أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راجحة عبود - سورية .ثورة الى اين تتجه؟















المزيد.....


سورية .ثورة الى اين تتجه؟


راجحة عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3551 - 2011 / 11 / 19 - 23:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة.راجحة عبود
منذ أن اندلعت شرارة الربيع العربي الساخن في تونس قبل بضعة اشهر وتتالت الاحتجاجات في معظم أرجاء العالم العربي والحكام العرب يعيشون ساعات من الرعب الحقيقي على مصائرهم فسقط البعض منهم كريشة في مهب الريح ك زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر ومعمر ألقذافي في ليبيا الذي واجه مصيرا لم يكن يتوقعه، ويترنح البعض قبل سقوطه كعلي عبد الله صالح في اليمن الذي نجى من محاوله اغتيال بأعجوبة وهو يخشى ويرتعب من المصير الذي آل إليه قبل الجميع المقبور صدام حسين وهناك دولا أخرى مرشحه للغرق كدول المغرب العربي الجزائر والمغرب وكذالك بعض دول منطقه الخليج كالبحرين وعمان وأخيرا سوريا التي لها شان أخر فهي ليست كباقي الدول لها خصوصية كخصوصية العراق الذي لم يتهاوى نظامه إلا بفعل تدخل عسكري أجنبي ضخم تمكن من الإطاحة به ولولا ذلك لحدثت جرائم ومذابح كان سيندى لها جبين البشرية عارا ورغم ذالك غرق العراق في مستنقع الاقتتال الطائفي والعرقي واجتاحته موجة من العنف الدموي لم يسبق لها مثيل وراح ضحيتها الآلاف من أبناء العراق الأبرياء خاصة من الأقليات الدينية والمذهبية وهيمنت عليه أزمة المحاصصه الطائفية والفساد وانعدام الأمن , ويبدوا إن هذا السيناريو هو بالضبط ما تنتظره سوريا إذا لم تدعى الأطراف المتحاربة إلى صوت الحكمة لتبحث عن حل امن وسلمي للتغيير دون الحاجة إلى هدم كل شيء وتدمير المؤسسات القائمة كما حصل في العراق الذي وجد نفسه مرغما أن يبدأ من الصفر ليعيد بناء نفسه من جديد ويبدوا الموضوع بلا أمل لحد ألان.
وعودة إلى الثورة السورية ففي أيار الماضي نشرت مجلة نوفيل اوبسرفاتور الفرنسية في عددها المرقم 2428الصادر بين 1و25 أيار 2011 تحقيقا عن الثورة السورية تحت عنوان فيديوهات الحرية جاء فيه :
للمرة الأولى على هذا المستوى ينظم نشطاء الظل أنفسهم عبر العالم بغية نشر الصور الملتقطة سرا للتظاهرات وإعمال القمع الدموي التي تدمي البلد وهم ينتشرون بين بيروت وستوكهولم وباريس حيث يستخدمون التكنولوجيا المتطورة لكسر حاجز الصمت بحسب تعبير كاتب المقال فنسان جوفير Vincent Jauvert الذي كتب يقول .
حدد لي الرجل في بداية أيار في ستوكهولم موعدا في المحطة المركزية وهو مكان عام لدواعي أمنية وللمزيد من الحيطة والحذر بالرغم من حماية البوليس السويدي له عن بعد لمنع رجال الأسد من التحرك نحوه . وصل الرجل وكان شابا طويلا وممتلئ وكان ملتحياً ويضع نظارات طبية على عينية ويحمل جهاز تلفون أيفون، يدعى فداء السيد، وهو مسلم متدين ومن المهووسين بتكنولوجيا المعلومات ومن ثوريي العالم العربي اليوم ويدير من ستوكهولم موقع الانتفاضة السورية على الانترنت وقال لي .-هددتني المخابرات السورية عدة مرات حتى هنا في السويد ويطاردونني لاني اعمل على إخراج صور وأفلام الفيديو عن الثورة في سوريا وأبثها من خلال كل القنوات في العالم .فكيف يقوم بذالك ؟يجيب . لا أستطيع أن اذكر لك كل شيء لان ذالك سيعرض حياة الكثيرين للخطر في سوريا هناك من يموت من اجل يوتوبYouTube والجزيرة ,ففي كل يوم يتطوع مئات من النشطاء المجهولين ويعرضون حياتهم وحياة المقربين منهم للخطر من اجل تصوير التظاهرات الاحتجاجية وما تتعرض له من عمليات قمع . ومن ثم نقل تلك الصور والأفلام إلى خارج البلد فنجاح الثورة مرهون لهذا الثمن , لقد استفاد نظام الأسد من درس مصر وتونس ومنع تواجد التلفزيونات الأجنبية والقنوات الناطقة بالعربية من العمل في سوريا وبالذات قناة الجزيرة فهو يعرف أهمية الدور الذي لعبته في تونس والقاهرة لتأليب المتظاهرين ففي المدن المتمردة تقطع السلطات الكهرباء والهواتف الجوالة والمحمولة وتغلق شبكة الانترنت وتطارد المخابرات المصورين الهواة ومنشطي الصفحات المدونين أصحاب المدونات ويضعونهم في السجون ويعذبونهم ويقتلونهم ويفعل النظام ما بوسعه لمنع خروج أية صورة عن الانتفاضة وللالتفاف على هذه الرقابة الصارمة نظم المنفيون السوريون أنفسهم في شبكة سرية خارج وداخل البلاد ومنهم فداء السيد من اجل القيام بنقل وبث الصور كما كان يفعل راديو لندن إبان الاحتلال النازي والحرب العالمية الثانية حيث هم محاطون بنفس المخاطر الرهيبة فمصير من يمسك الموت المؤكد, وبدون نشطاء الظل هؤلاء وتفانيهم وشجاعتهم وتناوبهم على المهمات في الميدان لا يمكن للانتفاضة أن تستمر، لكانت دارت الثورة الشعبية داخل حلقة مغلقة في بضعة ساعات ومن ثم تتعرض للسحق كما حدث لسابقتها ثورة حماه سنة 1982حيث لم تظهر صورة واحدة تشهد على ذبح 200000 شخص ومن البديهي القول اليوم إن أجهزة الهواتف الذكيةsmartphones وأجهزة المودمModems المرتبطة مباشرة بالستلايت الأقمار الصناعية تقوم بدور الكلاشنكوف والصواريخ لدى التمردات المسلحة ولكن هذه المرة بصورة الصراع اللاعنفي فهي أدوات إستراتيجية , لنستمع إلى رامي نخلة احد اشهر المدونين السوريين الذي هرب من بلده في يناير الماضي واستقر ليعيش منفيا في بيروت وفي البيت الذي يسكنه في الاشرفية الحي المسيحي في بيروت شرح لنا الحاجة الماسة للصور يقول هذا الناشط ذو ال28 عاما : في دكتاتورية كتلك الموجودة في سوريا لا يمكن لثورة سلمية أن تنجح إلا إذا انتشرت المعلومة إذ يجب أن يعرف الناس أن في كل مكان من البلد هناك أناس يفكرون مثلهم ويتظاهرون ضد السلطة وهكذا انهار جدار الخوف وهو الحليف الأساسي للديكتاتوريات وينهار معه النظام , ولأجل إقناع الآخرين يجب أن يمتلك المتمردون الثوار أدوات التصوير وأدوات البث والنقل المباشر القوية والمؤمنة والمضمونة ,
كان اسأمه منجد من أوائل من نظم إدخال معدات وأجهزة الاتصالات سرا وهربها إلى سوريا وتعتبر تجربته المهنية أحد أسباب تحركه لحدوث الحركة فهو ناشط سوري يبلغ من العمر 31 عاما ويعيش في لندن منذ عام 2005 وكان قد درس تكنيك النضال السلمي على يد معلم الطريقة الأمريكي جين شاربGene Sharp وكان موضوع بحثه للماجستير) التكنولوجيا الجديدة والثورات اللاعنفية(وفي الأشهر التي سبقت الانتفاضة كان مع غيره قد شارك في حلقات دراسية حول هذا الموضوع نظمت لبضعة عشرات من السوريين من داخل سوريا وقد نظمت سرا داخل بلدان لايحتاج السوريين تأشيرات لدخولها وزيارتها مثل تركيا والأردن وقد أسهم عدد من المتدربين القادمين من الداخل في نهاية الدورات التدريبية في أن ادخلوا مبكرا عدداً كبيراً من المعدات والأجهزة الحديثة لهذا الغرض قبل تفجر الاحتجاجات ويقول أسامة منجد بهذا الصدد : قمنا أنا وأصدقائي بتمرير مودم يتصل مباشرة بالأقمار الصناعية وأجهزة هواتف جوال ومحمولة متطورة جدا ومزودة بكاميرات حساسة وأجهزة حاسوب محمولة ومبرمجة مسبقا منذ شهر شباط الماضي وبعد سقوط بن علي في تونس شعرنا بان السوريين سوف يتحركون بدورهم , وكنا نعرف إن الأسد سوف يمنع القنوات الفضائية الأجنبية وسوف يقطع الاتصالات الهاتفية الجوالة والانترنت وتعين علينا منع الإغلاق المبرمج والتحايل عليه . ويؤكد أسامة منجد إن المجموعة التي ينتمي إليها وهي شام نيوز حيث يوجد مقر الانترنت والمواقع التابعة لها في الولايات المتحدة الأمريكية قد افتتحت في نهاية شباط الماضي أي ثلاثة أسابيع قبل بداية الثورة وقد عملت المجموعة على تسريب وتهريب بضعة مئات من الأجهزة إلى داخل سوريا وتؤكد إن تمويلها جاء من قبل رجال الإعمال الذين يقيمون بالمهجر وليس من وزارة الخارجية الأمريكية كما ينوه البعض.ومن ثم قامت شركات سرية بتهريبها عبر المطارات البعيدة في المحافظات النائية أو عبر الحدود الأردنية واللبنانية والتركية ولم يكن الأمر صعبا أو معقدا حسب تصريحه. وكان رامي نخلة قد صرح أيضا انه من المعجبين بالمنظر الأمريكي للنضال اللاعنفي جين شارب والتقى مع فريق الانترنت خلال حملة اوباما الانتخابية في شباط 2010 ونشر على مدونته الكتاب الذي ألفه الزعيم الروحي لحركة النضال اللاعنفي الذي يستخدم كدليل عمل للعديد من الناشطين السوريين في الداخل بعد سحبه وطبعة من هذه المدونة ويذكر إن صفحة الثورة السورية على الفيس بوك تضم 175000 عضو نصفه من داخل سوريا وحتى الموقع الرئيس لحركة الاحتجاج من يديرها ثلاثون متطوعا في ستوكهولم وبروكسل وغيرها من المدن في العالم لاسيما دول الجوار وبشكل يومي بالتعاون مع نشطاء من داخل سوريا وهم الذين يحددون مسبقا الشعارات التي تردد في التظاهرات ويشرف عليها فداء السيد وهو الذي أطلق نداء التمرد في 15 آذار الماضي حيث إن والده قيادي كبير في حركة الإخوان المسلمين وهو كذالك من الإخوان المسلمين اللاجئين في السويد وفي منتصف شهر نيسان التقى في القاهرة مع زميله المصري المشهور وائل غنيم بغية التنسيق والاستفادة من خبراته .
وعلى غرار أسامة منجد قام عدد كبير من أللاجئين والمهاجرين السوريين في مختلف أنحاء العالم بتنظيم أنفسهم في شبكات خاصة بهم وعدد كبير منهم قام هو أيضا بتسريب وتهريب أجهزه ومعدات اتصال إلى داخل سوريا وبالأخص مودم الاتصال المباشر بالستلايت من طراز انمارسات وهو الأغلى من بين الأجهزة والمعروف عنه صعوبة التحقق من مكانه ومن الرياض في السعودية تكفل الناشط والمتخصص بالإعلانات فراس اتاسي بتمرد مدينة حمص الواقعة غرب الحدود اللبنانية حيث تشتهر عائلته هناك وفي منطقة سلف سيرنغSilver Springs في الولايات المتحدة الأمريكية يضع عمار عبد الحميد احد أبناء العائلة حيث أن والدته ممثلة ووالدة مخرج وهو يتكفل بمدينة دمشق حيث يوجد لديه العديد من الأصدقاء .وهناك من أمثاله نشطاء التكنولوجيا الدولية ألمتقدمة , الكثيرون في تركيا ولبنان والكويت استراليا وهناك عمليات تنسيق بين مختلف المجموعات والبعض يعمل بصورة انفرادية وفي فرنسا أيضا هناك من يرأس شبكة من ناشطي الانترنت وهو عمرو طالب الحقوق ذو ال29 عاما يعيش في شقة من غرفتين يتقاسم أجرتها مع شخص آخر وتقع
في احد ضواحي غرب باريس وهو ينشط حتى تتحقق الديمقراطية والحرية في بلده أخيرا على حد تعبيره. ويفضل البقاء مجهول الهوية ويعمل بالسر لان أهله وأقارب مازالوا يعيشون في دمشق.ووالدته رفضت التحدث معه عبر الهاتف لخوفها وخشيتها، وهي محقه كما يقول. وهو على اتصال دائم مع فداء السيد في ستوكهولم واحد أهم المزودين لفداء بالفيديو عن الاحتجاجات والتظاهرات . ينظم من جانبه عمليات البث المباشر للأفلام عبر الجزيرة و ليس فقط على الانترنت حيث تصله من الداخل صور وأفلام من عدة مدن متمردة ومعروفة وهو يعمل تقني فني. بالتعاون مع ثلاث أصدقاء لاجئين مثله في فرنسا ويبدو كأنه يقوم بتحضير عرض مدهشا.
في 29 نيسان وكان يوم جمعه حيث تبدأ بعد الصلاة المظاهرات في سوريا كانت جمعة الغضب ابتدأ من الساعة الواحدة ظهرا كانت صالة الجلوس في بيت عمرو الذي يستخدم في الليل كأستوديو تسجيل ومزج الأصوات , مليئة بالحواسيب وأجهزة الهواتف الذكية أيفون ومطفأة السكائر مليئة بالإعقاب ويتطاير منها الدخان وكان الطالب عمرو قلقا وينتظر أخبارا من وسطاء والمنسقين معه من النشطاء في بانياس احد أهم المدن المتمردة وكان قد سلمهم أجهزة هواتف ذكية وكاميرات وأجهزة مودم مرتبطة مباشرة بالأقمار الصناعية قدمها هدية احد أطباء المهجر السوريين من الميسورين والأغنياء كما يقول عمرو : أمضيت الليل وانأ اشرح لأحد شبابنا هناك كيف يقوم بتنصيب البامبوزرBambuser وهو برنامج حاسوبي يشبه المعجزة الذي يسمح بالبث المباشر عبر التلفون مباشرة وينقل الصور والأفلام التي يصورها التلفون الذكي وبنوعية ممتازة . وكان هذا البرنامج قد اعد أساسا كأداة للتسلية وهو يفيد تشاطر لحظات جميلة وحميمة بين الأصدقاء والمقربين بواسطة الإرسال المباشر أينما كانوا وكان النشطاء التونسيون أول من استعمله لأغراض أخرى ونقلوا بواسطته أحداث ثورتهم بالبث المباشر لكل أنحاء العالم . جاء نداء هاتفي من بانياس عبر السكايب "لقد تم الأمر ونحن جاهزون "صعد أسامة إلى سطح البناية وبدأت المظاهرة وبدا يصور . اتصل عمر من باريس بالدوحة في قطر حيث مقر قناة الجزيرة والإجابة جاهز هناك وبالانتظار وقال لمحدثه في الجزيرة نحن جاهزون وصلت الصور للجماهير المحتشدة إلى حاسوبه وبعد ثلاث ثوان ظهرت نفس الصور والأفلام على شاشة تلفزيون الجزيرة واكتشف ملايين المشاهدين لهذه القناة مباشرة وبالبث الحي ما يحدث في بانياس في جمعة الغضب عبر برنامج بامبوزرBambuser وغرفتين متواضعتين في إحدى ضواحي باريس .
في بداية الانتفاضة السورية كانت قناة الجزيرة مترددة )وكانت تشكك بصحة الأفلام وترفض البث المباشر من سوريا( كما يقول فداء السيد في ستوكهولم في السويد ولقد فهم النشطاء المحركون للأحداث في سوريا إن قناة الجزيرة التي وقفت بقوة وبكل ثقلها إلى جانب المعارضين للقذافي والمعارضين لبن على ومبارك . تريد إن تعرض عن بشار الأسد وتجنبه سهام نقدها المباشر حيث كان للزعيم السوري علاقات طيبة مع أمير قطر ودولة قطر ولكن لهجة القناة تغيرت في منتصف نيسان بشكل راديكالي ولا احد يعرف الأسباب ربما بأمر من أمير البلاد .على أية حال تم إغلاق مكاتب الجزيرة في دمشق وباقي أنحاء سوريا واعتقلت إحدى مراسلات القناة الناطقة بالانجليزية وهي الصحافية دورني بحافز ورحلت سرا إلى إيران .اليوم الجزيرة تحارب النظام السوري إلى جانب المعارضين بالتعاون مع شبكات المنظمين والمعارضين في الخارج من اجل الحصول على أفضل الصور والأفلام عن المتظاهرين والتظاهرات خاصة بالقناة.
في 22 نيسان ذهب فداء السيد إلى الدوحة قادما من السويد لمقابلة رؤساء القناة. حيث كانت رحلة سرية ليضلل المخابرات فغير الفندق الذي ينزل فيه من باب الحيطة والحذر.وقد استقبلوه داخل قناة الجزيرة بحفاوة وقالوا له ألان لديكم قناة مفتوحة وتحت تصرفكم أملين أن تخصها بالأفلام الأقوى وألا تسلمها لمنافسيهم كقناة العربية وألبي بي سي العربية . ألان فداء السيد رفض التعهد بعدم بث الأشرطة والأفلام في قنوات أخرى وقد نصحه رؤساء الجزيرة من اجل تسويق قضيته بشكل أفضل أن يركز التصوير على الأطفال والنساء والتشديد على الشعارات السلمية وطلب فداء من الجزيرة إن تحترم تعليمات الحفاظ على هوية وامن الأشخاص ومحو كل ما يقود إلى التعرف إليهم قاصداً المصورين خشية أن ترصدهم أجهزة المخابرات السورية بفضل صورة واحدة يمكن أن تدل عليهم . الكابوس المهيمن على الجميع هو الوقوع بين يدي جلادي الأسد.
ونحن في شقة عمرو في ضاحية باريس الغربية وصلت صورا أخرى على السكايب فيبادر فورا قائلا يجب أن يتوقف لأنه صار يصور وقتا طويلا ويجب أن يأخذ مكانه ناشط أخر فأنهم يعرفون و متأكدون انه بعد ثلاثين دقيقة يمكن لقوى الأمن والمخابرات تحديد مكان من يستخدم برنامج البامبوزر للبث المباشر دون الحاجة بالمرور عبر شبكة الانترنت الوطنية لذالك يجب وقف الإرسال ومنذ بداية التمرد اخذ عمرو جميع أشكال الحيطة على الشبكة فقد توقف عن إرسال هواتف الثريا لان من السهل التصنت عليها والتقاط إشاراتها ويفضل عليها أجهزة الايرديوم الأغلى ولكنها الأكثر أمانا . ولوضع أفلام وصور على موقع يوتوب ينصح وسطائه والمتعاونين معه استخدام برنامج مؤمن يسمى يوستاندت إذ مع هذا البرنامج لا يوجد اثر على حاسوب الشخص الذي يستعمله لو تم توقيفه ولا يجد عناصر المخابرات ما يثبت تورطه على قدر تأكيده.
يشن رجال النظام حملة شعواء وبلا هوادة ضد هؤلاء المصورين مجهولين الهوية فهناك منظمتين أمنيتين للدولة و60000عنصر مكلفين لمطاردتهم والبحث عنهم وتعقبهم .
والنشطاء المتمرسون منذ أمد طويل يعرفون كيف يتحايلون ويتفادون الوقوع في الفخ فهم مدربون جيدا لذالك . ففي السنوات القليلة المنصرمة تابع بعض النشطاء في مجال الشبكة العنكبوتية دورات تدريبية عن حماية المعلوماتية في الخارج وقامت العديد من المؤسسات الغربية بتنظيم دورات دراسة سمينسترات لهم سرا في الدول المجاورة لسورية ففي الأردن تكفلت المنظمة الايرلندية للمساعدات الإنسانية المسماة فزتالين بإقامة لهؤلاء المتدربين دورات بكيفية محو المعطيات الحاسوبية عن بعد وكيف يتبادلون سرا الرسائل الالكترونية بدون اثر وخزن الملفات الحساسة خاصة الفيديو والأفلام خارج أجهزتهم على مواقع خارجية مخصصة لهم . كان الناشط رامي نخلة المقيم في بيروت قد حضر بنفسه إحدى الدورات التدريبية من هذا النوع في الولايات المتحدة الأمريكية في شباط 2010.
يبدو إن هؤلاء الناشطون ليسوا كلهم متمرسون فاغلب المصورين الهواة حديثين عهد ومنذ فترة قصيرة فلم يكن لهم الوقت لتعلم التقنيات لذالك تم رصد الكثير منهم بسهولة من قبل المخابرات السورية وعددهم كبير : ولا أستطيع أن أحصي لك عدد المتصلين من النشطاء الذين يقبعون في السجون كما يؤكد احد المسئولين عن إحدى الشبكات . البعض يعرض نفسه لمخاطر كبيرة عن معرفة مسبقة بالخطورة ,وصف لنا احد النشطاء على الشبكة عندما تم تطويق كل شيء في درعا وقطعت الكهرباء والانترنت ولم يبق تلفون فضائي يعمل بصورة طبيعية حاول احد الشباب المستحيل فقاموا بشحن هواتفهم العادية بمولدات الكهرباء وصورا عمليات القمع للمتظاهرين ومن ثم هربوها سرا في ألليل من المدينة عبر الحقول ليصلوا إلى قرى مجاورة ويسلموا أجهزتهم لأناس على اتصال وتنسيق معهم قدموا من الأردن من اقرب نقطة ولذلك وفي أسوا الظروف وصلت صور وأفلام من المدينة المستباحة الشهيدة وخرجت من البلاد .
ومن اجل التصدي لمثل هذه الإعمال الجريئة لجا النظام إلى أحقر الوسائل فإما يقتلهم بعد القبض عليهم أو يقوم بتعذيب هؤلاء النشطاء ويحاول قلبهم لصالحه واستخدامهم كعناصر اختراق أي جواسيس له لكشف الآخرين , وأحيانا يستخدم وسائل أكثر عجالة وفعالية كما يقول عمرو من خلال هذه القصة . في بداية أيار مايو في احد القرى القريبة من درعا صور احد النشطاء ميليشيا الأسد هي تضرب احد المتظاهرين حتى الموت , وعندما شاهدت السلطات الفلم على الجزيرة أمرت الجيش بتطويق المنطقة ومحاصرتها وأطلقوا إنذارا للسكان أما أن يسلموا المصور الناشط وأما اقتحام المدينة ففضل سكان القرية الحل الثاني ودخلت قوات الجيش بقوة للقرية واقتحمتها .
وقد طورت المخابرات أساليبها وتقنياتها في رصد وتعقب المصورين مستفيدة من الدعم التكنولوجي الذي قدمته لها زميلتها المخابرات الإيرانية التي سحقت )الثورة الخضراء( سنة 2009 فقد صاروا يعرفون بعض من يحملون الهواتف الفضائية وذالك )بنفخ أو توسيع مرسلات GSM ولذالك يلتقطون إشارات تلك الأجهزة والهواتف المتصلة مباشرة بالستلايت وبذالك يكشفون عن إحداثيات ومواقع الاتصال جغرافيا وقد وقع احد شبابنا بأيديهم بهذه الطريقة ووضع في السجن. كما يقول فداء السيد في ستوكهولم) واكتشفنا السر والثغرة لمعالجة ذالك فأجهزة النظام لا يمكنها سوى كشف الهواتف التي تتصل أوتوماتيكيا بالشبكة فطلبنا من شبابنا اللجؤ إلى الطريقة اليدوية والتوقف عن الاتصال الآلي(, وهذه المعركة بالصور والرسائل التكنولوجية المتاحة وإعمال منذ اشهر حيث بدا كل شيء في 15 آذار عندما نزل حوالي 30 شخصا إلى سوق دمشق القديم قرب الجامع الأموي وهتفوا ) ياسوريين انهضوا( وصوروا تظاهرتهم الصغيرة وتم اعتقالهم جميعا ولم يخرجوا من السجن أبدا ودار الفيلم قبلهم حول العالم حيث كانت الشرارة التي أطلقت الانتفاضة وسوف تنجح عندما يتمكن الشباب من احتلال إحدى ساحات دمشق الكبرى ويصور المشهد بالبث المباشر على الجزيرة كما يحلم رامي نخلة ويشاطره المجهولين الذين يحلمون مثله هذه الأمنية.



#راجحة_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصل سقوط الدكتاتور
- بين حكم المرجعية و وعي المواطن
- بعيداً عن المنافسة الشريفة.. قريبا ًمن الترهيب


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راجحة عبود - سورية .ثورة الى اين تتجه؟