أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 2/2















المزيد.....

الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 2/2


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3551 - 2011 / 11 / 19 - 21:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



محاضرة ألقيت مساء يوم الجمعة 16/09/2011 في مدينة يوتبوري (ڠوتبورڠ) Göteborg السويدية بدعوة من البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية. جرت عليها لاحقا بعض الإضافات. ثم ألقيت كمحاضرة بمضامين متقاربة ظهر يوم الخميس 17/11/2011 في بغداد، في ملتقى الخميس الإبداعي في قاعة الجواهري في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. .
العلمانية في ميادينها المختلفة
وكما نتحدث عن العلمانية السياسية، وكذلك العلمانية الاجتماعية، فهناك علمانية في كل ميدان من ميادين الحياة، حيث يمكن الكلام عن العلمانية العلمية، والعلمانية الفنية، والعلمانية الفلسفية أو المعرفية. فكما نقصد بالعلمانية السياسية الفصل بين الدين والسياسة، نعني بها أيضا الفصل بين الدين والعلم، بين الدين والفلسفة، بين الدين والفن، بين الدين ومناهج التربية، بين الدين والتعليم العالي، بين الدين والاقتصاد، بين الدين والتنمية، بين الدين وتخطيط المدن. فتكون لدينا علمانية تربوية، وعلمانية اقتصادية، وعلمانية تنموية، وعلمانية تعليمية أو علمية. وفي كل ذلك نعني اعتماد مرجعية العقل، والتجربة البشرية، والنسبية، والموضوعية، ومبدأي الإنسانية والعقلانية، وعدم الالتزام بالمسلمات الدينية والغيبية، إلا بمقدار ما يتعلق الأمر بذلك، أي عندما تكون لدينا بحوث وتأملات فلسفية في اللاهوت وعالم الغيب، وموقف العقل من الدين كممكن عقلي في عالم التجريد، متحقق المصاديق في عالم الواقع أو غير متحققها، بحسب رؤية الباحث. فالعلمانية باختصار تعني موقف الحياد والتجرد تجاه الدين، والفصل بين الدين والميدان المعنية به العلمانية.
الفلسفة العلمانية
أما استخدامي لمصطلح (الفلسفة العلمانية)، وهو مصطلحي الخاص، الذي لا أعلم ما إذا استخدمه غيري، وما يعني به ذلك المستخدم، فإني أعني به تلك الرؤية الشمولية لكل قضايا الحياة والوجود، بعيدا عن الالتزام بمسلمات ومقدسات الدين، بل بنظرة موضوعية متجردة، بقطع النظر عن الموقف من الدين إيجابا أو سلبا. وهنا لا يمنع أن يمثل الدين، أو فهم محدد لدين ما، أو لعموم الأديان أو مجموعة منها، أحد مصادر المعرفة لمتبني الرؤية العلمانية الشاملة لكل قضايا الحياة والوجود، أي ما أسميته بالفلسفة العلمانية، لكن بشرط التجرد، وعدم التسليم اللامتسائل لمُسلَّمات مدعاة، أو متوهَّمة، أو حتى لمُسلَّمات حقيقية، أو تبدو له حقيقية، لكون الفلسفة العلمانية تعتمد النسبية في مقابل الإطلاق، والتحول في مقابل الثبات لما من شأنه ألاّ يكون ثابتا، وتحرير العقل من أي سجن من سجون المعرفة والتفكير والتأمل والتساؤل والشك والبحث.
والعلمانية السياسية التي أدعو لها كمشترك بين جميع المعنيين بشؤون السياسة والدولة والوطن والمواطنة، فهي تحتم عليَّ شخصيا - أنا النوعي لا الشخصي - الفصل بين فلسفتي العلمانية هذه ونشاطي السياسي، ولكنها تضمن وتصون لي حرية طرح هذه الفلسفة والترويج لها والدفاع عنها، مفصولا عن الفعل السياسي المزاول من قبلي كسياسي، كما تدعو لضمان وصيانة حرية الفلسفات والرؤى المغايرة والترويج لها والدفاع عنها، بمعنى أن الفصل الذي تدعو إليه العلمانية حسب فهمي يشمل أن يفصل نفس الشخص بين ذاته الفكرية أو الدينية وذاته السياسية، كما يفصل بين أدواره المتعددة في الحياة فيما ينبغي الفصل فيما بينه. هذا هو المشترك على صعيد السياسة، أما المشترك على الصعيد العام الشامل لكل مناحي الحياة، فكرا وسلوكا، فهو ما أسميه بمشترك العقلاننسانية، أي المتكون من ثنائية العقلانية والإنسانية.
خطر العلمانية والديمقراطية على الدين
أما خوف الدينيين من خطر العلمانية أو حتى خطر الديمقراطية، فهو نقض منهم للدين من حيث لا يشعرون، لأنهم بخوفهم من أن العلمانية أو الديمقراطية عموما تهدد الدين، يقرون من حيث لا يشعرون بأن الدين ليس بدين، بمعنى أنه ليس بوحي إلهي، لأن الوحي الإلهي يجب أن يكون من قوة الدليل والثقة بالنفس بمكان يجعله مطمئنا راسخا غير متزعزع في مواجهة كل التحديات الفكرية والمعرفية والفلسفية والسياسية وغيرها، لأن الدين الذي تزعزعه الحرية، وتهدده في وجوده، من الضعف مما يتعالى الله المطلق القدير الحكيم عن انتسابه إليه. وإذا كان الخوف ليس حاصلا من قبل الدين نفسه، بل من قبل الدينيين، فهذا دليل على عدم يقينيتهم هم بصواب دينهم، أو نسبته إلى الله، مما يجعل الدين، في واقعهم، لا في عالم التجريد والقدس والإطلاق، مجرد رؤية بشرية نسبية ككل الرؤى، مما يسلبها صلاحية احتكار الحقيقة لنفسها، كما يتعامل معها أكثر الدينيين أو الإسلاميين، بل ويحتم حق امتلاك أصحاب كل الرؤى المتنافسة نفس القدر من الحرية، وتكافؤ الفرص في التنافس، وحق النقد المتبادَل، في كل ذلك سواء على الصعيد السياسي أو الفكري.
خلاصة العلمانية السياسية كمشرك الحد الأدنى
العلمانية التي أدعو لها، كمشترك الحد الأدنى، أو كتوصيف للعقد الاجتماعي الموسوم بالديمقراطية، يمكن تلخيصها بالنقاط الآتية:
1. الفصل بين الدين والدولة الساري مفعوله لجميع المعنيين بالشأن السياسي، بينما نعتمد كأصحاب اتجاه سياسي ديمقراطي علماني بشكل خاص عموم الفصل بين الدين والسياسة، أو بين عموم الموقف من القضايا الميتافيزيقية إيجابا أو سلبا، وبين السياسة، فكرا وأداءً.
2. اعتبار الدين وعموم الموقف إيجابا أو سلبا من القضايا الميتافيزيقية شأنا شخصيا محضا.
3. تأكيد حيادية الدولة ودستورها ومؤسساتها تجاه الدين.
4. ترتيبا على النقطة أعلاه إلغاء دين الدولة.
5. نفي الوصاية السياسية للمؤسسة الدينية.
6. تجميد رجل الدين لدوره كرجل دين شكلا ومضمونا، عند مزاولته لدور سياسي تشريعي أو تنفيذي.
7. عدم اعتماد الفقه والنصوص المقدسة والتاريخ الديني أساسا لتحديد الفكر أو الموقف السياسي أو تشريع القوانين.
8. إيجاد الأرضية الدستورية لما ذكر، لاسيما في رابعا وسابعا، ذلك بإلغاء أو تعديل المادة الثانية من الدستور، فيما يتعلق الأمر بالعراق على سبيل المثال.
إضافات عن العلمانية مستقاة من مصادر ألمانية
العلمانية كانت بمعناها الأول إلغاء دين الدولة، مما أدى إلى الحد بشكل كبير من سلطة المؤسسات الدينية، وبشكل خاص سلطة الكنيسة لصالح الدولة.
في المناقشات الراهنة تفهم العلمنة كعملية شاملة ترتبط ارتباطا مركزيا بموضوعة التحديث والحداثة. هذا لم يعد يقتصر على مبدأ الفصل بين الدولة والمؤسسة الدينية، بل أصبح يشمل تلاشي أهمية الدين كشريك في الحياة العامة (على سبيل المثال في مجال تأثيره على النظام التربوي والتعليمي).
بدأت العلمنة مع عصر النهضة، ووصلت ذروتها في كل من الثورة الفرنسية والاشتراكية، حيث كان يتطلع إلى إقصاء الدين كليا [على سبيل المثال استبدال الثورة الفرنسية التقويم المسيحي بما أسمته بتقويم الثورة الفرنسية المقتبس من التقويم المصري القديم، وكذلك استبدال الأسبوع بأسبوع من عشرة أيام، وإلغاء الأعياد الدينية التي كانت تسميها بالأعياد غير الثورية]. عام 1803 جرى حل جميع الأديرة وجميع الجمعيات الخيرية التابعة للكنيسة من التي لم يكن من مهامها مساعدة الفقراء ورعاية المرضى.
الولايات المتحدة الأمريكية تعد منذ تأسيسها عام 1776 دولة علمانية. ولكن في الوقت الذي انتشر فيه الإلحاد في أورپا احتفظ التدين في أمريكا بقيمة عليا، مما أدى إلى نشوء عدد كبير من الكنائس الإصلاحية. وبقي ما يشبه الإجماع في المجتمع الأمريكي على أهمية المسيحية، هذا بالرغم من أن الكثيرين من نخبة قادة الدولة في أمريكا لم يكونوا مسيحيين، بل إلهيين لادينيين. وبسبب تشرذم المسيحية بطوائف متعددة لم يكن بالإمكان أن تتبلور مؤسسة دينية مسيحية موحدة ذات نفوذ سياسي، كما كان معروفا في أورپا لحد ذلك الوقت. التدين من جهة والحرية الدينية من جهة أخرى يعتبران متساويي القيمة والأهمية في أمريكا اليوم. عبر موجات هجرة لاحقة جاءت مجاميع دينية أخرى (إسلامية، بوذية، ...) إلى أمريكا قادمة من العالم العربي والعالم الشرقاسيوي. واستطاعت هذه الديانات أن تتعايش في المجتمع الأمريكي وتكون مقبولة ومحترمة، بعكس ما حصل لديانات السكان الأصليين والأفارقة الذين جرى استرقاقهم، فقد جرت آنذاك عملية تنصير لأتباع هذه الديانات.
العلمنة والعولمة
لقد حققت العلمنة في عموم العالم الغربي خطوات متقدمة. فلو أخذنا ألمانيا على سبيل المثال، نجد - صحيح - بعض المظاهر الدينية، كضريبة الكنيسة، ودرس الدين، ولكن الإحصاءات تشير إلى أن أقل نسبة من منتسبي الكنيسة في أورپا هو في الجزء الشرقي من ألمانيا.
بشكل عام يعد الفصل بين الدين والدولة شرطا من شروط المجتمع الديمقراطي ضروريا، ويتطلع إلى استكمال تحقيقه. في الديمقراطية العلمانية لا تعتمد الأسس الدينية الراسخة، بل ما يحدد مسار الأداء السياسي هو إرادة الناخبين، والصالح العام، وقيم المواطنة والحرية والمساواة.
16/09 – 17/11/2011




#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 1/2
- لماذا تضامن العراق (الديمقراطي) مع ديكتاتوريات المنطقة
- دعوة تشكيل الأقاليم ما لها وما عليها
- هادي المهدي القتيل المنتصر
- الشرقية تسيء إليّ مرة أخرى بإظهاري محاضرا دينيا في تسجيل قدي ...
- حول التيار الديمقراطي العراقي مع رزكار عقراوي والمحاورين
- ليكن التنافس حصرا بين العلمانية والإسلام السياسي
- علاوي - المالكي - جزار التاجي - الخزاعي - ساحة التحرير
- عملية التحول الديكتاتوري والشباب الأربعة وهناء أدورد وساحة ا ...
- حكومتنا تتقن فن تصعيد غضبنا إلى السقف الأعلى
- ضياء الشكرجي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإسلامي ...
- مصانع الإرهاب: الفقر، الجهل، الدين
- سنبقى خارج الإنسانية طالما لم نتفاعل إلا سنيا أو شيعيا
- سنبقى خارج الزمن طالما سنّنّا وشيّعنا قضايا الوطن
- المالكي والبعث و25 شباط ومطالب الشعب
- بين إسقاط النظام وإصلاح النظام وإسقاط الحكومة
- القذافي ثالث ثلاثة والآخرون هم اللاحقون
- عهد الثورات الشعبية من أجل الديمقراطية
- تحية لشعبي تونس وجنوب السودان
- الجعفري، المالكي، عبد المهدي: رموزا للشيعسلاموية


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - الديمقراطية والإسلام .. متعايشان أم متنافيان 2/2