أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين















المزيد.....

الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 16:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تسعى دول العالم الى النأي بمجتمعاتها عن الانقسام وعوامل التفكك، ولجم مظاهر العنف المسلح والاحتراب، ويجري ذلك الأمر بعدة طرق يقف في طليعتها تحقيق العدالة الاجتماعية، وإعطاء كل ذي حق حقه، والسعي لخفض معدلات الفقر، تمهيدا للقضاء عليه نهائيا، ولقد كان تطبيق العدالة غير متحقق حتى ستينات و سبعينات أو حتى ثمانينات القرن الماضي، فلقد كان التمييز العنصري على سبيل المثال موجودا في أمريكا، وكذلك ان الفقر ومعاناة الناس كان شائعا في أمريكا وأوروبا، ما أدى الى الاضطرابات الاجتماعية، وانتشار مظاهر الحركات المسلحة، التي طغى الطابع اليساري على معظمها.
ولقد أدركت حكومات تلك البلدان ان السير في ذلك الطريق يدمر دولها، لذا سارعت الى معالجة الأمور قبل ان تستفحل ويعم الخراب، الذي كان متحققا بالفعل قبل الإجراءات الجذرية التي اتخذتها للعلاج، ولقد أحدثت تلك البلدان في كثير من مرافق الحياة تلاقحاً من نوع ما بين الأفكار الاشتراكية الداعية الى العدالة وبين النظام الرأسمالي، فتطورت أمور الناس بالقضاء على مظاهر الفساد وسرقة الثروات، وجرى توجيه كل شيء ليتواءم وتوفير ضمانات العيش لمواطني تلك البلدان حتى من العاطلين، اذ تحققت لهم ضمانات الحياة وبضمنها الرواتب الشهرية، واختفت في مدة قصيرة مظاهر التمييز العنصري ليصل الأمر الى أن يصوت البيض في امريكا الى رجل اسود ليكون رئيسا للبلاد، كما انتفت أيضا اسباب العنف المسلح واختفت معظم الحركات التي كانت تقوم بأعمال عسكرية دفاعا عن المضطهدين والمحرومين، كما كانت تقول في برامجها بعد ان زالت عوامل ومظاهر الاضطهاد او تكاد.
ما جعلنا نعود الى تذكر تلك الأمثولة التاريخية هو الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن عمليات واسعة تجري للاستيلاء على الأملاك العامة في العراق لا سيما في العاصمة بغداد وتسجيلها بأسماء مسؤولين في الأحزاب الحاكمة في الوقت الذي تظل أعداد هائلة من العراقيين تتكدس في بيوت صغيرة تضم عدة عائلات كبيرة، وفي الوقت الذي يحرم المواطنون من أي أمل بسكن مستقل حتى لو كان متواضعا كما يحرم ملايين الفقراء من أي أمل بحياة لائقة، بل يفقدون حتى الأمل بالحياة.
من تلك الأخبار التي تسربت لوسائل الأعلام، ان مصدرا مطلعا في رئاسة الجمهورية وصف منح أراض ٍ سكنية لموظفين من الدرجة الأولى في الرئاسات الثلاث انه "قطرة في بحر" التلاعب بأملاك وعقارات الدولة، ويؤكد ان تلك الأراضي " منحت تحت مسميات دينية او تحت تأثير ساسة كبار وكل ما يتعلق بهذه الملفات نقل الى مكتب المالكي".
و ويشير المراقبون الى ان المفارقة المؤلمة هنا تكمن في ان قرار منح اراض سكنية للوزراء والمدراء العامين وأصحاب الدرجات الخاصة وبقية موظفي الرئاسات الثلاث (القانون رقم 21) صدر في عام 2004 واستغل الأمر للاستيلاء على ممتلكات وعقارات الدولة في جميع الحكومات، و الدورات البرلمانية، التي أعقبت ذلك القرار، إذ جرى التسابق على نهب الأراضي ومنحها لأشخاص متنفذين في أحزاب حاكمة، كما جرى الاستيلاء على المؤسسات بمنحها أسماء دينية، و لقد استفاد هؤلاء من القانون المذكور وطبقوه على الفور بما يحلو لهم، فاختاروا أماكن في أجمل مناطق بغداد موقعا ليحوزوها لأنفسهم ولم يكتفوا بذلك بل ان بعضهم امتلك اكثر من مكان وباع بعضها بأسعار خيالية ما يعني انه ليست به حاجة للسكن، وقد اعلنت هيئة النزاهة في ايلول الماضي عن إلقاء القبض على شبكة متخصصة بنقل ملكية عقارات أركان النظام السابق وعقارات الدولة إلى كبار المسؤولين في الدولة عن طريق التزوير، أي انهم مالكون وهميون لتلك الاراضي والاملاك وكان ينبغي بدلا من ذلك تولي الدولة الإشراف على تلك الاملاك ومنع التصرف بها لحين حسم امر ملكيتها.
يحدث ذلك برغم ان اولئك المسؤولين لم يقدموا شيئا لإرضاء المواطن فظلت القوانين المقترحة والمتعلقة بمعيشته حبرا على ورق وجرى تأجيل المئات منها الى الدورات الانتخابية المقبلة، بل ازداد الفقر تفشيا وكثرت اعداد العاطلين ولم يتوصل المسؤولون الى حل جذري لتخليص الشوارع والمناطق السكنية من النفايات و طفق وضع الكهرباء يتحول من سيء الى اسوأ وظلت المشاريع المهمة والضرورية مؤجلة الى اشعار آخر.
ويكون الحديث عما يجري من نهب هو بمنزلة الجرائم بحق المواطن، مريرا حين تكون القرائن واضحة، ويمكن إعادة استذكار بعض القضايا التي لم نعرف طبيعة الإجراءات التي اتخذت للتحقيق فيها او معالجتها، ونعيد استذكارها لأن الفساد لم يزل جارياً على قدم وساق في مفاصل الدولة والحكومة العراقية، فلقد سبق لمصدر في وزارة الداخلية ان كشف نهاية عام 2007 عن ان الوزارة اكتشفت اكثر من 62 الف وظيفة وهمية تعمل تحت مظلة قوات حماية المنشآت، اذ قال المصدر حينها " ان هيئة مختصة بالوزارة قامت بتسلم ملفات عناصر حماية المنشآت البالغ عددهم 160 الفا وبعد تدقيق الملفات تبين ان العدد لا يتجاوز 98 الفا وان بقية الاسماء هي لوظائف وهمية جرى اتخاذ الاجراءات القانونية بحقها"، ولم يعرف المواطن لحد الآن ما طبيعة الإجراءات التي اتخذت؟، وهل جرى ايقاف صرف الرواتب والتصرف بها وإحالة الموضوع الى القضاء؟، كما ان هيئة النزاهة قالت في تلك المدة أيضا انها كشفت عن 17 ألف اسم وهمي يتسلمون رواتب شهرية من مؤسسات الدولة، وأعلنت الهيئة عن فقدان ملفات تتعلق بالفساد.
يجري كل ذلك في الوقت الذي توجه الحكومة ممثلة بوزاراتها الصفعة تلو الصفعة الى المواطن الذي يقف عاجزا عن التصرف إزاء الإصرار على اهانة كرامته و على جعله يرسف في ظلام دامس لن يجد فكاكا منه، فلقد تراجعت وزارة الكهرباء قبل أيام عن تصريحاتها السابقة التي قالت فيها انها ستوفر الكهرباء في عام 2013 وتوقعت امتداد الأزمة لغاية عام 2020 ، وقال وكيل وزارة الكهرباء يوم الخميس الماضي أن "أزمة الكهرباء ستنتهي عام 2020". ولقد سبق للمسؤولين ان حددوا مواعيد متعددة لانتهاء المشكلة ومنها تصريحات للحاكم المؤقت بول بريمر الذي قال ان المشكلة تنتهي في 2009 ولم تنتهِ، و قال رئيس الوزراء نوري المالكي انها تنتهي في الشتاء الحالي ولم يتحقق ذلك الوعد، ويأتي تصريح وزارة الكهرباء الجديد لينفي تصريحات الوزير الجديد بان مشكلة الكهرباء تنتهي في عام 2013.
ان قضية الاستيلاء على الأملاك العامة والأموال باستغلال المنصب او التزوير تؤدي بالضرورة الى تفاقم التذمر الشعبي و تنامي إحساس المواطن باهانة كرامته سيما ان ذلك يترافق مع حرمانه الفعلي من السكن ومن متطلبات الحياة اللائقة في ظل وضع يشهد فشلا حكوميا شاملا في ادارة الخدمات وانجاز مشاريع الاعمار والبنى التحتية ما ينبئ بكوارث محدقة.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يسترد فقراء العراق أموالهم المسروقة؟!
- الزحف الحكومي لاحتلال بغداد
- حقيقة أسعار شقق بسماية!
- رفقاً بالطلبة!
- مهنة متاعب .. أم مهنة سرقات؟!
- الكهرباء لعبة سياسية متقنة
- هل تحققت الديمقراطية في العراق؟
- نهاية عقيد
- مُتنفس النواب للفرار بالغنيمة
- تنمية الشعور بالمواطنة
- ثلاث صفقات تجارية فاسدة في عشرة ايام!
- آلية غير منصفة لتنفيذ القرارات
- سلف المالية وعود من دون إجراءات
- الكهرباء في قبضة الاحتيال
- (الفاو) و (مبارك) في خضم سباق المصالح
- لنغتنم فرص الارتقاء بالبلد
- التسويف في ترشيق الوزارات
- نزاهة الزعيم
- الحلقات المفرغة للوضع العراقي
- من ينصف الأرامل في يومهن؟!


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين