أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جودت شاكر محمود - الإنسان والحب الرومانسي Romantic Love















المزيد.....



الإنسان والحب الرومانسي Romantic Love


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 3555 - 2011 / 11 / 23 - 19:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



• الحب دين إنساني أي شخص يكون فيه فهو مؤمن به.
• إذا أمكنني أن أكون أي جزءاً منك، فانا سأرغب بأن أكون دموعك، لكي تحملني دوما في قلبك، وتلدني في عيونك، وأعيش لحظات على خدودك، وأموت على شفاهك وادفن بينهما لامتزج مع رضابك لأحيا ثانية حين ارتشافي لشفتيك.
• كل ليلة أُعانقُ وسادتي وأحلمُ بكِ، وأتمنى بان يوماً ما سأحلمُ بوسادتي وأعانُقكِ أنتِ.
• العشاق لحظاتهم يمكن أن تكون أبدية حينما يعيشونها معاً، في حين كل ساعة من ساعات اللقاء هي الخلود الذي لم يصل إليه أي إنسان لم يعرف العشق أبداً.
• تمتع بكل لحظة من حياتك فالتقدم بالسن لا يحرمنا من الحب، ولكن الحب والعشق والوجد إلى حد ما هما من يمنحانا الحياة وطول العمر.
هل تساءلت يوما كيف يتطور الحب الرومانسي ؟ وما هو الفرق بين الحب ناضج وغير ناضج؟ وما هو الدور الذي يلعبه الجنس في الحب الرومانسي، وعما إذا كان الحب يعني بالضرورة التفرد الجنسي ؟ وهل الحب الرومانسي غير ممكن في عالم اليوم ؟
حينما يتبادر إلى ذهننا سؤال: ما هي الرومانسية ؟ سوف تقفز بالتأكيد إلى أذهاننا العديد من الإجابات والردود. نحن جميعا ندعي بأننا نعرف معنى كلمة رومانسية. فالكلمة ملئا بمفاهيم عن مكنونات المشاعر والعواطف الإنسانية، وانعدام البصيرة أو المثالية اتجاه الواقع. حينما نسأل أي شخص في الشارع: "ما هي الرومانسية؟" وسوف نتلقى بالتأكيد أنوعا عديدة من الردود. الجميع يدعي أنه يعرف معنى كلمة رومانسية.
ما يكمن وراء ظهورنا، وماذا ينتظرنا في غدنا، أمور صغيرة جداً مقارنة بما يكمن في داخلنا، من مشاعر ووجدانيات وقوى لا يمكن وصفها أو مقارنتها بالقوى النووية أو الذرية أو الهيدروجينية منفردا ومجتمعا معا، التي يتباهى بها هذا العالم، ولكن ما نملك من مشاعر هي أكثر فتكا بالإنسان.
الحب الرومانسي يمكن أن يولد مشاعر كثيرة وقوية، نشوة عميقة، ومعاناة عميقة عندما يحدث الإحباط والفشل. الحب الرومانسي عند بعض الناس هو غير عقلاني، يبدو وكأنه عاصفة عاطفية. في حين عند آخرين هو عالم من الخيال والمتعة المغمورة بالنشوة واللذة التي لا توصف، وبالسرمدية التي ليس لها نهاية.
حينما نريد أن نتكلم عن الحب الرومانسي لا بد لنا أن نعرف أولاً "الرومانسية"، وحينما ندلف إلى عالم الرومانسية نلتقي مع مصطلحين آخرين نقرأهما ونسمعهما في لغتنا كثيراً، وهما: "الرومانطقية" و"الرومانتيكية". وهذه المصطلحات الثلاث تعبر عن حقيقة واحدة ومعنى واحد. فهذا النوع من الحب حقيقة واقعة وليس من صور الخيال أو اللامعقول. حتى المجتمعات البدائية عرفت هذا النوع من الحب، كما يشير علماء الأنثروبولوجيا مثل: كلود ليفي ستروس(Claude Lévi-Strauss)، فقد ظهر أن هناك أشكالا معقدة من التودد في القديم، وقد لا يكون هناك أدلة واضحة عليها، ومع ذلك، شكل أعضاء هذه التجمعات الإنسانية علاقات متميزة من الحب والمودة ضمن عاداتهم، والتي أنشئت بطريقة موازية ووفق ما نلاحظه في الرومانسيات الحديثة.
• ولكن من أين جاءت الرومانسية ؟
لكي نفهم الحب الرومانسي لا بد لنا من الإطلال على تطور هذه الظاهرة السلوكية الحضارية الثقافية الدينية العلمية التي سادت ولا زالت جزء من التكوين والوجود الإنساني. هل تم اختراعها أم اكتشافها، ومن خلال ذلك ننعطف إلى السلوك الرومانسي. لنبدأ بالتغيرات التي حدثت في المجتمع في بداية القرن الثامن عشر، والتي نتائجها مستمرة إلى وقتنا الحاضر، أن كل تلك التغيرات تقع تحت ما يسمى بالحركة الرومانسية، والتي بدأت كردة فعل ضد التثقيفية التنويرية التي سبقتها، وضد صلابة الهياكل الاجتماعية التي تحمي الامتيازات، وضد المادية، وضد الإثارة الأولى للحركة الصناعية، حيث تظهر علامات تحول العمال إلى عبيد ومكائن للإنتاج، والعمل على خلق بيئات حضرية قذرة. على خلاف الكلاسيكية أَو الباروكية، الرومانسية ليس لها معايير معرفية. الرومانسية في الحقيقة عاطفة ترفض القواعد المحكية تقريبا. هذه العاطفة تخللت إلى الحياة الغربية أثناء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وبشدة. فالرومانسية تفضل العاطفة على التفكير، وترد بالغموض المفرح بدلا من الوضوح المقنع. وتستمع باهتمام شديد أكثر إلى الضمير الفردي بدلا من طلبات المجتمع. وتفضل التمرد والثورة والرفض على القبول والخضوع والاستسلام. هذه العاطفة والتي كانت تلهم السياسيين استطاعت أن تلهم الفنانين والأدباء، ومن ثم تلهم الناس العاديين، وها هي تلهم العاشقين لتجعلهم يعيشون في عالما سرمدي من الخيال والأحلام، عالم من الفنتازيا الحالمة. هي مرحلة مراهقة جامحة في حياة وتاريخ الجنس البشري، وما الحب الرومانسي إلا فترة في حياة الإنسان الفرد تتميز بكونها: الجامحة، والمتمردة، والمليئة بالعنف في العواطف والسلوكيات والخيالات والأحلام، والتي تسمى بمرحلة المراهقة النفسية.
يمكن أن نعزو استخدامنا لكلمة رومانسية أو رومانسي بالمفهوم العامي حينما نريد أن نصف التجربة العاطفية التي نعيشها أو يعشها غيرنا. فكلمة رومانسية جاءت من الكلمة اللاتينة(Romanicus) والتي معناها الأسلوب الروماني(of the Roman style). ففي بداية العصور الوسطى كلمة رومانسي(romance) مصطلح كان يطلق وبشكل عشوائي على أي سرد قصصي طويل في الشعر الفرنسي. وهو لدى الفرنسيين القدماء(romanz) وتعني كلام الناس أو اللغة العامية أو الشائعة. على سبيل المثال،(Roman de la Rose) وهو سرد للغزل الارستقراطي وهي وقائع شبه رائعة عن مغامرات الإسكندر الأكبر(Roman d Alexandre). وكانت هذه الرومانسيات شائعة ومقبولة لدى الجمهور. وفي نهاية العصور الوسطى، قد تم تضييق مصطلح "الرومانسية" وصولا إلى وصف حكايات حول براعة الفرسان ومهاراتهم العالية والتي كانت تجري في أوقات أو أماكن نائية، وتتضمن بعض العناصر من عالم ما وراء الطبيعة. كما تطورت كلمة رومانسية في اللغات الأخرى أيضا، ففي التعاريف الايطالية والاسبانية كانت تشير إلى (المغامرة) و(العاطفة) وتدمج فكريا أحيانا مع(علاقة حب) أو(نوع من المثالية) وذلك في أوائل القرن التاسع عشر.
عندما بدأت الدول الأوربية بالتشكل في العصور الوسطى كانت فترة حروب بين الشعوب المقسمة إلى ولايات وإقطاعيات. وبسبب تلك الحروب المستمرة ظهر مصطلح الفارس إلى الوجود. الفارس هو من يذهب إلى المعركة لابسا الدرع ممتطيا صهوة جواده وممسكا بالسيف. ومع بزوغ مصطلح الفارس جاء مصطلح الفروسية. ورموز السلوك الفروسي، للفارس النبيل الناكر لذاته الشجاع المستقيم في عمله الحامي للضعفاء.
ولقد ساهمت عوامل عديدة في إنضاج بروز الرومانسية إلى الوجود، في حين كانت هي مشاعر إنسانية مختبئة تحت طغيان العديد من الأعراف والقوانين والمعايير الاجتماعية والدينية والأخلاقية، والتي منعت الأفراد عن التعبير عنها. فهي ليست اختراع وإنما اكتشاف لمجاهيل وأنفاق وعوالم مخفية من النفس البشرية.
كانت الرومانسية تعني في العصور الوسطى، الأساطير المنسية للإمبراطورية الرومانية، إلى جانب المنهج والخطاب المستخدم من قبل نظام الكنيسة الكاثوليكية، والتعليم، والتحول في الاعتقاد بأن الإنسان لم يكن شيئاً ثابتاً بل هو كائن واحد متنقل في رحلة مستمرة روحية. ففي فترة نهاية الإمبراطورية الرومانية، كان ينظر للإنسان ككائن ثابت، ضربت عليه أحداث الحياة، ومن خلال كل مغامراته لم يتحقق له المعنى الروحي. ولكن خلال العصور الوسطى تغيرت النظرة للإنسان، وأصبح ينظر له ككائن متنقل، انه في رحلة مستمرة للعثور على المعنى الروحي. بدلا من أن تضربه أحداث الحياة العشوائية، فإن الإنسان هو في حالة بحث مستمرة، ولذلك أصبح الإنسان هو مهندس عالمه الروحي الخاص.(ملاحظة هامة: حينما ترد كلمة روح هو ما يقصد به الآن بمفهوم الذات، واستخدامي لمصطلح روح لأنه المصطلح الذي كان شائعا في ذلك الوقت) ولهذا السبب، أصبحت صور السفر والفروسية ذات شعبية كبيرة خلال العصور الوسطى. فالسفر هو كناية عن السعي الروحي للإنسان، إلى جانب الوفاء الروحي. أما الحب في العصور الوسطى، فالفارس يقسم على أن حبه الأبدي لا يموت للعذراء الجميلة، وهذا الحب هو الذي يُبقي الفارس على قيد الحياة أثناء رحلاته، ويمنعه من إقامة علاقات مع النساء اللواتي يصادفهن طوال فترة سفره. كما أن تلك العذراء الجميلة تقوم بإجراء اختبارات لفارسها لكي تتأكد من حبه لها.
أن أي فارس في العصور الوسطى يجب أن يثبت فضيلته، وتحديدا نقاوة قلبه وغرضه، مرارا وتكرارا خلال رحلته. ونقاء القلب هذا يعطي الشهرة والاحترام للفارس ويدعمانه داخل المنزل. ولكن الأهم من ذلك، فإنها ستجعل من الأسهل بالنسبة له أن يجد الوفاء الروحي. كذلك فان الفرسان في رحلاتهم عليهم أن يثبتوا أنهم أنقياء القلوب، وتحديدا من خلال عدم الخضوع للإغراءات، أو أي أعمال سحرية، أو أي افتنان يمكن أن يواجهونه. هذا الامتناع هو الوحيد الذي سينقذ روح الفارس عندما يموت. وبذلك أصبحت الرومانسية ترمز إلى الأصالة، والاستقامة، والعفوية، كبديل للشعور الزائف، والأفكار غير المحتملة الحدوث.
تنتشر في رومانسية العصور الوسطى كائنات خارقة جاءت من عالم ما وراء الطبيعة، مثل: الأقزام، الجنيات، السحرة، والعمالقة، وهذه على سبيل المثال لا الحصر. وتم ابتداع هذه الكائنات من قبل المؤلفين أنفسهم لإضافة الإثارة لهذه القصص ولكن أيضا لاختبار فضيلة الفارس. أن العناصر الخارقة هي جزء لا يتجزأ من الرومانسية في العصور الوسطى.
لقد تزامن صعود الحب الرومانسي أكثر أو أقل مع ظهور الروايات والقصص ذات السرد المعبر عن عواطف والمشاعر الإنسانية. كما يرتبط مع الحرية، وبالتالي فإن الحب الرومانسي، يخلق الروابط بين التمتع بالحرية الفردية وسعي الفرد لتحقيق الذات. كما أن الرومانسية ليست هي الحميمية(الألفة) ولا هي الهيام(الولع)، كما الحميمة لا يمكن أن تحل محل الرومانسية، ولكن الرومانسية والعلاقة الحميمة يمكن لهما أن تتعايشا.
وكثيرا ما يشاع إلى أن الحب الرومانسي قد شاع بواسطة الشعراء المتجولون والحب الغزلي، والذي كان يروج للحب خارج الزواج والذي لا يشير إلى علاقة جنسية، إلى جانب النظر للمرأة كلعبة خلقة للمتعة والتسلية. فالشاعر الروماني الكلاسيكي(Ovid) افترض خلال حياته أن الحب هو(داء لا يهدأ). واخذ الكتاب في العصور الوسطى هذا المفهوم للحب. وفق القصص الرومانسية الكلاسيكية التي كتبها عظماء مثل فرجيل(Virgil) وهوميروس(Homer) التي أصبحت هذه المفاهيم واسعة الانتشار.
أن أول من استخدم مصطلح الرومانسية في مجال الأدب، الذي يتعارض مع الكلاسيكية، الناقد الألماني كارل شليغل (Karl Schlegel) (1772-1829) في بداية القرن التاسع عشر، ثم انتقل إلى فرنسا وانكلترا. واحد أساسيات هذا المذهب هو الاعتقاد بان للإنسان طبيعة خيرة، والإنسان في حالته الطبيعية سوف يتصرف بشكل جيد ولكن الحضارة تعيقه. فالرومانسية هي تمرد ضد الحركة الكلاسيكية، وكانت أهدافها العودة إلى الطبيعة، والاعتقاد في خير الإنسانية، وإعادة اكتشاف الإنسان الفنان الفرد المبدع، وباعتباره أعلى الدرجات في تطور الإنسانية، وتنمية الاعتزاز القومي، وإعلاء الحواس والعواطف على العقل والتفكير، بالإضافة إلى ذلك كانت الرومانسية ثورة ضد الفلسفة العقلانية. ومن مفاجئ أن الرومانسية تتميز بقدرتها على تحدي توقعاتنا. والكشف عن الحقائق المقلقة حول اللاوعي وأعماله أو تأثيراته على سلوكنا.
وبذلك فأن الرومانسية هي التجاوز التلقائي للمشاعر. فقد كانت تنظر إلى العالم(الطبيعة) ليس فقط باعتبارها نموذجا ومصدر للجمال الجسدي الحي ولكن كمظهر من مظاهر الروح في هذا الكون. وهي الرغبة في التماهي مع ذات(روح) الآخر. والالتزام بالتغيير والوصول إلى الكمال من خلال البحث عن كل ما هو فريد ونموذجي.
كذلك صموئيل جونسون(1709-1784) وصف الرومانسية Romantick في معجمه بأنها (أشبه بالحكايات، والرومنسيات ممتلئة بما هو فتان ومثير للخيال، ويقبض بالمشاهد الطبيعية، وأيضا كل ما هو زائف وغير محتمل الحدوث). كان مصطلح رومانسي مرتبطا بقصص الخيال القديمة، وحكايات الفروسية، والمغامرة والحب، وكل ما يتميز بالعواطف الجامحة، وعدم الاحتمال والمبالغة واللاواقعية. وباختصار، بعناصر تقف على النقيض من النظرة الرزينة المعتدلة إلى الحياة. فقد استعملت لتفيد معنى"الزائف"، "المتخيل"، "الوهمي"، وفي أحيانا أخرى أصبحت تعني "الخرافي"، "الطنان"، "السخيف"، "الطفولي". ثم تحولت لتكتسب معاني جديدة، فأصبحت تعبر عن الرضا ومرتبطة مع "الطيب" وصارت كلمة"رومانسي" تعني "آسراً للخيال" وهي ملكة لم تعد موضع شك لكونها لا تخضع لقانون. أنها عادة نظرة جذرية في القيم البشرية مما اثر على النظرة الشاملة للوجود(الإنسان والطبيعة) هي إدراك للأشياء الخفية وإظهارها في سلوكيات ومشاعر وأفكار وبدون رياء. الرومانسية كلمة تحمل أفكار غامضة أو انطباعات شخصية، ووجدانيات، وأفكار عاطفية. ونزعة للسلوك والشعور العاطفي الذي لا يلتزم بالعقل والمنطق، والأفكار والمشاعر الحالمة والمثالية، والتي تفتقر كلها إلى الحقيقة. والتي تتضمن معنى الخيال والتخيل، وهي ترتبط بأماكن مختلفة وأزمان مختلفة وبعيدة أيضاً. مثل ألف ليلة وليلة، عشاء على ضوء الشموع، أو حاليا مثل: إعلان ما فنتازي لعطر نسائي، أو لروج شفاه، ولصابون معطر، أو لنوع من السجائر الفاخرة. كما كان ينظر إليها على أنها تأكيد فكري وفني ذو طابع ايجابي لنقائص النفس البشرية. كما أظهرت اهتماما جديدا في عالم الغير عقلاني من الحلم والهذيان والخرافات الشعبية والأساطير. والحدس والغريزة والعاطفة. فكانت تعبر عن مجالات التجربة الكامنة خلف العقل والمنطق بأسلوب مباشر وصادر من القلب. وتعتبر هذه الاهتمامات الجديدة بمثابة استجابة موائمة للتغيرات الحادة وعدم اليقين الذي تجلي في ذلك العصر.
يقول أيشعيا برلين في وصفه للرومانسية هي(طغيان الفن على الحياة)، وأنا أقول ووفق رأيي المتواضع أن الشخص الرومانسي هو الذي يدرك ويتصور علاقته مع الآخر في شكل خيالي يتجاوز أطر الواقع المعاش، بحيث تبدو غريبة ومؤثرة وممتعة بحيث يطغي الخيال على الحياة، لان علاقاتنا الإنسانية هي الأساس لكل شيء ومنها انبثق الفن والأدب، وعلاقتنا مع الشريك هي نوع من الفن الإبداعي الطبيعي غير المُلوث، فالحياة هي الفن، وبذلك تغطت الحياة كما يشعر بها الفرد العاشق على الفن، لان الشخص يعيش تجربة الحياة كاملة غير منقوصة.
وبعد ثورتي (1776) في أمريكا والثورة الفرنسية(1786)، انعكس ذلك على تفكير الناس ليحدث تجربة جديدة. فالرومانسي الحقيقي ليس بحالم مرهف الحس، وإنما نموذج بطولي يواجه حقائق عصره المؤلمة انه نموذج للعبقرية.
كما أن حركة التنوير لم تكن عقلانية فقط وإنما كانت للعواطف والوجدان ونوازع الشعور، كانت متداولة في إطار الشخصية الإنسانية والقضايا السياسية. فقد تميزت حركة التنوير بالتنوع والثراء الشديدين. لذا فقد سعى الجميع إلى تحقيق غاية واحدة هي(الحرية الفردية السياسية) ومن هنا كانت للمشاعر قيمة عقلانية. وقيمة وجدانية. كذلك الرومانسية ولكونها حركة تتسم بالقدرة على الاحتواء ولا تنفي الغايات العقلانية السابقة لها. وبما أنها تمثل استمرارية لحركة التنوير ولكن بثوب آخر جديد. وبذلك لم يكن التنوير هو ما نأت عنه الرومانسية، وإنما الأسلوب الفني الذي تجسدت فيه حركة التنوير أو ما يسمى بالكلاسيكية الجديدة. حيث تجلت فيها مظاهر التعبير عن القيم السائدة في القرن الثامن عشر، وقد تمثلت تلك المظاهر في إرساء المبادئ الإنسانية وتخليص الإنسان من الخرافات، لإظهار عالمية القيم الأخلاقية. فعصر التنوير يتميز باليقين حيث كانت الأساليب الفنية صادقة تمزج بين الحقائق السرمدية والتمحيصات العقلانية، وعارضت الكلاسيكية الجدية أساليب الباروكية المرتبطة بالنظام القديم الفاسد في فرنسا. ونتيجة لتعبير الرومانسية عن الضمير الفردي، فقد سعت للتعبير عن نظرة الشخص الفردية للحياة، لذا فهي لم تركز فقط على العاطفة والغرام، أنما كانت تميل إلى التواصل مع فكرة الظلام في النفس البشرية والتي منها الحزن والتشاؤم والهوس. فكلتا الحركتين( الرومانسية والتنوير) كانتا ذا طابع يتسم بالجدية في تحقيق غايات هدفهما تحرر الإنسان من الداخل، كما كانا يؤمنان بالمفاهيم المطلقة كالصدق والعدالة والتي يمكن تحقيقها من خلال الإنسان.
أما الفيلسوف جان روسو(Jan Rousseu) حطم عقلانية حركة التنوير. فقد صبغ الفكر في القرن الثامن عشر بالملامح العاطفية الحالمة، والذي أعده البعض النموذج الأول للرومانسية. وحينما نستقراء تجاربه الداخلية نجدها تتجاوز حد الشعور، فقد وضع النفس في أعلى عليين بوصفها قادرة على القيام بالخيارات الأخلاقية. بالرغم من أنه (كان يؤمن بالمسيح المنتظر ومن الكارهين للبشر)، كما ركزت الرومانسية على الفكر العلمي والعقلاني والعاطفة والعالم الطبيعي. وبذلك اقر (روسو) سلطة العقل باعتباره (الصوت الداخلي) الذي يلقن المرء كيفية التصرف، فيقول(أن المشاعر هي نتاج ظروف الوجود المتداخلة والتي تملئ اعتباراتها على العقل، وهكذا فان العقل والشعور يتمثلان معا في سلوكياتنا).
كذلك ظهرت فكرة الجميل والجليل لدى ادموند بيرك(Edmunde Burke)(1729-1797)، (الجميل الذي يعطي أحساسا بالكون المنظم، والجليل الذي يصيبنا بالفزع البناء عندما نلاحظ نقص أي عنصر من عناصر الجمال)، فهناك ما يدفعك إلى البهجة، وهناك أيضا الغموض والاتساع وعدم الانتظام. سواء كانت تلك الصفات متمثلة في الطبيعة أو في العلاقات الشخصية. هذه تضفي على المشاعر الإنسانية الإحساس بالبهجة. والقدرة على رؤية الأخطار أو التفكير الحذري. كما أن الإحساس بالجميل لدى (كانت) هو فعل إبداعي داخل الفرد(المتأمل) وليس سمة جوهرية لصيقة بالشيء، والجليل في العالم الخارجي. ومن ثم فإننا نستجيب للإحساس الحاد بالجليل بالتركيز على طاقات العقل الذاتي في مواجهة اللاعقل الموضوعي. وينظر إلى الأخلاق والجمال باعتبارها جزءً لا يتجزأ من حركة التنوير ويبعدها عن سلطة العقل وتمتعها بقدر من الاستقلالية. كما جعل (كانت) الإنسان مركزا للمعرفة.
أما جون هيردر(Johann Herder)(1744-1803) فقد أشار على كون اللغة وثيقة الصلة بالفكر، وأننا لا نستطيع أن نعكس أفكارنا إلا من خلال التواصل باللغة. وهي المحك الرئيسي لفهم التجارب والخبرات الإنسانية، وهكذا قادة ذلك إلى الدعوة إلى ضرورة فهم الثقافات من خلال السياق الذي ظهرت به وهذا من المنظور السياسي قادة إلى الدعوة للقومية. كما أن القومية كانت عاملا هاما في الحركة الرومانسية، فأعادت الجميع إلى الحكايات الشعبية والأساطير ومتعتهم بجماليات وروح العصر الوسيط. فكانت وجهة نظر للإعراب عن الجمال من خلال الخيال والعواطف المتأججة وفي كل شيء. ونتيجة لذلك قام الرومانسيين بتطوير الوعي الليبرالي لكثير من الأشكال المتعددة التي يمكن أن يتصف بها الفن. وهذا الوعي التاريخي بتعددية الأشكال الفنية هو احد الآثار الدائمة لجماليات الرومانسية.
وجوان شيلر (Johann Schiller) كان على قناعة بان الأدب بوسعه أن يغير المجتمع إلى الأفضل. كما يمكن أن يلعب علم الجمال دورا في الحياة السياسية. كما آمن ببساطة الطبيعة وتأثيرها في الناس، ذلك التأثير الذي يمكن أن يغفر للبشر خطاياهم. ويعتقد أن سلوكيات الإنسان في خلق بيئة خيالية يتماثل تماما مع سلوكيات الأطفال في مسرحيته(الأطفال) التي يفشل فيها الواقع الذي تخيله العقل والعلم، (فالأطفال هم ما كنا عليه، وما ينبغي أن نصير إليه)، كما يرى أن المتعة هي القوة التي بوسعها أن توحد الرجال والنساء، والمتعة تعبير عن رقي الروح وانعكاس للتضامن مع الآخرين، ولعبت تلك الفكرة دوراً مؤثراً في العصر الرومانسي. ويرى مؤيدو الثورة الفرنسية أن المتعة كانت في متناول الإنسان لفترة يسيرة من الزمن فـ( الإنسان يسعى دائماً إلى المتعة).
أما هيجل(1770-1831) فقد أشار إلى مفهوم مهم وهو(ما هو عقلاني واقعي، وما هو واقعي عقلاني). فالعقل هو الحقيقة الواقعية الوحيدة. وكل ما يخضع للمنطق له ضد ونقيض، فإثبات وجود الشيء يقابله البرهان على عدم وجوده. وهذه الثنائية في الوجود تتضمن وحدة الوجود، لان أي حالة ترتبط دوما بنقيضها أو ضدها.
وبذلك أصبحت كلمة رومانسي تعني أشياء كثيرة بحيث عادة الكلمة ذاتها لا تعني شيئا. فهي تعني:(جذاب، غير أناني، فياض بالمرح، متبهرج، غير واقعي، غامض، ممتلئ بالمرح، ثوري، فتان، لا نمطي، نمطي، عاطفي، خيالي، أبله، محافظ، جدير بالملاحظة، مثير، حساس، جميل، خلاب، اللامعقول، دافئ، ملئ بالألفة، حزين). ونتيجة لذلك فان مصطلح الرومانسية مربكا بعض الشيء، لأن المتحدثين باللغة الانجليزية الحديثة تميل إلى الربط بين كلمة "romance" مع مجموعة معينة من الحب. ولكن الرومانسية تحتفل بكل المشاعر القوية، وليس فقط مشاعر الحب. بالإضافة إلى العاطفة، اهتم الرومانسيين بالبحث عن معنى الجمال في جميع مناحي الحياة. وتبنى الرومانسيين الخيال بدلا من التفكير طريقا إلى الحقيقة. أن سلوك الإنسان اللاعقلاني هو الاتجاه الخفي الذي يتبنى العنف، أو السلوك الآني الذي يفيض بالخيالات الرومانسية، هو ذاته الشيء الذي يحدث في كل مكان حينما تتداعى البنى التي تحكم المجتمعات.
ففي الأدب وضع الرومانسيين قيم عليا للمشاعر العاطفية القوية بدلا من الكمال التقني، لذا كانت تنغمس في وصف والتعبير عن المشاعر العاطفية وبشكل مفرط، بالرغم من أنها لم تخجل من وصف المشاهد المشحونة عاطفيا. فالرومانسية هي التعبير الأكثر حرية عن العواطف، فهي ليست العودة إلى الداخل لتأمل الذات فقط وإنما طرح ما في الداخل الذات إلى خارجها. والتأكيد على الروح الفردية ووعي المشاعر الحميمية. وبقدر ما كانت المشاعر العاطفية تستهوي الناس، كذلك المشاعر الحزينة وكل العواطف والأماكن الغامضة الظليلية، إلى جانب التعبيرات والسلوكيات المضخمة، والكآبة الدفينة، والبحث عن التلقائية والشيء الطبيعي ليس في العالم الخارجي بل في عالم العواطف والمشاعر. لذا يمكننا أدراك الآخر من خلال تشكيلة مثالية سحرية دائمة التطور وبلوغ السعادة الشاعرية عن طريق الخيال الخلاق. الخيال الذي يعتبر قوة خلاقة وجوهرية في علاقات الرومانسي، تزوده بالخيال الذاتي وحرية التعبير العاطفي.
هذه المعاني تتسبب لنا في إشكاليات في حياتنا كل يوم. في الحقيقة البعض منا يتساءل عن المعنى الكلي أو المطلق للرومانسية. وبالرغم من ذلك فإننا نستخدمها وبشكل عرضي دائما لكي نصف أي شيء يؤثر فينا ويستجلب مشاعرنا الكامنة. ولكن النقاد والأدباء والمؤرخين في جدال حول معنى كلمة رومانسية. فهي مصطلح غامض، وعلى الرغم من أن هذا الرأي يتضمن الكثير الصحة، إلا انه يتجاهل المدى الذي وصلت إليه الرومانسية، فهي ظاهرة أوسع بكثير من كونها ثقافية فقط، أنها تنطوي على تقييمات جديدة للعلاقة بين الذات والمجتمع، ومواقف جديدة نحو الطبيعة والتاريخ والشعور الجديد اتجاه المقدس، والى العلاقات العاطفية والمشاعر الوجدانية بين شريكين اثنين في هذا الوجود.
وهي ظاهرة معقدة تحتوي على عناصر متنوعة ومتناقضة أحياناً، ولها خطوط داخل الثقافات الوطنية والفردية. وهي كرد فعل في المقام الأول ضد القواعد البالية التي تفرضها الكلاسيكية الجمالية. وتعبير عن الذات في التحرر من القيود القديمة والمعوقة لتطورها.
وفشل عملية تحرير الفرد بالطرق السياسية أدى إلى كارثة دموية، والبديل هو تحقيق حرية الفرد عبر الخيال، لذا كان ذلك ثورة فرنسية ولكن في شكل كلمات. لذا كانت الدعوة إلى الاستقلال التام عن كل ما هو خارج الذات، والحرية يمكن لها أن تتحقق من خلال الذوبان في إرادة الآخرين(الشريك). لذا كان الرومانسي هو الإنسان الذي يستطيع أن يأتي بسلوكيات في ذاته الإبداعية موازية للإبداع والمعرفة، فالإبداع في الإنسان وثيقة الصلة بالخلق في الروح الإلهية. كذلك الرومانسي من يسعى للتغير الأماكن العادية، في الخروج على المألوف بالغامض، والمعتاد بالمختلف، والمحدود بالسرمدي. ولهذا فان الرومانسية مفهوم يعبر عن ظاهرة واسعة النطاق، فقد احتضنت جميع العلوم والفنون والآداب، ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد إنما أعطت حيزاً كبيراً من الحرية للتعبير عن المخزون العاطفي والنفسي الكامن لدى الإنسان وتجسيده وفق العلاقات الإنسانية بين الأفراد، حتى وصلت لسلوك الإنسان العادي لتمتزج بمشاعره وعواطفه، وخاصة تلك العلاقات الخاصة التي يرتبط بها مع شريك حياته، والتي هي الحب. هناك قدر كبير من الاتفاق والاختلاف في تعريف هذه الظاهرة الإنسانية وما تعني للإنسانية. فالتفسخ والعاطفة والعنف هي حقائق راسخة في الحياة المعنوية للإنسان. ولكنها هي ذاتها التي تنقي وتجدد طاقة الفرد ليصل إلى الحرية الداخلية. لذا ينبغي لنا أن نستعين بالقوى اللاعقلانية في الذهن لإنجاح علاقاتنا مع الشريك الآخر. وبذلك كانت العاطفة الرومانسية أو ما يسمى بالحب الرومانسي.
أن المنظور التاريخي للبشرية يتحقق من خلال الاقتراب أكثر من الحرية. فالرومانسي يعشق الرموز والرمزية، لأنها جزء ومتمم للخيال أو ناقل له. فالرمز شفرة تسمح بانصهار الصورة والكلمة والشعور والأحاسيس والأفكار معاً. والإحساس بالجمال يتم من خلال تحقيق الانسجام والاتساق فيما نرى وبما يضفي علينا شعور بالارتياح والغبطة الممتزجة بالنشوة لما نرى. والدعوة إلى التوحد بذلك الشيء الجميل أو الإمساك به ومعانقته أو التماهي معاً.(الجمال هو الحقيقة، والحقيقة هي الجمال، وهذا ما ندركه، وما يجب أن ندركه في هذه الدنيا). فالرومانسي يبحث عن العاطفة الإنسانية في النماذج الطبيعية، وعن الجمال السرمدي، وهو يتسامح فقط مع ما يفعله، ويتعاطف فقط مع من لا ينافسه، إلا انه لا يرى سوى نفسه.
فالرومانسية هي دعوة الإرادة الثورية من اجل الحرية، ومن اجل استعادة الانسجام المفقود في المجتمع وفي الذات الإنسانية. أنها تتميز برغبة متحمسة للوحدة، ورغبة في تجاوز النقائض من العقل والطبيعة، والذات والموضوع، والفكر والعاطفة. أنها التوق الروحي، والفراغ الداخلي، والعزلة المتجسدة، والأرق، وعدم اليقين، والسوداوية، والغرور في كل شيء، وهاجس الموت، الحب، والتجربة الشخصية، والعاطفة، والمخيلة الفردية، والطموح. في حين كانت تشير أول الأمر وفي القرن الثامن عشر إلى المناظر الطبيعية الغريبة والتي أثارت مشاعر رقيقة من الحزن.
• أذن ما هو الحب الرومانسي ؟
الحب الرومانسي ليس ظاهرة طبيعية فقط، ولكن ثقافية أيضاً. فنحن نتعلم الكيفية والطريقة التي نبرز ونظهر بها تلك المشاعر التي تكون كامنة في دواخلنا. فالحب الرومانسي هو شكل من أشكال الحب الذي يعتبر في كثير من الأحيان مختلف، فهو مدفوع ليس مجرد بالرغبة الجنسية أو الشهوة وإنما هناك احتياجات أخرى، فالحب الرومانسي ينطوي عادة على مزيج من العواطف والرغبات المتنوعة والمتناقضة في ذات الوقت، لأنه عالم سرمدي من الخيال.
عموما يكون الشيء رومانسيا عندما يكون حسب(أرسطو)عجيباً أكثر من كونه محتملاً، أو بعبارة أخرى عندما يخالف المألوف في سياق السبب والنتيجة، أي محبا للمغامرة. في حين يشر(جورج ساند) إلى كونه عاطفة أكثر منها عقل، فهو القلب في مواجهة الرأس.
الحب الرومانسي هو حلم مسكر بالنشوى، وعلاقة تفوق الواقع أو المألوف أو المتعارف عليه، وذلك لاندماجها بالخيال وانبعاثها على شكل عاطفة مشوبة بالولع وساعية إلى النشوة، والى الإحساس والمشاعر وكل ما هو غير مرئي، هي طغيان الافتتان على الواقع.
فالقول المأثور عن أن الحب الأعمى يصف حقا الحب الرومانسي. فالعديد من الذين هم في غمرة الحب الرومانسي تريد أن تكون مع الحبيب في كل وقت، كما يمكن لها أن نغفل عن الأخطاء، والصراعات، وسوء المعاملة. فالافتتان هو جانب من جوانب الحب الرومانسي. وأن معظم الأفراد لا يمكن لها المحافظة على هذا النوع من الافتتان وارتفاع الطاقة العاطفية لفترة طويلة من الزمن تقدر بعدد من سنوات. فكثير من مشاعر الافتتان تخفت وتتراجع حدتها، فيصاب الشريكين بخيبة أمل كبيرة، حيث يظهر عدم الاكتراث ببعضهم البعض، وبروز مشاعر الغضب، ويكونون اقل تحملاً لبعضهم البعض، واقل صبراً على بعضهم البعض، غير مبالين بمشاعر كلا منهم، الرغبة بالهروب والابتعاد.
فالحب الرومانسي يعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين، فهو يختلف تبعا لأدراك كل شخص للمعاني التي يحملها عن الشريك. فهو شعور بالمتعة مع الإثارة والغموض المرتبطة بعاطفة الحب والتعلق والولع بالآخر. فهو الشعور والتعبير عن الحب والرغبات العاطفية العميقة للآخر. هو الحب المرتبط بالشهوة وبشكل وثيق جداً. فالشهوة هي الطريقة الطبيعية لجلب الشريكين من اجل التوحد والاندماج معا بفعل سلوكي مادي يظلله الحب، بهدف تحقيق الازدهار للوجود الإنساني. حب من المشكوك به وجود شريكين بدون رغبة شهوية لدى الطرفين أو احدهما وبوقت مبكر في العلاقة.
فالحب بمعناه الوجودي كما يقول عبدالرحمن بدوي هو(امتصاص الذات للغير وإفناءها له في داخلها، والدافع إليه تملك الغير كأداة لتحقيق الممكن). فالسلوك الإنسان بأكمله سلوك غائي أو قصدي ولكن هذه الغاية قد ترتبط بأسباب وعوامل وحوادث قبلية ارتسمت في اللاوعي الشخصي وذكريات الفرد، أو نتائج بعدية يسعى الفرد للوصول إليها، وهذا ما يرتبط بالعلاقة بين الحتمية والحرية في السلوك الإنساني.
والحب الرومانسي هو شكل من أشكال الحب الذي يعتبر في كثير من الأحيان ذو احتياجات مختلفة، وهو ليس مدفوعا برغبة جنسية مجرد، أو شهوة، وإنما الحب الرومانسي ينطوي عادة على مزيج من العاطفية والجنسية. هذا الحب هو عدد من المشاعر والخبرات المتعلقة بشعور من المودة القوية والتعلق بين شخصين. أنها كلمة يمكن أن تشير إلى مجموعة متنوعة من مشاعر مختلفة. فالعلاقة مع الأنثى تتجسد من خلال مشاعر التناقض، فحينما تكون العلاقة سوية بينها وبين الشريك، فهي الملاك النوراني الذي تجسدت به كل طهارة العالم وجماله، وحينما ينفصل عرى تلك العلاقة، فهي الشيطان الذي تجسد على هيئتها لإغواء الذكور وإفساد حياتهم.أن الرومانسية هي دعوى لممارسة السلوك الطبيعي الذي يشعر به ويحسه الفرد بدون تقنع وإخفاء، انه سلوك طبيعي بدون تصنع.
انه شعور بالانجذاب العاطفي أو الرغبوي نحو شخص ما، يتميز بالشعور بالإثارة والغموض وهو عبارة عن تجربة أو خبرة في عالم آخر لا يُدرك بالعقل وإنما من خلال الحواس كالشم واللمس والتذوق، قد يتميز بالعمر القصير أو الطويل الأمد. فهو باعتراف الجميع شيء رائع وضرورة للإنسانية من اجل الوجود، يصعب وصفه بالكلمات، لا يعرف الحدود في تخيل الشريك أو نوع العلاقة، هو الحب بالإضافة إلى الرغبة. هو السعادة الحقيقية بين العشاق. عاطفية حميمية. مشاعر متقدة، هو الرابطة العاطفية المثيرة، والغامضة، هو مزيج من الرعاية والجذب في علاقة التزاوج. هو الشعور بالتحول من حب البعض إلى الرغبة فيهم. هو إثارة بالاعتقال، ومطاردة بالسجن الأبدي لقلبين، هو الشعور بأن نصبح أكثر اكتمالا، كما أنه اللغز المفقود في سبب الوجود الكائن الإنساني، هو المتعة، والعلاقة الحميمة بين شخصين ينبض فيهما قلب واحد، ويجمعهما عقل مشترك واحد، ويسعيان للتوحد ضمن جسد واحد. هو شعور شخص من ذوي الاحتياجات لتلقي المساعدة على استمرار حياته من قبل شخص آخر، وفي المقابل هو الرغبة في تلبية احتياجات ذلك الآخر. هو مزيج من مشاعر ممتعة ومثيرة ، والتعشق للآخر، والمغامرة، والرعاية، والمغازلة، وهو الذي يحيط ويتجسد في علاقة حميمة متنامية بين رجل وامرأة. هو الحب العاطفي أو الهوس ومشاعر الشك والقلق والحزن.
الحب الرومانسي يأتي من خلال إيجاد الشخص المثالي، في حين الحب الحقيق يأتي عن طريق التعلم لرؤية نواقص كل شخص والعمل على تلافيها وتطويرها نحو الأفضل. المخاطر والتضحية متأصلة في الحب الرومانسي. لذا لا يمكن أن تكون رومانسيا أن لم يكن لديك الاستعداد للتضحية الفردية والذاتية من اجل المشاركة مع شريكك. العواطف والقرارات لم تعد خاصة بك، ولكنها تتشابك مع من تحب. الرومانسي يموت نتيجة للوحدة القاتلة أو الأنانية. الحب الرومانسي ليس ضعف في التفكير. فهو يتطلب اختيار أكثر للخيال من عالم الواقع، هو التخلي عن كل الآخرين مع التزام ابدي لشريك تم اختياره، يمكن مغازلات رومانسية مع أي شخص آخر، أو أوهام بذلك، قد تنطوي على تآكل الثقة والرغبة في استمرار العلاقة أو الزواج، أن الشكوك تضعف الحب الرومانسي. هو ضوء القمر والورود، والرقص في الظلام، التشوق لقبلة، الانتشاء والطرب عند سماع أغنية، هو عقد اليدين مع الشريك أثناء المسير بين الأشجار أو على ساحل بحر، أغنية حب قديمة الطراز. هو ليس حبا فقط، ولكن عملية خلق ذكريات سحرية وتبادل خبرات تصبح جزءاً من مجموعة من الذكريات التي تعبر عن الحب الحقيقي، تقديم الزهور والهدايا، تلطيف الأجواء والأجساد بالعطور، تنقية وتطهير الانفاس.
هو علاقة من المحتمل أن تصل إلى الزواج، تنمية كاملة للحميمة والعاطفة الروحية والمادية. الألفة العاطفية التي تتواجد في قلب واحد، الرغبة في جعل بعضهما البعض سعيدا، وليكونوا معا إلى الأبد، الألفة الروحية التي تنساب من عقل واحد في تقاسم ذات القيم والأهداف الأساسية في الحياة، والعمل معا من اجل تحقيقها. الحميمة الجسدية والتي أساسها جسدا واحدا في تقاسم اللذة، وشعور بالراحة، من خلال المشاركة بالمودة الحسية الحميمية.
في الحب الرومانسي كلمة أنا أحبك ليست كافية لإطفاء شوق ولوعة الشريكين، مقارنة بالمشاعر المحملة بالعواطف التي يحملها كلا الشريكين، لذا فكل ما يخطر لك أن تقوله أو تفعله هو جزء بسيط من هذه الرومانسية التي تحملها لمن تحب. الكثير من الناس المبتدئين بعلاقة صداقة كل شيء لديهم جديد، ساحر وخلاب. وبعد تأسيس وتشكيل العلاقة بينهما يبدأ الروتين والملل، حيث لا جديد في تلك العلاقة، وليس هناك شيء يمكن أن يعيد الرومانسية والإثارة والغموض مرة أخرى إلى علاقتهم. لذا لا بد أن يفعل كل منهما شيئا مختلف وغير متوقعا من أجل الآخر. حاول أن تفكر وأن تتفحص العالم وكأنه جزء منك، حاول إيجاد طرقا جديدة كل يوم للتعبير عن حبك. فهناك الملايين من التطرق لتعبر عن كلمة أنا احبك (أنا محظوظ لدي أنت)(أنت كل ما احتاج لكون سعيدا). في كثير من الأحيان فان كل الأشياء الصغيرة التي لم تقلها أو تفعلها قادرة على التعبير عن ما يختلج بنفسك من مشاعر اتجاه من تحب.
هذا الحب قد يبكي الرجال، في حين قد يؤدي بالنساء إلى الجنون، وفي الغالب هذا الحب هو الشيء الغير قابل للتفسير. هو مزيج من العواطف القوية الملونة التي تسمح للقلب أن يرسم صورة من الجمال في كل مكان. هو ذات المعزوفة الموسيقية، والتي تعزف معا عند اثنين من النفوس وفي وقت واحد. فهو أن نفهم أن هذا الحب هو أكثر من مجرد شعور بالمتعة. انه أيضا استثمار للعواطف من اجل الشعور بالسعادة القصوى. في هذا الحب أني احبك لأنك نفسي(ذاتي) التي لا استطيع أن أراها، والتي تتجسد أمامي حين أراك.
ولكن هناك في بعض الأحيان نتعرض لحب غير مضمون، هذا الحب يتضمن مكونين أساسيين، هما:الأول: القلق، من كون الشريك يحبني أو لا يحبني. هنا شعور بالقلق نتيجة للمشاعر المتقلبة والغير مستقرة. أما الثاني: انعدام الأمن، فهو هاجس يعيشه الشخص خاصة أصحاب الحب من أول نظرة، فهناك خوف يصل إلى حد الهلع من فقدان الحبيب، لذا ترى لدى هؤلاء شوق دائم لرؤية الحبيب، ويرى أن الحل له بالهروب مع من يحب إلى عالم آخر أو جزيرة أو منطقة مهجورة أو نائية. كما يعيش هؤلاء بهاجس هوسي من إمكانية أن يُرفض من قبل مَنْ يحب، وهنا يشعر بان نهاية العالم قد حلت عليه. فالشخص الذي يعيش هاجس انعدام الأمن يميل إلى الحرص أو البخل بالعواطف والمشاعر، في حين الحب الرومانسي هو تجربة عاصفة تمثل بفيض من المشاعر التي يجب أن نتبادلها مع الغير. أما الشخص الذي يعيش هاجس الرفض فانه يسلك سلوكا يدفع بتفريق الأشخاص الذين يعيشون علاقة حب.
• ما هي خصائص الحب الرومانسي .
من كل ما تقدم يمكننا إيجاز الخصائص التي يتميز بها الحب الرومانسي بعدد من المحاور وهي:
1) يتميز الحب الرومانسي بالشدة والجموح في العواطف والمشاعر والأحاسيس، وبما ينعكس ذلك على سلوك الشخص العاشق. هذا الحب فيه خبرة عاطفية شديدة، وتوق إلى متعة شديدة، والرغبة ذات الطابع الجنسي العلني أو المستتر، إلى جانب مشاعر من الوجد والافتنان شديدين. ولكن يمكننا أيضا ملاحظة الجانب السلبي من التجربة الرومانسية فهناك، الإحباط، والغيرة، والشعور بالوحدة، والشوق، وغيرها من أنواع المعاناة النفسية والتي تتواجد في هذه العلاقة. وكل ذلك يمكن ملاحظته في الأنماط السلوكية للعاشقين.
2) يستند الحب الرومانسي على عالم الخيال، نحن في هذا النوع من الحب نعيش في حالة من الحب مثالية، في عالم من الأحلام الوردية، نتصور الشريك بأنه شخص مثالي يمتلك جميع الصفات الرائعة، حيث أننا نبعد العداء أو الكره أو التقييم السلبي من تفكيرنا ومن مجالنا النفسي، وبهذا لا نرى في الشريك أن كنا إناث أو ذكور سوى الكمال فقط، وهذا العالم الخيالي الذي نخلقه ونعيش به مع الحبيب يحدث في بعض الحالات، والتي منها: حينما يكون الشخص بعيد المنال وبالتالي عدم وجوده يخلق لدينا الوهم، في حين وجوده يبدد هذا الوهم. البعد الجغرافي أو الحضر الاجتماعي الذي تفرضه بعض الأسر وخاصة على الإناث. أو كون الحبيب شخصية غامضة. أو لوجود بعض الأسباب التي تتعلق بشخصية المحبوب نتيجة للخبرات السابقة التي مر بها في مراحل حياته.
3) الحب الرومانسي يعرض المعايير والحواجز التي تكون شخصية الفرد إلى الانهيار، فيصبح الحبيب البؤرة المركزية لاهتمام المحبوب، مما يؤدي إلى التضحية بالهوية الشخصية الخاصة، ويتخلى عن ذاته ويدمجها أو يصهرها بذات الشخص الأخير، وبذلك يكون هناك اعتماد مفرط على الشريك في تحقيق جميع حاجياته وأهدافه وسعادته. انه يؤدي الهدم الكيان الشخصي للعاشق، فتراه يبكي حينا ويمرح حينا آخر، تراه في عالم من الأحلام والخيال لا يحفل بكل المثيرات التي حوله، وفي حين آخر شخص واقعي. تراه حزين متشاءم وحينا آخر فرح متفاءل. العاشق هنا ذو شخصية أسفنجية يتأثر بكل ما يتم امتصاصه من خلال العلاقة مع الشريك.
4) الحب الرومانسي عاطفة مؤقتة، وذلك كونه يعتمد على الخيال، لذا لا يمكن أن يستمر بالوجود، لان الإنسان في حالة تعلم واكتشاف مستمرين عن الشخص الآخر، ونحن ندرك بان الصفات الفعلية للحبيب تختلف عن الصفات التي أسقطناها ورسمناها له في مخزون خيالنا. وهي عكس كل ما كنا نتوقعه عنه. كما أن ذلك هو نتيجة لنموذج شخصية العاشق الغير مستقرة والهائمة، في اعالي عالم الخيال ولكن حينما يعود إلى رشده سوف يسقط ليرتطم بالأرض الصلبة وهي ارض الواقع فتراه يتكسر ويتشظى إلى أجزاء، لذا تراه يبحث عن الشخص الذي يجمعه من جديد، ليعده إلى عالم الخيال ثانية، ونتيجة لهذا الاختيار المتعجل قد يسقط ثانية. وبذلك فإننا حين نكتشف ذلك الاختلاف فإننا لا بد أن نتخذ خيارا من بين خيارين:
a. أما يمكننا أن ننهي العلاقة، ومن ثم نسعى لشخص جديد يتطابق مع ما كنا قد رسمناه في مخيلتنا.
b. أو يمكننا الاستمرار في محاولة بناء علاقة ناضجة مع هذا الشخص الحقيقي الذي لديه أخطاء حقيقية.
في المراحل الأولى من العلاقة، كل شيء غير مؤكد، وهناك الكثير من القلق، وهذا الشيء غير موجود في علاقات طويلة الأمد، ولكن في حالة الحب الرومانسي وبصرف النظر عن وجود الوسواس والقلق في وقت مبكر من العلاقة، وجود نمط من الارتياح يظهر بوضوح أكبر أيضا في تلك العلاقة. فالحب الرومانسي يتميز بالكثافة في المشاعر وهذه الكثافة قد تتضخم في حالة الانجذاب الجنسي، والمشاركة الوجدانية والفكرية. وحينما يترافق مع هذه المشاركة تشارك جسدي فانه ذلك يصل بالطرفين إلى الزواج، أما الاهتمام بالشريك وجعله هو بؤرة الاهتمام الشخصي لهذا الحبيب يصبح الشغل الشاغل لهذا العاشق، وقد يترافق ذلك مع اهتمام جنسي خفي أو ظاهر. وبذلك فالحب الرومانسي يمكن النظر إليه، بأنه:
• ظاهرة عابرة، أو نزوة عاطفية وتمر. أو كما يقولون "سحابة صيف".
• قد يكون أحادي الجانب. أي حب من طرف واحد، حيث هناك الإعجاب والشغف والولع ولكن الطرف الآخر لا يعلم شيء من ذلك.
• يمكن بناء علاقة مع أكثر من شريك. وهذا يمكن ملاحظة في العديد من العلاقات، فالعاشق لديه قلب يسع الجميع.
• العاشق يعيش حالة من الوهم والسراب والخيال التضليلي.
• مستوى عالي من العاطفة والبهجة مما يؤدي إلى تحريف الرؤية والإدراك وكأنه يتعاطى المخدرات أو الكحول.
• الشخص الواقع في قبضة هذا الحب فاقد للبصيرة، حيث أن فهمه للحقيقة مشوه، وحكمه على الأمور غير متوازن.
• نتيجة للجاذبية العاطفية هناك مستوى عالي من التملك والخضوع من احد الطرفين للطرف الآخر.
• خليط معقد من المشاعر تكتنفه، فهناك مشاعر روحية عالية، إلى جانبها جاذبية ورغبة جنسية.
• ظاهرة طبيعية في الحياة الإنسانية للجمع بين الشريكين من اجل إعادة إنتاج الجنس البشري.
وكثيرا ما يوصف الحب الرومانسي بشمعة تحترق، فطالما هي متقدة فان ضياءها يعم، والشخص تغمره العاطفة والمشاعر المتقدة والولع، ويعيش في عالم من الغموض، ولكن حينما تنطفئ تلك الشمعة، فان الرغبة تغادر مرافئ هذا الحب، ويأتي الألم والاكتئاب، ولكن السؤال هو كم من الوقت ستبقي شمعة الحب الرومانسي مشتعلة.
إلى جانب ذلك، هناك بعض الأشياء المهمة لجعل الشيء رومانسيا، وهي: الحبيب، والمحبوب، والوقت، والعاطفة، والفضاء، والمحاكاة.
فالحبيب والمحبوب هما طرفي المعادلة وبدونها لن يكون هناك حبا، وتبعا لمشاعرهما ومكوناتهم الشخصية الذاتية يتطور ذلك الحب أو يفشل.
أما الوقت، أو اللحظة الرومانسية والتي هي المدة الزمنية التي نعيشها، والتي تختلف اختلافا جذريا عن اللحظات والدقائق أو الساعات التي نعيشها يوميا، هي وقت مستقطع من الزمن العام حينما تتوقف عقارب الساعة عن الدوران بسب جاذبية القوى المغناطيسية لتلك العلاقة، أي وقت خاص. وهذا الوقت الخاص لا يعني وقت غروب الشمس أو ليلة عيد الميلاد، إنما هي تغير في الأجواء الطبيعية التي نعيشها كل يوم.
أما العاطفة فهي المشاعر الخلابة التي تستثير الجزيئات الدقيقة من نفوسنا وأجسادنا فنشعر بتضخم تلك الجزيئات وكان كل منها عالم سرمدي قائما بذاته، لم يعشه أي كائن بعد.
أما الفضاء أو المكان الذي يجمعك مع شريكك بالمشاعر والأحاسيس فهو الفضاء أو المجال الافتراضي، خارج العوالم المادية التي نعيشها ونحسها. عالم فنتازي بكل ما يحتويه، وفي حركة لا متناهية والديناميكية.
أما المحاكاة فهي الطقوس والممارسات في ضوء جميع العناصر التي تشكل المشهد. الشكل أو المظهر، الرائحة، الكلام، اللمس، القُبل، النظرات، الأنفاس، وضعية الأجساد وحركتها. انه عالم فيزيائي جديد لم يتطرق له انتشتاين في عالمه ذو الأربعة أبعاد. كل هذه العناصر يجب أن تكون مختلفة ولها طعم خاص يمكنك: تذوقه، ولمسه، وشمه، والإحساس به، وإدراكه، وفق رؤى لا يمكن التفكير بها في الأوقات العادية.
• كيف يتكون الحب الرومانسي ؟
هناك ثلاث مكونات لأي تجربة حب، وهي: الجاذبية وهي تتمثل بالرغبة والولع والافتتان بالحبيب، أي هي العاطفة بكل أنوعها. وهناك التقارب، والتقارب ليس بالمجال أو الفضاء الذي يجمع الشريكين وإنما التقارب بالمشاعر والأفكار والميول، إلى حد يصل أن يشعر كل طرف بان الطرف الآخر هو جزء من ذاته ومكمل له، فالتقارب العميق والحميم مع شريك هو إحدى مميزات الحب الرومانسي. وأخيرا الالتزام وهو القرار الذي يتخذه الطرفين أو احدهما بالتمسك بالآخر، مهما كان نوع العلاقة سلبا أم إيجابا، ومهما كان ما يتعرضان له.
الحب الرومانسي هو حب يتمثل حينما يتم الجمع بين الجذب والتقارب. والكثير من العلاقات، ومن بينها الحب من النظرة الأولى، يتطور إلى الحب الرومانسي حينما ينمو بينهما تقارب عقب أن جمعهما الانجذاب. فالحب من النظرة الأولى يبدأ بالجذب، ومن ثم يتطور هذا الحب إلى تقارب وبذلك يصبح حب رومانسي. في حين يشير فارس نظمي إلى (أن الحب الرومانسي هو مزيجا دينامكيا من ثلاث مكونات الإيروس، ونزعة التطهير بالألم، ونزعة التمرد على القيم السائدة)، هذه الخصائص هي مظاهر سلوكية لشيء آخر أعمق في شخصية العاشق، هي نتيجة لمشاعر وعواطف الانجذاب وشدتها اتجاه الشريك ومنها العناصر الجنسية في العلاقة أو في شعور ومدارك احد الطرفين أو كلاهما، لان أي علاقة تكون محملة بالكم الهائل من المشاعر والعواطف الجياشة لا بد لها من قادح جنسي يحركها أو أنها سوف تصل إليه مستقبلاً. فالجنس هو موجود في كل علاقة حب بين شريكين مختلفين بالجنس(ذكر وأنثى).
وقد اشرنا في موضوعنا السابق "الحب الأفلاطوني" إلى أن نتيجة نهائية التي توصلنا لها هي أن هذا الحب ليس كما يوصف بأنه سمو روحي بدون علاقات جنسية مادية، وإنما العلاقات الجنسية هي صلب تلك العلاقة، حتى ولو كانت تلك المشاعر والميول الجنسية في الخيال أو أحلام اليقظة، أو أنها لم تتحقق بعد على ارض الواقع من خلال العلاقة بين الشريكين. فهل الحب الرومانسي كما يشير(نظمي)(ليس مجرد فضيلة بل هو على رأس الفضائل وهو وسيلة تطهير النفوس وصفائها، وهو لا ينشد تحقيق المتع الجسدية بالضرورة من خلال الحب). هذا ما شك فيه. ويجب وضعه تحت المجهر لكي نراه.
في سياق علاقات الحب الرومانسي، فأن الرومانسية عادة ما تعني التعبير عن حب شخص واحد، أو رغبات المرء العاطفية العميقة للاتصال مع الشخص الآخر. هذا واضح بشكل خاص في الحب العذري والعلاقات اللاجنسية، وبالرغم من ذلك يبقى الدافع الجنسي هو الوسيلة للتعبير عن الرغبة والمحرك أو الحافز لها. (هيلين فيشر) تشير إلى أن ردود الأفعال العاطفية لها قاعدة فسلجية، ولذا فان الحب دافع طبيعي كدافع الجوع.
أما النفساني هارولد بيسيل H.Bessell يقترح إلى أن الناس ينجذبون معا عن طريق القوة التي وصفها بأنها "انجذاب رومانسي" ، والذي هو مزيج من العوامل الوراثية والثقافية. وقد تكون هذه القوة ضعيفة أو قوية ويمكن أن يشعر بها وبدرجات مختلفة من قبل كلا الشريكين في الحب. والعامل الآخر هو "النضج العاطفي"، والذي هو الدرجة التي يكون فيها الشخص قادراً على توفير نموذج جيد في علاقة الحب. وهكذا يمكن القول بأن أي شخص غير ناضج فمن الأرجح أنه لن يبلغ الحب، وتصبح خيبة أمله واضحة، في حين أن الشخص الأكثر نضجا فمن المرجح أن العلاقة معه سيكون لها شأن من الناحية الواقعية والبناءة ويمكن تلافي المشكلات المستقبلية.
كما وتشير(Lisa M. Diamond) من جامعة (يوتا Utah) إلى أن التوجهات الحالية في مجال العلوم النفسية، الناشئة من الناحية النظرية والبحثية، لديها القدرة على إعادة تشكيل الطريقة في تصور النشاط الجنسي البشري، والسلوك الجنسي الفردي، والميول الجنسية والاجتماعية.
أن الاتجاهات الحالية في علم النفسي ناشئة عن وجهات نظر حول الفروق بين الحب الرومانسي والرغبة الجنسية. بالرغم من أن الرغبة الجنسية والحب الرومانسي ذوي خبرات متمايزة في كثير من الأحيان، إلا أنهما تجارب شخصية متميزة جذريا أساسها الركائز العصبية المتميزة في الدماغ. أن القاعدة لهذه الاختلافات هو الأصل التطوري للخبرة في كل نوع. أن العمليات الكامنة خلف الرغبة الجنسية تطورت في سياق التزاوج الجنسي، في حين أن العمليات الأساسية للحب الرومانسي(ترابط الشريكين) تطورت أصلا في سياق التعلق من اجل رعاية الأطفال. وبالتالي، ليس فقط يمكن للإنسان أن يواجه هذه المشاعر بشكل منفصل، ولكن ميل الفرد جنسيا لنفس الجنس، أو الجنس الآخر، أو كلا الجنسين، وربما لا يتقيد بعدد شركائه الذين يقع في حبهم ولا نوع جنسهم. أيضا، قد يكون دور الأوكسيتوسين(oxytocin) في كل من الحب والرغبة يسهم في هذه الظاهرة. وفي ضوء بعض التقارير لوحظ أن ضمن هذه الظاهرة، وعلى نطاق واسع، أن الإناث تعاني من زيادة الترابط بين الحب والرغبة أكثر من الذكور. لأن معظم البحوث التي تم أجراءها على ركائز العصبية الحيوية من الرغبة الجنسية والتعلق الوجداني أجريت على الحيوانات فقط. وأولوية الرئيسية للبحث في المستقبل هو تحقيق المنهجي وفق العمليات المنسقة البيولوجية، والسلوكية، والمعرفية، والعاطفية، التي تشكل الحب والرغبة لدى البشر، لان القواعد الكيميائية العصبية لديهم مختلفة. وعلاوة على ذلك، هناك اختلافات بين الجنسين في العلاقة بين الحب والرغبة التي قد يكون لها على حد سواء أصول بيولوجية أو ثقافية. هذه الهيئة الناشئة من الناحية النظرية والبحثية لديها القدرة على إعادة تشكيل طريق واضح لتصور النشاط الجنسي البشري، نوع الجنس، الميول الجنسية، والتعلق الاجتماعي.
ولمعرفة المفاتيح التي تفصل بين الحب، الرغبة، التعلق، الرغبة الجنسية، نوع الجنس، والتوجه الجنسي، وفي ضوء نظرية النشوء والارتقاء، فمن البديهي أن الحب الرومانسي والرغبة الجنسية ليست هي الشيء نفسه، ولكن قد يكون هذا واحداً من أصعب الأمور في توفير أدلة تجريبية لهذا الغرض. ومع ذلك، ففي السنوات الأخيرة، قد خصص الباحثون في مجالات متنوعة ما بين علم النفس وعلم الأعصاب والسلوك الحيواني اهتماماً متزايداً بهذه التجارب، والتي تتضمن: الأسس الفيزيولوجية، والأصول التطورية المحتملة التي تميز بين الحب والرغبة. وأن نتائج هذه التحقيقات تشير إلى أن الحب الرومانسي والرغبة الجنسية تخضع وظيفيا للنظم الاجتماعية السلوكية المستقلة والتي نشأت لأسباب مختلفة والتي تتضمنها. فالرغبة الجنسية عادة ما تدل على الحاجة أو الحافز للبحث عن شريك جنسي أو المشاركة في الأنشطة والممارسات الجنسية، في حين أن الحب الرومانسي يدل عادة على مشاعر قوية من الافتتان أو الهيام والتعلق العاطفي بين الشركاء الحميمين. علاوة على ذلك، يقر معظم الباحثين ومنهم((Tennov-1979)على وجود اختلاف بين المرحلة التي تسبق "العاطفة" والتي تسمى أحيانا(Limerence) وبين مرحلة الحب، في حين يشير كلا من (Fisher-1998) و(Hatfield-1987) إلى أن التطور التالي في مراحل الحب هو(companionate) والذي يسمى بالتعلق أو التشارك أو الارتباط. على الرغم من أنه قد يكون من السهل تصور الرغبة الجنسية دون حب رومانسي، إلا أن فكرة (نقي) و(أفلاطوني) و(لا جنسي) مع الحب الرومانسي تكون أكثر إثارة للجدل إلى حد ما. هناك بعض الأدلة التجريبية تشير إلى أن الرغبة الجنسية ليست شرطا مسبقا للحب الرومانسي، حتى في مراحله العاطفية المبكرة. ويذكر العديد من الرجال والنساء الذين اختبروا الحب الرومانسي في غياب الرغبة الجنسية وهذا ما أشارت له(1979Tennov- ). حتى الأطفال قبل البلوغ، والذين لم يمروا بالتغيرات الهرمونية المسئولة عن مستويات بالغة من الدافع الجنسي، يكشفون عن هيام رومانسي حاد (Hatfield&others-1988). أما(Pamela Regan) من جامعة كاليفورنيا، وفي دراسة لها حول مفهوم الحب الرومانسي توصلت إلى نتائج تدعم الفرضية التي تشير إلى أن مفهوم الحب الرومانسي له تركيب نموذجي، والرغبة الجنسية هي إحدى الميزات المركزية ضمن هذا المفهوم. وعلى الرغم من بعض المراقبين يجادلون وإلى حد الآن، من أن هذه العلاقات يمكن أن تتضمن علاقات جنسية مخفية أو هناك قمع للرغبات الجنسية، لا انه من الواضح يبدو أن الأفراد قادرين على تطوير مشاعر حب دائمة ومكثفة، ومعاناة لبعضهم البعض، بغض النظر عن الجاذبية الجنسية، وهل أن الشريك لدية رغبة جنسية، أو يشعر بالاستثارة، هذا أمر آخر في العلاقة.
وبالعودة إلى مفهوم(Limerence) ففي عام (1977) صاغت(Dorothy Tennov) هذا مصطلح (Limerence) والصفة منه(limerent) وهو لوصف حالة عقلية معينة، وهو أيضا اسم بمعنى(limerent person). (وليس هناك كلمة انكليزية محدده تقابل هذا المفهوم، فكيف بنا في اللغة العربية ونحن آخر من يستجيب ضمن سلسلة الكائنات الحية في هذا الوجود للأحداث) وقد استخدم هذا المصطلح في الكثير من الكتب، ولكن لم يدخل إلى القواميس اللغوية بعد. (Limerence) يشير أحيانا بان الشخص ( في حالة حب) مع شخص ما بدلا من (يحب)، وفي أحيانا أخرى يطلق على(الحب الرومانسي)، أو (الحب العاطفي). ولكن هذا ليس تعريفا كافيا، لان(non-limerents) يستخدم أحيانا هذه المصطلحات لوصف المشاعر الخاصة. وأحياناً يدعى(Limerence) بـ(الهيام أو الافتتان)، ولكن الهيام أو الافتتان يتضمن معنى عدم النضج، إلى جانب انه يستنبط من معلومات غير كافية.
هناك عدد من المكونات التي يتكون منها(Limerence): التفكير التطفلي حول موضوع رغبته العاطفية، وهو شريك جنسي محتمل. اشتياق عنيف للتبادل، قدرة ملحوظة على التأكيد على ما هو رائع حقا في مصدرLimerence ، وتجنب الخوض في السلبيات، حتى انه بستجيب مع التعاطف السلبي ويعيده، إن لم يكن إدراكيا فعاطفيا، إلى سمة أخرى ايجابية. تبعية المزاجِ وفق تصرفات مصدر Limerence، أَو بدقة أكثر، وفق تفسيرات لتصرفات Limerence فيما يتعلق باحتمال التبادل بالمشاعر والسلوكيات في العلاقة. في حالات الشك والحيرة ينتابه الم وتوجع في القلب أي في منطقة الأمامية من الصدر. حالة من الابتهاج والطفوية أي الشعور بالمشي على الهواء وهذه الظاهرة السلوكية تكون واضحة عندما يكون هنالك مبادلة في المشاعر والعواطف بين الشريكين. كثافة عامة من المشاعر تترك الاهتمامات الأخرى في الخلفية. عدم القابلية على رد(limerently) إلى مشاعر الحب لأكثر من شخص واحد في ذات الوقت، ولكن قد تحدث بعض الاستثناءات وذلك حينما يكون(limerence) في مرحلة الضعف أو التلاشي. وفي حالة الخوف من الرفض قد يتعطل أحيانا، ولكن الحذر المقلق دائما حضوره قليل. وخاصة في البداية حينما يصطدم بالشك. كما انه يقوى خلال المحنة أو المصيبة(على الأقل، والى حد ما).
كما أن هناك بعض المصطلحات أو المفاهيم تطرح من خلال الحب الرومانسي مثل: "توأم الروح"، و"حب الجرو" (Puppy Love). أن مصطلح "توأم الروح" شيء ليس له وجود سوى بين الكلمات أما حينما نستخدم مصطلح "توأم الذات" يمكن أن يكون أكثر واقعية. حيث انه يعبر عن لحظات المشاركة الوجدانية بين الشريكين، والتي هي كجزء من الـ(أنت) والـ(أنا) الأبديتين اللتان وجدتا في العالم السرمدي قبل أن نولد وسيستمران بالوجود بعد الموت. حينما نلتقي فكأن جميع الكائنات البشرية تعيش تلك اللحظات من اللقاء، وذلك من خلال التواصل العميق عبر الأنساق اللاشعورية، التي تربطها مع بعضها البعض. أنها السعي للشعور بالانتماء والوجود الخُلدي. أن انجذاب نصفينا لبعضها هو محاولة لملئ الفراغ في ذواتينا وإكمال إرادتنا الإنسانية بالانصهار في ذات واحدة تسكن جسدين وكأنهما بستانين ما يحويه الأول من ثمار لا يحويه الآخر، فكل واحد منهما يغذي الآخر من ثمار فاكهته.
أما مصطلح "حب الجرو" Puppy Love انه مقتبس من أغنية مغني البوب(Paul Anka) والتي يحمل عنوانها ذات الاسم. وفيها ينفي هذا المطرب الاتهامات الموجهة إليه. ويوضح بأن علاقته مع فتاة صغيرة هو أكثر قليلا من مجرد افتنان المراهقين. ويصر على مشاعر المحبة المتبادلة بينهما أعمق من مجرد ولع.
وجوهر هذا الحب هو افتنان رومانسي غير ناضج، ويعتبر هذا الحب نزوة مبكرة في عالم العلاقات الرومانسية الأولى في حياة الشخص، وغالبا ما يعرف بأنه حب غير ناضج، ولا وجود للعواطف متبادلة، ولا يشعر بنوع من العرفان اتجاه الشريك. وكثيرا ما يشير إلى مشاعر الحب والافتنان في مرحلة الطفولة أو المراهقة. ويستخدم لوصف ولع الطفل بالشخص بالغ، على سبيل المثال: يتم جذب الطلاب لمعلميهم وأصدقائهم، أو إلى الأطفال الأكبر سنا، والى المشاهير من فنانين ورياضيين. كما يعني أن هؤلاء غير قادرين على الشعور بنفس النوع من الحب الحقيقي والذي الكبار قادرين عليه. وهذا لا يعني أن الكبار لا يقعون به، وغالبا ما يبدأ مع الافتتان من جانب واحد، وقد تكون مشاعر الجذب هذه ذات طابع مكثف للغاية في الواقع، وبما يخلق نوعا من التشتت، إلى جانب أنماط من الفكر الهوسي الحقيقي، وهو بالتأكيد حب عابر لا يدوم إلا قليلا من الوقت.
خلال المراحل الأولى من العلاقة الرومانسية، هناك المزيد من التركيز في أكثر الأحيان على العواطف، خصوصا تلك التي، مثل: المحبة، الحميمية، الشفقة، التقدير، الألفة، بدلا من الحميمية الجسدية. ولكن مع التقدم بالعلاقة وتزايد التقارب النفسي، ستظهر رغبة للتقارب الجسدي، لان الإنسان لا يكتفي بالتوقف عند الحد الذي يصل إليه، وإنما هو دائم التقدم إلى عوالم من المتعة لم يجربها بعد، ولكنه قد يحلم بها أو لا يحلم. فهي في العالم السرمدي لم تخلق بعد. فالحب هو هاجس البشرية الأول. فنحن نحب ليس لمجرد أن نكون محبوبين أو أن يشار إلينا بأننا واقعون في الحب، أنما الحب هو جزء من تكويننا الذاتي كبشر(نفسي وجسدي)، فمن خلال الحب نحقق وجودنا بأننا عالم قائم بذاته. بالرغم من أننا لا نزال نؤمن بالنهايات السعيدة.
وبالرغم من اختلاف الظروف بين اليوم والأمس، فالأمس كان كل شيء فيه حرام وممنوع، النظرة، البسمة، الكلمة، اللقاء، اللمس، القبلة، الصورة، الرسالة، قصيدة الشعر، الرواية،....الخ. أما اليوم فهناك فسحة واسعة، لم يكن يحلم بها السابقون. اليوم حرية الاختيار والاستمرار والعيش معاً ممكنة في وقت ما كانت من المحرمات. ما كان محرم أصبح اليوم هو القاعدة وما كان مسموح سابقا أصبح هو الاستثناء المخجل. ففي الألفية الرقمية الجديدة سؤال يطرح وهو: هل نمتلك قدر من الحرية لكي نتصرف بشكل جيد غير متهور في علاقتنا العاطفية والحميمية، وهل نحن مستعدون لتكوين شراكة مع من نحب بدون استغلال طفيلي لبعضنا البعض ؟
لقد تغير قواعد لعبة الحب بفضل العالم الرقمي، ولكن بالرغم من ذلك العلاقات اليوم ينقصها الإيمان بكوننا بشر نملك من الشعور الإنساني بذواتنا وبالآخرين الشيء الكثير. وان يكون لنا نوع من السيطرة الفكرية على مخزوننا العاطفي، لان الإنسان له جانبان انفعالي(نفسي عاطفي) وعقلي(معرفي إدراكي)، فالإنسان الذي يمتلك حريته ويتصرف وفقها هو من يجمع ويوازن بين الاثنين ولكن هناك من هو عاطفي وبدون عقل أو هو عقلي بدون عاطفة. فالافتنان مطلوب إلى جانب التفكير. فلا عجب بعد ذلك من أن ظاهرة الحب أصبحت موضوعا للدراسة الواسعة النطاق من قبل الفلاسفة وعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء النفس وعلماء الأحياء.
وبقدر ما نود أن نعتقد أن الحب هو مسألة من القلب، فإنه في حقيقة الأمر إلى حد كبير جداً ومؤكد في الدماغ. في تقرير نشر في أواخر عام 2010، وبعد أن تم تصوير الفعاليات العاطفية من خلال الرنين المغناطيسي، لوحظت بعض الحقائق المثيرة للاهتمام:
• يمكننا أن نقع في الحب في خمس من الثانية.
• عندما تقع في الحب فهناك(12) منطقة من مناطق الدماغ تعمل معا لتشكل سيل من النبضات البيوكيميائية تتسبب في الشعور بالنشوة.
• الوقوع بالحب ينشط مناطق من الدماغ كما تفعل المخدرات وتثير ذات المشاعر المبهجة.
• الحب يحدث تغيرات واسعة النطاق في الجسم، بما في ذلك زيادة التسامح للألم.
• الوقوع أو السقوط في البحث هو ظاهرة حقيقة جداً وقابلة لقياس حتى على مستوى المادي، ولكن هناك أيضا النفسي والروحي.
أن الحب هو شعور بالاندماج مع الشريك وذلك نتيجة للانهيار المفاجئ لجزء من حدود الأنا الشخصية لدينا، والسماح لهوية جديدة بالاندماج معنا، هذه العملية هي مصدر للشعور بالنشوة لا يمكن وصفها سببها الوقوع في حب إنسان ما. ولكن حينما نرغب بدراسة الحب علينا أن نفهم هذا الحب فقط من حيث المفاهيم الثقافية (أ) المحبوب والحبيب، و (ب) المشاعر التي تصاحب الحب ، (ج) الأفكار التي تصاحب الحب ، و (د) الإجراءات التي يسلكها الشريكين أثناء علاقتهما.
فالحب الرومانسي ينطوي على رغبة لا حدود لها، فضلا عن شوق لانهائي، رغبة كاملة، وتطلعات مضيئة، هو تفكيك للحواجز وتحطيم للأوهام، حنين يخترق الوجدان، امتلاك لجميع العالم ووضعه تحت وصياتك، هو ليس المهم من تحب وكيف تحب وإنما هو انك تحب. هو شاعرية من الإبداع تتدفق ساعة أراك، وحين نغرق بطوفان من الشوق والعاطفة السحريين. هو حالة انبعاث ورحيل إلى عالم آخر ولكن لا تعود منه إلا حينما تمنح من تحب نشوة اللقاء. أنه قفزة نحو الجنون والعودة في ذات اللحظة، بحيث لا يشعر الآخرون المحيطين بك انك كنت هناك في عالم (LDS). هذا بعضا من عالم الحب الرومانسي فلا تبخل على نفسك بالبعض منه إذا كنت متزوجا أو لا زلت تعيش منفردا. لون كل لحظة من حياتك بالألوان الرومانسية التي تعشقها. أو انتظر لتكون من نصيبك في العالم الآخر.



#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب بين التثوير والثورية
- الشخصية الإنسانية من العناصر الأربعة إلى الأمزجة الأربعة
- أنواع من الحب الإنساني والحب الأفلاطوني نموذجاً
- الشخصية الإنسانية وفق مبدأ العناصر الأربعة
- ما هو الحب
- حرية الإرادة والحتمية في السلوك الإنساني
- كيف نفكر ؟
- نحنُ والأنظمة النفسية القسريّة
- لماذا العنف ؟ كيف يصبح الناس فجأة أكثر عنفا ؟
- سياسي الألفية الثالثة
- اتفاق أَنصاف الرِجالْ
- غزة والأصنام
- قولٌ في الميزان
- أنا والعراق والدجال
- حذاء ولكن !!!!!
- تكريم عراقي
- الثورية على الطريقة العراقية
- رحلةٌ مع نون
- إبحار
- محمد الهاشمي وحلم الوهم


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جودت شاكر محمود - الإنسان والحب الرومانسي Romantic Love