أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - في أروقة الحريم العثماني ( 2 )- روكسانة -وترويض النمر العثماني.















المزيد.....

في أروقة الحريم العثماني ( 2 )- روكسانة -وترويض النمر العثماني.


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 23:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولا
. ولد سليمان القانوني في 27 ابريل 1494 م الموافق غرة شعبان سنة 900 هـ . وعاش ثلاثة وسبعين عاما، قضى منها سبعة وأربعين عاما في السلطنة إلى أن مات في السادس من سبتمبر سنة 1566 وهو على رأس جيشه الزاحف إلى بلاد المجر بالقرب من مدينة " بود " أو بودابست . وذلك النمر المقاتل ـ الذي جمع ثقافة قانونية والذي وصلت أملاك الدولة العثمانية في عهده إلى أقصى اتساعها ـ لا يعرف الكثيرون أنه قضى سنواته الأخيرة أسيرا لغرام متأجج أدى إلى عواقب وخيمة على الدولة العثمانية والبيت السلطاني نفسه . وهنا نلتفت إلى " روكسانة " ، الجارية الروسية الحسناء التي استطاعت ترويض النمر العثماني وسيطرت عليه تماما وأخضعته وأخضعت الدولة كلها لرغباتها .
. كان السلطان سليمان القانوني قد جاوز الخمسين من عمره حين وقعت عيناه على الجارية الصغيرة " روكسانة " فأسلم لها قلبه وجوارحه وعقله وحياته ، وكانت قصة غرامه بها أشهر قصة غرام في تاريخ الدولة العثمانية كما يقرر أستاذنا الدكتور عبد العزيز الشناوي مؤرخ الدولة العثمانية .
. فتحت " روكسانة " عينيها تستقبل الحياة فوجدت نفسها ابنة لأحد رجال الدين الروس اسمه " دي روجالينو " ، ثم خطفها تجار الرقيق من القوقاز ، وانتهى بها المطاف لتباع للسلطان " سليمان القانوني " فألحقها بالحريم السلطاني وبدأت فيه حياتها جارية ، إلا أنها لفتت الأنظار إليها بجمالها الفائق والظرف وخفة الروح فأطلق عليها لقب " خورم " وهي كلمة تركية تعني الباسمة ، أو ذات الوجه الباسم . وحين اكتملت أنوثتها وشخصيتها لفتت نظر السلطان سليمان فتدله في هواها وأعتقها وتزوجها وأنجب منها بنين وبنات ، وارتفعت مكانتها في البروتوكول العثماني من جارية إلى " قادين " ، وازداد حب السلطان لها نضارة وقوة مع مرور الأيام ، وجعلها السلطان مستشاره الأول في شئون الدولة ، وآثر أن يحتجب في قصره ليكون بقربها دائما ـ وهو الذي كان لا ينفك عن قيادة الجيوش ـ وكان الانكشارية أو جنود السلطان قد اعتادوا ألا يخرجوا للحرب إلا والسلطان يقودهم، فهو الذي رباهم وهو الذي دربهم ولا يعرفون غيره أبا ووالدا ورئيسا وقائدا وسلطانا ..
. أرادت " روكسانة " أن تتمتع بالنفوذ والقوة إلى نهاية عمرها، وهي تخشى أنها لا تزال في ميعة الصبى والشباب ، والسلطان كهل لا يلبث أن يفارقها ويموت فتفقد سلطانها ويؤول العرش إلى ولي العهد " مصطفى "، وتصبح غريمتها الشركسية أم ولي العهد أم السلطان و المتحكمة دونها في كل شيء ، وتنتقم منها للأيام الخوالي التي تحكمت فيها في السلطان سليمان .
ورأت " روكسانة " أن السبيل الأمثل لضمان المستقبل أن تستثمر نفوذها في الحاضر أكمل استثمار بحيث تضغط على السلطان سليمان ليجعل ابنها هي ولي العهد بدلا من " مصطفى " كبير أبناء السلطان وولي عهده الرسمي .
. بدأت بإفساد علاقة السلطان بزوجته الشركسية أم ولي العهد مصطفى .. افتعلت مشادة كلامية معها بالحديث عن النشأة الأولى لكل منهما ، ولم تتحمل الزوجة الشركسية الساذجة التي قاست كثيرا من الغيرة ، فاندفعت تضرب" روكسانة " بكل ما تحمل لها فى داخلها من حقد.واصطنعت روكسانة الضعف وتركت غريمتها تنهال عليها ضربا ولكما وعضا وتمزيقا للثياب وخدشا للرأس والشعر والوجه. وذهبت الزوجة الشركسية إلى جناحها تحتفل بانتصارها على روكسانة ، بينما خرجت روكسانة من المعركة سعيدة بما تحمل على وجهها وشعرها وجسدها وملابسها من أثار العدوان . واحتجبت عن السلطان على غير عادتها ، وشعر السلطان بالقلق عليها ، وعرف بما حدث ، وأرسل ليستدعيها فاعتذرت وتعللت بالمرض ، وتكرر الاستدعاء السلطاني وتكرر الاعتذار ، وفي النهاية أرسلت إليه رسالة شفاهية تقول أنها غير جديرة بالظهور أمام السلطان لأنها كما قالت خصيمتها الشركسية " لحم يباع ويشترى " !! . وصمم السلطان غاضبا على حضورها ، وعرفت أنها أثارته بما فيه الكفاية فجاءته على استحياء تتحامل على نفسها والأربطة تغطي وجهها وتحمل معها كل أثار العدوان من الخدوش والكدمات والشعر المنكوش .. وانتهى الأمر بخصومة دائمة بين السلطان وزوجته الشركسية .. وتحقق لروكسانة هدفها الأول وهو إقصاء السيدة الأولى أم ولي العهد عن موقعها الرسمي .
. والتفتت روكسانة نحو" مصطفى " ولي العهد فمازالت بالسلطان سليمان حتى نقله من العاصمة ليكون حاكما على " آماسيا " في الأناضول ، وبذلك أبعدته عن القصر العثماني ليخلو لها الجو ولتضمن قطع أي اتصال بينه وبين والدته أو أي نصير له .. وتركت تنفيذ الجزء الثاني من الخطة وهي عزله والتخلص النهائي منه إلى نهاية المطاف .. وآثرت أن تتخلص قبلا من إبراهيم باشا " الصدر الأعظم " ، أو رئيس الوزراء ، وتخلصت منه وتم تعيين أحد أتباعها ( رستم باش ) رئيسا للوزراء .
. وآن الأوان لتنفيذ أخطر جزء من الخطة .. وهو أن يقتل السلطان ابنه ولي العهد " الأمير مصطفى .. المشهور بكفاءته وشعبيته . وهنا احتاجت روكسانة إلى إشعال حرب لا داعي لها بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية الفارسية سنة 1548 ، ويقول بعض المؤرخون أن هذه الحرب قد نشبت بإيعاز من روكسانة التي كانت تتبادل مراسلات مع زوجة الشاه " طماسب الأول الصفوي " واتفقت روكسانة مع الصدر الأعظم رستم باشا على إيغار صدر السلطان سليمان القانوني على ابنه الأمير مصطفى .. واستطاعت روكسانة مع الصدر الأعظم إقناع السلطان بأن ابنه مصطفى يتآمر مع الدولة الصفوية ضد أبيه السلطان ، وعن طريقهما بلغت آذان السلطان شائعات مصنوعة جيدا تقول أن الإنكشارية يرغبون في عزل السلطان بعد أن بلغ من الكبر عتيا وتعيين ولي عهده الأمير مصطفى مكانه في السلطنة .. وانه من الخير للسلطان أن يعتزل لمصلحته ومصلحة الدولة .. وآتت الدعاية السوداء ثمارها ، فاقتنع السلطان سليمان بضرورة التخلص من ابنه .
. وأراد السلطان أن يحصل على فتوى شرعية من شيخ الإسلام تبرر له قتل ابنه ، وقدم له سؤال مصطنع يقول أن هناك تاجرا ثريا في استانبول تحتم عليه تجارته أن يغيب تاركا ثروته وبيته وأولاده في حراسة عبد ، وذلك العبد قد أحسن التاجر تنشئته وائتمنه على أمواله وأولاده .. ثم اكتشف أن ذلك العبد خان الأمانة واختلس الأموال وتآمر مع الأعداء على حياة التاجر وزوجته وأولاده .. فما هي العقوبة الشرعية التي يستحقها ذلك العبد الخائن ؟ وأفتى شيخ الإسلام بأنه يستحق القتل .وتشجع السلطان بهذه الفتوى فاستدعى ابنه مصطفى إليه ، وخشي أصدقاء الأمير من هذه المقابلة ، ولكن الأمير رفض توسلاتهم إليه بعدم السفر لأبيه وقال انه لم يرتكب عملا يغضب والده ، وانه لا يرغب في معصية أبيه بعدم السفر إليه ، وإن أباه إذا قتله فهو والده على أى حال وهو الذي أتى به إلى هذه الحياة !! ودخل مصطفى إلى خيمة أبيه فأعطى السلطان إشارة إلى الجلادين فانقضوا عليه وقتلوه أمام عينيه وكان ذلك في 21 سبتمبر 1553 .. وأحرزت روكسانة ( الجارية الروسية) أكبر انتصار لها على الدولة العثمانية؛ فقد حرمت الدولة العثمانية من سلطان مرتقب هو الأمير مصطفى الذي أجمع معاصروه على أنه كفاءة ممتازة تجدد عظمة أبيه في شبابه .. قبل أن يقع أبوه في غرام روكسانة . كما أن روكسانة لم تر بوادر انهيار الدولة العثمانية من الداخل بتولي ابنها السكير السلطنة باسم السلطان سليم الثاني ( 1566 – 1574 ) .. فقد افتتح هذا السلطان عهدا من السلاطين الماجنين المستهترين .
وذلك بعض ما ارتكبته روكسانة الباسمة في حق الدولة العثمانية .
أخيرا
1 ـ مستبد يضع قدمه فوق رأس الشعب ، وجارية تضع مؤخرتها فوق رأس المستبد ..الجارية سعيدة ، والمستبد سعيد ..أما الشعب فهو فى ضلال بعيد.
2 ـ ثنائية الفرعون والكهنة تتكرر مع كل مستبد . الكاهن سواء كان شيخا للاسلام أو بابا الفاتيكان يجعل الدين الأرضى فى خدمة المستبد ، يعطيه البركة و الفتاوى التى يريدها حتى لو كانت قتل الابن . لا ينفع القضاء على الاستبداد السياسى بدون إبادة الاستبداد الدينى ، كى يظل الدين علاقة خاصة بين الشخص وخالقه بدون تدخل أرضى بشرى.



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طقوس الحريم العثماني
- تأصيل معنى ( كتب ، وكتاب ) فى القرآن الكريم(6/ 1 ) كتاب الأع ...
- تأصيل معنى (كتب وكتاب ) فى القرآن الكريم( 5 ):كتب بمعنى كتاب ...
- (ربيعة بن فروخ ) الأمام المجهول وشيخ الأئمة : تتلمذ على يديه ...
- إسماعيل فى القرآن الكريم
- عمارة بن حمزة : أكثر أهل عصره صلفا وكرما
- ماذا ..لو ؟ ..سؤال وجواب
- رسالة من شاب مسلم ملتزم شاذ جنسيا
- رسالة الى الأحبة ( 28 ): تهنئة بعيد الأضحى لأهلى أهل القرآن ...
- إختلاف معنى بعض الألفاظ القرآنية بل تناقضها حسب السياق
- لا بد من ثورة مصرية أخرى لانقاذ الثورة المصرية الأولى
- السعوديون وجنرالات مبارك ضد الثورة المصرية
- تحليل موقف السعودية من الثورة المصرية : الجذور التاريخية
- ( السّر تحت السّرير) : سرّ مذبحة ماسبيروه .. مع مبارك وتحت س ...
- ( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ...
- ( شريك النخعي ) أجرأ قاض في الخلافة العباسية
- ( كتب،وكتاب ) فى السياق القرآنى :(4) (كتاب ) القرآن و( أهل ا ...
- بيان المركز العالمى للقرآن الكريم إستنكارا لمذبحة الأقباط فى ...
- لا يصح ان ينتهي الحلم الكردي بوقوع الفرد الكردي رقيقا لمستبد ...
- ( كتب،وكتاب ) فى السياق القرآنى:(3)(كتاب ) القرآن مصدق للكتب ...


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - في أروقة الحريم العثماني ( 2 )- روكسانة -وترويض النمر العثماني.