أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حسام هاب - زمن العبث السياسي














المزيد.....

زمن العبث السياسي


حسام هاب

الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 19:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


عرف العالم العربي خلال هذه السنة موجة من الانتفاضات الشعبية ضد الأنظمة السياسية العربية الفاسدة ، فهذا الربيع الديمقراطي الزاحف على المنطقة العربية ، خلق حراكا سياسيا و اجتماعيا شبابيا أدى إلى انهيار أنظمة عربية كانت إلى حد قريب قلاعا منيعة للاستبداد السياسي ، و نموذجا واضحا لفساد النخب السياسية التي آثرت الاستفراد بالحكم طيلة عقود طويلة بعيدا عن الممارسة الديمقراطية و تقعيدها كثقافة سياسية متجذرة داخل المجتمع ، تقوم على حكم الشعب و فتح المجال أمام نخب سياسية جديدة للتداول على السلطة و المسؤوليات و تسيير الشأن العام السياسي . لم يكن المغرب بعيدا عن موجة الربيع العربي الذي تحول إلى ثقافة سياسية متنقلة بين الأقطار العربية تحمل مطلبا واحدا هو " دمقرطة الدولة و المجتمع " ، و لم يشكل استثناء عربيا كما روج لذلك النظام المغربي ، بل عرف هو أيضا حراكا سياسيا و اجتماعيا كانت شروطه الذاتية و الموضوعية ناضجة و قادته حركة 20 فبراير الشبابية التي حملت في أرضيتها المطلبية 20 مطلبا أفقها السياسي هو الملكية البرلمانية .
كان الإصلاح الدستوري و هو المطلب الملح و المستعجل لحركة 20 فبراير ، مدخلا أساسيا لإعادة بناء عقد سياسي و اجتماعي جديد بين الملكية المغربية و المجتمع ، و بداية حقيقية لإصلاح الحقل السياسي المغربي المتأزم سياسيا و التابع لأجندة الدولة ، و الفاقد لأي ارتباط عضوي بالمجتمع و هموم المواطن ، و كان رد فعل الدولة سريعا على المطلب الدستوري للحركة و هو ما عبر عنه خطاب 9 مارس الذي حدد المرتكزات الأساسية للإصلاح الدستوري ، و استفتاء 1 يوليوز ، و على الرغم من كون الدستور الجديد لا يؤسس لملكية برلمانية قائمة على فصل حقيقي للسلطات ، فيمكن اعتباره بداية لمرحلة سياسية جديدة دخلها المغرب قائمة على ضرورة تنزيل الدستور و تطبيق نصوصه و مضامينه على أرض الواقع، من أجل محاربة كل مظاهر الفساد السياسي و الإداري و المالي التي أضحت مرضا بنيويا ينخر واقعنا السياسي المريض . اعتبر تنظيم الانتخابات التشريعية في 25 نونبر 2011 ، نتيجة لطبيعة المرحلة السياسية الجديدة التي دخلها المغرب تزامنا مع إقرار الدستور الجديد ، و كان يبدو للمتتبعين للشأن السياسي بالمغرب أن الحراك السياسي الذي شهده العالم العربي سيكون له تأثير إيجابي على مستوى تعامل الدولة و الأحزاب مع طبيعة التغييرات السياسية المتلاحقة و خاصة مسألة الانتخابات التشريعية و الإعداد لها ، لكن للأسف فالمؤشرات التي أعطتها الدولة و الأحزاب أثبتت أن نعيش عبثا في زمن الرداءة السياسية في بلادنا .
فالدولة لم تعط أي إشارة حول حيادها في التعامل مع الانتخابات حيث أن حزب الدولة السري - وزارة الداخلية - مازال يتحكم في طبيعة التقطيع الانتخابي و يتفاوض مع الأحزاب السياسية في حين أنه بعد إقرار الدستور الجديد يطرح السؤال حول دور الحكومة و رئيسها المحترم في عملية الإعداد للانتخابات ، و الأكثر من هذا يبدو من خلال تتبع خيوط تشكيل بعض التحالفات الحزبية الهجينة الأخيرة بروز دور و تدخل غير مباشر للدولة في تشكيلها رغبة منها في التحكم في الخريطة السياسية المغربية . فالتحالف الجديد الذي أسسته 8 أحزاب لا يوجد بينها أدنى توافق سياسي و لا إيديولوجي ، إلا كون بعضها هو أحزاب إدارية يمينية خلقتها الدولة في وقت من الأوقات لمحاربة أحزاب الصف الديمقراطي ، و بعض الأحزاب اليسارية التي فقدت بوصلة انتمائها لمنظومة اليسار، هو محاولة لإعادة رجوع الوافد الجديد حزب الأصالة و المعاصرة إلى الساحة السياسية تحت غطاء هذا التحالف بعض الضربات التي تعرض لها مع الحراك الشبابي الذي خلقته حركة 20 فبراير .
إذا كانت الدولة قد تعاملت مع منطق الانتخابات بمنطق التحكم في خيوطها و تشكيل ملامحها ، فإن أحزابنا السياسية للأسف لم تستوعب أن العالم العربي يتحول و يتغير ، و لم تجسد التغيير استجابة لمطلب الشارع المغربي بضرورة إحداث قطيعة حقيقية مع المرحلة السابقة التي تسببت في استشراء الفساد في مشهدنا السياسي ، فطريقة تدبير الأحزاب للتزكيات الحزبية في الدوائر المحلية و اللوائح الوطنية عرفت عودة نفس الوجوه الفاسدة التي طالب الشباب المغربي برحيلها من المشهد الحزبي و المؤسسات المنتخبة لأنها تشكل لوبيات للفساد و استغلال النفوذ و السلطة ، في حين أن الأحزاب كان بإمكانها بعث رسائل واضحة للمجتمع على أنها فهمت التحولات المتسارعة التي يعرفها مجتمعنا من خلال اختيار الوجوه الشابة للنزول إلى الميدان الانتخابي و الاحتكاك بالمواطنين ، لكن للأسف فأحزابنا تعيد نفس أخطاءها القاتلة و تكرس الوجوه القديمة . بدون شك فإن تكريس الدولة لمنطق الريع السياسي داخل الأحزاب و تحكم منظومة الشيخ و المريد داخلها ، هو الذي سيعيد نفس الوجوه القديمة إلى مؤسسة البرلمان و سينتج الوضع السياسي السابق و سيجهض أي أمل في إفراز تحول ديمقراطي حقيقي ببلادنا ، و سيكرس خطاب المقاطعة الانتخابية كرد فعل شعبي على واقع سياسي سوريالي .
إننا فعلا نعيش زمن العبث السياسي فكيف سنتخيل مؤسسة تشريعية حقيقية بوجوه انتخابية غير قادرة على التشريع و ضمان الدفاع عن التأويل الديمقراطي للدستور ؟ و كيف نريد ممارسة سياسية سليمة في ظل مشهد سياسي متأزم ما بين أحزاب مغربية تتحول في الانتخابات إلى دكاكين انتخابية همها الأساسي هو استقطاب الأعيان و أصحاب الشكارة ، و دولة مازال تتعامل مع الانتخابات بمنطق التحكم فيها و تكريس ثقافة الريع السياسي و هندسة الخريطة السياسية و التحالفات الحزبية ؟ ورغم أننا في زمن العبث السياسي و قد أكون جد متشائم في رؤيتي للمستقبل السياسي لبلادنا ، فكلي أمل في مغرب طموح يسع لجميع أبناءه ، و مؤسس لمشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي ينعم فيه المغاربة بالحرية و الكرامة و تكافؤ الفرص تحت عباءة دولة الحق و القانون .



#حسام_هاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الذكرى 46 لاختطاف المناضل المهدي بن بركة في الحاجة إ ...
- أرنستو تشي غيفارا : جدلية المناضل الثوري و المفكر الإنساني
- مفهوم المجتمع المدني : النشأة و التطور التاريخي
- بمناسة الذكرى 52 لتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( 6 شت ...
- الشباب الاتحادي : مسار و آفاق الاشتغال داخل حركة 20 فبراير
- حركة 20 فبراير : بين مصداقية التغيير و حتمية الإصلاح
- حركة 20 فبراير : بين التجليات السياسية و التمظهرات السوسيولو ...


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حسام هاب - زمن العبث السياسي