت هذه الإحتجاجات الجماهيرية ذات توجه إجتماعي فعلاً لا يتبنى شعاراً حزبياً خاصاً او توجهاً فكرياً معيناً ، بل اصبحت الشعارات الوطنية المطلبية هي السائدة على الساحة السياسية .

في كل هذه التحركات الجماهيرية كانت المشاركة واسعة جداً حتى انها بلغت المشاركة المليونية في بعض الحالات . كما أن إمتداداتها لم تقتصر على منطقة معينة او مجموعة معينة من السكان ، بل شملت معظم مناطق البلد ، خاصة تلك المناطق ذات التجمعات السكانية الكبيرة .

لم يفت في عضد هذه الإنتفاضات العنف الذي إستخدمته قوى السلطة الأمنية ضدها ولم تنجر إلى المواجهات المسلحة التي قامت بها بلطجية الأنظمة الحاكمة ، إذ استمرت الجماهير تنادي سلمية ... سلمية ، بالرغم من بروز بعض الحالات الشاذة التي حاول فيها الإسلام السياسي ، ولا زال يحاول اليوم في سوريا خاصة ، عن حرف الثورات الجماهيرية عن هذا المبدأ ، وذلك باستخدامه السلاح ليجر إلى حرب اهلية لا تصب في مصلحة الثورة . كما لم تنل من عزيمتها وعزيمة القوى السياسية المؤيدة لها إشاعات " المؤامرة الخارجية " التي اطلقتها الأنظمة الحاكمة كمحاولة منها لإيقاف إنهيارها .

لقد بلورت هذه الإنتفاضات نظرية تكاد تكون جديدة في النضال السياسي ضد الأنظمة الدكتاتورية . ومفاد هذه النظرية هو ان العفوية يمكن ان تؤدي إلى النجاح ايضاً إذا توفرت القناعة الحقيقية والإستعداد للتغيير . وحينما نتحدث عن العفوية هنا فإننا لا نجردها من مستلزمات إنبثاقها الذاتية والموضوعية . وبتفصيل أكثر يمكن القول إن مجمل ألأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية في هذه البلدان التي قامت فيها الإنتفاضات الجماهيرية قد هيأت الأرضية التي يمكن ان تسير عليها أية إنتفاضة قادمة . إلا ان هذه الإنتفاضات لم يُخطَط لها في أي مقر حزبي او من قبل اية منظمة مسبقاً . أي ان بوعزيزي حينما أشعل النار بجسده لم يكن قد خطط لذلك مسبقاً ، بل ان رد فعله هذا جاء بعد ان يئس من إسترداد مورد رزقه اليومي ، ومحاولاته التي إستمرت لبضعة ايام في سبيل ذلك تشير إلى عفوية قراره هذا كنتيجة للمعاملة التي تلقاها من بلدية مدينته والتي رفضت كل رجاءه ، لابل جرت إهانته من قبل بعض المشرفين على هذه الإدارة البلدية . أي ان الظلم والقهر المسلط على الجماهير يمكن أن يفجر ثورتها يوماً ما دون ان يكون هناك تخطيط مسبق طويل لهذا الإنفجار.

هذه الثورات أدت إلى نتيجة واحدة ومشتركة وأكيدة إنعكس وسينعكس تأثيرها على المنطقة برمتها ، ألا وهي إستحالة عودة الأوضاع في المنطقة العربية إلى ما كانت عليه قبل إنطلاق هذه الثورات . وعدم العودة إلى ما كان ، يعني وجود تقدم نحو الأمام وزحف متواصل لرياح التغيير هذه حتى وإن أبطأت المسير هنا او هناك . وهذه هي الفرصة المثلى لأن تتبارى القوى السياسية الساعية للتغيير ، وخاصة اليسارية منها ، لتوحيد توجهها مع الجماهير ومواصلة النضال على الشارع وليس في المنتديات لبلوغ هذا التغيير .

هذه الثورات جميعاً سواءً تلك التي اسقطت انظمتها القمعية في ايام معدودات او اسابيع أو تلك التي في طريقها إلى إسقاط انظمتها ، جميعها اعطت دفعاً ثورياً للجماهير في المنطقة برمتها التي ستنتفض مستقبلاً هنا أو هناك لإزاحة ما تبقى من هذه الأنظمة القمعية المستبدة . فعامل الخوف لم يعد موجوداً في صفوف الجماهير التي يمكن ان تكون سيدة الشارع في اية لحظة .

لقد إنتقل عامل الخوف هذا من صفوف الجماهير إلى صفوف الأنظمة الحاكمة التي دفعها خوفها الذي أخذ يزداد يوماً بعد آخر إلى إكتشاف لعبة ألإصلاحات التي تبنتها اليوم بعد ان كان مجرد المطالبة بها بالأمس يشكل جريمة العداء للنظام ومناهضته مما يستوجب عقوبات قمعية لمن يجرأ على التفوه بذلك .

ومما يجدر الإشارة إليه هنا هو شمول رياح هذه الثورات للمنطقة برمتها التي إجتاحت النظام الصهيوني العنصري ايضاً والذي يراهن الغرب على ديمقراطيته بين الأنظمة القائمة على هذه البقعة من العالم. فالمظاهرات الكبيرة والحاشدة التي إنطلقت مطالبة الحكومة الصهيونية بالإصلاحات جاءت لتعبر عما يدور في أروقة هذا النظام من سياسة تتبنى العسكرة والعدوان كمهمة اساسية من مهماتها في هذه المنطقة .

فكيف يمكن تفسير ودراسة كل هذا التشابه ؟ هل انه مجرد صدفة ، أم أنه جاء كضرورة تاريخية فرضتها السياسات التي عمت المنطقة والتي إنبثقت عنها ما يسمى بالحكومات الوطنية وذلك منذ إنهيار الدولة العثمانية وتقسيم إرثها بين المنتصرين بعد الحرب العالمية الأولى ، خاصة بين إنكلترا وفرنسا حسب المعاهدة المعقودة بين البلدين ، وحتى يومنا هذا. إن بروز وتبلور وتحقيق هذه الضرورة التاريخية اليوم في ارجاء كثيرة من المجتمعات في الدول العربية يفتح آمالاً وآفاقاً جديدة أمام حركة التحرر عموماً وامام قوى اليسار بشكل خاص وتوجهها التقدمي الذي يحاول اليمين ألإسلاموي خاصة حرفه عن هذا المسار وإبعاده عن اللحاق بركب التطور العالمي والعمل مع شعوب الأرض كافة في سبيل تحقيق المجتمع الإنساني الخالي من الإقصاء والتهميش والإستغلال والحروب .

ألا تستحق كل هذه المعطيات التي تبلورت في الإنتفاضات الجماهيرية ان تكون القاعدة الجديدة التي تتحرك عليها قوى اليسار في المنطقة لتوحد رؤاها وتشحذ طاقاتها ، وهي كثيرة فعلاً ، لتساهم وتؤثر في عملية التغيير هذه ؟



4. ألأحزاب والقوى اليسارية التي واصلت مسيرتها النضالية من خلال إستمرارها بتبني مصالح الجماهير ليس في صفوف ألإنتفاضة فقط ، بل وفي جميع مراحل عملها السياسي قادرة على صياغة خبراتها النضالية ببرامج تلبي حاجة المنتفضين وتعكس شعاراتهم على الواقع العملي .فالعمل المثمر يتبلور من خلال الخروج إلى الشارع ورفع الشعارات المختلفة ذات الوجهة الآيديولوجية السياسية والثقافية الواضحة التي لها القدرة على قيادة الجماهير من خلال التأكيد على اهداف الإنتفاضة والسير بثبات فكري وعزيمة ثورية على تحقيق هذه الأهداف . وهذا هو الفيصل في نجاح قوى اليسار في المشاركة في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة القمعية . إلا أن المهم ليس في المشاركة الهامشية التي يريد اليسارمن خلالهاها إثبات وجوده على الساحة السياسية فقط ، بل ان المهم هو التأثير على هذه الساحة وسحبها نحو القرار الذي يستجيب أكثر ما يمكن لتلبية وتحقيق اهداف الثورة الجماهيرية . إن مثل هذا الأمر سوف لن يتحقق دون وجود البرنامج السياسي الواضح المعالم والأهداف ودون ولوج مناضلي اليسار ساحة العمل بكل إصرار وعزيمة ونزاهة ونكران ذات ليصبحوا فيه المثال الذي يُشار إليه ويُقتدى به .



5. أفرز سقوط بعض الأنظمة الدكتاتورية القمعية في الدول العربية ، إثر الإنتفاضات الجماهيرية ، معطيات جديدة على الساحة السياسية في المنطقة عموماً تشابكت فيها ألإنتماءات القومية مع ألإصطفافات المذهبية الدينية والقناعات السياسية , فتبلورت أمام المواطن من خلال هذا الإشتباك ردود فعل آنية اصبح من الضروري وضعها في مسارها الذي يصب في نقل الأوطان التي حدثت فيها هذه التغيرات إلى مرسأ الحضارة العالمية بعد أن أغلقت عليها الأجهزة القمعية كل المنافذ للحاق بالركب الحضاري العالمي . وفي هذه الحالة لابد وأن تكون قوى اليسار هي الفعالة في هذا الإتجاه إلى جانب القوى الأخرى المؤمنة بالديمقراطية حقاً وفعلاً لا قولاً وتبجحاً . فما هي هذه المعطيات وما هي الكيفية التي يجب ان تبلورها قوى اليسار والقوى الديمقراطية عامة للتفاعل معها :

أولاً: ممارسة القوى التي راهنت على ألإصطفافات القومية والمذهبية تأثيرآ عاطفيآ آنيآ على قطاعات جماهيرية واسعة أرادت من خلالها إعطاء التغيير طابعها الذي تؤمن به قومياً او دينياً وإبراز هذا التوجه كبرنامج سياسي يداعب العواطف اكثر مما ينشغل بجوهر التغيير في كافة المجالات التي اهملتها الدكتاتوريات الساقطة والتي تشمل كافة مراحل الحياة .وهذا مما أدى إلى ان يتعامل المواطن مع مفردات جديدة تتردد على ألسنة الناس بشكل عاطفي في اكثر الأحيان . وهنا تكمن مهمة القوى الديمقراطية عموماً وقوى اليسار بشكل خاص في توجيه ردود الفعل العاطفية نحو العمل الوطني البرنامجي والموَجَه صوب الإنتقال بالمجتمعات إلى مسيرة الحضارة العالمية وليس العيش على فتاتها ، كما تعيش مجتمعاتنا اليوم .

ثانياً :

ما يواجه هذه المهمة سلبياً هو تشتُت القوى الديمقراطية واليسارية التي تركت فسحة واسعة تتصدر فيها القوى الرجعية والقومية الشوفينية لبعض مواقع التغيير الذي حدثت بفعل الإنتفاضات الجماهيرية التي لم تكن هذه القوى فاعلة فيها ، كما أشرنا إلى ذلك أعلاه . إن الخطر الناجم عن إستمرار هذا التشتت للقوى الديمقراطية واليسارية يكمن في إمكانية ديمومة التوجه القومي الشوفيني والديني الطائفي الذي برز الآن في جميع الدول العربية التي تم فيها كنس الأنظمة الدكتاتورية القديمة .

فما ألعمل إذن...؟ لا طريق سوى وحدة القوى الديمقراطية واليسارية على برنامج سياسي واضح المعالم والأهداف ، بعيداً عن المزايدات وحرق المراحل ، وغير متهادن على حساب المبادئ الأساسية للفكر الديمقراطي عموماً واليساري بوجه خاص . إنني اعتقد ان القوى الديمقراطية في الدول العربية لديها من الطاقات والإمكانات التي تؤهلها لإيجاد كثيراً من الركائز التي يجب ان تعمل عليها مجتمعة ، خاصة وعلى الأقل في هذه الفترة بالذات التي تتصاعد فيها وتائر الفكر الشوفيني الرجعي في المنطقة برمتها . ولا يمكن تحقيق ذلك إذا لم يقترن العمل الديمقراطي بتوجهه نحو فصائل الشعب عامة وكل الجماهير التي تسعى إلى التغيير ، مهما تنوعت مشاربهم السياسية وتباينت مواقعهم ألإجتماعية واختلفت إنتماءاتهم الدينية والمذهبية . وحدة الديمقراطيين واليساريين مهمة لابد من تحقيقها لإبعاد شبح الطائفية الرهيبة والتعصب القومي العنصري عن المنطقة برمتها . وحدة لا تعني التفريط بحقوق ألأديان والقوميات والطوائف , بل بالعكس تؤكد على إحترامها وإزالة كافة العراقيل التي تُعيق ممارستها او تحول دون نموها وتطورها بالشكل الذي يضمنها للجميع دون إستثناء وبالشكل الذي يستوعبها ضمن الكيان الوطني الواحد .



6. هذه هي المشكلة التي يعاني منها اليسار والحركة الديمقراطية بشكل عام وذلك ما يشير إلى البعد بين الشباب وهذه القوى السياسية التي إجبرتها ظروفها الموضوعية التي إرتبطت بالعمل السري او بالحذر من الوقوع في فخاخ الأجهزة القمعية أو النشاط المعادي الذي تبنته بعض القوى الدينية والقومية الشوفينية ضد الفكر الثوري التقدمي بشكل عام ، أجبرتها على صيغ ثابتة من العمل الجماهيري ظل مرافقاً لها حتى في تلك المواقع التي أنفتحت امامها سبل العمل العلني والتخلص نسبياً من الملاحقات البوليسية والأجهزة القمعية. إن التخلص من هذا التراث في العمل الجماهيري مرتبط بشكل اساسي بالتجديد الذي يضع في مقدمة أهدافه ، ليس تجديد وتطوير الفكر بما يقتضيه التطوير والتجديد الأممي ، بل وتجديد وتطوير القيادات التي تستوعب هذا التغيير وتفهمه أولاً ، والقادرة على تنفيذه بتصوراتها الجديدة وإمكانياتها الشابة ثانياً . أما الخوف من ترك بعض زوارق التراث إلى سفينة التجديد والحداثة فذلك امر سوف لن يساهم في جعل اليسار قوة فاعلة في التغيير تتأثر به وتؤثر فيه .

ليس العمل السياسي فقط ، بل حتى تلك الممارسات اليومية التي فرضتها علينا أساليب التقنية الحديثة تضع حدوداً فاصلة في التعامل معها وتبنيها وتوظيفها في المجالات المختلفة بين الأجيال التي تتعامل مع هذه المعطيات الحياتية الجديدة . فالأجيال الشابة توظف إمكانيات ووسائل العلم الحديث والتقنية وتتعامل معها بشكل طبيعي أصبح يشكل أمراً عادياً في مسيرة حياتها . بينما نرى العكس من ذلك في ردود الفعل المرتبطة حتى بالخوف من الإقتراب من التقنية أحياناً لدى الأجيال التي تجاوزت مرحلة الشباب .

فالتوجه لكسب الشباب للعمل الديمقراطي واليساري امر لا مفر منه ، إن أرادت قوى الديمقراطية واليسار ان يكون لها المستقبل الفاعل في المناطق التي تنشط فيها جماهيرياً .



7 : تنشيط دور المراة في المجتمعات التي تخلصت من القمع الدكتاتوري والأنظمة الشمولية يمكن التعامل معه ، من وجهة نظري ، من خلال دراسة العوامل الذاتية والموضوعية المؤثرة في هذا الموضوع . فالعامل الذاتي ينصب على الطبيعة التي نشأت وتربت وتعلمت فيها المرأة في المجتمعات التي ظلت أكثرها منغلقة على مساهمة المرأة في مجالات الحياة المختلفة ووقفت ضد اعتبارها صنواً للرجل لها ما له وعليها ما عليه .واستناداً إلى ذلك نشأت أجيال نسوية تقف موقفاً رافضاً لنيل المرأة حقوقها التي تستحقها كنصف المجتمع . لذلك ظل عمل منظمات الدفاع عن حقوق المرأة عملاً يقتصر على تلك النخبة المثقفة من النساء اللواتي تجاوزن حدود " الأدب " البرجوازي والديني لينهضن بواقع المرأة المشوب بالإضطهاد والتهميش والإحتقار إلى الواقع البشري الحقيقي الذي لا يفرق بين الرجل والمرأة في المجتمعات التي تحترم الإنسان وحقوقه بغض النظر عن جنسه ولون بشرته ودينه وانتماءه القومي .

اما العامل الموضوعي فقد تبلور من خلال ما وضعته الأنظمة الشمولية من قوانين وتعليمات كرست هذا التصرف الذي دعمته قوى التخلف الديني المعادي للمرأة اصلاً باعتبارها ناقصة عقل ودين ولا يمكن الوثوق بتصرفاتها التي لم تنظر لها هذه القوى إلا من خلال شبقها الجنسي وتدنيها الخلقي في تعاملها مع كل ما يخص هذا الكائن الذي خلقه نفس خالق الرجل ، كما تؤمن هذه القوى نفسها بذلك ، والذي جعله على احسن تقويم والمسمى بالمرأة ايضاً .

فعندما يُصار إلى نتشيط وتعزيز دور المرأة في المجتمعات الجديدة يجب إيجاد وبلورة معطيات جديدة ايضاً للتعامل مع المرأة . وهذه المعطيات هي معطيات فكرية بالدرجة الأولى يواجه بها الفكر اليساري الديمقراطي التقدمي الخطاب الديني الرجعي المتخلف ، فاضحاً عداءه للمرأة ومحارباً لدونيتها التي وضعها فقهاء السلاطين ، منطلقاً من المطالبة الملحة على نشر الوعي والتعليم في كافة مراحله التي تؤسس لخلق أجيال تنفض عنها غبار التخلف الذي مارسه الخطاب الديني طيلة القرون الماضية . ولا يمكن لأية قوة من القوى السياسية الفاعلة الآن في الدول التي جرى أو التي سيجري فيها التغيير ان تعمل على المطالبة الجدية والفاعلة لتحقيق ذلك غير القوى اليسارية والديمقراطية على العموم . إن عملاً كهذا ، كما هو العمل في كافة مجالات التجديد والتطوير ، سوف لن يكون سهلاً وخالياً من المخاطر والعراقيل التي تضعها القوى الرجعية امامه ، إلا انه الطريق الذي لا بديل له لإلتحام نصفي المجتمع الذي لا يمكن له ان يستمر في مسيرته العرجاء على ساق واحدة ، إذا ما اراد اللحاق بالركب الحضاري الأممي ، ومثل هذا العمل بكل ما تلفه من مخاطر وعقبات لا يمكن ان يتحقق دون ان يتبناه الفكر اليساري الديمقراطي الموحد .



8.الإسلام السياسي بمفهومه الحديث الذي تبلور بعد تشكيل حركة ألأخوان المسلمين في عشرينات القرن الماضي خاض تجارب عديدة في مناطق مختلفة من المجتمعات الإسلامية أراد من خلالها تحقيق هدفه ألأساسي المتمثل بالدولة الدينية . لقد إختلفت الرؤى وتعددت المفاهيم حول ماهية هذه الدولة بعد أن إختلفت وتعددت التنظيمات التي إنسلخت عن التنظيم الأخواني ألأم وبعد أن برزت أحزاب وتنظيمات في المجتمعات الإسلامية وضع كل منها برامجه وتصوراته حول المحور الذي ترتكز عليه هذه الدولة والذي لم يتجاوز الدين الإسلامي الذي فسره كل على هواه ووظفه كل على ما يرى فيه من تحقيق لمآربه السياسية أو نزواته الشخصية أو الحزبية التي كثيرآ ما إبتعدت عن جوهر الدين وتعاليمه الحقيقية . لقد أتبتت هذه التجارب الدينية جميعآ وبدون إستثناء بأنها غير مؤهلة لتحقيق النظم السياسية التي يمكنها التعامل مع الواقع اليومي الذي يمر به العالم اليوم , ناهيك عن التجاوب لطموحات الجماهير التي تريد التجمعات الدينية المختلفة التحكم بها من خلال فرض مفهومها للدين عبر قوانين بدائية جائرة تتناقض والفكر الديني الذي يدعو إلى تحقيق القناعة بالنص الديني والعمل به ضمن الضوابط التي تحققها هذه القناعة , إذ أنها جعلت من حقول تجاربها مناطق تعيش ضمن الخصوصية التي إكتشفها على حين غرة دهاقنة الخطاب الديني فأثبتوا بذلك مدى تخلف خطابهم الذي جاء بفشل تجاربهم هذه كحصيلة حاصل لتوظيف الدين وإستغلاله.


سنحاول التطرق لبعض هذه المشاريع الفاشلة لا لتعليل ومناقشة أسباب فشلها , إذ أن مثل هذا ألأمر لا يحتاج إلى جهد وعناء للوقوف على هذه ألأسباب التي لا تتعدى التجارة بالدين التي مارسها تجار يجهلون ماهية البضاعة التي يتاجرون بها , بل لنرى حتمية هذا الفشل الذي صاحب هذه المشاريع بالرغم من تباين المنطلقات والتوجهات في توظيف الدين لتحقيق النظام السياسي الذي يتطلع إليه منفذو هذه المشاريع ، وهذا يشير أيضاً وبالضرورة إلى حتمية فشل التجارب المماثلة القادمة.


ولتوضيح الفكرة أكثر نحاول مناقشتها من زوايا مختلفة حسب القناعات التي فرضتهاالجماعات الدينية المختلفة محاولة تطبيقها على الواقع العملي كنظام سياسي . فلقد لعب الإنتماء المذهبي لأحد المذهبين الكبريين في الدين الإسلامي , المذهب السني , بجميع مدارسه وتشعباته, الذي يمثل الغالبية العظمى من التعداد السكاني ألإسلامي العالمي ، والمذهب الشيعي , الذي تشعب هو الآخر, والذي يمثل الأقلية الواضحة بين مسلمي ألأرض كافة , لعبت هذه الإنتماءات دورآ أساسيآ في تحديد معالم النظام ألإسلامي الذي تبنته وعملت على تحقيقه القوى المنضوية تحت هذه الإنتماءات وفي مناطق مختلفة من مناطق ألإنتشار السكاني ألإسلامي . وربما نستطيع القول " رُبَّ ضارة نافعة " حينما نرى فشل جميع هذه التجارب , إذا ما أخذنا بالمفاهيم العالمية الحديثة لتحديد الفشل والنجاح لأي نظام سياسي في عالم القرن الحادي والعشرين .

لقد قامت دولة الطالبان في أفغانستان كدولة لها توجهاتها الدينية الإسلامية ضمن الثوابت السُنية التي تنطلق منها هذه الجماعة والتي جعلت منها نظامآ سياسيآ لا يمكن وصفه , من خلال ما حققه طيلة سنين تسلطه على رقاب الشعب الأفغاني , إلا بالهمجية والبدائية التي عطلت قدرات وقابليات هذا الشعب الذي بدى للعالم وكأنه يعيش في غياهب قرون ما قبل التاريخ . لقد أجبر هذا النظام التسلطي الرجعي البدائي في أفغانستان حتى تلك القوى التي ساهمت بتأسيسه ودعمه ماليآ وعسكريآ والمتمثلة بالمخابرات المركزية الأمريكية ونظام آل سعود في شبه الجزيرة العربية على التخلي عنه حيث لم تستطع هذه القوى حتى من إيجاد مبرر إيجابي واحد لإستمرارية وجود هذا النظام تستطيع التلويح به ولو من بعيد ضمن سياق دفاعها عنه . لقد كان سقوط هذا النظام الإسلامي السُني على يد من أقاموه ومولوه كنتيجة حتمية لإنتهاء دوره الذي وضعه له مؤسسوه في محاربة الشيوعية في المنطقة إنطلاقآ من محاربة التدخل السوفيتي في أفغانستان آنذاك أولآ, ولعدم إستطاعة هذه القوى التي جاءت بهذا النظام ترويض وتجميل الهمجية التي واكبت جميع تصرفاته واقترنت بجميع قراراته محليآ وعالميآ ثانيآ , بحيث أصبح من المستحيل ألإشارة إلى سبب إيجابي واحد لإقناع ألآخرين باستمرارية وجوده ولجزع الشعب الأفغاني , ثالثآ , من تسلط عصابات الطالبان التي قننت, ضمن ضوابط شريعتها, كل تحرك في المجتمع الذي بدى وكأنه لا ينتقل من ظلمة إلا ليقع في أخرى أكثر إسودادآ وأشد تخلفآ . فسقط غير مأسوف عليه وسقط معه هذا المشروع المؤسس لدولة دينية إسلامية ضمن التوجه العام لمشروع الإسلام السياسي .


وكما فشل المشروع الأفغاني السُني فشل قبله المشروع ألإسلامي الجزائري الذي تبنته القوى ألإسلامية الجزائرية التي إنطلقت من ثوابتها ألإسلامية السُنية أيضآ , بالرغم من إختلافها عن ثوابت المدرسة التي يمثلها ألإسلام السياسي لدى حركة الطالبان . لقد أدى هذا التوجه ألإسلامي الجزائري الذي ظل يخطط لقيام الدولة ألإسلامية في الجزائر حتى تكبد الشعب الجزائري مئات ألآلاف من الضحايا التي شملت جميع طبقات المجتمع الجزائري ولم يفرق " المجاهدون المسلمون " بين الشاب والشيخ أو المرأة والرجل أو الرضيع والصبي في عمليات الذبح التي كانوا يهللون لها ويكبرون . لقد كان هذا المشروع مرتبطآ بالجريمة التي وجد لها منفذوها مختلف الفتاوى والتبريرات الدينية التي نسجوها وفق مقاسات فِهْم عقولهم الضامرة للدين ألإسلامي , إلا أن ذلك لا يتعارض ووضع هذا المشروع الإجرامي ضمن محاولات ألإسلام السياسي الداعي لتأسيس الدولة الدينية ألإسلامية .


لا نريد ألإسهاب في تعداد مثل هذه المشاريع الفاشلة في مناطق أخرى كالسودان التي حاول فيها نظام البشير_ الترابي فرض الإسلام السياسي بثوابته السنية أيضآ من خلال التبجح بتطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية التي إتخذ منها ذريعة لقتل أبناء الشعب السوداني في الجنوب وفرض القوانين المجحفة المنافية للحياة الإنسانية في عموم القطر السوداني . أو في الصومال الذي جعلت منه المحاكم الصومالية السنية الثوابت أيضآ وحركات الشباب الإسلامي ساحة للإقتتال ليس بين أبناء الوطن وحسب بل بينهم وبين جيرانهم أيضآ بغية خلق مبررات القهر والإضطهاد والتحكم برقاب الناس بالعزف على وتر الدفاع عن الوطن . ومن نافلة القول هنا ذِكر طبيعة النظام الإسلامي القائم على ارض شبه الجزيرة العربية بقيادة آل سعود ومذهبهم السني أيضاً والذي جعل من هذه البقعة على الأرض رمزاً عالمياً للتخلف الثقافي والإجتماعي .


هذه المشاريع الفاشلة للإسلام السياسي السني التي لا يرتبط فشلها بالمدرسة التي يتبنى ثوابتها هذا المشروع أو ذاك , بل بتوظيف الدين ذو الطبيعة الروحية التأملية العبادية التي تتغلب عليها الخصوصية الشخصية أكثر من تلك العمومية التي تجعل الدين رهينة لتقلبات وضع سياسي أو إقتصادي معين أو لمزاجات شخص أو مجموعة ما . هذه المشاريع التي رافقتها الجريمة وأشاعت مبدأ القتل وشرعنت إستعمال العنف حتى بدى وكأنه العلامة الفارقة لمثل هده المشاريع , لا ينبغي أن يرتبط فشلها بتوجهها السني , بل بإرتباطها بتوظيف الدين لخدمة أهدافها السياسية وفشلها في هذا التوظيف الذي ربطته بالعنف دومآ , إذ أن التوجه الديني الآخر الذي خطط ويخطط لتأسيس مشروع الدولة الدينية إنطلاقآ من ثوابت الإسلام الشيعي لا يقل بؤسآ وهمجية ووحشية وتوظيفآ فاشلآ للدين عن نظيره السني وسوف لن تتحقق له فرص نجاح أكثر منه , حيث إرتبط هذا التوجه أيضآ بعامل العنف المؤدي إلى الجريمة متنكرآ هو ألآخر لكل أساليب ألإقناع التي تشكل القاعدة ألأساسية لأي فكر بما فيه الفكر الديني .


فولاية الفقيه التي تبناها مشروع ألإسلام السياسي الشيعي في أيران أثبتت بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على تاسيسها مدى تخلف القائمين على هذا النظام عن الركب العالمي ومدى كذب الأطروحات الدينية التي يُسوق لها مشايخ وملالي هذا النظام الدكتاتوري الهمجي الذي لم يكسب طيلة هذه العقود الثلاث ونيف غير العزلة العالمية التي يفتخر بها أحيانآ حينما يقرع على طبول خصوصيته ألإسلامية التي ما إنفكت تردد ذلك النغم النشاز الذي يقرع طبول المؤامرة على ألإسلام والمسلمين, وذلك كلما دخل أزمة محلية أو عالمية لا يستطيع الإفلات منها إلا من خلال أحكام جائرة وسياسات عقيمة لم تجلب للشعب ألإيراني صاحب التراث الحضاري الموغل بالقدم غير المتاهات والتخبط والدكتاتورية .لقد ظهر التوجه الدكتاتوري الإجرامي لهذا النظام في جميع الممارسات القمعية التي خطط لها ونفذها بكل وحشية ضد الشعب الإيراني الذي إنتفض محتجاً على تزوير الإنتخابات الرئاسية الأخيرة . وإنه سوف لن يتوانى ، كبقية الأنظمة الإسلامية الأخرى ، عن العودة إلى مثل هذه الممارسات إذا ما شعر بخطر يهدد وجوده من خلال ثورات وانتفاضات جماهيرية لا يمكنها الإستكانة إلى أنظمة كهذه او السكوت عنها .


هذه النماذج التي تبنت مشاريع الإسلام السياسي في مجتمعات ينتمي أغلبها العام إلى المذهب السني أو المذهب الشيعي والتي حاولت تحقيق نجاح هذا المشروع من خلال أغلبيتها السكانية في المناطق الجغرافية التي تتواجد عليها ، لم تسعفها هذه ألأغلبية بإنجاح مشروعها السياسي هذا الذي ألبسته الجبة والعمامة فبدى ظاهره دينآ وباطنه سياسة حتى بدت هذه الأغلبية تضع علامات الإستفهام التي تكبر كل يوم عن ماهية هذا الدجل ومدى جدوى هذا النفاق الذي يعيشه المواطن في كل مرفق من مرافق المؤسسات التي تبنت هذا المشروع .


إلا أن محاولات تبني مشاريع الإسلام السياسي لم تقتصر على المجتمعات ذات الأغلبية السكانية لهذا المذهب أو ذاك , بل تجاوزتها إلى المجتمعات ذات التوزيع السكاني المذهبي المتقارب , أي في تلك المجتمعات التي يتواجد فيها أتباع هذا المذهب أو ذاك بنسبة قد تجعل منه يفوز بفارق بسيط أو ليس كبيرآ جدآ على أتباع المذهب الآخر. لقد أظهرت مجريات ألأحداث في مثل هذه المناطق التي يمثلها العراق ولبنان أحسن تمثيل مدى فقر ألإسلام السياسي إلى وضوح المنهج وإمكانيات التعامل مع الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي والعلمي الذي تمر به المجتمعات التي يتواجد فيها , بحيث أدى به إلى أللجوء إلى العنف لتصفية الحسابات الشخصية والعائلية والمناطقية والعشائرية ليس داخل أتباع المذهب الواحد فقط , بل وبين أتباع المذهبين أيضآ وكل يحمل راية ألإسلام ويكبر ويذكر إسم ألله على منحر ضحيته "والكل مسلمون والحمد لله" .

بعد كل هذه التجارب المريرة اصبح دحض فكر الإسلام السياسي لا يحتاج إلى كثير من الذكاء لفضحه وتعرية مقاصده وكشف أهدافه التي تتمشدق بالدين ، وما هي إلا بعيدة عن الدين بُعد إبليس عن الجنة . وليس هناك من قوة جديرة بان تتبنى المقاومة الفكرية العلمية لتيار الإسلام السياسي غير القوى الديمقراطية عموماً واليسارية بوجه خاص . إن هذه المقاومة الفكرية العلمية السلمية لتيارات الإسلام السياسي المتخلفة التي لا تستطيع الصمود امام الفكر العلمي ، ستحقق نجاحات كثيرة بين الجماهير ،إذا ما أُديرت بنجاح يبعدها من الخضوع لألاعيب الجو السياسي وتقلباته . أي انها يجب ان تغلب المواقف المبدئية على الإنجازات السياسية الآنية. وإن إحتكاكها بالجماهير على هذه الأسس والمبادئ الواضحة والمُقنِعة سيؤكد مصداقيتها في تبني مصالح ومطالب هذه الجماهير التي يجب ان تكون السند الرئيسي لها في هذا النضال . ومن المهم جداً التصدي في هذا المجال لأطروحات الخطاب الديني الذي يحاول ان يشوه مواقف ناقديه وداحظي أفكاره على إعتبارها حرباً على الدين بذاته وانتهاكاً للقيم والتقاليد . إن الخطاب الديني الذي يحاول ان يتسلق على الدين للوصول إلى أهداف غير دينية ، لا يتوانى من التستر بالدين لحماية نفسه من الإنهيار امام الفكر الواعي الذي يجرده من اية علاقة له بهذا الدين . وهنا تكمن مهمة الفكر الديمقراطي التقدمي بفضح أليات هذا الخطاب وتفكيكها امام الجماهير ، خاصة في هذه المرحلة بالذات التي يتصاعد فيها إستغباء الجماهير الفقيرة والجاهلة بطروحات ظاهرها ديني وباطنها سياسي طائفي فئوي مصلحي.

9. قد يقود الجواب على هذا السؤال إلى طرح اسئلة عديدة أخرى تتعلق به وتشير كلها إلى مدى تأثير التطور التقني ليس في العملية الإنتاجية التي عرفت الرأسمالية كيف تستغلها لتحقيق اهدافها فقط ، بل وفي العمل السياسي الذي سيرَّت جانبه الإعلامي بشكل مواز ومتناسق مع الجانب الإنتاجي . وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على الإدراك الكامل لإستحالة اللحاق بقافلة القرن الحادي والعشرين وبالقرون التي تليه ما لم يجر التأهيل في كل مرحلة من مراحل هذا التطور لإستيعاب أدواته وفهمها على حقيقتها بغية توظيفها التوظيف الفعال لتحقيق الهدف المنشود .فكيف يتم ذلك ؟ إن إنجاز هذه المهمة يعني التخلي عن آليات العمل التي لا تزال تلبي ما نهدف إليه ولكن بوتائر لا تتناغم مع الحداثة ولا تستجيب لحركة العصر المتسارعة . وإذا ما إنطلقنا من الواقع العملي في العمل السياسي فسيواجهنا السؤال حول الأساليب التي ينبغي إتباعها لمواصلة هذا العمل بما تتطلبه كل مرحلة من المراحل التي يمر بها .فهل يمكننا الإستمرار مثلاً على إستخدام آلة الطابعة التي تلبي ، بدون شك ، ما نحتاج إلى كتابته ونشره من بيانات وإعلانات ، إلا ان السؤال هنا يدور حول الوقت والجهد المبذول لتحقيق هذا الغرض ثم لتحقيق الهدف المنشود منه ، مثلاً إيصال هذه المعلومة او تلك إلى اكبر عدد من الناس ، مقارنة بأية وسيلة إعلامية حديثة يمكنها التواصل مع العالم أجمع في ثوان معدودات .وهذا ما ينعكس على جميع وسائل الإعلام التي لا يمكن الإستغناء عنها في العمل السياسي كمواقع الإنترنت والمحطات الفضائية والجرائد الألكترونية والفيس بوك والتويتر وغيرها . لقد أثبتت ثورات الشعوب ألأخيرة في الدول العربية كيف تم تنظيم المظاهرات والإضرابات التي كانت مليونية في بعض الأحيان من خلال بعض الشباب الذين تواصلوا عبر الفيسبوك والتويتر دون ان يتواجدوا في مقرات حزبية او مؤسسات إعلامية ، فهل نحتاج في المستقبل مثلآ إلى أحزاب سياسية ذات تنظيمات متشعبة سرية او علنية واجتماعات ولقاءات ومناقشات لتنظيم فعالية ما يستطيع بعض من يملك أجهزة التواصل الحديثة أن يقوموا بها وهم في بيوتهم؟ أي ان الفرضية المطروحة تنطلق من إمكانية إستغناء التنظيمات السياسية عن تنظيماتها الهيكلية التي هي عليها الآن لتنخرط في العمل التقني التي تستطيع به تحقيق ما تصبوا إليه بشكل اسرع وبوقت اقصر . إلا ان هذه الفرضية قد تكون بعيدة التحقيق في الوقت الحاضر . أما ما يجب عدم إغفاله اليوم هو حتمية إنخراط قوى اليسار في معمعة التكنولوجيا الحديثة التي يشتمها فقهاء الإسلام السياسي كل يوم معتبرينها رجس من عمل الشيطان ، لكنهم لا يجتنبون هذا الرجس ، كما أمرهم دينهم بذلك ، بل يعانقونه في كل تحركاتهم وسكناتهم .



10. تريد دليلاً على المكانة الإعلامية والسياسية والتوجه اليساري المتفتح والمتعدد المنابر لموقع الحوار المتمدن بعد إنقضاء العقد الأول من نضاله في عالم الإعلام والثقافة والفكر المتنور . وأنا أختصر الجواب بجملة واحدة تقول : متى إحتاج النهار إلى دليل ؟

الحوار المتمدن اصبح اليوم الزاد الذي لا يستغني عنه كل مَن ينشد التنوير وكل مَن يسعى إلى الفكر التقدمي والمعلومة الواضحة التي لا لبس فيها ولا تدليس . الحوار المتمدن اثبت بأن الإلتزام الفكري في الإعلام والثقافة يمكن تحقيقه تحت اصعب واحلك الظروف إذا ما توفرت هِمَّة كالهمة التي يتحلى بها العاملات والعاملون في هذا الموقع بكل نكران ذات وبمسافات كبيرة البعد عن كل ما هو نفعي ذاتي ، مبدؤهم خدمة الحقيقة ونشر صفاء الفكر التقدمي بين الجماهير التي سوف لن تجد في غير هذا الفكر ضالتها وتحقيق اهدافها مهما طال الزمن على إثبات هذه الحقيقة . الحوار المتمدن هو باختصار فخر الفكر الأممي التقدمي الذي دشن القرن الحادي والعشرين والذي لابد له من الإستمرار على هذا النهج ، إذ ان مقومات إستمراره تزداد يوماً بعد يوم وإن كره الكارهون .

الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان ذو المنطق المفلوج
- ما أوضحه الخاقاني لما إختلفوا فيه من المعاني
- لو فرضنا ...
- فَتِّش عن الإسلام السياسي
- الملف السوري بين الواقع والطموح
- الحقد على الشيوعيين يعمي القلوب قبل الأبصار
- هشام لا تغضب ...
- متسولو القذافي بالأمس ... اين هم منه اليوم ؟
- لا بديل عن التفاوض مع المناضل الأممي عبد الله أوجالان
- دولة بلاد الرافدين الجديدة إسمها - خان إجخان -
- لماذا تصمت المرجعية الشيعية أمام هذا التهريج ؟
- هدنة رمضان
- رحيم الغالبي ... عاشق المنبعين ، الوطن والشطرة
- البعثفاشية والإسلام السياسي في العراق يغتالان ثورة الرابع عش ...
- رحيم الغالبي الذي مرَّ بأثقل ألأحمال على - جسر من طين -
- بين حافِرها ونَعَلْها
- شمرة عصا... بين النظام العراقي ودكتاتورية الدولة الدينية
- بين الحقيقي والمزيف المزوّر على الساحة السياسية العراقية
- مو عِدنا...
- برمجة إستغباء الناس في خطاب الإسلام السياسي


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....



الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - صادق إطيمش - الحوار المتمدن ... عقد من النضال ألثقافي والإعلامي الهادف