أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - علاء عوض - الثورة المصرية بين السلطة العسكرية وسلطة الشعب















المزيد.....

الثورة المصرية بين السلطة العسكرية وسلطة الشعب


علاء عوض

الحوار المتمدن-العدد: 3549 - 2011 / 11 / 17 - 15:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ الحادى عشر من فبراير 2011 وانتقال السلطة الى المجلس العسكرى بعد الاطاحة بمبارك، ذلك الانتقال الذى تم بتفويض من المخلوع نفسه، والذى استهدف حماية النظام السياسى الحاكم التى كانت أركانه فد بدأت تتزعزع أمام طوفان الغضب الشعبى من الانهيار حتى وان استدعى الأمر التضحية برأسه وبعض من معاونيه وتفكيك بعض مؤسساته الحاكمة، بدأت آليات صنع السلطة العسكرية. لقد كانت تطورات الحالة الثورية التى شهدتها البلاد بدءا من الخامس والعشرين من يناير تنذر بخطر شديد على الطبقة الرأسمالية المسيطرة اقتصاديا ونظامها السياسى الحاكم لاسيما بعد انضمام قطاعات من الطبقة العمالية فى حركات احتجاجية داخل فاعليات الثورة بدءا من الأسبوع الأول من فبراير. كان على المجلس العسكرى أن يفض هذه الموجة من الغضب الهادر وأن يفرغ الحركة الجماهيرية من زخمها وكانت التضحية بمبارك هى أرخص ثمن يمكن أن يقدمه لتحقيق هذا الهدف. كانت هناك ضرورات ملحة أمام المجلس العسكرى لصنع أدوات للسلطة الجديدة تسمح له باجهاض الثورة الوليدة وتأكيد سيطرة نفس الطبقة الحاكمة التى يعبر هذا المجلس عن مصالحها وامتيازاتها. كان الاعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى فى نهاية مارس والذى منح لنفسه من خلاله صلاحيات رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية مجتمعتين يشكل واحدة من الخطوات الأولى لبناء أدوات السلطة السياسة الجديدة، وجاءت سياسة احالة المدنيين بكثافة للمحاكمات العسكرية لتضيف جانب كبير من صلاحيات السلطة القضائية الى نفس المجلس، ليصبح المشهد العام للسلطة أكثر استبداد ودكتاتورية من نظام مبارك نفسه. وكانت سلسلة التشريعات والاجراءات السياسية التى مارستها السلطة العسكرية خلال الأشهر الماضية تأكيدا لمحاولات خلق هذه السلطة الاستبدادية، فتصدت الشرطة العسكرية للاعتصامات والاحتجاجات العمالية والطلابية والمظاهرات الشعبية وعملت على مقاومتها وفضها بالقوة فى العديد من المرات والتى وصلت فى بعض الأحيان الى درجة المجزرة كما حدث فى اعتصام ماسبيرو، وتم اصدار تشريع فاشى يجرم حق الاضراب وينص على عقوبات غير مسبوقة تصل الى الحبس والغرامة المالية الباهظة، واصدار قانون لا ديمقراطى للأحزاب يخنق الفرص أمام العمال والفلاحين والجماهير الشعبية الفقيرة فى تشكيل أحزابها، ثم قانون الانتخابات الذى يمهد الطريق لصنع برلمان معاد للثورة ويعبر عن مصالح نفس الطبقة التى خرجت الجماهير ثائرة ضد نظامها السياسى الذى مارس ضدها استبدادا وافقارا وقهرا اجتماعيا عبر عقود طويلة. وبالتوازى مع هذه الاجراءات والتشريعات كانت هناك العديد من المحاولات للسيطرة على أجهزة الاعلام الرسمى ونشر العديد من القيادات العسكرية فى المواقع القيادية لمؤسسات اقتصادية هامة فى الجهاز الادارى للدولة ولأجهزة الادارة المحلية. ولا يكتفى المجلس العسكرى بهذه الاجراءات بل يفاجئنا بمشروع وثيقة المبادئ الدستورية والمعروفة باسم "وثيقة السلمى" والتى تسعى، وبشكل لا يقبل الشك، الى تكريس هيمنة العسكر على السلطة السياسية بدعوى حماية الشرعية والى تنصيب المجلس العسكرى كمؤسسة فوق كل مؤسسات الدولة لها كل الصلاحيات فيما يتعلق بالميزانيات والتشريع وغير خاضعة لأى رقابة شعبية أو برلمانية أو أى شكل آخر من أشكال الرقابة المجتمعية. جاءت هذه الوثيقة لتفضح مشروع تسليم السلطة المزعوم الذى يتبناه المجلس العسكرى، والذى يكرس فى جوهره دعائم الحكم العسكرى على المستوى السياسى والاقتصادى والتشريعى، حتى وان استدعى الأمر الاستعانة بوجوه مدنية فى صدارة المشهد.
لقد حاول المجلس العسكرى أن يفرض، خلال التسع شهور الماضية، سيطرته الكاملة على المقدرات الاقتصادية والسياسية للبلاد، هذه السيطرة التى تصب فى صالح الرأسماليين ورجال الأعمال وفى مواجهة مصالح الجماهير الشعبية الفقيرة من العمال والفلاحين وصغار الموظفين والعاطلين. حاول المجلس –ومازال يحاول- أن يبنى دعائم سلطته الجديدة على مستوى البنى السياسية والتشريعية والأمنية والاعلامية والاقتصادية، ولكن هل نجح فى هذه المهمة، وهل استطاع أن يكرس أركان حكمه فى ظل حالة الصراع السياسى والاجتماعى المحتدم على الأرض. لقد أصدر المجلس تشريعا فاشيا ضد الاضراب ومازالت موجات الاضرابات تعم البلاد بل وتتصاعد يوما بعد يوم، وواجهت الشرطة العسكرية بالقوة المتظاهرين والمعتصمين ولكن ذلك لم يمنع من استمرار المظاهرات والاعتصامات وكافة أشكال الاحتجاج الجماهيرى، لقد اختارت الجماهير النضال والاحتجاج فى الشارع كمسار وحيد للحصول على حقوقها الاجتماعية والسياسية المسلوبة، الجماهير فى دمياط تناضل بجسارة ضد استثمارات مصانع السموم التى تقتل أبنائها، وجماهير العمال فى طنطا وشبين الكوم تناضل من أجل استعادة شركاتها المنهوبة فى عمليات فساد الخصخصة، والطلاب فى الجامعات يناضلون من أجل لائحة طلابية ديمقراطية، والمظاهرات شبه اليومية فى القاهرة وغيرها من المدن ضد تحويل المدنيين للمحاكم العسكرية وضد تعذيب المواطنين وقتلهم فى السجون مازالت مستمرة. من كل هذه المشاهدات نستطيع أن نلمس حالة شديدة من المقاومة لعملية صنع أدوات السلطة العسكرية الجديدة، وأن هذه المقاومة تنشأ فى اطار الحركة الجماهيرية وبعيدا عن المؤسسات السياسية التقليدية وترتبط ارتباطا وثيقا بالصراع الاجتماعى بين مصالح طبقة رأسمالية مارست نهبا لثروات هذا الوطن وافقارا مطردا لشعبه الذى يعيش أكثر من 40% من سكانه تحت خط الفقر، وبين هذه الجماهير المنهوبة والمضطهدة. والمشهد العام للواقع السياسى المصرى الراهن يعبر بوضوح عن هذه الحالة من الصراع بين سلطة تسعى لخلق أدواتها وبين جماهير غاضبة وثائرة تقاوم هذا المسعى وتستطيع فى أحيان ليست قليلة أن تفرض ارادتها على آلية صنع القرار، ولكن هذا الصراع لايمكن التنبؤ بنتيجته دون أن نتفهم قدرة كلا من الطرفين على تطوير أدواته ومؤسساته على الأرض.
لايمكن رصد عناصر القوة بين طرفى أى صراع دون دراسة أدوات كل طرف فى ادارة هذا الصراع، والمعضلة الرئيسية فى الصراع الاجتماعى المصرى الراهن هى غياب أدوات الطرف الأهم فيه، وهو الحركة الجماهيرية، وعجزها عن طرح أدوات سلطة بديلة. المجلس العسكرى والقوى السياسية التى تتبنى مصالح الرأسمالية تدفع باتجاه مشروع بناء السلطة التى تحمى مصالح وامتيازات هذه الطبقة، ورغم حجم التناقضات بين هذه القوى السياسية الا أنها فى مجملها تعجز عن تقديم نموذج ديمقراطى جذرى للحكم يسمح للجماهير الشعبية بالتواجد فى دائرة صنع القرار وبقيادة المجتمع نحو مشروع تنموى يحقق توزيعا عادلا للثروة. تبقى هذه التناقضات محصورة فى دائرة حجم النفوذ السياسى المرتقب لكل طرف وتستخدم هذه القوى بعضا من شعارات الثورة بحثا عن تأييد جماهيرى عبر صناديق الاقتراع. وهنا يجد الثوريون أنفسهم أمام الخيار الواضح بين الانخراط فى هذا المشروع واتخاذ موقف ذيلى يسير على خطى القوى السياسية الانتهازية أو الدعوة الى مشروع مختلف للسلطة البديلة، سلطة الشعب. يقول المنخرطون فى هذا المشروع أن الجماهير الشعبية لم تتجاوز بعد الوعى البرلمانى وأن علينا أن نتواجد معها فى معاركها على الأرض، والواقع أن هذا الطرح يتجاهل واقع الاحتجاج الجماهيرى الراهن. مئات الآلاف من العمال دخلوا فى اضرابات خلال الأشهر القليلة الماضية من أجل مطالبات بأجر عادل وبتطهير المؤسسات من الفاسدين وفلول نظام مبارك، هؤلاء العمال اختاروا سلاح الاضراب لنضالاتهم ولم ينتظروا انتخابات تنتج برلمانا يصدر تعديلات تشريعية تحقق مطالبهم. كيف يمكننا أن نقرأ هذا، هل هو تكريس للوعى البرلمانى أم خروج عنه. الجماهير فى دمياط لم تنتظر انتخابات تتم خلال أسبوعين لاغلاق مصنع ينشر السموم على أرضها بل انطلقت فى حراك جماهيرى واسع ومستمر حتى كتابة هذه السطور لانجاز هذه المهمة. ان الجماهير التى لم تكتسب بعد وعيا مختلفا، تعبر أيضا عن حالة من فقدان الثقة فى المؤسسات الحاكمة للنظام الرأسمالى وفى القوى السياسية الانتهازية، ولكن تظل العفوية هى العقبة الأهم فى تطوير هذا الوعى وتنمية قدراته على ابداع أنماط سياسية وتنظيمية لسلطة بديلة، وعلينا أن نختار بين الوقوع فى فخ تقديس العفوية وبين مواجهتها بهدف تجاوزها.
ان بناء سلطة حقيقية للجماهير الشعبية يستلزم بالضرورة أن يكون هناك أدوات لهذه السلطة على المستوى السياسى والتنظيمى، واذا كانت الرأسمالية تصنع برلمانها فى هذا المناخ اللاديمقراطى وتسعى لتكريس تشريعات تخدم مصالحها وتخلق اعلامها الذى يرفع راياتها وشعاراتها، فلابد أن يكون للجماهير الشعبية أيضا تنظيماتها التى تتبنى النضال من أجل حقوقها، تنظيماتها الشعبية المنتخبة فى الأحياء والقرى والمواقع الانتاجية والخدمية والادارية، والتى تمارس دورا فاعلا فى الادارة والرقابة والمتابعة، هذه المجالس واللجان الشعبية هى البرلمان الحقيقى للثورة، وهى أهم الأدوات التنظيمية التى بوسعها أن توحد نضالات جماهير الشعب فى اطار ثورى متصل ودائم وأن تخلق آليات لدور شعبى فاعل فى صنع القرار السياسى. ان شعارات تسليم السلطة للمدنيين ان لم تتزامن مع خلق أدوات السلطة البديلة، سلطة الشعب، سوف تؤدى بالقطع الى تسليم السلطة لشخصيات أو أحزاب تعيد انتاج نظام الاستبداد السياسى وربما بصورة أكثر بشاعة. ان الدعوة الى انتخاب مجالس ولجان شعبية فى كل المواقع وعقد مؤتمر عام لها هو المسار الصحيح لانتخاب برلمان الثورة، وهو المسار الوحيد لتسمية حكومة الثورة وتحديد برنامجها وصناعة آليات الرقابة الشعبية الحقيقية على أدائها وهى الضمان الأوحد للديمقراطية الحقيقية والجذرية، الديمقراطية التى لاتعنى فقط الحريات السياسية ولكنها تعنى أيضا بالحقوق الاجتماعية وعدالة توزيع الثروة. ان حالة الارتباك التى يشهدها الواقع السياسى الحالى وغياب التصورات العملية لاسقاط الحكم العسكرى هى بالقطع ناتجة عن عجز الحركة الجماهيرية عن صنع أدوات سلطتها. لقد نجح العسكر فى انهاك الحركة الجماهيرية فى مطالبات عديدة وصراعات على أكثر من محور وحاولوا حرف مسار الثورة نحو صراعت طائفية ونزاعات سياسية انتهازية مما خلق العديد من العثرات أمام تطور هذه الحركة. ان اسقاط الحكم العسكرى لن تحققه الهتافات والشعارات فى المظاهرات الجماهيرية وحدها ولكنه سيتحقق فقط بتطوير الأداء التنظيمى للحركة الجماهيرية فى اتجاه بناء أدوات سلطة الشعب الحقيقية.



#علاء_عوض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الثورة...أم تسيير الأعمال...أم عفا الله عما سلف
- دروس 28 يونية 2011
- علاء عوض في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اصلاح اجتماع ...
- المسارات السياسية للثورة المضادة
- الاحتجاجات الفئوية ما بين الثورة والثورة المضادة
- الثورة المصرية...نتائج وتوقعات
- الإخوان والدستور وعنق الزجاجة


المزيد.....




- منها لقطات لنساء غرينلاند تعرضن للتعقيم.. إليكم الصور الفائز ...
- أصيب بالجنون بعد شعوره بالخوف.. شاهد قط منزل يقفز بحركة مفاج ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا خسرت طائرة حربية و213 مسيرة و1145 ج ...
- بوليتيكو: واشنطن توسلت إسرائيل ألا ترد على الضربات الإيرانية ...
- بيونغ يانغ تختبر سلاحاً جديداً وخبراء يرجحون تصديره لموسكو
- بالفيديو.. إطلاق نار شرق ميانمار وفرار المئات إلى تايلاند هر ...
- مصر.. محاكمة المسؤول والعشيقة في قضية رشوة كبرى
- حفل موسيقي تركي في جمهورية لوغانسك
- قميص أشهر أندية مصر يثير تفاعلا كبيرا خلال الهجوم على حشود إ ...
- صحف عالمية: الرد الإسرائيلي على إيران مصمم بعناية وواشنطن مع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - علاء عوض - الثورة المصرية بين السلطة العسكرية وسلطة الشعب