محمد فوزي راشد
الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 14:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنت أراها من بعيد , كانت تخطر دوما في طريقي ,كانت كلما مرّت يتطاير من بين ثنايا ثوبها شذىً طيب ودعوة .
وكان صوتها هادئا دوماً وكانت ضحكتها مرحة و مضحكة . كنت أرغب بالحديث إليها وكانت يمنعني تبسّطها ,
و نظرات عينيها التي ترنو إلى مكان مرتفع , نظراتها كمن ينتظر ريحاً طيبة محملة بالمطر أو بالفرح .
في حمص يرتاح المرء , كما يرتاح تحت شجرة في فناء بيته .
كانت موجودة دائما . كلما مررت بها أو مرت بي . كانت ببشرتها القمحية المعجونة بعصير العنب الأحمر , وبأنفها الغريب المميز .
كأنف أميرة عربية فيه الشمم لاريب ولكن ما يميزه أكثر ذلك النزق الدفين لصاحبة خلق كريم .
في حمص يمكنك أن تتناول حلاوة تقليدية رائعة . ويمكنك أن تسمع نكتة جميلة تبقي الابتسامة على وجهك طويلاً.
كيف يمكن لهيفاء ترفل بالأنوثة و تنضح بالرغبة ألاّ تعرف الحب ؟
على فم صغير حائر غير متناظر,ترتسم شبه ابتسامة , بطعم الكرز , المعطر بالهيل والنعناع واللافندر, كم هي شهية ابتسامتها , كم هو مخيف نزقها !.
في حمص للأرق صوت مهول , في حمص للأرق صوت قذيفة وصراخ مريع. في حمص يسهر الناس ليس طلباً لضوء القمر .
في حمص يسهر الناس طلباً لوجه الرب في السماء وعنايته على الأرض.
صوت حفيف ثيابها وهي قادمة , ترانيم أمي تهدهدني وتلقمني أصابعي .
وضعت حمص يدها على رأس الوطن ومسحت بيد حانية , ألقمت ثديها الوطن. فلم ينم . و على يدها الأخرى دماء .
كان الألم .معزوفة على الأشلاء, والوطن , شدو الإماء .
تعب الذئاب ولم تتعب , نهشوا وارتقى كل يوم عشرات الشهداء .
تبكين تموز غاليتي .. أأحزنتك حمرة مياه العاصي ففي حمص اليوم تموز يبعث من جديد .
في حمص سيفُ .. نزل من السماء .
في حمص طعم الموت بطعم الرجولة و الشرف والكبرياء .
لا وقت اليوم للبكاء .
بل ابكي سورية و انحبي واحثي تراباً أحمراً على رؤوس . الصامتين الجالسين الخائفين الجبناء .
تعساً لكم من مجلسٍ سئم الحديث فيه وجوهَ الجلساء .
أبو عبيدة وخالد في حمص يُقتلون بطاعون أسود و مكة تنظر والمدينة , زحفَ الشرِّ و بثور القيح في وجه مضر وقيس والشهباء .
قعقاع عد بخيلك من العراق فهرقل غادر سورية وبقي ابن سبأ و شمر و غلام المغيرة وسموم خيبر في بطون الأنبياء .
على أطراف البادية وسهل الجابية جلست فتاتي مرتين , مطرقة , متوشحة بحجارة سوداء.
#محمد_فوزي_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟