أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أم الزين بنشيخة المسكيني - لم يأكلوا النخالة بعدُ














المزيد.....

لم يأكلوا النخالة بعدُ


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 22:11
المحور: الادب والفن
    


و لا زال الليل طويلا و شهرزاد أتعبتها الحكاية .فلا الثور يرغب في استئناف الحرث في الحقل و لا الحمار أنصفه صاحب البيت .وحده الديك يسيطر على الوضع .أمّا عن العفريت فقد استبله الصيّاد و سمّم كل أسماك البحر مخافة من طغيان الملك على العشب ..حذار من هذه الحكاية قد يُصلب فيها حكيم الرومان و قد تقطع أوصال الحلاّج ثانية و ثانية تقتلع هند كبد البطل ..و كلّ من لمس القصّة بالعين المجرّدة سيعاقبه شهريار خوفا من أن يُفشى سرّه بين ملوك العرب في حكايته المشبوهة مع زوجته القديمة و العبد الأسود ..لكنّ شهرزاد ما جاءت الينا من وراء الكتاب في فستانها الحريري المزركش بالذهب الاّ من أجل هتك الحجاب بين الملوك و العباد .لا خوف عليكم من شهريار الكذب فكلّما حكينا حكايته بالقلم كلّما أسقطناه في قنّينة الحبر و غلّقنا عليه جيّدا أبواب الدهر ..
رشّت على الركح قليلا من العطر..فانتعش شهريار .. واستنفر و صار يحملق فيها بعين ملؤها العشق و أخرى ملؤها الذبح ..أسرعي يا آبنة أمّي فكّكي العرش قليلا و قُصّيه قصّا و أسقطيه بالحرف و اطعني الطغيان برصاص القلم و بسمّ الحبر ..أسقطي العرش سريعا قبل أن تتحوّلي الى نعش ..و بدأت الحكاية من سوق المدينة : " مولايا و سيدي، دعنا من حكايا الفرس و الروم و من لقمان و نعمان و من المارد الأسود الذي خانته القيان ، و هيّا معي الى السوق نشتري فاكهة و لوزا ..ففيه فائدة كبرى لكبار الملوك ..ففي قلبي يوم طويل و طوابير من الجوع و طوابير ..و هذه سوقنا تمتلئ تفّاحا شاميا و سفرجلا عثمانيا و ياسمينا حلبيا و بنفسجا تونسيا و لحما ليبيا و حليبا يمنيا ..لكن ..لا أحد يشتري ..فالفاكهة صارت في مملكتك يامولايا لا تصلح الا للعرض فقط و لا أحد يتجرّأ على الاقتراب منها غير الأحزاب الليبيرالية و مترفي المدينة .أمّا أصحاب الشهرية فاختاروا اللحوم البيضاء و الأعشاب الطبية و الحمية الايكولوجية ..أمّا ذوي الحاجات الخصوصية فالصوم أرحم لهم من شراء التفاح الأحمر و النوم أخفّ ضرر من أكل السمك و الموت أيسر من الاقتراب من مجزرة الحيّ ..أمّا البنفسج التونسي فالحجّ لمن استطاع اليه سبيلا ..و حين تصير طوابير الجائعين عاشبة سرعان ما يغير الخضّار من أسعار العشب احتراما لتكاليف البيئة المهدّدة بالانقراض في المستقبل ..رعاياك يا سيّدي سيموتون جوعا و هذا أخطر على مملكتك من كلّ حكاياتك مع غدر النساء و من تهريج القيان مع عبدك الأسود .."
صاح شهريار غضبا " ويلك من امرأة مهذار ..اصمتي هذا الكلام غير مباح "..اقتربت منه شهرزاد و مسكت بيديه في دلال و قالت "لبّيك سيّدي ..لا خير في ملك بلا رعايا ..و ان ماتت رعيتك من أين سنأتيك بالبنات ؟ اليوم رأيت نفر من الرعية يكتظون على المزابل بحثا عمّا يسدّون به الرمق فهلاّ خفّفت عنهم غلاء المعيشة "..ضحك شهريار "يالك من حمقاء .. فليحمدوا الله على صناديق القُمامة..ألم تعلمي أنّ الملوك كالنمل اذا دخلوا قرية خرّبوها ..كوني جميلة و اصمتي ..أمّا عن رعيّتي ..فهم لم يأكلوا النخالة بعدُ ". لكنّ شهرزاد قالت في نفسها " ياله من ملك أحمق هذا الذي يغطّي عرشه بالحكاية و يلفّ وجهه بجلد عفريت قديم ، ألم يعلم أنّ النخالة صارت أغلى ثمنا من الخبز و أندر من الكبريت الأحمر في زمان صارت فيه قشور القمح أنفع للبدن و للعقل ..و واصلت قائلة بصوت سحريّ :" اعذرني يا سيّدي أنا الآن أشفق عليك من قسوة القصص ، زمانك قد ولّى منذ أن صارت النخالة من علف للبهائم الى عقّار طبّي يُباع في الصيدليات لشفاء الأمعاء المريضة و المعدة العاجزة عن هضم ما طرأ من الأحداث في الزمن.. سوف أهديك كأسا من خليط النخالة و الخمر و أدفنك ثانية بين أوراقي و تحت قلمي .. اليوم أعددتُ لك القصّة كلّها لتذهب بك عميقا في دهاليز الدهر.. آسعد بقصّتك وحيدا ..هكذا يُجازى شهريار كلّما ظهر على ركح الأمم "
و أغلقت شهرزاد الكتاب جيّدا على العفاريت ..وفي القلب قصّة سوف تأتي ، ستكتبها مرّة أخرى الى كلّ من يرغب في العبور الى بلاد يسكنها شعب من الجبّارين حيث يموت المارد في القصة و قبل أن يأتي ..



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنشودة الشمس
- شهرزاد لا تنام
- لا خير في نهار بلا رقص
- من يشتري الصحراء غيرك ؟
- هل تركتم للعصافير قليلا من سماء ؟
- الخوف من الديمقراطية
- نهاية الطاغية
- من أساء الى الذات الإلهية أم من أساء الى الثورة ؟
- شعر الثورة
- الشيوعية ليست إلحادا..
- بحث في التفكيكية
- قراءة جمالية في الشهادة
- مقالة في الجماليات
- أية ذاتية سياسية بعد الثورة ؟
- نص في الثورة
- نص


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أم الزين بنشيخة المسكيني - لم يأكلوا النخالة بعدُ