أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - جوزيف ستالين - : الطابع العالمي لثورة أكتوبر / ترجمة عزالدين بن عثمان الحديدي















المزيد.....

: الطابع العالمي لثورة أكتوبر / ترجمة عزالدين بن عثمان الحديدي


جوزيف ستالين

الحوار المتمدن-العدد: 7093 - 2021 / 12 / 1 - 09:45
المحور: الارشيف الماركسي
    


--------------

ليست ثورة أكتوبر ثورة "في النطاق القومي" فحسب، بل هي قبل كل شيء ثورة ذات طابع عالمي، كوني، لأنها شكلت في التاريخ العالمي تحولا جذريا، صنعته الإنسانية، من العالم القديم، الرأسمالي، نحو العالم الجديد، الاشتراكي. كانت الثورات في السابق تنتهي عادة باستبدال مجموعة مستغلين بمجموعة مستغلين أخرى على رأس الدولة. يتبدل المستغلون ويبقى الاستغلال. كان الأمر على هذا النحو خلال حركات العبيد التحررية. وكان الأمر على هذا النحو في فترة انتفاضات الأقنان. وكان الأمر على هذا النحو في فترة الثورات "الكبرى"التي عرفناها في انجلترا وفرنسا وألمانيا. ولا أتحدث في هذا السياق عن كومونة باريس التي كانت المحاولة الأولى، المشرفة والبطولية ولكن غير المثمرة، للبرولتاريا لكي تجعل التاريخ يسير ضد الرأسمالية.

تختلف ثورة أكتوبر عن هذه الثورات من حيث المبدأ. فهي لا تطرح استبدال شكل استغلال بشكل استغلال آخر، استبدال مجموعة مستغلين بمجموعة مستغلين أخرى، بل تطرح القضاء على كل استغلال للإنسان من طرف الإنسان والقضاء على كل مجموعات المستغلين مهما كانوا وإرساء دكتاتورية البرولتاريا، إرساء سلطة الطبقة الأكثر ثورية بين جميع الطبقات المضطهدة التي وجدت حتى اليوم وتنظيم مجتمع جديد، المجتمع الاشتراكي الخالي من الطبقات.

لهذا السبب بالذات يعتبر انتصار ثورة أكتوبر تحولا جذريا في تاريخ الإنسانية، تحولا جذريا في المصير التاريخي للرأسمالية العالمية، تحولا جذريا في حركة تحرير البرولتاريا العالمية، تحولا جذريا في أساليب النضال وأشكال التنظيم وفي طريقة العيش والعادات وفي ثقافة وإيديولوجية الجماهير المستغلة في العالم بأسره. هنا يكمن السبب في أن ثورة أكتوبر ثورة من طراز عالمي، كوني. هنا أيضا يكمن سبب التعاطف العميق إزاء ثورة أكتوبر الذي تبديه الطبقات المضطهدة في جميع البلدان التي ترى فيها الضمانة لخلاصها.

يمكننا الإشارة إلى مجموعة من المسائل الأساسية التي تبرز تأثير ثورة أكتوبر على تطوير الحركة الثورية في العالم كله.

1- لثورة أكتوبر أولا هذه الخاصية المتمثلة في اختراق جبهة الامبريالية العالمية والإطاحة بالبرجوازية الامبريالية في احد أكبر البلدان الرأسمالية ومنح السلطة للبرولتاريا الاشتراكية.

لأول مرة في تاريخ الإنسانية، ترتقي طبقة الأجراء، طبقة المسحوقين، طبقة المضطهدين والمستغلين، إلى مرتبة الطبقة السائدة جاذبة إليها، بمثالها، برولتاريي جميع البلدان. يعني ذلك أن ثورة أكتوبر قد افتتحت عصرا جديدا، عصر الثورات البرولتارية في بلدان الامبريالية.

لقد انتزعت من كبار الملاكين العقاريين ومن الرأسماليين أدوات ووسائل الإنتاج وحولتها إلى ملكية اجتماعية وفضحت بذلك أكذوبة الرأسماليين الذين يدعون أن الملكية البرجوازية لا يمكن الاستغناء عنها وأنها مقدسة وخالدة.

لقد انتزعت السلطة من البرجوازية وحرمتها من الحقوق السياسية وحطمت جهاز الدولة البرجوازي ونقلت السلطة للسوفياتات معارضة بذلك البرلمانية البرجوازية أي الديمقراطية البرجوازية بالسلطة الاشتراكية للسوفياتات أي الديمقراطية البرولتارية. لقد كان لافارج على حق عندما قال منذ 1887 أنه غداة الثورة "كل الرأسماليين السابقين سوف يحرمون من الحقوق الانتخابية". وبذلك فضحت ثورة أكتوبر، في نفس الوقت، أكذوبة الاشتراكيين الديمقراطيين الذين يدعون أن الانتقال السلمي للاشتراكية عن طريق البرلمانية أصبح الآن ممكنا.

لكن ثورة أكتوبر لم تتوقف ولا يمكنها أن تتوقف عند هذا الحد. بعد قضائها على النظام القديم البرجوازي، شرعت في بناء النظام الجديد الاشتراكي. إن العشر سنوات التي مرت من عمر ثورة أكتوبر هي عشر سنوات من بناء الحزب والنقابات والسوفياتات والتعاونيات والمنظمات الثقافية ووسائل النقل والصناعة والجيش الأحمر.إن النجاحات التي لا جدال فيها للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي في مجال البناء، قد بينت بجلاء أن البرولتاريا تستطيع أن تحكم البلد بنجاح بدون البرجوازية وضد البرجوازية، أنها تستطيع بناء الصناعة بنجاح بدون البرجوازية وضد البرجوازية، أنها تستطيع قيادة كل الاقتصاد الوطني بنجاح بدون البرجوازية وضد البرجوازية، أنها تستطيع بناء الاشتراكية بنجاح رغم الحصار الرأسمالي.

إن "النظرية" القديمة القائلة بأن المستغلين (بفتح الغين) لا يمكنهم الاستغناء عن المستغلين (بكسر الغين)، تماما مثل الرأس وبقية أعضاء الجسم التي لا يمكنها الاستغناء عن المعدة، لا تعود فقط إلى السناتور الروماني القديم ميننيوس أغريبا، بل تشكل هذه "النظرية" حاليا حجر الزاوية لعموم الـ"فلسفة" السياسية للاشتراكية الديمقراطية ولسياستها في التعاون مع البرجوازية الامبريالية بوجه خاص. هذه النظرية التي أصبحت من المسلمات، هي الآن أحد أهم العراقيل أمام نشر الروح الثورية في صفوف برولتاريا البلدان الرأسمالية. وكان من أهم نتائج ثورة أكتوبر توجيه ضربة قاتلة لهذه النظرية الزائفة.

هل من حاجة بعد، لإثبات أن هذه النتائج وما شابهها لثورة أكتوبر لم يكن بإمكانها ولا يمكن لها أن تبقى دون ممارسة تأثير جدي على الحركة الثورية للطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية؟ إن وقائع يعرفها الجميع، مثل الانتشار المستمر للشيوعية في البلدان الرأسمالية وتنامي تعاطف برولتاريي جميع البلدان إزاء الطبقة العاملة للاتحاد السوفياتي وأخيرا تدفق الوفود العمالية إلى بلد السوفيات، كلها تثبت قطعيا أن البذرة التي زرعتها ثورة أكتوبر قد بدأت بعد تعطي ثمارها.

2- لقد زعزعت ثورة أكتوبر الامبريالية لا فقط في مراكز هيمنتها بل ضربت كذلك مؤخرة الامبريالية، أطرافها، عن طريق القضاء على هيمنة الامبريالية في البلدان المستعمرة والتابعة. بالإطاحة بكبار الملاكين العقاريين والرأسماليين، فككت ثورة أكتوبر سلاسل الاضطهاد القومي والاستعماري وحررت جميع الشعوب المضطهدة دون استثناء التي كانت تعيش في إطار دولة شاسعة. لا يمكن للبرولتاريا أن تتحرر بدون أن تحرر الشعوب المضطهدة. وكانت ميزة ثورة أكتوبر أنها أنجزت، في إطار الاتحاد السوفياتي، تلك الثورات الوطنية ضد الاستعمار لا تحت راية العداء القومي والنزاعات بين الأمم، بل تحت راية ثقة متبادلة وتقارب أخوي لعمال وفلاحي الاتحاد السوفياتي، لا باسم القومية بل باسم الأممية.

وبسبب أن الثورات الوطنية ضد الاستعمار تمت عندنا تحت قيادة البرولتاريا وتحت راية الأممية، لهذا السبب بالذات ارتقت الشعوب المنسية، الشعوب المستعبدة، لأول مرة في تاريخ البشرية إلى مرتبة الشعوب الحرة فعلا والمساوية فعلا جاذبة بمثالها الحي شعوب العالم قاطبة. هذا يعني أن ثورة أكتوبر قد دشنت عصرا جديدا، عصر الثورات الوطنية التحررية في بلدان العالم المضطهدة بالتحالف مع البرولتاريا وتحت قيادتها.

في الماضي، كان "مقبولا" اعتبار أن العالم منقسم منذ عهد غابر إلى أعراق أدنى وأعراق أرقى، إلى سود وبيض، الأوائل غير مؤهلين للحضارة ومآلهم الخضوع للاستغلال، والآخرين وحدهم أهل الحضارة ومدعوين لاستغلال الأوائل. يجب الآن اعتبار هذه الأسطورة قد تحطمت ووقع نبذها. وكان من أهم نتائج ثورة أكتوبر توجيه ضربة قاتلة لهذه الأسطورة بإثباتها في الواقع أن الشعوب المتحررة غير الأوروبية التي سلكت طريق التطور السوفياتي لا تقل عن الشعوب الأوروبية قدرة على تطوير الثقافة والحضارة المتطورة حقا.

في الماضي، كان "مقبولا" اعتبار أن الطريقة الوحيدة لتحرير الشعوب المضطهدة هي طريقة القومية البرجوازية، طريقة تقوم على فصل الأمم بعضها عن بعض، على تقوية العداوات القومية بين الجماهير الكادحة لمختلف الأمم. الآن يجب اعتبار أن هذه الأسطورة قد وقع دحضها. إن إحدى أهم نتائج ثورة أكتوبر هي توجيه ضربة قاتلة لهذه الأسطورة مبينة على أرض الواقع أن الطريقة البرولتارية، الأممية، لتحرير الشعوب المضطهدة بوصفها الطريقة الصحيحة والعادلة الوحيدة، هي أمر ممكن وعقلاني ومبينة أن الاتحاد الأخوي للعمال والفلاحين المنتمين لشعوب متنوعة، اتحاد مبني على الإرادة الحرة والأممية، هو أمر ممكن وعقلاني. ولا شك أن وجود اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بوصفه مثالا للاتحاد المستقبلي لعمال جميع البلدان في اقتصاد عالمي واحد يعتبر دليلا مباشرا على ذلك.

ولا حاجة للقول بأن هذه النتائج وغيرها لثورة أكتوبر لم يكن بإمكانها ولم تكن لتبقى دون ممارسة تأثير جدي على الحركة الثورية في البلدان المستعمرة والتابعة. إن وقائع مثل نمو الحركة الثورية للشعوب المضطهدة في الصين وأندونيسيا والهند ...الخ، والتعاطف المتزايد لتلك الشعوب مع الاتحاد السوفياتي، هي أدلة ثابتة. لقد مضى العهد الذي كانوا يستطيعون فيه استغلال واضطهاد المستعمرات والبلدان التابعة بكل هدوء، وحل محله عهد الثورات التحررية في المستعمرات والبلدان التابعة، عهد استفاقة برولتاريا هذه البلدان وعهد هيمنتها على الثورة.

3. بزرعها بذرة الثورة في مراكز الامبريالية ومؤخرتها على حد سواء وبإضعافها قوة الامبريالية في "المتروبولات" وزعزعة هيمنتها في المستعمرات، هددت ثورة أكتوبر الوجود نفسه للرأسمالية العالمية بمجملها.
فلئن تفسخ التطور العفوي للرأسمالية في ظروف الامبريالية - بفعل نسقه غير المتساوي وبفعل النزاعات والصدامات المسلحة وأخيرا بفعل المجزرة الامبريالية غير المسبوقة – إلى مسار تقيح واحتضار الرأسمالية، فان ثورة أكتوبر ونتيجتها المتمثلة في انفصال بلد شاسع عن الرأسمالية العالمية، لا يمكنها إلا أن تعجل في هذا المسار عن طريف نسف، خطوة بعد خطوة، ركائز الامبريالية العالمية نفسها.

أكثر من ذلك. بزعزعتها الامبريالية، خلقت ثورة أكتوبر، في نفس الوقت، في شكل أول دكتاتورية برولتارية، قاعدة قوية ومفتوحة للحركة الثورية العالمية لم تكن لها من قبل أبدا والتي يمكنها الاعتماد عليها الآن. لقد خلقت مركزا قويا ومفتوحا للحركة الثورية العالمية لم يكن لها من قبل أبدا والذي يمكنها التجمع حوله الآن بتنظيم الجبهة الثورية الموحدة للبرولتاريين والشعوب المضطهدة لجميع البلدان ضد الامبريالية.

هذا يعني أولا، أن ثورة أكتوبر قد أصابت الرأسمالية العالمية بجرح قاتل لن تشفى منه أبدا. لهذا السبب بالذات لن تستعيد الرأسمالية أبدا "التوازن" و"الاستقرار" الذين كانا لها قبل أكتوبر. يمكن للرأسمالية أن تستقر جزئيا، يمكنها عقلنة إنتاجها، تسليم قيادة البلد للفاشية، تحجيم وقمع الطبقة العاملة مؤقتا، لكن أبدا لن تستعيد ذلك "الهدوء" وتلك "الثقة"، ذلك "التوازن" وذلك "الاستقرار" الذين تتبجح بهم من قبل، لأن أزمة الرأسمالية العالمية قد بلغت درجة من الاحتداد بحيث صار من الحتمي أن تفتح نيران الثورة طريقا لها تارة في مراكز الامبريالية وتارة أخرى في أطرافها، مقلصة هامش الترقيع الرأسمالي إلى الصفر ومعجلة انهيار الرأسمالية يوما بعد يوم. تماما كما يقال في الحكاية المعروفة : "يخلص الذيل فينغمس المنقار ويخلص المنقار فينغمس الذيل".

هذا يعني ثانيا، أن ثورة أكتوبر قد رفعت إلى درجة معينة من قوة وأهمية الطبقات المضطهدة في العالم بأسره ومن شجاعتها وروحها القتالية وأجبرت الطبقات السائدة على أخذها في الحسبان بوصفها عنصرا جديدا وخطيرا. لم يعد بالإمكان اليوم اعتبار الجماهير الكادحة للعالم كـ"جمهور أعمى" يتخبط في الظلام بدون آفاق، لأن ثورة أكتوبر خلقت لها منارة تنير طريقها وتفتح لها آفاقا. إذا لم يكن هناك من قبل قلعة عالمية مفتوحة لإبراز وتجسيم طموحات وإرادة الطبقات المظلومة، فاليوم توجد تلك القلعة ممثلة في أول دكتاتورية برولتارية. ولا شك أن تحطيم هذه القلعة سيلقي لمدة طويلة بالحياة الاجتماعية والسياسية للبلدان "المتقدمة" في غياهب رجعية سوداء لا حدود لها. لا يمكن إنكار أن مجرد وجود "الدولة البلشفية" يكبح قوى الرجعية الظلامية ويسهل نضال الطبقات الكادحة من أجل انعتا قها. هذا ما يفسر عموما الكراهية الوحشية التي يكنها المستغلين في كل البلدان إزاء البلاشفة.

إن التاريخ يعيد نفسه وإن على قاعدة جديدة، فقديما، في عصر انهيار الإقطاع، كان لفظ "يعقوبي" يثير الرعب والتقزز لدى أرستقراطيي جميع البلدان، نفس الشيء الآن، في عصر انهيار الرأسمالية، يثير لفظ "بلشفي" الرعب والتقزز في البلدان البرجوازية. وفي الحالة المعاكسة، مثلما كانت باريس ملاذا ومدرسة للثوريين من ممثلي البرجوازية الصاعدة، أصبحت موسكو الآن ملاذا ومدرسة للثوريين من ممثلي البرولتاريا الصاعدة. ومن المعروف أن الكراهية التي كانت تكنها الإقطاعية لليعاقبة لم تنقذ الإقطاعيين من الغرق، وهل يمكننا الشك في أن الكراهية التي تكنها الرأسمالية للبلاشفة لن تنقذ الرأسمالية من الدمار المؤكد. لقد ولى عهد "استقرار" الرأسمالية حاملا معه أسطورة رسوخ النظام البرجوازي، وأتى عهد انهيار الرأسمالية.

4. ثورة أكتوبر ليست ثورة في ميدان العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فحسب، بل هي كذلك ثورة في الأفكار، ثورة في إيديولوجية الطبقة العاملة. لقد نشأت ثورة أكتوبر وقويت تحت راية الماركسية، تحت راية دكتاتورية البرولتاريا، تحت راية اللينينية التي هي ماركسية عصر الامبريالية والثورات البرولتارية. لذلك هي علامة على انتصار الماركسية على الإصلاحية، انتصار اللينينية على الاشتراكية الديمقراطية، انتصار الأممية الثالثة على الأممية الثانية.

لقد حفرت ثورة أكتوبر هوة عميقة بين الماركسية والاشتراكية الديمقراطية، بين سياسة اللينينية وسياسة الاشتراكية الديمقراطية. فيما مضى، قبل انتصار دكتاتورية البرولتاريا، كان يمكن للاشتراكية الديمقراطية أن تتشدق براية الماركسية وأن لا تنكر بصورة مكشوفة فكرة دكتاتورية البرولتاريا، ولكن أيضا، دون أن تفعل شيئا على الإطلاق من أجل تحقيق هذه الفكرة، ولم يكن هذا السلوك من جانب الاشتراكية الديمقراطية يشكل أي تهديد على الرأسمالية.

الآن وبعد انتصار دكتاتورية البرولتاريا وبعد أن شاهد الجميع بأعينهم إلى ما يمكن أن تؤدي إليه الماركسية، لم تعد الاشتراكية الديمقراطية قادرة على التبجح براية الماركسية، لم يعد بإمكانها إعلان فكرة دكتاتورية البرولتاريا دون أن تخلق خطرا جديا على الرأسمالية. بعد قطيعتها منذ زمن طويل مع روح الماركسية، أجبرت الآن على القطع مع راية الماركسية. لقد اتخذت موقفا معاديا بوضوح ضد ثورة أكتوبر، وليدة الماركسية، ضد أول دكتاتورية برولتارية في العالم. لذلك كان عليها أن تتخلى عن الماركسية وقد تخلت بالفعل عنها، لأنه في الظروف الحالية لا يمكن للمرء أن يسمي نفسه ماركسيا دون أن يساند بصورة مكشوفة ودون تحفظ أول دكتاتورية برولتارية في العالم، دون ممارسة النضال الثوري ضد برجوازيته بالذات ودون خلق الشروط الضرورية لانتصار دكتاتورية البرولتاريا في بلده بالذات. لقد نشأت هوة عميقة بين الاشتراكية الديمقراطية والماركسية. بعد الآن، الممثل الوحيد للماركسية وقلعتها الوحيدة هي اللينينية، هي الشيوعية. لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، فبعد رسمها خط التمايز بين الاشتراكية الديمقراطية والماركسية ذهبت ثورة أكتوبر إلى أبعد من ذلك برميها الاشتراكية الديمقراطية في معسكر المدافعين المباشرين عن الرأسمالية ضد الدكتاتورية البرولتارية الأولى في العالم. عندما ينعت السادة أدلر وباور، ولز ولفي، لونغي وبلوم "النظام السوفياتي " بأقذع النعوت مادحين "الديمقراطية البرلمانية"، فإنهم يريدون أن يظهروا بذلك أنهم يناضلون وسيواصلون النضال من أجل إعادة النظام الرأسمالي إلى الاتحاد السوفيتي ومن أجل الحفاظ على العبودية الرأسمالية قي الدول "المتحضرة".

تعتبر الاشتراكية الديمقراطية اليوم السند الإيديولوجي للرأسمالية. لقد كان لينين على حق ألف مرة عندما كان يقول أن الساسة الاشتراكيين الديمقراطيين هم في أيامنا "عملاء حقيقيون للبرجوازية في الحركة العمالية، الخدم العماليون لطبقة الرأسماليين" وأنه "في الحرب الأهلية بين البرولتاريا والبرجوازية" سيصطفون حتما "إلى جانب الفرساليين ضد رجال الكومونة". لا يمكن القضاء على الامبريالية دون القضاء على الاشتراكية الديمقراطية في الحركة العمالية، لذلك فإن عهد احتضار الرأسمالية هو في نفس الوقت عهد احتضار الاشتراكية الديمقراطية في الحركة العمالية. ويتمثل المغزى الكبير لثورة أكتوبر، إضافة إلى أمور أخرى، في كونها أعلنت الانتصار المؤكد للينينية على الاشتراكية الديمقراطية في الحركة العمالية. لقد انتهى عهد سيطرة الأممية الثانية والاشتراكية الديمقراطية في الحركة العمالية وحل عهد سيطرة اللينينية والأممية الثالثة.

البرافدا عدد 255 – 6 و7 نوفمبر 1927.

ترجمة عزالدين بن عثمان الحديدي –



#جوزيف_ستالين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المهام السياسيه لجامعه شعوب الشرق - ترجمه: عبد المطلب الع ...
- القضية الوطنية « نشوءها تطورها حلولها »
- القضايا الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي
- تعريف اللينينية
- مسأله الثورة (( الدائمة))
- حول الماركسية في علم اللغة
- أسس اللينينية
- ثورة أكتوبر وتكتيك الشيوعيين الروس
- في سبيل تكوين بلشفي
- خطاب إلى الرفيق D-ov
- خطاب إلى الرفيق مولتوف
- كراس المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية - ترجمة :حسقيل ...


المزيد.....




- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - جوزيف ستالين - : الطابع العالمي لثورة أكتوبر / ترجمة عزالدين بن عثمان الحديدي