أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - الثورة المغدورة















المزيد.....

الثورة المغدورة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 21:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تطرح ظاهرة الحراك الإجتماعي فيما يسمى بالربيع العربي إشكالية ازمة هي في جوهرها ازمة شرعية النظم الحاكمة، هذا على الأقل هو ما يظهر من خلال العملية السياسية التي تمت حتى الآن ومن خلال أيضا الإلحاح الجامح للجماهير المتظاهرة على شعار رئيسي اختزل في كلمة :"إرحل"، فالمطلب الديموقراطي الذي على مايبدو غاية لذاته في الحراك الإجتماعي، غلب مطلب الشرعية السياسية من خلال عملية ديموقراطية تجد نموذجها المتحقق في الديموقراطية الغربية وهو ما تجد فيه القوى الرأسمالية مجالا خصبا ومساندا لتدخلها، كما ان المطالب الأخرى المصاحبة لعملية تأسيس شرعية الحكم من خلال نظام سياسي يضمن التداول فتأتي بعد تحقيق هذه الشرعية، هذا مااتضح حتى الآن في تجربة تونس ومصر، ومعنى هذا أن الثورة في ما يسمى بالربيع العربي هي اولا ثورة على الحكم من حيث يشكل ازمة شرعية وليست ثورة بالمعنى المتجدر الذي هو ثورة على نمط إنتاج قائم، أي ثورة ضد نظام اقتصادي سياسي تستهدف البنى التحتية لهذا النظام، فالشعارات التي رفعتها التظاهرات كانت في مجملها تستهدف نظام الحكم كنظام يفتقد الى الشرعية السياسية وتفتقر إلى رؤية سياسية واضحة المعالم، كانت شعارات تحمل في طياتها ملامح الإصلاح الإقتصادي والسياسي والإجتماعي، أي أنها شعارات اختزلت في مطالب اقتصادية اجتماعية مضمونها توفير الشغل، السكن، الصحة، رفع الاجور، الحد من البطالة وما إلى ذلك وافتقرت إلى رؤية نمطية تخلخل البناء التحتي الذي هو أساس البنية الأزمية التي تمخضت عنها الأزمات الأخرى (أزمة الشغل، السكن، البطالة...). لقد تبلورت الأزمة على شكل أزمة الشرعية السياسية من منطلق نمط الحكم الإستبدادي الذي يفتقد إلى تزكية جماهيرية والتي اعتمدت في مجمل تاريخها على ما يسميه البعض بالحداثة السياسية، وهي إشراك احزاب سياسية في عملية تحديث وهمية توحي بالشراكة السياسية من خلال دمج احزاب على نمطيته، أي تلك الأحزاب التي أنيط لها أن تلعب دور التعددية الحزبية (الأحزاب المخزنية نموذجا بالمغرب) فيما هي تكرس نمط هيمنة الحزب الواحد. والحصيلة أن هذه العملية من الشراكة السياسية الوهمية للنظام السياسي القائم أدت عبر مسارها التاريخي إلى عزلة النظام السياسي بكل آلياته الدينامية (الأحزاب الشرعية والنقابات الكلاسيكية) وأفرز وعيا سياسيا مفاده افتقار النظم التحديثية التي تبلورت في ولادة أحزاب من صلب النظام نفسه، إلى ما يؤسس حداثتها بالضبط بافتقارها إلى أسس الحداثة نفسها كما هي واردة عند المنظر الأمريكي هينتينجستون ونصح بها بلدان العالم الثالث الدائرة في محيط نمط الإنتاج الإمبريالي. فربيع الثورات العربية لم يخرج حتى الآن على نسق التحديث الذي نصح به هينتينجستون بتوسيع دائرة التحالف الطبقي من خلال إشراك جميع القوى السياسية في ممارسة الحكم على أساس وهم المصلحة العامة التي تقتضي نظريا إضفاء المشروعية على نمط الإنتاج السائد ورفعه قانونيا إلى ما يؤكده كمصلحة عامة من خلال تثيبيت آلياته الفاعلة تحقيقا لصيرورته الطبيعية كقانون عام لا يمكن الطعن في حقيقته. لقد شكل تفوق الغرب نموذجا راسخا للتنمية اوحى بنمطية خارقة مفادها أن مشكل المشكلات عندنا هي في نمط التحديث من خلال إشراك جميع الفاعلين الإقتصاديين والسياسيين، وليس في نمط بعينه هو نمط الإنتاج الرأسمالي الذي في جوهره، من خلال تمدده الكوني، ومن خلال هيمنته على عمليات الإنتاج بشكل هي عوائد فوائد القيمة تعود إلى مركزه، عوضا عن هذا، أوحى أن الممارسة الديموقراطية بالغرب، من خلال تبادل الأدوار عبر صناديق الإقتراع، هي السر في تقدم الشعوب الغربية، لا شك أن هاجس التحول السلمي للسلطة يرمي في كل مراميه إلى هذه الهيمنة الخفية، وهي في نظرنا تحقيقا لأحلام الشيخ هينتينجستون المولع بإنسانية المشاركة الفعالة في تحقيق الصالح العام. هذا بالتحديد ماتلقفته الأحزاب العلمانية المرهونة بالتحديث السياسي حين رفعت مستوى افراد المجتمع العاطلين، إلى مستوى الطبقة الوسطى، الطبقة الثورية حقا في الربيع العربي، بعملية سحر حضارية أصبحت هذه الطبقة التي لم يتنبأ لها ماركس، طبقة ثورية. لكن المشكلة في الأمر أن ماركس تنبأ لها حقا حين تناوله لمسألة التطور التقني، ولا ندري صراحة لماذا هذه الطبقة المعدمة اقتصاديا هي طبقة وسطى رغم أنها تفتقر إلى رأسمال حقيقي يميزها كطبقة وسطى، فهي في تعريف الأدب الرأسمالي نفسه، هي طبقة مثقفة، تمتلك مهارات وتقنيات للبيع، بمعنى أن رأسمالها هو مهاراتها بفضل التعليم الذي هو أصلا وفقا لضرورات التطور، تملك وعيا سياسيا يؤهلها أن تلعب أدوارا مهمة، وهي معطلة وفق نمط معين تستعرض طاقاتها للبيع. أليست بهذه المواصفات، وسيرا على نمط التطور الإقتصادي والتكنولوجي، هي الطبقة العاملة غير الرثة التي تكلم عنها ماركس؟
لن نستسبق المعطيات،إلا إذا أخذنا بعين الإعتبار قوة الصالح العام الذي هو سيادة المنطق الرأسمالي، في حين يؤكد مؤدلجوا الرأسمالية التطور الهائل على مستوى وسائل السيطرة على الطبيعة بما يفرضه الأمر من اكتساب مؤهلات متطورة لتحقيق دينامية الإنتاج، يضعون العامل في زنزانة القرن 19، ساكنا لا يتطور، وبالتحديد يضعونه سجينا لماركس، كأنما ماركس كان عليه بالضرورة أن يكون ابن القرن الواحد والعشرين، لقد تنبأ ماركس بالحدس النيتشي إلى هذه المعطيات، تكلم عن الطبقة العاملة كما عايشها، لكنه بالفعل أثار المشكلات المستقبلية، أثار مسألة تطور الطبقة العاملة وفق تطور العلوم والتكنولوجيا وما إلى ذلك، وإلا ماذا يعني تأقلم التعليم وفق معطيات الإنتاج في العصر الراهن؟ هل يعني الأمر أن نخلق طبقة واعية متوسطة حسب التقييم الرأسمالي؟ هذا عمليا كان حدس الرأسماليين: دعونا نغري هذه المخلوقات بشيء من التقارب الطبقي، طبقة وسطى، وهم طبقي لا غير، أليس هذا هو نفسه الإستلاب الطبقي؟ هل رفاقي الأعزاء الذين درست معهم سنوات معدودة هم الآن طبقة وسطى بسبب ذلك التعليم الذي كنا نمقته أصلا لأنه كان يتنافى وطموحاتنا؟
متى كانت درجات التعليم تستند أصلا إلى تحديد الوضع الطبقي؟
هذه إحدى خاصيات الوهم الإيديولوجي للطبقة الرأسمالية، ان تكون الطبقة المثقفة سياسيا وعلميا طبقة برجوازية متوسطة، والغريب في الأمر، حتى في كتابة بعض الكتاب المحسوبين على الخط الإشتراكي، أن يقر عمليا (بحثيا أقول) بهذه السمة الفضفاضة في الإقرار بأن المعطلون (الحزب الخفي) هم كائنات برجوازية، طبقة وسطى.
تتناسى هذه النظريات وضعا تاريخيا مهما، تجمد الطبقة العاملة في خصوصية المجتمع الذي عايشه ماركس، من حيث هي طبقة حرفية ساكنة تبيع مهاراتها الآنية، تأتي المهارات الجديدة من التعليم وفقا للتطور الهائل، ومعنى هذا أن أصحاب الياقات البيضاء، ليسوا عمالا بقدر ما هم مخلوقات زعفرانية، هم طبقة وسطى، التطور الصناعي يفترض تطورا في المهارات التقنية، هذا بدوره يفترض تعليما تقنيا، وهذا بدوره يفترض نظرا مخالفا: تزيح المكننة والتكنولوجية الجديدة الكثير من العمال السابقين، توفر مردودية هائلة حسب إنتاج القيمة الفائضة،وتطرح خدمات جديدة،، وهذا يعني وضعا مخالفا. بعض إديولوجيو الثقافة الرأسمالية يثير مسألة تقلص العمل بسبب التقنية، وهذا مثير حقا، لقد تحدد وقت العمل في 8 ساعات وهذا أصبح قانونا عاما قرين ب"المصلحة العامة" في فلسفة هينتيجستون، لكن مع ظهور التقنيات الجديدة، كان يتحتم على القانون العام أن يخفض من ساعات العمل، ولأن الأمر لا يخضع لمنطق التوازنات، بقيت ساعات العمل على وضعها رغم التطور الهائل في وسائل السيطرة على الطبيعة (وهذا ما تجهله النقابات الوضعية)، والنتيجة هي وجود مجتمعات تغازل القطط والكلاب في المجتمع الرأسمالي مقابل مجتمع كادح يغازل تراجيديا العيش.
ربيع الثورات العربية، بكل الألم، هو ربيع الفسحة الصيفية ضيقة الأفق، ربيع اخذ على عاتقه جزءا من التحرر هو فقاعة الشرعية السياسية، هو ربيع لأجل برلمان روماني النمط، لم تقفز أوربا خطوة على نمط الديموقراطية في روما عهد الرومان، لكنها لا تتزعزع على أساس نمط التغيير: الهيمنة لسادة الإمبراطورية، وهذا قانون يعرفه جيدا دارسي القانون. وهو أن تدلي جميع التيارات برؤياها، وأن تتفهم لدينا تقنيات الحداثة: أن يقول المرء نعم للحداثة، ويأتي بعد ذلك الطوفان..الاحزاب الشيوعية الحقة ماتت حين مات ماركس. وهذا أصلا مايجعلني اسمي ربيع الثورات العربية بالثورة المغدورة، أقولها ضمنيا مخالفا لتروتسكي الذي سمى الثورة السوفياتية بالثورة المغدورة، لنا أشياء مشتركة لكنها قياسا على الفهم الطبقي، هي أشياء مفارقة.
عذري مازغ



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة وبرلمان الأكباش
- الماركس والعولمة
- عيد الكبش
- العمل النقابي ودور التنسيق
- المغرب والجزائر وذاكرة فقر
- ثوار ليبيا: ثوار أم تتار؟
- حول ثقافة المسخ 2
- حول ثقافة المسخ
- لعنة الذكريات
- ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة
- آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب
- أرض الله ضيقة
- إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
- المغرب وسياسة تدبير الملهاة
- ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
- يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
- 20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
- القديس آمو
- الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم ...
- الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - الثورة المغدورة