أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - عذري مازغ - دور القوى اليسارية في ثورات الربيع العربي















المزيد.....

دور القوى اليسارية في ثورات الربيع العربي


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:50
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


أود بداية أن أشكر الحوار المتمدن الذي أغرق قراؤه بكثير من الإبداع على مستوى قتح ملفات للتحاور، وكذا تنوع موضوعاته وفسح المجال واسعا لحرية الفكر سواء تعلق الأمر بترك مجال الكتابة يتسع حتى لأولئك الذين لاموقع لهم أو فتح مجال النقد والنقض وإنعاش بيئة متفتحة للرأي والرأي الآخر
بالنسبة للسؤال الأول، سأوثر مسالة هامة في الحوار وهي أنه لا مجال للمجاملة السياسية مع اليسار أو بين تيارات اليسار، قراءة مستفزة هي قراءة ضرورية في الوقت الراهن، لقد بدأ الحراك في تونس ومصر ولم يتململ اليسار إلا حين نضجت الثورة ووصلت مستوى خنق النظام الإستبدادي، وبعبارة صريحة جدا، لقد تلقفت قوى اليسار والنقابات والتكتلات فتاة هذه الثورات، لقد كانت منبطحة تماما وكانت تفتقد إلى جس نبض الجماهير بشكل كانت مبهورة تماما ولم تستفق إلا عشية اندحار رأس السلطة الإستبدادية، تحركت حينها وطرحت ملفات مطلبية كانت عبارة عن مسودات مطالبها السابقة مع الأنظمة الإستبدادية. تستهدف امتصاص الثورة أكثر مما كانت مساهمة في تأزيم وضع النظام. ليس فيها حتى الآن من طرح بديلا للنظام السياسي والإقتصادي بقدر ما طرحت ملفات عادية كانت إلى حد ما في سياسة المد والجزر للأنظمة الإستبدادية مطالب بنية المناورة والمساومة السياسية أكثر منها مطالب ترمي إلى تحقيق قفزة نوعية ولو على مستوى تبادل الأدوار في الحكم، تفتقد إلى الجرأة السياسية، وهذا أمر موضوعي انطلاقا من بنيتها الهيكلية، وعلاقتها بالمد الجماهيري، فمقاعد مقراتها أكثر من منخرطيها، كانت تفرز ظاهرة جديدة في العمل السياسي غير مشهودة إلا في العالم العربي: تفسيخ أحزاب من جينتها ذاتها. لقد كان دور الجيش أكثر انضباطا في حماية النظام في مصر وتونس حيث لم يتورط في إدخال البلاد في حرب استنزاف العنصر البشري، كما حدث بليبيا ويحدث الآن في سوريا، لكنه لعب الدور الأساسي في الحفاظ على النظام الإقتصادي والسياسي القائم، فرض نفسه حكما وهو يدير الآن عملية "التغيير" بالشكل ذاته الذي كان يدير بها رأس النظامين السابقين بفارق صغير يتجلى في هذه الفرجة الديموقراطية الرائعة. لم نلمس بعد خطابا يساريا كان مبنيا على قوة العزم والتأكيد ويقول بأن المرحلة هي مرحلة تغيير بنيوي كامل بل هو خطاب استدراك لما ترنم زمن الإنتظارات الطويلة (زمن انتظار النضج الجماهيري) على الاحزاب اليسارية أن تتحرك في اتجاه تثوير الحياة السياسية، لكنها عليها أن تبدأ بنفسها أولا فهي احزاب لم ترتقى بعد إلى المستوى المدني (لاحظ مواقعها في النيت مثلا، فهي مواقع مغلقة إلا على أصحابها، ولا تصل إلا رفاق الحزب إن لم أقل بعضهم فقط)، بمعنى لازالت احزاب أسرية ورفاقية تتوارث بشكل يوحي تماما بتوارث الحكم في الأنظمة الإستبدادية، وقس على الأمر أيضا ما يسمى بالأحزاب اليمينية، أما النقابات فكان وضعها مؤسف للغاية، وعبرت مشاركتها بشكل أساسي بغريزتها الإنتهازية، طرحت ملفات الزيادة في الأجور ومطالب خبزية أكثر منها مطالب سياسية كما لو لم تكن معنية بالتغيير تماما، وهذا أيضا يطرح مشكل اليسار الذي يراهن في ادبياته على الطبقة العاملة.
2) يبدو الإستبداد السياسي الموجه إلى قوى اليسارمؤثرا بشكل ما، لكن أيضا لا ننسى بأنه كان أيضا شماعة لدى اليسار لتبرير وتراجع ديناميته، لا ننسى أن أغلب هذه القوى كانت مبهورة ومصدومة بسقوط الإتحاد السوفياتي، واكثر من ذلك تغير خطابها الإيديولوجي إلى مايساير نمطية موازين القوى على الصعيد الدولي، لقد كان اليسار منتعشا داخل حركة التحرر الوطني، وقاد الصراع السياسي إبان فترة الإستقلال الشكلي (فترة الستينات والسبعينات حتى منتصف التسعينات) وهي فترة استبدادية أكثر مما هي الآن، لقد كانت هناك عدة عوامل سلبية إبان هذه الفترات كانت تلعب دور العائق أكثر مما هو متاح الآن ومع ذلك كان اليسار منتعشا، لقد هرم القادة السياسيين التاريخيين لهذه الفترة ولم يستطيعوا أن يغفروا لشيخوختهم بالإستقالة وتجديد دينامية اليسار ليخلفوا وعيا جدريا لدى الجماهير هو الوعي بضرورة رفض نمطيتهم بشكل كبير، حتى في أوربا شباب الحراك يرفض احتواءه من قبل قوى اليسار ويتهمه بأنه متورط بشكل أساسي قي قتل حركة التغيير الدينامية مع فارق كبير تفاوتي هو أن ما يصبوا إليه الشباب عندنا يعتبر متجاوزا عندهم حيث يتوجه خطابهم بالدرجة الأولى إلى الحاكم المستبد الوحيد الذي لا تغيره لعبة صناديق الإقتراع: إنها الشركات المتعدة الجنسيات والمؤسسات المالية والبنكية، أي النظام الإقتصادي الرأسمالي نفسه بلعبته الديموقراطية نفسها. قوة اليسار هي قوة ارتباطه بالجماهير وحين تنعدم هذه القوة قهو يسار فارغ، هذه حال اليسار عندنا وهي الحالة نفسها في أوربا رغم هذا الفارق الذي ينعش اليسار الأوربي بحيث يسمح نظام المؤسسات المالية والبنكية والشركات الكبيرة التي قلنا بأنها هي الحاكم الفعلي، يسمح هذا النظام بتغيير حاكم بآخر في شروط يعرفها الآن الصغير والكبير، لقد انكشف دور الأحزاب تماما في اللعبة السياسية سواء عندنا في العالم العربي أو عندهم في الدول الرأسمالية. ليس صحيحا أن الأنظمة الإستبدادية قد ساهمت بشكل قوي في إضعاف اليسار بقدر ما هناك أسباب بنيوية وهيكلية فيه، هل كانت الأنظمة الإستعمارية الأكثر دموية وهمجية أضعفت حركة التحرر الوطني مثلا؟ على العكس من ذلك بقدر ما يكبر الإستبداد بقدر ما يولد الحاجة إلى تغييره، أغلب القادة اليساريين الآن كان إبان فورة شبابه ديناميا في حركة التحرر والآن ماذا حصل؟ لقد هرموا وهرمت حركتهم بشيخوختهم.
3) لعلي أجبت عن هذا السؤال، في الجواب السابق، نعم هناك درس هام هو الدرس التونسي، ولا ننسى هنا دور دول الخليج في احتواء الثورات العربية، دخلت تونس "التجربة الديموقراطية" وفازت حركة النهضة فهي تظهر من جهة أنها مرتبطة بجماهيرها (هي أيضا كانت مقموعة في عهد بن علي) لعبت على وتر الإحتواء الخليجي المهدد أكثر بهذه الثورات، قدمت تطمينات للجميع وهي حقا ليس لديها ما تخصره، وحتى إن تبنت نظاما أخلاقيا ودينيا فهي لا تناقض النظام السياسي الرأسمالي، وليس فيها ولا في طروحات إخوان المسلمين بمصر مايخيف الرأسمالية المهيمنة على شعوبنا، مع أن طروحات اليسار نفسه والتي أشرت بأنها طروحات استدراكية لترنيماته ايام السلم الإجتماعي، لا تناقض الطروحات الغربية ولا تخيفها بقدر ما يعرف الغرب نفسه أن اليسار يفتقد إلى شرعية الجماهير. بعد حين ستكتشف الجماهير أن ثورتها لم تأت بجديد، لن يساهم الإسلاميون في أي تطور غير تعطيل صيرورة التغيير، لانحتاج إلى ديموقراطية سجينة المؤسسات المالية العالمية، بل سنحتاج إلى ديموقراطية شعبية، نحتاج إلى تحرير مواردنا الطبيعية من الإستنزاف، ونحتاج إلى تحرير اقتصادنا بشكل يخدم أبناء الوطن وليس أن يخدم المؤسسات المالية ونحتاج أن نستثمر طاقاتنا البشرية في صالح قضايانا، يبقى على اليسار كما قلت سابقا أن يعيد هيكلته، وأن يجدد خطابه السياسي وفق طموح الجماهير وأن يثور الحياة السياسية بشكل يزيح كل ما يعرقل تجدده لا أن يبقي على نمطيته الهيكلية كما عليه أن يبدع في آلياته التواصلية وان يبدع في الإستفادة من التقنيات المتجددة.
4) لست أعتقد حتى الآن بسقوط الأنظمة، سقوط الأنظمة يوحي عمليا بعملية ثورية، انتقال من نمط إنتاج إلى آخر، وهذا وهم إيديولوجي تلقفناه مح احتدام الحراك الإجتماعي، يمكن التحدث عن ثورة في الوضع الليبي، ثورة الناتو بتعبير أحد الزملاء في الحوار المتمدن، وهو انتقال من وضع اللانظام إلى وضع النظام برهن ليبيا سياسيا، أما ماوقع في تونس ومصر فهو سقوط عائلات استبدادية، لعب الجيش دور الحفاظ على النظام بسماحه بتغيير رأس الحكم، وهذا بالتحديد مايريح المؤسسات المالية، فهي تريد نظاما لا يتأثر بتغيير رأس الحكم، بل نظاما يطمئن من خلال تجدد وجوهه، فالعملية هي حالة نفسية توحي بالتجدد وتوهم الناس بأنهم يمارسون حقهم في الإختيار، بينما شروط اللعبة تبقى هي إملاءات المؤسسات المالية، لا شك أن وضع اليونان وإسبانيا بالخصوص التي تخضع لحكم الحزب الإشتراكي لخير مثال، فالإصلاحات التي باشرها الحزب الإشتراكي على مستوى التقشف أو على مستوى مدونة الشغل كانت بضغط من البنك المركزي ورجال الأعمال ولم تكن البرنامج السياسي الذي لأجله انتخبته الجماهير، وأمام تزايد الضغط بخصوص الإقتطاعات الإجتماعية مع تكوم الأزمة الإقتصادية اضطر سباتيرو للإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها. ماذا ستقدمه مثلا حكومتا مصر أو تونس لمعالجة قضايا البطالة وتدني الأجور، هل تستطيع مثلا أن تقدم تعويضا على البطالة على النمط الغربي؟
عموما أربط تحقيق ثورة حقيقية بارتباطها بالبعد الكوني، لن تدع الدول الغربية أي ثورة بدون التدخل لاحتوائها وقد تستعمل القوة العسكرية لأجل ذلك وهذا يدفعنا إلى القول بوجوب تزامن الثورات في انتظار نضجها عالميا والعمل على تناسقها بين تفعيلها محليا وتفعيلها دوليا وهو امر ممكن الآن بفضل وسائل الإتصال والمواقع الإفتراضية، ماتحقق حتى الآن في بعض الدول العربية ليس سوى خطوة اولية نحو الثورة.
5) يجب فهم بنية التشتيت قبل الحديث عن جبهة يسارية، فالتيارات المشتة عانت وضعا سلبيا داخل الأحزاب اليسارية الرئيسية هو كما اشرت سابقا هيمنة بعض الأسر أو تيار معين داخلها، إضافة إلى بنيتها الهيكلية البيروقراطية، وبعدها الحقيقي عن الممارسات الديموقراطية، لم نتشبع بعد بالقيم الديموقراطية، فأسباب التشتيت تعود عادة إلى النزوع إلى الهيمنة والقيادة وتسييد رأي معين مقابل الآراء المختلفة، وحين يستحيل تحقيق هذا النزوع للبعض في حزب معين وهو حقه طبعا مادمنا متشبعين بالقيم الحقيقة للديموقراطية يلجأ إلى تشكيل كيان سياسي جديد هو بنفس البنية الهيكلية للحزب الأصلي تماما مع بعض التشكيلات في بنود المرجعية الإديولوجية وما إلى ذلك، وهو يكرس نفس السلوك الذي أجبره على خلق بديل، لم أسمع في حياتي بقائد سياسي أفصح يوما عن انه قد كل من العمل ويريد أن يستقيل سواء في التيارات الجديدة أو القديمة، وحتى خلق جبهة في وجود هذا النزوع لم يؤدي في الممارسة التجريبية لبعض القوى اليسارية في المغرب إلى تحالفات حقيقية، هناك مشكلة الإمتداد الجماهيري لهذه التيارات أيضا،أغلب هذه التيارات تفتقر إلى قاعدة جماهيرية بسبب من بنيتها التنظيمية نفسها وتوثر وعيا حقيرا لدى الجماهير، فهي في الوعي البسيط للناس أحزاب صغيرة وهو تحديد تراجيدي إذ ماذا يمكن للصغير أن يعطيه مادام الكبير لم يعطيه؟هكذا يفكر الناس. ثم إن الشروط السياسية التي تحد من الإبداع السياسي من خلال خرافة الإنضباط داخل التيار للمسار الحزبي، أقصد عملية التدجين داخل الحزب في إطار مايسمى عادة بالمواقف التاريخية التي تعتبر بمثابة ثوابت، وهي عادة تشكل نمطا من الأصولية داخل الحزب، ماهي هذه الثوابت التاريخية؟ هي بالتحديد ثوابت المؤسسين، وتثبيتها هو تثبيت لهم أكثر مما هو شيئا آخر، هذه أيضا تحد من العمل السياسي وتغيب الواقعية كما تغيب الإبداع السياسي، فالحزب السياسي ليس نمطا دينيا يأتيه ألناس لتعميدهم، بل هو إطار فيه يعبرون على طموحهم وتتغير مواقفه بتغير طموحاتهم. لهذه الاسباب يجب ان تصحح قوى اليسار نمطية حركتها وتعاطيها الديموقراطي، أن تتخلص مثلا من بيروقراطيتها تأسيسا لضمان مشاركة فاعلييها دون الإنتقاص منهم لاختلافهم مع السياق العام، يجب أن تثور حياتها بأن تعطي النموذج الديموقراطي الحقيقي قبل أن تطلبه في غيرها، نظريا ستخصر قوى اليسار أي معركة في الإنتخابات بعد سقوط العائلات المستبدة، لكنها لن تخصر شيئا هي لم تزرعه أصلا، عليها أن تتجاوز التفكير في خلق جبهة على أرضية مشتركة إلى توحيد حقيقي على أرضية متنوعة فحياة اليسار في جدلية تنوعه وليس في تشتته، والتنوع إغناء للأخذ والعطاء على عكس التحزب العقائدي، فمثلا أرى في اختلاف التيارات الماركسية إغناء للفكر الماركسي أكثر لو سلمت هذه التيارات بأرضية ديموقراطية حقيقية.
6) لا شك ان أهم المآخذ على قوى اليسار هو غياب التجدد وغياب تشبيب هياكلها عكس ماتدعيه، فالتقسيم الهيكلي للأحزاب (وهو تقسيم قد يكون مبررا لدى الأحزاب اليمينية) هو تقسيم تعسفي على نمط هيكلية مزارع التدجين: عزل الذكور عن الإناث، عزل المواليد وما إلى ذلك، الشبيبة الحزبية، المرأة الحزبية الطفولة الحزبية، وماذا بقي للحزب؟ بقيت مشايخه الهرمة، هذه كلها أشكال تدجينية، فالشبيبة في الحزب تحيل عمليا إلى ان هذه الفئة الإجتماعية المهمة لم تنضج بعد ويجب ترويضها وفق سياسة الحزب لتنتج فيما بعد نفس النمطية السياسية والتي كانت منذ الإستقلال قد دجنت جيلا لا يتقن سوى نفس اللغة التبريرية التي تحام حول نضج الظروف السياسية، والمرأة في قائمتها تقوم بنفس الشيء التي هي أيضا بدورها يجب أن تنضج لطرح قضيتها، كأنما قضيتها منفصلة عن القضايا الأخرى، إن اكبر تحقير للشباب وللمرأة هو هذا العماء النضجي وهذا التقسيم الخارق على طريقة الدواجن، وأغلب الظن ان قادتنا السياسيين برغم هذا البعد التيسري يفضلون عدم الإختلاط على طريقة أحزاب الإسلام السياسي، الكبار مع الكبار(الأطر المبجحة) والصغار مع الصغار (الشبيبة، الطفولة) والنساء مع النساء بل أستطيع القول أن أغلب نساء هؤلاء التقدميين لسن متحزبات أصلا. أثبتت حركة الشباب العالمي نفورها مما هو حزبي بتبنيه شكل آخر من الديموقراطية مختلف تماما (اتخاذ القرارات في الساحات العمومية والجدل المثمر عبر النيت حيث لا تهم هوية الأشخاص) ويبدو في ثورة اليمن بوضوح أكبر مما في مصر وتونس أن الشباب أكثر عنادا من أحزاب اليسار هناك والتي غالبا ما تصطدم مواقفها المثمنة لبعض المبادرات الدولية بعناد الشارع، وهذا يعني جوابا على سؤالكم أنها مجبرة على قبول هذه الفئات الشابة والنسوية إذا أرادت ان تكون لها استمرارية وأن تعيش، فهي التي تلقفت الثورة وتاثرت بها كما تأثرت سابقا بانهيار الإتحاد السوفياتي وليس العكس، وإذا لم تبادر فهي ميتة أصلا ولا داعي للقول بأن لها تأثير على الثورات بل على العكس تماما سأعيد القول بأنها هي من تأثرت بالثورات وتربصت بشكل مدهش في كيفية التعامل معها
7) قوى اليسار عندنا تعلن هذه المباديء دائما، عدد النساء داخل هذه القوى مخجل للغاية وهذا يعني أن وضعا ما لم يعالج وفقا لهذه المواقف النبيلة، دعني أقولها بصراحة، الكثير من التيارات لها تلك التقسيمات التدجينية التي تكلمت عنها سابقا، لكن في الحقيقة وراهنا ليس لها شيء من ذلك، لا شباب ولا نساء، لها لجن فقط تحركها حين يتعلق الأمر بلقاء ما أو مؤتمر ما فهي تعمل وفق البروتوكول السياسي العام، لنتذكر الرجل الجليل من تونس حين انهمر قائلا: “ لقد هرمنا، لقد هرمنا وشخنا...” انها تعبر بصراحة عن صيحة جيل كامل من الشباب الذي كان مدجنا في الأحزاب اليسارية الرئيسية قبل الشتات طيلة العقود التي تلت فترة الإستقلال الشكلي،اما في زمن التفتت اليساري، فهذه الهيآت حاضرة كلجن تصوغ البيانات الصاخبة وغائبة تماما في الحقيقة، لا أعمم نعرف أن هناك قوى تعمل حقا لكني اتكلم عن الجو العام، وهنا سأعود إلى نقطة سابقة مثارة في السؤال الثاني حول أثر القمع والإستبداد في التيارات اليسارية، طبيعي جدا أن هذه التيارات الصغيرة والمشتتة والمنتفخة ببياناتها سيرعبها الإستبدا فهي اقليات معزولة وضعيفة أصلا.
8) إن مايوثر الحد من تأثير قوى الإسلام السياسي هو فاعلية قوى اليسارفي الإمتداد داخل الجماهير، فالناس عادة في حياتهم اليومية مهمومون بشكل الحياة اليومية حيث الدين لا يحضر إلا في شكل ممارسة الطقوس لمن يمارسها، فالناس عادة تؤدي يومها في العمل إذا كان لها عمل، في البحث عن العمل حالة العطالة ، أو في البحث في اسباب عيشها. فالمهرجانات الصاخبة تؤثر في الناس أكثر مما يؤثر الإسلام السياسي، ومعنى هذا أن قوى اليسار تستطيع الحد بفاعليتها إذا عرفت كيف تصل إلى الجماهير، أن تبدع في أشكال تواصلها، ان تنمي حضورها في خلق أشكال التعبئة وأن تنمي نقدها الديني عوض أن تتأسلم بشكل مذل وأن تكون لها الجرأة في اقتحام الديني كما فعل ابن الراوندي ولا أقول كما فعل الأوربيون
9) نندهش كثير حين تصاغ الآليات التي كان يعمل بها لينين إبان تهييء الثورة السوفياتية، وهذا تحفظه الكثير من قوى اليسار عندنا، فكثير ما أندهش لرفيق مثلا يسترسل في رصد تلك الآليات التي عمل عليها لينين ثم تندهش كون هذه الآليات تطورت بشكل مدهش، ولم يتستعملها قوى اليسار إلا بشكل هزيل، مواقع اليسار في النيت مخجلة تماما ومنغلقة على ذاتها على عكس مواقع الإسلاميين التي تستغل أي حدث مهما كان تافها وتستثمره، نلاحظ مثلا المكتبة الإلكترونية اليسارية في النيت، الكتب اليسارية هي الكتب الرديئة على الإطلاق(الإديولوجية الألمانية على سبيل الحصر)، الكتابات في مواقع الأحزاب اليسارية هي كتابات تفتقر إلى الغنى الموضوعاتي، وتنشر دورياتها بشكل دوري كما لو كانت تكتب على الورق، وهذا يعني عمليا أن لها تلك الهيكلة من التدجين، وجود هيأة تحرير محلفة وليست هيأة مفتوحة على كل اطر الحزب بشكل يستطيع أي إطار أن يغني موضوعات الدورية استنادا إلى ادبيات التحرير التي يجب أن يعلن عليها، إن نموذج الحوار المتمدن في تعاطيه مع الكتابات هو النموذج الذي يجب أن يكون لدى القوى اليسارية، بل تستطيع هي أن تضفي عليه طابعا إعلاميا متميزا بتفعيل حركية الفروع وتغذية مواقعها بما هو محلي وجهوي استنادا إلى استقلالية إعلامية ذاتية لهذه الفروع.
10) ليس لي سوى أن اعبر على إعجابي الحقيقي بدينامية الحوار المتدن، وطابع تفتحه، اهنيء هيأة التحرير على فعاليتها الدينامية والمتجددة، والتي حققت في وقت وجيز قفزة كبيرة في أن تتوفر على رصيد رأسمال معنوي هو عدد زوار الحوار المتمدن وعدد كتابه وقرائه، إضافة إلى كونه مصدر تغذية لمواقع أخرى وهذا يدل أساسا ان نجاحه يكمن في خروجه عن القاعدة العامة التي تحكم المواقع الأخرى، لدي ملاحظة اساسية بخصوص الصورة، فنحن في زمن تفجر المعلومة والصورة معا، ربما هناك خلل او إبطاء في يوتوب التمدن كما ان هناك تهميش كامل لفن الكاريكاتور.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المغدورة
- المرأة وبرلمان الأكباش
- الماركس والعولمة
- عيد الكبش
- العمل النقابي ودور التنسيق
- المغرب والجزائر وذاكرة فقر
- ثوار ليبيا: ثوار أم تتار؟
- حول ثقافة المسخ 2
- حول ثقافة المسخ
- لعنة الذكريات
- ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة
- آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب
- أرض الله ضيقة
- إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
- المغرب وسياسة تدبير الملهاة
- ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
- يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
- 20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
- القديس آمو
- الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم ...


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - عذري مازغ - دور القوى اليسارية في ثورات الربيع العربي