أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل التاسع















المزيد.....

أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل التاسع


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 08:13
المحور: الادب والفن
    


تحت أرضية قصره ب"باب العزيزية"، تمكنت العزلة من عقل العقيد ووجدانه فلم يعد حوله لا أصدقاء ولا رفاق ولا أصحاب ولا جلساء ولا ندماء. وحده هذا الحاجب ظل يؤنسه ويجيب على أسئلته:
- هل سأظل سجينا هنا في "باب العزيزية"؟
- أنت لست السجين. أنت السجان!
- وأين هم سجنائي؟
- هم يزحفون في اتجاهنا.
- وهل سأظل هنا انتظرهم؟
- ولكنك أنت من اخترت ذلك، أيها القائد!
- أنا أريد الخروج من هذا البئر فانظروا ما أنتم فاعلون. ابتكروا المقترحات والمبادرات والتخريجات. أنا أريد الخروج...
- ولكن خروجك من باب العزيزية يعني تخليك عن السلطة!
- السلطة هي مرضي، هي دائي. وخروجي هو الدواء.
- كان هذا دواء فيما مضى، أما اليوم فخروجك لن يشفيك ما دام الثوار يطالبون بحرقك حيا!

فكر في الصعود إلى سطح الأرض كما صعد لويس آرمسترونغ إلى سطح القمر أربعين عاما قبل ورطته، لكنه انتبه إلى أنه لا أمان على سطح ثكنة "باب العزيزية" التي تدكها فوق رأسه صواريخ حلف شمال الأطلسي...

تحت الأرض، أمسى القذافي يقارن بين حكومة خصومه الانتقالية فوق الأرض وهي تتنفس وتتحرك بحرية وبين نظامه السياسي تحت الأرض وهو يختنق وتتفكك أوصاله.

ثم بدأ يلاحظ بأن حوله معسكران: معسكر شاب يكونه أبناؤه ممن يريدون الحياة ويطلبون المنفى وعيش الشباب ولهو الشباب بالمال الوفير الذي جمعه لهم والدهم؛ ومعسكر ناضج يريد القتال حتى الموت فداء للمبادئ وماء الوجه ويتحلق حوله مجرمو الحرب ممن تلطخت أيديهم بدماء الضحايا عبر السنين. وبين هذا وذاك، كانت القروش الأممية تقترب من الشاطئ الليبي محملة بالطائرات والصواريخ والجند والعتاد بينما كان القذافي يجلس أمام مكتبه لتحرير المبادرات السلمية وتقديمها لأصدقائه من رؤساء الدول كي يتبنوها ويضغطوا لتفعيلها لضمان خروجه من البلاد خروجا مشرفا.

في البداية، كان يحرر عشرات المبادرات ويرسلها لعشرات الحكام ثم يواظب على مواعيد الأخبار على المذياع لسماع الجواب. ثم أمسى يحرر دزينة من الحلول ويبعثها إلى دزينة من الرؤساء والملوك وملوك الملوك ليتوسد هواتفه الخلوية ترقبا لسماع الجواب. ومع تمكن الملل منه، صار يحرر مبادرة واحدة في اليوم ويرسلها ثم ينساها. ومع الأيام، فقد الثقة في قدرة المبادرات على حل معضلته. عندئذ، دخل عليه كبير حراسه الشخصيين فوجده يلقي خطابا مباشرا من غرفة عملياته تحت الأرض في "باب العزيزية":
- "افتحوا المخازن للشعب المسلح! دعوا الشعب يزحف على الجرذان والخونة! ازحفوا عليهم بالملايين! طهروا ليبيا من المقملين! إلى الأمام! لا رجوع! وإنه لزحف حتى النصر!"...

انحنى على العقيد ووشوش له في أذنه بأن المساجد في كل أحياء العاصمة بدأت تكبر بشكل غريب يوحي بنوع من التنسيق مع جحافل الثوار المرابطة عند ثخوم العاصمة بعدما أحكمت الطوق عليها و شددت الحصار على من فيها:
القذافي: المساجد دائما تكبر وتؤذن!...
مرافقه: لا، أيها القائد. التكبير الذي يحدث الآن يبدو وكانه شفرة لجماهير العاصمة كي تخرج إلى الشوارع لتسهيل دخول الثوار القادمين من كل مدن البلاد...
القذافي: حسنا، اسكتوا أبواق المآذن!
مرافقه: وكيف السبيل إلى ذلك، أيها القائد؟ نحن لم نعد نتحكم في أي شيء. إن ما جئت من أجله ليس إخبارك باتخاذ قرار اتجاه أبواق المساجد وتكبير المكبرين وإنما جئت لمساعدتك على الفرار بجلدك قبل فوات الآوان.
القذافي: الفرار؟!
مرافقه: لقد فر الجميع ولم يبق غيرك أنت وهذا الجهاز الإذاعي قرب مكتبك الذي تبث من خلاله خطبك الآن. لقد فر الجميع ولم يبق حواليك سوى الجثث. لقد هَرَبَ من استطاع إلى الهرب سبيلا وهُرِّبَ من تعذر عليه الأمر!
القذافي: أأرحل وأترك ورائي إنجازاتي وممتلكاتي؟!
مرافقه: أيها القائد، دعها إنجازات يفخر بها بلدك وممتلكات يستفيد منها وطنك الذي أحببته وتفانيت في خدمته!
القذافي: أتود إقناعي بأوهامك وسذاجاتك بعدما هوى نظامي وصرنا مجرد رجلين؟!
مرافقه: أيها العقيد، اثنان وأربعون عاما وأنت تتوهم. أما الآن فقد آن الأوان لكي تتعقل. أنت لم تنجز شيئا على الإطلاق لهذا البلد ولا كان في يوم من الأيام فرد واحد من هذا الشعب يحبك ولا كان أحد من كتائبك مستعد للموت في سبيلك. وحدها المصلحة كانت تجمعنا والآن تشظت المصلحة وتناثرت شظاياها على الرمال الشاسعة لصحاري ليبيا. الآن، انفسخ العقد ولم يبق ثمة شيء يجمعنا. إنها النهاية، أيها العقيد. فتعال معي لنخرج من هذا النفق.
القذافي: النهاية بهذه السرعة؟!
مرافقه: أية سرعة، أيها العقيد؟ ألا تذكر بأنك حكمت هذه الجحافل من الغاضبين لمدة تزيد عن الأربعين عاما؟!...
القذافي: بعد أربعين عاما، أخرج ذليلا صاغرا أحبو على يدي ورجلي خارجا من الأنفاق الصغرى نحو الأنفاق الكبرى؟!
مرافقه: أسرع الخطى، أيها العقيد. لم يعد ثمة وقت للحديث عن الألقاب. فلم يعد ثمة عقيد ولا قائد ولا زعيم ولا ملك ملوك إفريقيا... ألا تسمع الطلقات النارية المدوية والشعارات الثورية المقتربة؟ أسرع الخطى! أسرع!...
القذافي: مهلا، مهلا. انتظرني على الأقل حتى أحمل معي ذهبي ومالي وأحرق أثاثي كي لا يعرف الشعب حقيقة مسكني بعدما روجت بأنني أسكن في خيمة من وبر الإبل...
مرافقه: المهم هو نجاتك، أيها العقيد. أسرع الخطى!
القذافي: إذن، انتظرني حتى ألقي خطابا أخيرا ما بعده خطاب...
مرافقه: سيكون لك متسع من الوقت لإلقاء ما شئت من خطب شريطة بقائك على قيد الحياة. وهذا رهين بإسراعك في الخروج من هنا، أيها العقيد. هيا!...
القذافي: ومن سيستمع لخطبي إذا ما خرجت من قصري هذا؟
مرافقه: ليس مهما من سيسمعك. المهم هو أنه سيصبح بإمكانك ممارسة هوايتك المفضلة: إلقاء الخطب على الأثير من أي فضائية شئت. هذا هو المهم. وهذا ما أحثك على البقاء من أجله...
القذافي: قبل أربعين عاما غنت "الأبواب" أغنيتها الشهيرة "إنها النهاية، يا صديقي!" واليوم فقط أشعر بأن هذه الأغنية كتبت ولحنت وأديت لاثنين فقط من رموز التاريخ: أبو عبد الله الصغير ومعمر القذافي...
مرافقه: هون على نفسك، أيها العقيد. لقد تغير العالم بسقوط نظامك وعليك التأقلم مع الظرف الجديد. هيا، أسرع الخطى!...

(يتبع)


اضغط هنا لتحميل الرواية كاملة: http://raihani.free.fr/ebooks/the_enemy_of_the_sun.pdf



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 27 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن الثورة الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار و ...
- عن الشطط الإداري الذي لا ينتهي في نيابة وزارة التعليم بإقليم ...
- -عَبْزْفْ-، اَلْقِرْدُ الهَجَّاءُ (قصة قصيرة)
- حوار صحفي: *2011، عام الثورة* هي آخر مجاميعي القصصية لداكنة ...
- صدور كتاب *رسائل إلى وزير التعليم المغربي* (الجز الثاني من ك ...
- فين ْ غَادي بي َ خُويَا؟ قصة قصيرة جدا مهداة إلَى زَكَريَاء ...
- شعرية الضياع: صدور أضمومة -حوار الجيلين-، مجموعة قصصية مشترك ...
- رسالة أخيرة مفتوحة إلى وزير التعليم المغربي: ثورة قطاعية في ...
- الديمقراطيات الجديدة في العالم العربي
- ثورة اللوتس ورحيل آخر الفراعنة (قصة قصيرة)
- ثَوْرَةُ البُوفْرَيْحِيّين (قصة قصيرة)
- ثورة الياسمين ولويس الرابع عشر العربي (قصة قصيرة)
- تُرَفْرِفُ تُونُس عالياً حينَ يَفِرُّ مَنْ لا أجْنِحَةَ لَهُ ...


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل التاسع