أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الناصر عبد اللاوي - ملامح الثورة التونسية ورهاناتها السياسية















المزيد.....

ملامح الثورة التونسية ورهاناتها السياسية


الناصر عبد اللاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3549 - 2011 / 11 / 17 - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن أولى المقاصد التي تواجهنا في مستهل هذه المداخلة، إذا كان هذا القصد ذاته يتطلب معرفة نقدية لمقتضيات المعضلة وتقنياتها؟ ما هي مبررات اختيارهذا البحث؟ "ملامح الثورة التونسية ورهاناتها ؟ "
إن بواعث اختيار هذا البحث نابعا أساسا من راهنية التفكير السياسي المعاصر الذي أولى البعد السياسي في محاولة لرصد الملامح الجديدة لفكرة ملامح الثورة التونسية
وقد صارت الفلسفة مرتبطة بحقائق الوضع الراهن وإشكالاته المعقدة والمتداخلة بحيث يصير لزاما على الفيلسوف إذا ما أراد أن يتواصل مع عصره أن يبتكر ميكانيزمات جديدة تعبر عن فهمه ووعيه الراهنين من خلال"هذه التسوية في الرهان الافتراضي الذي يلتزم بالمناقشة الديمقراطية كمعيار للاتفاق يصبح مقبولا من لدن الجميع.
وقد حاولنا أن نكشف فرضية العمل من حيث مقتضى مسار الثورة ضمن الفضاء الإشكالي الذي سمح بكشف الملابسات الراهنة للتفكير الفلسفي في معالجة هذا الملف السياسي.
الفضاء الإشكالي :ما هو السبيل الأفضل لتحقيق ثورة تونسية لمواطنة حرة عن طريق قانون ديمقراطي يسلط الضوء على مسار أخلاقيات جديدة في إطار نظرة فلسفية تستمد مقوّماتها من ائتلاف وطني منتج لإرادة حرة تقوم على أساس "صوت الشعب" ؟
*ماهي مشروعية مبادئ حقوق الإنسان في ظل أخلاقيات الهيمنة والوصايا القائمة على مزاعم الكونية أمام إرادة الشعوب الثورية في تحقيق مصيرها ؟
هل يحق للدولة الحقوقية المتسمة بالعقل القضائي أن تهتدي بنهج النزعة التحررية للشعوب في ظل قصور القوانين ؟
هل يكفل القانون المدني في أقصى غايته حرية أخلاقية وحرية الضمير لكل واحد فيها ؟
كيف يتسنى جعل المعايير الأخلاقية للثورة متوازنة مع حقائق الشرعية السياسية لدولة المستقبل وشعوبها ؟
كيف ساهمت المواقع الاجتماعية والشبكة العنكبوتية في تبسيط مبادئ الثورة للعالم وكسر جدار الصمت التي أحكته الآلة السياسية ؟ وهل تكون قادرة على صياغة مواقف واضحة لمرجعيات الثورة ومبادئها المستقبلية؟
إن الصعوبات التي تعترضنا في تناول" فكرة الثورة التونسية ومبدأ الدولة تتمثل أساسا في عدم توفر المرجعيات الفلسفية التي تسمح بتحديد وضعية بحث تمكننا من فك ملابسات المعضلة التي نعمل على توضيح مقاصدها وغاياتها..
إن حادثة البطل الرمز محمد بوعزيزي تمثل واقعة تاريخية للثورة التونسية من جهة المفارقة القائمة بين من يمتلك القرار وتنفيذه و من يريد استرجاع حقوقه عن طريق "الخصم والحكم" . والمشكل يدور حول بعد أخلاقي يتمثل في التعدي عن الكرامة والحرية الإنسانية" العنف والإهانة" والجانب الرمزي يتمثل في استرجاع "الميزان" الذي أفتك منه غصبا ولكن أمام الصد ووأد الإنصات والحوار في غياب معادلة متكافئة الفرص. يلتجئ البطل برسم معاني العدالة بكلمات محترقة متقدة بحبر من دم معطر بنار ترسم معاني الخلود الأبدي في لوحة جسدية ثائرة على"جلمود صخر" صنعت قواعدها من صلصال فتهاوى الكبرياء أمام صمود إرادة البطل ؟ وهذه الوضعية تؤكد أن العدالة والحرية تصنع بالتضحية والإقدام والشجاعة باعتبارها قيم إنسانية تأمل الفلسفة أن تحتفل بمعانيها في إحالة لبطل الحكمة والديمقراطية "سقراط" الذي يعلم القضاة في الحالات القصوى أن هامات الأبطال لا تخضع لتعالم الجبابرة وأن الموت في الدفاع عن القيم العليا تخلدها "الذاكرة الإنسانية".ونستخلص أن الفيلسوف قنبلة موقوتة يضع كل شيء في خطر.
*الثورة التونسية لا تستند في إرهاصاتها الأولى إلى مبادئ حقوق الإنسان القائمة على فكرة الكونية المزعومة التي تحركها غياب شرعية حقوق الإنسان، وذلك بالوقوف على غياب المشاركة السياسية للأقليات المعزولة عن حقوقهم المدنية وإراداتهم الفاعلة في تغيير الحراك الاجتماعي . وما تستوجبه من المصلحة والمنفعة وفق ما يشترطه الغالب على المغلوب. وإنما منطلقها كان عفويا وطبيعيا باعتبار أن الدوافع التي حركت حشود الناس ليست قائمةعلى مبادئ الثورة التي يصنعها الزعماء بخطاباتهم وتحكمهم في تقنية الآراء التي توجه عواطف "الحس المشترك" على اعتبار أن ما وحد الشعب التونسي هو الوعي بالمصلحة العامة للوطن بطريقة سلمية قوامها المحبة والسلم و الإخلاص" لإرادة الحياة " في دحر طغاة الاستبداد . فالحدث يتمثل في تلك "الواقعة المعزولة" في ظاهرها وأعني "احتراق البوعزيزي" ولكن في باطنها أزمة وطنية مردها الهوة الشاسعة بين أصحاب النفوذ والقرصنة التي تدير شؤونها "العائلة الحاكمة" وبين الشعوب التي تعيش في احتياج وخصاصة. وبهذا نسجل تفاوت اجتماعي رهيب تحكمه معادلة غياب"التقسيم العادل للثروات " . وهذا الشأن الاجتماعي مرده غياب النجاعة السياسية والعدالة الأخلاقية نظرا لتضييق الحريات على كل مكتسبات "الشعب التونسي" المدنية والحقوقية وتشديد مبدأ المراقبة على الإعلام و تدجينه في بوتقة مظلمة تصمت عن كل فكر حر و تزيف الحقائق وفق الإعلان الموجه لصالح "الديكتاتورية" . مما يسمح بدفع الشعب لتحقيق نموذج ديمقراطي يؤكد على أساس المشاركة السياسية في إطار شرعية قانونية توفر مبدأ العدل لاستقلالية إرادة الشعوب وتضحياتها.
وهذا من شأنه أن يخلق ائتلاف بين المواطنين التونسيين. في ظل مواطنة إنسانية تقوم على حقوق عادلة للفرد تتخطى حدود الجهوية الضيقة توفر اللانسجام في ما بينهم عبر ايتيقا جديدة لترسيخ قانون سياسي يقوم على أساس"مبادئ مدنية مشتركة بين كل الأفراد من منطلق فلسفة تونسية محلية تسمح باستعادة المصلحة الوطنية وتغليبها على المصلحة الخاصة والشخصية"إنها تلك الايتيقا التي تخص مواطنين ملتزمين بتحديد قرارات مشتركة ومعقولة في إطار منافسة...مفتوحة للكل وفي جميع المنابرالعمومية"[1].
* تحقيق معايير إنسانية ورمزية ترسم حيادية القانون داخل الدولة فيما يخص رؤيتها للعالم ، و تحقيق حريات متساوية لكل مواطنيها واستقلاليتهم على كل المؤسسات الحقوقية التي تخدم مصالح الدول القوية وأصحاب النفوذ الاقتصادي حيث تتم دعوة كل مكونات المجتمع المدني والسياسي والفكري والحقوقي لتحديد القرار السياسي وفق قاعدة سلطة العقل وضمير الشعوب دفاعا على المصلحة العامة وتجميع بنك معلومات يسمح بإيجاد قانون وطني يكفل الحقوق والواجبات. حيث لا نقدر على تفادي هشاشة القول السياسي إلا بفضل ممارسة حوار تقوده مواطنة صالحة تحتكم لمعاني التضحية والصمود.
وذلك بالعمل على تطوير إرادة مواطنة قانونية حرة تمنح حق التشريع الذاتي على مستوى سياسي وقيمي تؤمن لإنسانيتنا السلم والحياة الكريمة. إن المقاصد الأساسية للخطاب الفلسفي تستند لأهمية العقل الذي يظل مفتاح التفكير وحيويته في توثيق عرى الوصل بين فكرة الثورة ومبدأ الدولة وهو ما يبرر عقلنه الإرادة الإنسانية من خلال أخلاقيات جديدة تجنبنا الإقصاء والتهميش في الحكم السابق ، والتشريع في إطار ائتلافي لمواطنين أحرار"حيث يتولد وعي جديد عن العرض التاريخي وعن مسؤولية الذات الفاعلة . 2
ولكن تظل هذه التصورات معتمة قصد التظليل "حيال الدستور الذي لا يفترض الرفض التام لكل المصادر الوطنية التي تسم مدى صدقيته رغم قرار الرئيس بالقطع مع الدستور القديم "
في مقابل ذلك ،لا يجب على العقل المدني أن يجعل من نفسه حكما فيما يخص المعايير الأخلاقية حتى لم تستطع أن تترجم في خطاباتها الخاصة ،المقبولة من حيث المبدأ من جميع المشتركين ،إلا إذا ما قبلوه باعتباره عقليا وعادلا. ونحن ما أحوجنا إلى إرساء " نظرية فلسفية نقدية تتأسس على ترسيخ قيم الحرية والعدالة" . ولكن أين صوت الفيلسوف في المنابر و الصحف؟ هل الفيلسوف اليوم هو معني بالشأن السياسي أم هو يتحصن في أنساقه ويسكن بروجه العاجية؟ هل أصبح الحقوقي وصيا علينا في كل المنابر والوقائع خصوصا إذا ما وضعنا حقوق الإنسان موضع سؤال في مدى صلاحيتها وشرعيتها أصلا؟ ألا تكون الديمقراطية قائمة على أساس فلسفة العقد الاجتماعي فلماذا يصمت الفيلسوف عن "ذاكرته الحقوقية التي تخصه" ؟ألا تعلمنا المواقع الإجتماعية ببساطة معانيها "الشعب يريد" معاني الحكمة الخالدة؟أم نحن الفلاسفة مازلنا مولعين بغموض كلماتنا ؟ ألم يقل لنا المناطقة "أن كلمات الفلاسفة لو صيغت بوضوح لفقدت كل معانيها؟ ولعلنا اليوم نسمع أصواتا تقول يا فلاسفة عليكم أن تصمتوا فنحن الحقوقيون نفكر بدل عنكم ونرافع عن قضايا الثورة ولكن عليكم أن تدفعوا ثمن صمتكتم بأن تهجروا خارج المدينة ؟ من بات اليوم يخشى "قنبلة الفيلسوف المؤقتة" التي كانت في ما مضى تربك الملوك في عروشهم؟ ولعلنا نأمل اليوم أن نكون "طائر مينيرفا" يساهم في تحريك ضمائر الشعوب رغم أننا نسمح أن هناك لجنة لحماية الثورة ؟ فماذا بقي للفيلسوف أن يفعله في الصالونات المظلمة؟ إن هذه الأسئلة لا تعبر عن أزمة ثقة في الفلسفة وإنما هي صحوة فيلسوف يقود جواده لساحة القتال ليقطع رؤوس الأوصياء ويسمح الآخرين صوت الحكمة بسيوفه الحادة الناقدة وكاشفة أقنعة "أبواق الدعاية" وحراس "المقاعد الخاوية على عروشها"؟/المؤلف:تونس 18-1-2011
[1]Habermas ,(j), l’espace public, « la présente étude a pour tache d’analyser le modèle de l’espace public bourgeois. »p.43
[2]هابرماس(يورغن)،مستقبل الطبيعة الإنسانية،ترجمة جورج كتّورة،مراجعة أنطوان الهاشم ،المكتبة الشرقية ،الطبعة الأولى2007،بيروت-لبنان.ص.11.



#الناصر_عبد_اللاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية الحوار في خلق نسيج إجتماعي تونسي عقلاني
- مسالة الهوية في تفكير هابرماس


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الناصر عبد اللاوي - ملامح الثورة التونسية ورهاناتها السياسية