أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد مصارع - البيئة العربية ليست عربية














المزيد.....

البيئة العربية ليست عربية


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1054 - 2004 / 12 / 21 - 09:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


البيئة العربية غير عربية,أم أن العربي لم يعد بيئيا ؟
لقد أدار ظهره لا مباليا ومتنكرا بدون وعي للشرط الضروري, والذي لابد منه, وهو شرط التكيف مع بيئته, هو وليس غيره, وهو النكران الذي سيسبب له المزيد من الألم, لأنه أوقع نفسه في ورطة اللا هوية, وهي التي ستجلب له فيما بعد الشقاء.
من الطرائف أن أحدهم اشترى عسلا مغشوشا, وعاد للسوق شاتما:
أين هذا اليهودي الذي غشني؟
وتبرع أحد التجار المسلمين ليشرح له قائلا:
صدق أو لا تصدق, أن الذي غشك ليس مسلما ولا يهوديا ولا مسيحيا, ولا أحد هنا يعرف له أصلا وفصلا ...
سكان البيئة الجبلية وعبر الزمن كيفوا ملابسهم لتتناسب مع البيئة التي تحكمهم بقسوة, وكذلك فعل سكان الصحراء , الملابس التقليدية الكردية مثال على الملبس الجبلي , والملبس العربي الصحراوي معروف كذلك, ولا ننسى الملابس الهندية والسودانية .
حين لا يتكيف الإنسان مع بيئته , ستلاحقه البيئة , بحرها وبردها , فهو يقوم بنفسه والسلطات المغتربة على سجن نفسه في بيئة غريبة ووهمية ليست هي البيئة الحقيقية المحيطة به , فالبيئة واسعة وهو يضيق على نفسه ومجتمعه , وتقوم الهندسة الغربية بأبطالها المحليين على تشريع الاغتراب لتعميق الهوة , والابتعاد كثيرا عن الأصل , والأصل هنا ليس فكرا رجوعيا, بل تعميق للاستلاب الغامض , الفاقد لكل مبرر فلسفي.
الجواب على البيئة , وبالطريقة المناسبة, هو أهم عمل يقوم به الإنسان على الإطلاق, وبدون ذلك سيصاب المرء بالعصاب.
العصاب مرض خطير للغاية , فحين لا يتكيف العربي بشكل صحيح مع بيئته , ويدير ظهره لمتطلباتها , فماذا سيجني غير المعاناة والألم وصولا الى مواجهة حر الصيف بدون عباءة الصوف , وبدون الدشداشة صبغ الفرات أو دجلة ,أو عباءة الصوف , الخفيفة والثقيلة ؟
كيف للعربي الحديث مواجهة حر السنة الطويل وبدون ( المحرمة والعقال ) كيف يمكن له مواجهة البرد الزمهرير , وملاقاة عجاج الصحاري .!
المدرسة الأوروبية المنشأ , والبنطال والقميص والسترة , أشياء ناقصة حتما , فأمام المتحضر الحديث جدا , إمكانيتان وهما :
إما أن يلبس الثياب الغربية كما هي ,وابتداء من القبعة الصيفية أو الصوفية الشتوية , والسترة الطويلة حتى الحذاء , والنظارات العاكسة للضوء , وفي الصيف والشتاء , بل في كل الأحوال مطلوب منه تكامل لوحة التكيف مع اللوحة الأوروبية , صيفا وشتاءا .
المثل الشعبي المحترم جدا في بلادنا يقول : يمكن لك أن تقعد في مجلسنا أعوجا ومتمددا كما تشاء ولكن بشرط , فماهو هذا الشرط , هو أن يكون كلامك عادلا ومستقيما , وهو شرط يتوافق مع متطلبات الحياة قبل أن يتوافق مع البيئة وهي الأهم , ولا قيمة لعولمة , لا تراعي تكيف الإنسان مع بيئته وحيثما كان .
وإما أن يعود والعود أحمد الى التكيف السليم الى بيئته الشرقية , ويعود الى ارتداء الملابس الشرقية , وبدون عقده , فعندما يقال بأن الحاجة هي أم الاختراع , فالحاجة هنا تتمثل في مواجهة البيئة بشكل صحيح .
لقد مثل التتريك للشعوب الإسلامية المتحالفة شكلا مع الخلافة الإسلامية , نقلة نوعية نحو التماهي مع وسطية غربية مخادعة , تتمثل في الإهمال المتعمد للشكل , على حساب المضمون , وعلى الطريقة الجاهلية , فالرداء ليس مصدرا للجمال وحقيقة الإنسان , وهذا التجاوز سطحي للغاية .
النفط السومري وهو النار الأبدية المشتعلة لإزاحة ليل الظلمات الأبدية , لم يعد شرق أوسطي , لقد تحول الى نقطة عبور بلهاء , الى الآخر الذي قرر شطبنا من امكان الوجود .
بترول العرب للعرب , وعن رجعية نتحدث ؟ واليوم أصبح النفط ليس ملكا حتى للوطني المزعوم ؟ فالنفط ليس لنا نحن الأباة , لقد أصبح النفط للمجرمين الطغاة .
الحروف التي وضعت أصلا عبر الإبداع الشرق أوسطي , ليست لهوا , وليست مقدسا , ولكنها استجابات بيئية وإبداعية , لايمكن الوقوف أمامها بسطحية مبتذلة .
المختصون في إعداد الملابس على أحسن طراز متشبثون بنسبة إنتاجهم الى أمة معينة ومنها الأمة الفرنسية , وللألبسة نماذج بريطانية وأمريكية وبريطانية وإيطالية , ومن الممكن أن تكون هندية ,وهكذا يختصر العالم وكأن لا وجود للباس العربي والكردي وغيره ..
الملابس العربية الراهية مثلا , هي الأفضل في التعبير عن التكيف الصحيح إزاء البيئة الحارة جدا والباردة جدا , وفي ظل مناخ قاري صعب للغاية .
التكيف الناقص مع البيئة , مأزق لابد من تجاوزه على النحو الصحيح , وكل تكيف مخادع أو ناقص , فلا بد له أن يفرز نتائج سلبية وردود أفعال , مصدرها عصابي ولأشخاص متوترين للغاية لأن من لا يقعد مرتاحا لا يمكنه من التفكير بشكل سليم .
الكردي في زيه الجبلي , والعربي في زيه الصحراوي هما الأقدر على تجاوز الزمن المتوتر والحالة العصابية لجوار غير متكيف مع بيئته بشكل مناسب , وهذا ضروري .
إذا كان العالم المتخلف مؤقتا غير متكيف مع البيئة الطبيعية وهو تصرف تلقائي , بل وموروث , فكيف له أن يتكيف مع الواقع المصطنع لعالم متقدم حافظ على شخصيته وطبع التكنولوجيا بسماته القومية , بقدرة علمية مصدرها القاعد بشكل مريح والمفكر بشكل صحيح .
الأزياء التي نرتضيها ليست شكلية على الإطلاق , كما تخيلها البعض منا ,وبدون تفكير معمق , والعودة للأصل فضيلة ما بعدها فضيلة , وكل منا يعلم بل يعترف بأن باريس عاصمة كونية ,وعلى الأقل لأنها حريصة على إبراز التنوع ألثيابي لمختلف الشعوب على أرصفة شوارعها ...!
بينما الصناعة الفرنسية المتطورة حقا , حريصة للغاية على تكييف كل تكنولوجياتها , لتلائم المزاج الفرنسي , وحين تكون أريحية للغاية , فإنها تتلاءم مع لاتينيتها , أو تتناسب مع أوروبانييتها .
القلق المشروع للتخلف ينطلق أصلا من فقدان التكيف مع اليبئه , وهو حالة من التكيف الشامل , ولابد من العودة الأصيلة نحو الذات , والانطلاق من جديد نحو تكيف متوافق حقا مع البيئة , ويتمثل ذلك بالخضوع لمتطلبات البيئة المباشرة .
احمد مصارع
الرقه - 2004



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس بل كلينتون يحاضر استراتيجية العرب 2020 قبل الميلاد
- هل أنت مسلم أم شيوعي ؟ الأثنان معا ياسيدي
- الحكومة السعودية تسعود الوظائف ولاتسعود الوظيفة الدينية !
- نظيف في ذاتي وقذر في محيطي ؟
- الارهاب الفكري , والطرق السريعة لابادة الرأي الاخر
- باقون على العهد العصملي
- الدين والسياسة المعاصرة وتديين السياسة
- حقيرة سجون الحرية
- قطاع طرق ولكن على خلق
- الانتخاب تحت الحراب وبدون خطاب
- عبادة السلطة والدين الجديد
- تحية للحوار المتمدن في قرنها الثالث
- التركيز
- نعم لسياسة فرق تسد
- قانون التسامح الصفري والبند السلبع
- هل أنت فيلسوف أم رئيس الدولة ؟
- مشتاقون لسماع الطزطزة القذافية
- الافتاء والاستفتاء
- الشرق الأوسط بين الاحتلال والديمقراطيه
- المقدمات المقدسة للثورة ونتائجها المدنسة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد مصارع - البيئة العربية ليست عربية