أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!















المزيد.....

بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3545 - 2011 / 11 / 13 - 14:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لِنَعْتَرِف أوَّلاً بأنَّ تحديد المثقَّفين العرب من الديمقراطيين والقوميين والثوريين الأصيلين لموقفٍ واضحٍ وجليٍّ من الصراع في سورية، بطرفيه، الشعب ونظام الحكم الأسدي الدكتاتوري، ليس بالأمر السهل؛ والدليل على ذلك يمكن استمداده من نتائج المقارنة بين موقفهم من هذا الصراع وموقفهم (مثلاً) من الصراع الأسبق (والذي ما زال مستمراً) في مصر بين الشعب ونظام حكم مبارك الدكتاتوري؛ فإنَّ قسماً من المثقفين العرب الذين أيَّدوا وباركوا ثورة 25 يناير، ووقفوا ضدَّ نظام حكم مبارك، نراه الآن لا يَجِد حرجاً في الوقوف مع نظام الحكم السوري، الذي وإنْ احتاج إلى "إصلاح"، وإلى كثيرٍ من "الإصلاح"، على ما يقول بعضٌ من هذا القسم، يتعرَّض إلى "مؤامرة" خارجية (أمريكية وأوروبية غربية وإسرائيلية، تشارك فيها دول عربية وجماعات سورية) تستهدف (بإضعافها نظام الحكم السوري، أو إطاحته) القضاء على معسكر "قوى المقاوَمة العربية (ضدَّ هؤلاء المتآمرين)".

ومع أنَّني لا أستطيع أنْ أكون مع "الربيع العربي" وأنْ أكون، في الوقت نفسه، مع جامعة الدول العربية، التي تشبه، لجهة تمثيلها الشعوب العربية، والآن على وجه الخصوص، أنظمة الحكم العربية، فَلَمْ أجِدْ شيئاً من المنطق في أنْ تَصِم دمشق قرار الجامعة تعليق عضويتها بأنَّه "خضوع لأجندات أمريكية وغربية" وهي التي أعلنت، من قبل، موافقتها (ولو كانت موافقة تَعْدِل المناورة) على "المبادرة العربية"، التي لو التزمتها تنفيذاً وفعلاً لاختصرت كثيراً زمن بقاء نظام الحكم الأسدي الدكتاتوري.

لا أريد أنْ أُجادِل فئة ضئيلة جداً من "المثقفين العرب" الذين تُعْمي أبصارهم وبصائرهم مصالحهم الشخصية والفئوية الضيِّقة والتافهة، فيتعصَّبون لنظام حكم بشار الأسد، وكأنَّه يَسْتَحِق أنْ "يُعْبَد" لذاته؛ فهؤلاء المتعصِّبون هُمْ ظاهرة سياسية عادية ومألوفة في كل دولة عربية يَحْكُمها نظام حكم لا يملك من الشرعية الشعبية للحكم إلاَّ ما يكفي لجعله في حُكْم الساقِط (سياسياً وأخلاقياً) ولو استمر في الحكم زمناً طويلاً؛ فإنَّ خير طريقة لإذلال واحتقار هذه الفئة الضئيلة الفاسدة المُفْسِدة هي ألاَّ تجادلها، وأنْ تَضْرِب صفحاً عنها، وجوداً ورأياً وخطاباً.

الفئة الأخرى من المثقفين العرب الذين يَقِفون ضدَّ "المؤامرة" التي تتعرَّض لها سورية، أي نظام الحكم فيها، يمكن ويجب محاورتها؛ فهذه فئة واسعة نسبياً، تَضُمُّ أُناساً اضطَّرب لديهم، وتشوَّش، التفكير والرؤية؛ لأنَّهم لم يُحْسِنوا فَهْم وتفسير التناقضات التي تكتنف الحالة السورية، والتي بسببها (أي بسبب تلك التناقضات) يبدو الصراع في سورية أكثر تعقيداً من الصراع في مصر مثلاً.

بعضٌ من المنتمين إلى هذه الفئة يُسلِّح موقفه (الذي فيه يقف ضدَّ ثورة الشعب السوري) بحُجَّة على هيئة تساؤل؛ فهو يتساءل في استنكار ودهشة واستغراب قائلاً: "كيف لمثقف عربي يزعم أنَّه ثوري أنْ يقف مع جعجع، والحريري، ونتنياهو، وقوى إمبريالية، ودول عربية لا مكان للشعب في حياتها السياسية.. ضدَّ سورية (أي ضدَّ نظام الحكم فيها)؟!".

دعوني أوَّلاً، وإنصافاً للحقيقة ليس إلاَّ، أنْ أحذف اسم نتنياهو من هذه القائمة؛ فإنِّي لَمِنَ المؤمنين بأنَّ نظام حكم الأسد (آباً وابناً وروحاً قُدُساً) هو نعمة أسبغها الله على دولة إسرائيل التي، على ما قال قادتها غير مرَّة، لا يجحدون هذه النعمة؛ ولقد بات في حُكْم المؤكَّد أنَّ نظام الحكم الأسدي الدكتاتوري قد اشترى بقاءه بثمن هو بقاء إسرائيل آمنة في الجولان، ومن الجولان، وعدم السعي إلى استعادة هذه الهضبة، سلماً أو حرباً، بدعوى رفض السلام المُذِل، أو حشد القوى توصُّلاً إلى "التوازن الإستراتيجي"، الذي من مقتضياته بقاء الحدود في الجولان بلا حقول ألغام سورية، مع زرع الألغام على الحدود السورية مع لبنان!

ولو أنَّ مثقفاً عربياً ذهب إلى نتنياهو سائلاً إيَّاه "كيف يمكنني أنْ أخدمكَ على خير وجه في ما يخصُّ الصراع في سورية؟"، لأجابه على البديهة قائلاً: "قِفْ، ولو ارتديت رداء العداء لإسرائيل، مع نظام حكم بشار، الذي وإنْ أزعجنا ببعض ألاعيبه السياسية يظلُّ مَصْدَر أمن وأمان لإسرائيل".

أمَّا في أمْر تلك "القائمة" التي حَذَفْتُ منها اسم نتنياهو بدافع التحزُّب إلى الموضوعية في النَّظر إلى الأمور، فأقول ليس من ذَنْب الثورة السورية العظيمة أنْ يكون لنظام الحكم الأسدي الدكتاتوري هذا العدد الكبير من الأعداء والخصوم الدوليين والإقليميين والعرب؛ لكنَّ هذا التناقض يمكن أنْ يُفْهَم ويُفسَّر على خير وجه، وأنْ يستقيم التفكير، وتستتب الرؤية، من ثمَّ، إذا ما أوْضَحْنا أنَّ هؤلاء الذين تضمهم تلك "القائمة" لا يَقِفُون مع ثورة الشعب السوري، بدوافعها وغاياتها ومضامينها الحقيقية، وإنَّما يَقِفُون ضدَّ نظام حكم بشار (بدرجات مختلفة، ولأسباب ودوافع وغايات مختلفة).

وإنَّ من ألفباء السياسة الثورية في وضع معقَّد كهذا الوضع السوري أنْ يتمثَّل الثوريون مبدأ "السَّيْر على حِدَة، والضَّرْب معاً"؛ فلا مانع يَمْنَع من أنْ يأتي الضَّرْب على رأس نظام الحكم السوري من قوى وأطراف عدة مختلفة متباينة متناقضة، على أنْ تظلَّ ثورة الشعب السوري تسير على حِدَة، مُمَيِّزةً دائماً رايتها من راياتهم؛ فَهُم لهم أجنداتهم، وللثورة السورية أجندتها؛ وإنَّ كثيراً مِمَّا تتضمَّنه أجنداتهم لن تنزل برداً وسلاماً على ثورة الشعب السوري؛ فعدو عدوي ليس دائماً، أو ليس بالضرورة، صديقي أو حليفي.

إنَّ رياحاً دولية وإقليمية وعربية كثيرة تهبُّ على سورية، وكأنَّ كل ريحٍ منها تسعى في تسيير الصراع فيها بما تشتهي هي؛ فَلْتَعْرف سفينة الثورة السورية كيف تستفيد من هذه الرياح، وكيف تدرأ مخاطرها عنها، في آنْ؛ فإنَّ ثورات الربيع العربي لن تتأكَّد معانيها ومراميها الحقيقية إلاَّ إذا عَرَفت كيف تُزاوِج بين شرعيتيها: "الشرعية الديمقراطية"، المستمدَّة من العداء لنظام الحكم الدكتاتوري، ومن الصراع من أجل "الدولة المدنية"، و"الشرعية القومية"، المستمدَّة من العداء لإسرائيل، وللقوَّة الإمبريالية العظمى في العالم.

ولأولئك الذين التبس عليهم معنى "الربيع العربي" أقول إنَّ كل ثورة عربية تظلُّ ناقصة، مشوَّهة، عُرْضة للهلاك، إنْ هي أفْرَطَت في انتصارها لـ "الحقِّ الديمقراطي"، لِتُفَرِّط في "الحقِّ القومي"، أو إنْ هي أفْرَطَت في انتصارها لـ "الحقِّ القومي"، لِتُفَرِّط في "الحقِّ الديمقراطي"؛ فشعوبنا، في ربيعها الثوري، تحتاج إلى فولتير ومونتسكيو وجون لوك وتوماس هوبز وجان جاك روسو؛ لكن من غير أنْ تنتفي، أو تتضاءل، حاجتها إلى بيسمارك.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران.. هل أزِفَت ساعة ضربها؟
- كيف تفهم الولايات المتحدة -الربيع العربي-؟
- اكتشفوا أنَّ -الربيع العربي- ليس -ثورة-!
- أردوغان التونسي!
- -البحرين- بميزان -الربيع العربي-!
- -الحركة الطبيعية- و-الثلاثية الهيجلية-!
- رسالتان متزامنتان!
- هذا هو جسر الانتقال إلى الديمقراطية!
- وفي القصاص حياة!
- في الأردن.. إصلاحٌ يحتاج إلى إصلاح الحراك!
- -الوسطية- في مناخ -الربيع العربي-
- أوباما الذي -تَغَيَّر- ولم -يُغَيِّر-!
- شعوب الغرب.. إلى اليسار دُرْ!
- د. زغلول النجار يكتشف إشارة قرآنية إلى -النسبية-!
- -11 أيلول ثانٍ- ضدَّ إيران!
- حتى يُزْهِر الربيع العربي الدولة المدنية!
- من اقتحام -السفارة- إلى هدم -الكنيسة-!
- هذا -الخَلْط- بين -الجاذبية- و-التسارُع-!
- -ربيع عربي- يَقْرَع الأجراس في -وول ستريت-!
- الرداءة.. كتابةً وكاتباً!


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!