أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ناهد بدوي - هواء الحرية الثقيل














المزيد.....

هواء الحرية الثقيل


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 1052 - 2004 / 12 / 19 - 11:21
المحور: حقوق الانسان
    


إلى عماد شيحة
ثلاثون سنة تقريبا وأنت تنتظر النور والهواء النظيف، ثلاثون سنة تقريبا وأنت تنتظر هواء الحرية. كم حلمت بأنك ستشرع رئتيك في أعلى نقطة من قاسيون وتعبّ من هواء الحرية المنعش وتلقي التحية على مدينتك النائمة على السفح، وتبوح لها وجع الفراق الطويل وتبث اشتياقك لزواريبها الدافئة.
والآن أنت في لحظة تحقق الحلم فانطلق.
شهدتُ لحظة دخولك إلى منزلك حين خروجك من المعتقل، كانت عيناك تشعان فرحاً وألقاً، وبشرة وجهك صافية كعريس يزف إلى المرأة المستحيل، الحرية. تحّلق الأصدقاء في غرفة بيتكم، وللغرابة، تجولتُ في عيونهم فكانت عيناك أكثر العيون حيوية وبشراً.
نزلتَ في الأيام التالية إلى الشارع، لتتفيأ بشمس الحرية، فاجأتك الظلمة، حاولتَ أن تعب من الهواء فوجدته ثقيلاً ثقيلاً ثقيلاً.
تتلمس في تلك الظلمة المفاجئة التي غرقتَ فيها بقايا حلم .. بقايا مستقبل رجوتَ أن يأتي.. بقايا أفكار آمنتَ بأنها تحمل طاقة التغيير التي ذهبت أيام عمرك الأحلى من أجلها. ترى ماذا جرى للمصالح الأمريكية التي اعتقلتَ بسبب مناهضتها؟. يا للهول أصبحت أمريكا شخصياً في عقر دارنا وليس مصالحها فقط. أصبحت جارتنا وداخلنا على نحو لم يسبق لأي متفائل من عتاة اليمين الأمريكي والصهيوني أن يحلم به!!!!!!!
أين أحلامنا؟؟ أين مناخنا؟؟ منذ ثلاثين سنة، ياللخيبة، كانت نوافذ الأكسجين أكبر، وكنا نستطيع التنفس أكثر، على الأقل كانت الأخوات والنساء في بلدنا يحاولن الانطلاق وتلمس الحرية.. أما الآن بناتهن وبنات أخواتك وبناتك المفترضات مستسلمات ومنكفئات وراء الحجاب عله يحميهن من الأخطار ومن المجهول الذي تضاعف أسه.
هل مشيتَ في شارع الثورة؟ لا أستطيع التصديق بأنه عندما غيبتك السجون لم يكن هناك شارع بهذا الاسم بل كانت هناك تسترخي البساتين!. شارع الثورة، وأنا التي ظننت أنه كان موجودا هناك منذ الأبد. لكنه فعلا لم يكن هناك. ولم تكن حينها اللغة العربية قد اُختزلت بعد إلى عدة كلمات ومفردات محدودة جداً نسمي بها منشآتنا الوطنية. لم يكن هناك حي اسمه شرقي ركن الدين، ذلك الحي الذي تقطن فيه الآن. كان مكانه امتداد لغوطة دمشق الشهيدة.
عندما يغيب إنسان ما في سفر صغير ويعود يسأل الناس أن يخبروه عن ماذا حصل أثناء غيابه. "ماذا فعلتم في غيابي؟". وأنت بعد ثلاثين سنة، نرجوك ياعماد لا تحاول أن تسألنا هذا السؤال المر!!.

ربما كانت أحلامنا فضفاضة.. ربما كانت أفكارنا ضيقة.. ربما كانت هزيمتنا مطبخا لحلم جديد.. فلا شيء يفنى ولا شيء يذهب سدى.. كما تقول لنا قوانين الطبيعة.
عماد تعال نحلم قليلا. تعال نحلم أن هناك في هذه العتمة.. أعمار نضرة، لا نعرفها، مثل عمرك حينما رحلتَ في ذلك الزمن البعيد، 22 ربيعاً، تحيك لنا كنزات حلم جديد.. أعمار نضرة لكنها تعرف السداة والحبكة خيرا منا، نحن النساجون القدماء.. أعمار نضرة تبرمج المستقبل على الفضاء الالكتروني وتستخدم مفردات لغة ستظل تسمعها طويلاً قبل أن تدرك عن ماذا تتكلم تلك البراعم الجديدة. وهل نملك إلا الأمل والإعداد لفرح الأيام القادمة.

كتبتُ هذه الخاطرة في نفس يوم حريتك، و لم أشأ نشرها كي لا أفرض عليك هواجسي. لكني حينما قرأت لك مؤخراً بياناً من أجل الإفراج عن المعتقلين السياسيين، عدت إلى ورقتي، لأقول هاهو عماد يصرخ: لماذا لاتدعوني أتنفس هواء الحرية الذي انتظرته طويلاً؟.



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا فعلنا بهذا البلد
- العاصفة رفع قانون الطوارئ في حالة الطوارئ فقط!!!
- الباب الأخير
- المرسوم رقم 6 نكث صريح‏ للعقد مع طلاب الهندسة
- عبد الرحمن منيف أيها الشرق الأوسط وداعاً
- هنيئا لك أيتها المرأة المحجبة في فرنسا
- لنغفر ليوسف إدريس قسوته علينا
- الجدار العازل في فلسطين في عصر انهيار الجدران!!؟
- منبر يساري حر في زمن ندرت فيه المنابر اليسارية الحرة والمنفت ...
- اعتذار من نزار قباني
- سياحة في العيون الحرة
- الخيارات الاقتصادية في سورية والحركة النقابية الحقيقية
- المنطقة العربية بين مطرقة املاءات دافوس وسندان التأخر والركو ...
- الديمقراطية حاجة موضوعية في بلادنا مخاطر للاحتلال الأمريكي ع ...
- الشباب ضمير البشرية في مناهضة العولمة والحرب
- هل يرى السوريون ضرورة مناهضة العولمة ؟


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ناهد بدوي - هواء الحرية الثقيل