أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محمود السيد - المفهوم في التنظير السياسي















المزيد.....

المفهوم في التنظير السياسي


محمد محمود السيد

الحوار المتمدن-العدد: 3555 - 2011 / 11 / 23 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمـــــــــة

المفهوم جزء من المنهج وأداة له ، يستبطن مقولاته ، ويعكس مضامينه ، فهو معلومة لها أهميتها وموقعها من البيئة المعرفية . فالمفهوم مقدمة للحركة ووسيلة للدفع والتدافع ، لأنه لا يعد كلمة بسيطة ، وانما كلمة تحمل من المضامين والمعاني ما يفوق كثيرا اطارها اللفظي ، فالمفهوم هو محور النظرية السياسية وأداتها في التعبير والتغيير .

تعريف المفهوم

المفهوم هو أي وحدة للتفكير يعبر عنها بكلمة أو مصطلح أو رمز , ويرجع كل مفهوم لكلمة أو مصطلح ولكن ليست كل كلمة بمفردها مفهوم ، والكلمة تظل واحدة ولكن المفهوم قد يصبح عند استخدامه متعدد المعاني وان كان هو في الاصل يرجع لكلمة واحدة . وتصبح الكلمة مفهوما عندما تجتمع فيها كل المعاني والخبرات التاريخية والاجتماعية والتي فيها ومن أجلها تستعمل هذه الكلمة , فالمفاهيم هي مزج بين معان متعددة واذا كان لكل كلمة دال ومدلول منفصلان فانهما يجتمعان معا في المفهوم وقد يجتمع فيه أكثر من مدلول معبر عنهم بأكثر من كلمة ، فأي مفهوم لابد أن يكون واضحا ولكن هذا لا يمنع أن يكون متعدد المعاني والكلمات. كذلك نستطيع القول بأن المفاهيم هي رموزا تعبر عن أفكار أو ظواهر تجمعها خصائص مشتركة وليست هي الظواهر ذاتها فالمفاهيم هي التصورات والتجريدات لأوصاف هذه الظواهر – فالمفهوم لفظ عام يعبر عن مجموعة متجانسة من الاشياء , وهو عبارة عن تجريد للواقع يسمح لنا بأن نعبر عن هذا الواقع من خلاله .

تصنيف المفاهيم

يمكن تصنيف المفاهيم الاجتماعية والسياسية الى ثلاث مجموعات :
1- مفاهيم تقليدية مستمرة ومازالت محل اختبار حتى الآن .
2- مفاهيم متغيرة ومتبدلة، معناها يتغير ويتبدل بشكل أوسع .
3- مفاهيم مستخدمة سواء بمعنى جديد أو مصطلح جديد في مواجهة مفاهيم ومعطيات قائمة من قبل ، وهذا ينطبق على المفهوم نفسه أو على شبكة المفاهيم الاخرى التي ترتبط بهذا المفهوم ومعانيه.

وظائف المفهوم

- تصنيف الاشياء الى فئات
- التعلم
- التذكر
- الاستباط
- التفسير
- حل المشكلات
- التعميم
- التعرف على المتماثل من الاشياء
- الفهم
- الابداع والانتاج

أهمية المفهوم

لما كانت احدى السمات الرئيسية لأي لغة سياسية هي مد الافراد أو الباحثين بمخزون مشترك من المفاهيم تساعدهم على وصف وتفسير ما يجري حولهم في الواقع المحيط بهم اجتماعيا وسياسيا ، حيث يتكون هذا الواقع من خلال المفاهيم أو بالأحرى قد سبق تكوينه مفاهيميا وتواصليا ، فان المفاهيم والتي تختلف فيما بين الافراد والجماعات حتى داخل نفس المجتمع الواحد ليست محايدة سياسيا ولكنها قناة يسير فيها الفكر والفعل السياسي في اتجاهات مختلفة .
ويتحكم نظامنا المفاهيمي في قدرتنا على قول أي شئ يتعلق بالواقع ويؤثر على ادراكنا لهذا الواقع ، فالمفاهيم تقودنا للبحث وتوجه اهتماماتنا لأنها في النهاية هي التي تحدد ادراكنا للواقع، فالمفهوم إما انه يضيف شيئا جديدا أو علاقة من نوع جديد أو قاعدة جديدة أو يهدم جزءا من علاقة كانت قائمة من قبل أو يعيد تنظيم ما كان قائما من قبل أو يغيره كليا أو جزئيا .
لذا يتضح دور المفاهيم في تحديد رؤية الواقع السياسي ودراسته ، من خلال صياغة اطار للمفاهيم له قوالب نظرية معدة مسبقا ولا يستطيع أحد الخروج عليها لفهم ما يجري في المجتمع . ويتحكم هذا الاطار المفاهيمي في القيم والقواعد التي تحكم ممارسات ومؤسسات أي مجتمع سياسي وأعضاؤه . وقد ينبع هذا الاطار الحاكم من المجتمع أو يتم استيراده من خارجه .

ربط المفهوم بالواقع والتغير المفاهيمي

ان التغير في المفاهيم يحدث من خلال محاولة الفاعلين السياسيين حل بعض المشكلات النظرية والعملية والواقعية أو بعبارة أخرى حين يمارس الفاعلون السياسيون قواعد اللعبة السياسية وتظهر التناقضات القائمة سواء في المعتقدات أو الممارسات كما يعكسها الواقع .
ويُعرّف التغير المفاهيمي بأنه "محاولة نقدية من قبل الفاعلين السياسيين لحل التناقضات التي تظهر في محتوى معتقداتهم وممارساتهم في محاولة لفهم تغير العالم من حولهم" ، فأي نموذج للحل السياسي يكمن خلفه ميكانزم أساسي من التغير في المفاهيم ، فالتغير السياسي والتغير في المفاهيم هما عمليتان مستمرتان تحدثان نتيجة حدوث تحولات مستمرة في العلاقات الداخلية لأي مفهوم وأيضا في سياق واقعه السياسي والاجتماعي ، فالمنظرين حينما يقوموا بمراجعة تغير المفاهيم لا يكون هذا فقط لحل ما يظهر من مشكلات جديدة وانما كذلك لأعادة تأصيل المفاهيم القديمة واعادة النظر في المفاهيم القائمة وتبني مفاهيم جديدة . ويرتبط هذا الطابع الجدلي للتغير في المفاهيم بوجود عدد من التناقضات ، حيث انه بدون التناقضات لا يوجد أي دافع منطقي لتغيير النظريات ، كما أن المفاهيم تشكل جزءا من صياغة النظريات ولكن غالبا ما تُستبدل بمفاهيم أخرى .
وقد تفهم هذه التناقضات أحيانا على انها تناقضات حقيقية وليس فقط باعتبارها تناقضات منطقية ، بمعنى أن هذه التناقضات لا تكمن فقط في العبارات أو المقولات وانما في الحقائق المعقدة للحياة السياسية والمعتقدات ، وتحل هذه التناقضات من خلال تغير المعتقدات وما يترتب عليها من أفعال وممارسات يترتب عليها بالتالي تغير النفاهيم المكونة لها .
ان أي مجتمع بحاجة لاعادة النظر لرؤية مفاهيمه التي قد تبدو سهلة وواضحة والتي يستخدمها لتحديد وتفسير عالمه السياسي والاجتماعي ، مما يتطلب النظر واعادة النظر اليها بأعين جديدة وبتفكير نقدي سواء كانت نابعة من هذا المجتمع أو مفاهيم يستخدمها الاخرون . ومن الملاحظ أن عددا من الاعمال الكبرى في مجال الفلسفة والنظرية والفكر السياسي جاء اما استجابة او انعكاسا أو رد فعل للفوضى والتشويش المفاهيمي أو حت لانهيار وتعطل القدرة التواصلية بين أفراد المجتمع . ومن ثم يصبح التغير الدائم هو الحقيقة الوحيدة الثابتة بالنسبة للمفاهيم السياسية ، فالمفاهيم ذات المعنى اليوم قد لا يكون لها نفس المعنى قبل ذلك أو في المستقبل ، وانه لفهم التغير في المفاهيم فلابد من فهم سياق التغير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعكس صحيح .
لذا نستطيع القول بأن مراجعة أو تغيير المفاهيم السياسية أو اللغة السياسية – التي هي لغة معنى وفعل – سيؤدي تلقائيا الى تغير في الممارسات السياسية ، لان المفاهيم واللغة السياسية هي جزء من العملية السياسية نفسها حيث تتكون أفعال وممارسات أي مجتمع سياسي في جزء منها من المفاهيم والمعتقدات السائدة ، حيث ان المفاهيم تشكل نسيج للممارسات السياسية. حيث أن تغير المفاهيم سواء بتعديلها أو بادخال مفاهيم جديدة صالحة للاستعمال أو من خلال التخلص من المفاهيم القديمة فان كل هذا يؤدي الي تغيير في السلوك . وبالتالي فان أي مجتمع ينجح في مراجعة أو تغيير لغته السياسية أو حتى استخدام مفاهيم سابقة بشكل جديد فان هذا سيمتد الى تغيير سلوكه وممارساته تجاه بعض الافكار .

أشكال التغير المفاهيمي

- بالاضافة
- بالحذف
- باعادة التنظيم البسيط
- باظهار بعض الاختلافات
- باعادة التنظيم الجذري

أزمة المفهوم في التنظير السياسي

يمر المفهوم في التنظير السياسي بأزمة حادة خاصة في عالمنا العربي التي كان ومازال لها أثر سلبي واضح على عملية التنظير السياسي العربي واذا حولنا تلخيص أبعاد تلك الازمة فسنجد انها تتبلور في النقاط الأتية :
1- ان معظم المفاهيم المطروحة على ساحة التنظير السياسي ليست مفاهيم عامة أو عالمية وانما هي وليدة خبرة حضارية معينة تستبطن منظومتها وتختلف في مقدماتها ونتائجها مع أي حضارة مغايرة ، وتنبثق أساسا من الرؤية الخاصة للعقل الغربي . فتلك المفاهيم لم تأت من دراية بحركة التاريخ الانساني ، أو من قواعد مضطردة تصلح للتطبيق على جميع الظروف ، بقدر ما جاءت من رؤية غربية للتاريخ وحركة المجتمعات قياسا على ما وصلت اليه المجتمعات الغربية في عصرها الحالي ، فهذه المفاهيم تعكس تماما الواقع الغربي بما يسوده من قيم ومؤسسات وعلاقات تبعية وتسلط واستغلال .
2- ان هذه المفاهيم تفقد عنصر التكامل المفهومي وان ادعت السعي للوصول اليه ، وذلك اتساقا مع طبيعتها الوضعية وعدم استنادها الى معيار مستقل ، فهذه المفاهيم لا تمثل منظومة مفاهيمية متكاملة , وانما تمثل بدائل متنافسة فليس هناك خلاف كبير بين مفهوم مثل التنمية أو التحديث أو التقدم أو التطور ......الخ اذ جميعها يؤدي المعنى نفسه أو الى نفس الغاية والمقصد رغم الزخم اللفظي .
3- التناقض بين المفاهيم والواقع السياسي الذي تعالجه : فهذه المفاهيم رغم انها مطروحة لمعالجة أوضاع العالم باكمله ، الا انها صادرة عن خبرة تاريخية مغايرة تماما لموضوعها , ومن ثم فانها تقوم على افتراضات جامدة سواء تلك النابعة من المدرسة السلوكية أو من مدرسة الصراع الطبقي التي أصبحت بدورها تميل الى تكريس الاوضاع القائمة ، وتتعامل مع الظواهر محل الدراسة بصورة جامدة . وهنا يثور التساؤل : هل يمكن لمثل هذه المفاهيم التي نشأت وتطورت في مجتمعات مغايرة ، مختلفة في ظروفها التاريخية والاجتماعية والدولية عما هو عليه الواقع في المجتمعات غير الاوروبية أن تسهم في تفسير الواقع المتغير لهذا العالم ؟

المراجـــــع

1- علي أحمد عبد القادر (1974)، مقدمة في النظرية السياسية، القاهرة : شوليناري .
2- ابراهيم درويش (1973)، النظرية السياسية في العصر الذهبي، القاهرة : دار النهضة العربية .
3- محمد محمود ربيع (1981)، النظرية السياسية لابن خلدون: المنهج الجديد- مفهوم العصبية- التفسير العقلاني لتطورات الخلافة الاسلامية- مفهوم الملك ، القاهرة : دار الهنا للطباعة .
4- محمد نصر الدين مهنا (1983)، النظرية السياسية والعالم الثالث، الاسكندرية : المطبعة العصرية .
5- عادل فتحي (2000)، النظرية السياسية المعاصرة : دراسات النماذج والنظريات التي قدمت لفهم وتحليل عالم السياسة ، الاسكندرية : الدار الجامعية .
6- محمد نصر الدين مهنا (1981)، مدخل الى النظرية السياسية الحديثة، الاسكندرية : المطبعة العصرية .
7- نصر محمد عارف (1981)، نظريات التنمية السياسية المعاصرة : دراسة نقدية مقارنة في ضوء المنظور الحضاري الاسلامي, القاهرة : القارئ العربي للنشر .
8- أميمة مصطفى عبود (1999)، العدالة في الفكر الليبرالي الجديد : دراسة في تحليل الخطاب الليبرالي في مصر, رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية .



#محمد_محمود_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الإعلام في التنمية
- حول تفسير ظاهرة الفقر
- العوامل الجغرافية والموقع الاستراتيجي كمحدد للسياسة الخارجية ...
- الهجرة غير الشرعية


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محمود السيد - المفهوم في التنظير السياسي