أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - الثقافة والسيطرة















المزيد.....

الثقافة والسيطرة


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3545 - 2011 / 11 / 13 - 15:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الثقافة والسيطرة
يبدو أن نشأة الحضارة لم تنفصل عن مفهوم الآخر في يوم، ومنذ بادئ ذي بدء.
فمنذ كان الانسان يلتقط (وكذلك الحيوان) استشعر الخوف (قبل الحبّ) تجاه نظيره المارق عن بعد وارتاب به كلّ شرّ. وقد استمر الشعور بالريبة والمنافسة والخوف والتحدي والانتقام يخالج كل أفكار الناس ومشاعرهم ومواقفهم، مهما اجتهدوا في طلائها بأصباغ التمدن والرياء الاجتماعي. وبعد آلاف السنوات (أو ملايينها) من التطور والتجارب القاسية والمرّة ما زالت نزعة الانقسام والتحارب والاستئثار هي المتصدرة على صعيد العالم والجماعات والأفراد. وتبقى تلك القصة التوراتية حول وحدة الأصل البشري وانحدارهم من عائلة واحدة مجرد نكتة يردّدها بلايين الناس في معتقداتهم الجوفاء فيما يبذلون كلّ ما وسعهم لتدمير الآصرة الأخوية والانسانية لغرض مزيد من حيازة وأنانية (فردية/ قبلية/ قومية).
بعقلية انفصالية أو ازدواجية تحدث معظم المؤرّخين حول السياسات التوسعية للدويلات السياسية والامبراطوريات على مدى التاريخ، مطمئنين إلى خيال يوتوبي (حول امبراطورية قوية واسعة خيّرة). يقول توينبي أن الصيت السيّء للمغول مصدره أن ذكرهم جاء عبر الاقوام التي تعرّضت لنيرهم وشرّهم. فجاء وصفهم بالوحشية والفظاظة. بنفس الطريقة جاء مديح الاغريق والرومان ومن تلاهم من الامبراطوريات الغربية عبر استحواذهم الثقافي وقيامهم بتدوين تأريخهم وتاريخ العالم السياسي والحضاري مما جعل لهم تلك الصورة السيادية الموجبة مقابل صورة دونية سلبية لضحاياهم من الأقوام الشرقية والجنوبية.
حضارة الغرب وقوته مدينة للجدب والقحط، مما حفز فيهم إرادة الحياة للتطلع والاستطلاع خارج حدودهم، ثم توظيف سياساتهم للاستفادة من قوت الآخر في إقامة كياناتهم الذاتية الأنوية. لقد حاولت أن أقتنع بمبرر لمحاولة الاسكندر المقدوني (القرن الثالث ق م) في حملته العسكرية لجمع شعوب العالم تحت لواء دولته أو دولة أبيه فيليب الذي أنجز الجزء الأوربي من مشروع التوحيد بعد انتصاره على اتحاد أخائية الذي كان أكبر قوة سياسية في طريقه. ففكرة الاحتلال لا تنفصل عن معطيات الغنائم والأسرى بعد التدمير والقتل طبعا. كما أن فكرة الدولة لا تنفصل عن جمع الضرائب والتجنيد والخنوع لسلطان واحد مختلف.
ويبدو أن الدولة العثمانية ومحاولتها اختراق قلب أوربا في حصار فيننا (1683م)* أكد فكرة الخوف والريبة من الشرق في العقلية الأوربية، في لحظة كانت الذات الأوربية في طور الاستحالة والانبلاج في صورة النهضة والتنوير والاستشراق والاستعمار في صورة المركزية الغربية التي لم يتغير فيها شيء عبر القرون الأخيرة سوى الزحف غربا نحو المسخ الأميركي الذي هو في أصله اجتماع جذاذات شعوب الامبراطوريات الأوربية في محاولة ولادة جديدة تتجاوز هنات الامبراطوريات القائمة.
لقد اجتمع اللصوص والباحثون عن الذهب والثروة مع بعض الأغنياء واللوردات في استعمار الأرض الجديدة. كان السكوتلاند مهمشين سياسيا بعد استفراد الانجليز بالحكم، مما دفعهم للبحث عن مداخل جديدة للسلطة كانت الهجرة الأمريكية احداها، التقوا فيها مع جماعات أخرى من هولاند وفرانك وجيرمان من التجار البيض واتحادهم ضد الملونين من أهل الأرض أم مهاجرة الجنوب. وبعد نجاحهم في رفع القوة الأميركية لمرحلة الامبراطورية المفردة بذاتها، عبر نسيجها الانتقائي العجيب، لم يتخلوا عن فكرة الاسكندر المقدوني القديمة في إخضاع مجتمعات الأرض والثقافات المختلفة لنفوذهم المركزي.
*
يقول علماء الأنثروبولوجيا أن النياندرتال الذي هو همزة الوصل بين الانسان القديم والانسان الحديث وجد في جنوب أوربا. وميزة النياندرتال ليست كبر حجم مخه فحسب وانما توفره على (أول) جينات النطق والتفكير (FOXP2)، ويبدو أن هذا النياندرتال قد حسم عنصر غلبة العقل الوراثية للأوربيين. وفيما تستمر الثقافات العالمية المختلفة في التعويل على عناصر القوة والكثرة العددية (الجنوب والشرق) يطمئن الغرب لعقله وهدوئه. وتمثل الثقافة والتعليم ووسائل الاعلام أدوات العقل وترجمة أفكاره وأغراضه بهدوء وعمق.
اعتقد العثمانيون منذ عهد سليم الثالث (1761- 1808م) أن بمقدورهم الاستفادة من عناصر العلم والخبرة الأوربية في بناء قوتهم العسكرية والسياسية لتحقيق انتصار لاحق على العدو الغربي، والعكس هو ما تحقق لاحقا. وقد اعتلجت دول عربية واسلامية معاصرة نفس الوهم العثماني دون تقدير تبعاته. لقد دفع صدام حسين (العراقَ) ثمنا لأوهام قوته العالمية، وفي سرابه يركض احمد نجاة نحو صخرة الوعل، بينما تلعب كلّ من السعودية وتركيا لعبتين مختلفتين في الاسلوب متوهمتين مقدرة على اختراق العدوّ الصديق. فالدولة التركية الكمالية ما زالت تعتاش على المضادات الغربية، ومحاولة ألمانيا لضمها إلى الاتحاد الأوربي لا يعود لمزاياها الخاصة، بقدر كونها لسانا لتوغل الاقتصاد الأوربي داخل أسواق آسيا الخصيبة، وأي قرار لمقاطعة تركيا سوف يعيدها قرونا للوراء كما حصل في العراق أو يمكن أن يحصل في أي دولة أخرى من دول الهشاشة. أما السعودية ومحورها الخليجي فما زالت تتبختر بفيوضات المال النفطي، متناسية أن عماد فورة النفط والمال هو الغرب نفسه. وأي قرار غربي في وقف استيراد نفطها أو انهيار الأسعار (سعر الصرف) سوف يقضي عليها، وهي المعتمدة كليا والمتعشق اقتصادها داخل هيكلة الاقتصادات الغربية. فهل العقل الغربي بغافل عن قراءة تصورات العقلية التركية أو الخليجية، هذا هو مصدر الوهم. وكلّ ما يلزم هو التحلّي بقراءة الواقع الراهن والتاريخ المعاصر.
لقد قطع نظام البعث شوطا في بناء قوته السياسية الاقتصادية والعسكرية، غير بعيد عن أوهام فورة النفط السبعينية، التي لما تزل دول الخليج تتبختر بها. وقد كان للغرب وموسكو والكوميكون دور كبير في بناء القوة العراقية التي بلغت ذروة الوهم على يد شخصية صدام التي ساهم وسائل الاعلام العالمي في نفخها نحو العظمة، وصولا إلى تعظيم تهديداتها والمخاوف منها إلى اعتبارها خطراً على الأمن العالمي. ونفس اللعبة الاعلامية مورست في صنع شخصية أسامة بن لادن ورفعه إلى درجة (popstar) وصولا لجعله تهديدا للأمن العالمي والاطاحة به.
والسؤال الذي يحتاج أهل الشرق الاجابة عنه هو هل توفروا على عوامل الحضارة والابداع الذاتي.. هل توفروا على أرضية انتاج نهضة حضارية حقيقية..
لعلّ هذه المراجعة الفكرية تجيب عن سبب فشل طلبة البعثات والايفادات في نقل بلادهم إلى دكة العصر(المستقبل)!..
كلّ حملة الشهادات العليا بحاجة لأجابة أنفسهم وشعوبهم عما قدّموه ودورهم في ما حصل لبلادهم!.
13/11/2011
سامي فريدي
لندن
ـــــــــــــــــــــــــ
• حوصرت فيننا (العاصمة النمساوية) عام 1529م في عهد السلطان سليمان القانوني وبعد قرن ونصف أعيدت الكرة في عهد السلطان محمد الرابع، وكلتاهما باءتا بالفشل.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم والغربنة
- الشباب والقيادة
- تراجع النوع البشري
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (4)
- 14 يوليو 1958ن حاجة محلية أم ضرورة دولية /3
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية.. (2)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)
- في ذكرى أنطون سعادة
- المركزية السورية أيضا..
- المركزية السورية ومشروع انطوان سعادة
- العراق في كتابات انطون سعادة
- القوي يكتب التاريخ
- هوامش على -قميص قلقميش-
- انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..
- ماركس والعولمة
- حكومة كاميرون تبعد لاجئين عراقيين قسرا
- ثقافة الاعتذار والتسامح في العرف السياسي
- الانتخابات البريطانية والانسان العربي
- كنائس مصر والبلدوزر.. والانتخابات!


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - الثقافة والسيطرة