أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة















المزيد.....

المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 00:26
المحور: الادب والفن
    


فيلم المسافر للمخرج احمد ماهر واحد من الأفلام المثيرة للجدل، ليس فقط لرعاية وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني له دون غيره، ورصد ميزانية إنتاجية ضخمة له تكفي لإنتاج عدة أفلام، ولا التردد غير المبرر في عرضه داخل مصر، والتركيز فحسب على مشاركته في المهرجانات الدولية، وأنما كذلك في الاستقبال غير المرحب به من الجمهور المصري، ورفعه سريعا من دور العرض، ما يعني ببساطة أن صانعه تغاضى عن عنصر المشاهد المحلي في معادلة هذا العمل، والذائقة الفنية التى يمكنها استيعاب هذه التجربة، حتى لو لجأ المخرج إلى كسر المألوف في البناء الدرامي، فالعبرة في التلقي بالاطار الدلالي المشترك بين القائم بالاتصال والمتلقي، حتى يمكن التفاعل، وحتي تصل الرسالة وتحدث آثرها.
لكن يبدو أن خوض ماهر تجربة الفيلم الروائي الطويل الأول بإمكانات ضخمة بعد عدة أفلام قصيرة ناجحة، أغرته بالشطط في التجريب، ومحاولة صنع فيلم كبير يتجاوز قدراته وخبراته الفنية، وربما "هوس العالمية"، وصنع فيلم يمثل مصر في الخارج كان أحد مربكات هذا الفيلم المرتبك على المستوي الفني والفكري والممسوخ الهوية، رغم الإلحاح على استعراض مصر بشوارعها وسواحلها ومعالم حضارتها القديمة والحديثة وحقبات تاريخها المختلفة، لكن بعين سائح أو على نحو أقرب إلى الدعاية السياحية المستفزة، والتى أخذت مساحات على الشاشة بشكل مسرف، تماما مثلما تم الإسراف في شريط الصوت بشكل غير مبرر إلا من زاوية مغازلة جمهور المهرجانات، وإعطائهم فرصة للتعرف على الأغاني المصرية التراثية والحديثة التى يستمر بعضها عدة دقائق على الشاشة، ومقاطع من القرآن والتواشيح الدينية والآذان بشكل متتابع، دون توظيف جيد إلا قليلا، وفي أحيان كثيرة بشكل مبالغ فيه ومزعج للغاية، يقود إلى الملل و بطء الايقاع، والانفصال عن أجواء العمل.
ويبدو إرتباك "هوية الفيلم" مرتكز أساسي في تحليله، وتفسير اغترابه عن الجمهور، فمن الصعب الإمساك بالهوية المصرية في هذا العمل، رغم أن كاتبه ومخرجه مصري، ورغم أنه إنتاج مصري، وتدور أحداثه على أرض مصرية.
فالبطل حسن الذي قام بأداء دوره في الجزئين الأول والثاني خالد النبوي، وفي الجزء الثالث عمر الشريف، ويعد محور الأحداث، من الصعب تلمسه في الواقع في شخصية مصرية، ذلك الشخص الضعيف المتردد الذي يعمل موظفا ببريد بورسعيد، ويقوم بمغامرات تتجاوز طبيعة تركيبته النفسية والبدنية، إذ يركب حسن البحر ليلتقي بفتاة أرمنية لا يعرفها ليمارس معها الجنس بعنف على ظهر مركب يحفل بأجواء العالم المخملي لقصور الطبقة الاستقراطية، منتحلا شخصية حبيبها بالمراسلة فؤاد، الذي سرعان ما يظهر فتترك نورا المخادع العنيف لتتزوج بالآخر، ثم يقوم حسن بإحراق المركب ويختفي.
لنراه في الجزء الثاني، وهو يلتقي بابنة الأرمنية التى يُحتمل كونها ابنته ليساعدها في دفن أخيها، ثم يختار لها عريسا معتوها، بعد أن يمارس معها الجنس، وسط تجاور الفرح والعزاء ذي الطابع الهزلي، ثم اشتعال النيران، وعدم معرفة ما إذا كانت العروس قد غرقت في بحر الاسكندرية أم لا؟.
ثم في الجزء الثالث يظهر في القاهرة وهو يبحث عن الشاب الذي لا نعرف هل هو حفيده أم ابنه؟! ليستعرضا معا حكايات الخال ومغامراته التى أودت بحياته، والتى يسعى حسن أن يقلد أحداها، ومنها مواجهة القطار القادم علي جسر فوق النيل، والقفز للماء قبل أن يدهسه، رغم أنه عجوز تجاوز السبعين ولا تتناسب مثل هذه التجارب مع مرحلته العمرية.
وثمة ارتباك آخر نلمسه على المستوى الأسلوبي، فالمخرج لم يحسم أمره على ما يبدو في اختيار الأسلوب الذي يعالج به فكرته.. هل الواقعية أم الفنتازيا؟، فكانت النتيجة منطقة وسط بين الواقعية غير المقنعة والفنتازيا غير المحكمة، وهذا سبب من أسباب إعاقة التلقي.
ويبدو أنه كان ينتوي استخدام تقنية "الفلاش باك" لإستعراض تاريخ البطل في اللحظة التى كان يواجه فيها الموت غرقا في نهاية الفيلم، ثم تراجع ليجعل الفيلم يأخذ خط التصاعد الدرامي التقليدي من الماضي إلى الحاضر؟ وهو ما لم ينسجم مع طبيعة بنية هذا الفيلم، الذي لو تعامل مع تفاصيل أحداثه كحالة حلم وتخيلات ومكبوتات العقل الباطن، لكنا إزاء عمل متسق ومتماسك، غير مترهل كما في حالته الراهنة التى لا تعدو كونها ثرثرة بصرية تبحث عن اطار دلالي.
وتأتي حالة الارباك أيضا، من الاشارات الزمنية التى على ما يبدو أراد بها المخرج تحميل الفيلم بأبعاد سياسية لا وجود لها في سياق العمل وبنيته، مثل عنونة فصول الفيلم الثلاثة بأزمنة تحمل دلالات تاريخية كبري مثل حرب 1948، ثم حرب أكتوبر 1973، ثم أحداث تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وكأن المخرج يريد متعمدا للجمهور والنقاد أن يُسقطوا أشياء على الفيلم تذهب به أبعد من اطاره، وتدخله منطقة جدلية، في حين أن الفيلم بنيته الرئيسة بسيطة للغاية، لا تتجاوز مغامرة جنسية أتاحتها الصدفة، تشبع الرغبة المحمومة لشاب يبدو محافظا وبلا تجارب، ثم إعادة التجربة مع ابنة الفتاة التى لم يستطع أن يحتفظ بها، كنوع من التعويض، خاصة وأنها تشبه أمها، وتستدعي إليه مذاق التجربة الأولى، إلى أن نراه يغازل الطبيبة الشابة ويتحسر على شبابه الضائع في الجزء الثالث، ونظرة الاشتيهاء بعد إنقاذه من الغرق في المشهد الأخير لثدي المرأة المرضعة.
وهو الأمر الذي لا يستوجب اعطاء تلك التجربة ابعادا فلسفية مبالغ فيها، ودلالات متعددة لا أثر لها، وإن سعى مخرجه أن يضعه في دائرة الجدل المصطنع والتأويلات المتجاوزة لحجمه الفني المتواضع، باصطناع رموز على الهامش كانت عبئا على العمل، وليس ميزة، سواء بالعناوين التاريخية أو بتعدد الأمكنة والأزمنة، أو لقطات للمصلين في الشارع أو مشاهد مفتوحة أو متجاوزة للواقع كمشهد الخيول التى تقفز في المياه أو الحمام الذي يحلق في شقة حسن أو مشهد العروس في الماء، ومشهد حسن وهو يغرق في النيل متأملا، وبجواره جثة طفل رضيع، والحرائق المتعددة.
وحين نعلم بإعادة المونتاج أكثر من مرة وحذف أكثر من ساعة كاملة، وإمكانية حذف أخرى ندرك مدي الارباك في هذا العمل وتواضع مستواه البنائي، مع ضعف اداء الممثلين المفتقدين للاقناع، خاصة خالد النبوي وعمرو واكد وسرين عبد النور ، وعدم تألق سوى عمر الشريف ومحمد شومان.
وإن كنا نلمس جماليات للصورة وحرفية في الاضاءة، فأخشي أن اقول إنها ربما تعود لمدير التصوير الايطالي، أكثر ما تحسب للمخرج المصري الذي كان طموحه الجارف، والاغراءات التى توافرت له، وراء كبوته الفنية وصنع "تجربة عبثية" مليئة بالافتعال والمبالغات، لا تعبر عن عبث الحياة أو اللامعقول فنيا.
*كاتب صحفي وناقد مصري
Email:[email protected]



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -صفقة تبادل الاسرى-.. الدور الوظيفي والتوقيت المثالي
- -مؤامرة- شرف وا-لمسألة المسيحية- في مصر
- تزييف استباقي لتاريخ ثورة المصريين
- المشير ليس عبد الناصر قائد الثورة المصرية
- امريكا والسعودية والخريف العربي الطويل
- مصر بين جدل ثورة الشعب والانقلاب العسكري
- ثوار مصر واسقاط نموذج الحاكم الآله
- الفلسطينيون والكفر بالثورة المصرية
- تفجير انبوب غاز ام تفجير لتطبيع مرفوض شعبيا؟
- -زنزانة 211-.. السجان حين يكون سجينا
- العربي ورابطة عمرو موسى للجوار
- الذاكرة الفلسطينية في مملكة النساء وعلى بعد خمس دقائق من بيت ...
- فتح معبر رفح والضربة المصرية الجديدة للكيان الصهيوني
- عنف عسكر ووعي ثوري ونضال مفتوح
- الجامعة العربية ورياح التغيير
- لوبي الديكتاتور مبارك وسيناريو هدم المعبد
- الحركات الاسلامية بين استغلال الديمقراطية ونسف الدولة المدني ...
- المثقف السوري واختبار ثورة الشعب
- اعادة سيناء الى حضن مصر الجديدة
- جمعة محاكمة المفسدين وسبت عقاب الثوار


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الرحيم - المسافر: -تجربة عبثية- لاتعبر عن عبث الحياة