أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - لعنة اللاوعى















المزيد.....

لعنة اللاوعى


أحمد عفيفى

الحوار المتمدن-العدد: 3543 - 2011 / 11 / 11 - 23:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من وحى رسائل وردود صديقى المسلم أحمد ألجيريان.
فى وصف هو الأول من نوعه لما أكتب، وصف صديقى المسلم مقالاتى، " بالسفسطائية الممزوجة بالرومانسية " ، وهو ما كنت أجهلة تماما عن فحوى ومحتوى مقالاتى، حتى أشار إليها صديقى بكل أدب بذلك الوصف، وهو ما زاد قناعاتى السفسطائية الممزوجة بلمسة رومانسية بقناعة جديدة ، وهى أن المسلمون يرون ما عدا خارج لا وعيهم، محض سفسطة، وفى أفضل حالاتها ممزوجة بنكهة رومانسية، وقناعة أخرى جديدة أيضا أشكره على كليهما، أنه عندما شرع فى متابعة سفسطاتي الرومانسية، تثبت يقينه من وجود الله والأنبياء والرسالات، ولو كنت أدرك أن سفسطتي تلك، ستثبت يقين الموقنين، لكنت سفسطت منذ زمن بعيد.
صديقى ألجيريان، نموذج مثالى على لعنة اللاوعى عند المسلم، أو ما يمكن تبسيطه بقصة الزجاجة والدجاجة، وهى قصة ببساطة تضع المسلم فى حتمية الاستحالة فى إخراج الدجاجة من الزجاجة، رغم أنه هو بالأصل من وضعها، إلا أن خروجها من عقله أو من زجاجته أصبح صعبا، بل ومستحيلا، فاللاوعي المسلم، وضع الله والنبى والعقيدة، فى زجاجة عقلة، وعندما يساور عقله ذلك، شك أو تساؤل، يهرع إلى منابر العلمانين المساكين أمثالي، ليقرأ مقالاتهم ويبحث بها عن بدائل لدجاجته المسجونة فى عقله، وعندما يقرأ سفسطة العلمانيين الرومانسيين، يرفضها ويعود سريعا لدجاجته ولجاجته، فهو ليس بحاجه ولا قبل له بجوارح العلمانيين، ممن لا تقبع فى زجاجات، ولا ترضى بالمقدس والميت وغير المعقول والمنطقي من بائد القناعات.
عندما تربى نسرا فى بيتك، وتقيده وتطعمه، سوف يتحول مع الوقت والتعود إلى حيوان أليف، يفقد خصائصه ومميزاته الفطرية، من انقضاض وقنص وتحليق واعتماد على الذات، ولو حاولت بعد ذلك أن تفك قيوده وتطلقه، سوف يهوى بعد أول عشرة أمتار، حتى لو ظللت تلح عليه وتقنعه أنه نسر وخلق قويا ويمكنه التحليق والانقضاض والقنص بمفرده،ذلك أنك وضعته فى قفص اللاوعى، ورحت تغذيه بما ترغب وما تحب وما يحلو لك، فأصبح الطبيعى والمألوف بالنسبة لنوعه وفصيلته وطبيعته، غريب وغير مألوف وربما يعرضه للخطر.
للمسلم لا وعى يمتلئ بالتعود والثبات والتقديس، كساحة خلفية لمنزل قديم، لا يرغب صاحبه أن يحرك به شيء، حتى لا يفقد للأشياء ثباتها وترتيبها، حتى لو أدى ذلك لتعفن وخراب الأشياء وركون الصدأ إليها والتراب عليها، وبيوت العنكبوت التى تعشش بها، المهم أن تظل كما هى، حتى يجدها أبناؤه وأحفاده كما وجدها هو، ثابتة جامدة خربه يعلوها التراب والصدأ، ومقدسة بحكم العادة والإرث والخوف.
وما دام هناك مليار ساحة خلفية قديمة وخربة وثابتة، فلا جناح عليه، ولابد أن يكون على صواب، وألا كيف يكون كل هؤلاء على خطأ، تماما كنازية هتلر، التى أعتبرها الألمان حقا وصدقا ويقينا، وجنس آري بدم أزرق، وإنسان سوبر، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ورغم أن النازية والفاشستية إنتهيتا، فالإسلام لا ينتهى، لأنه مؤيد بالله المقدس، الذى لم يراه أحد ألا رجل واحد، فى ليلة واحدة، ذهب لزيارة مسجد أقصى، لم يكن موجودا فى ذلك الوقت، وأخترق وهو الفانى، ما لم يخترق جبريل الخالد، ورأى العذاب رغم أن الكل سوف يحاسب بعد نهاية الأيام، وجاء بصلاة مخفضة بمساندة من نبى اليهود، بلا آذان أو كيفية لأدائها، وعلى المسكينون أو المسلمون، أن يصلوا كما رأوه يصلى، رغم أنه لا ذكر لتلك الكيفية فى خرافة المعراج، ولكنه النبى الإله الذى لا ينطق عن الهوى، والذى لا يفهم غالب آيات النص، أو لا يعييها، وإذا أعيته الحيلة، أمرهم ألا يسألوا عن أشياء أن تبد لهم تسؤهم، حتى صار عرف وعادة وتقليد وطبيعة فى جبلتهم، ألا يسألوا أن أى أشياء أن بدت لهم ربما تنقذهم من بؤسهم.
اللاوعى المسلم مسجون بالكف عن التساؤل والسؤال، مرهوب بقدسية النص وسنة الرجل، يؤثر السلامة كدجاجة، ويخشى من التحليق كنسر أليف، يأكل ما يلقى له، ويمتنع عن التحليق، فربما سقط ومات، والحياة مع الجبن والخوف والرهبة، أفضل عند المسلم من التساؤل والتحليق والفهم، فأنى له من الله الغامض المقدس ونصه الغامض المقدس ونبيه الغامض المقدس وسنته الغامضة المقدسة.
الهندى يعبد بقرة، والمسلم يعبد دجاجة، الهندى لا يذبح ولا يأكل البقرة، والمسلم لا يذبح ولا يأكل الدجاجة، الهندى يسجد لبقرة، والمسلم يسجد لدجاجة، وإذا أشرت له أنه يعبد دجاجة! زمجر وكشر عن أنيابه وقال لك: إنها دجاجة مقدسة، لا يأتيها البيض من بين يديها ولا من خلفها، ولكن يأتيها من تحتها، تماما كبقرة الهندى التى لا يأتيها اللبن من بين يديها ولا من خلفها، ولكن من تحتها.
أتساءل أحيانا، إذا كان الدين متين ومقنع، فما الذى يأتى برجل مثل صديقى المسلم، ليبحث عن البديل لدى علمانى مثلى، إذا كان الرب الإله هناك، بحكمته يختال علينا، والنبى الأمى بسنته يحتال علينا، والرسالة تامة ومرضى عنها وعليها، فأى بديل ذلك الذى يبحث عنه المسلم المسكين، ولديه الحق المتين والرسالة التامة، ولماذا يشغل باله ويضيع وقته سدى بالجلوس تحت منبر علمانى مثلى، يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ومن فوقه، حتى أنه لا يلاحق على هجمات ذلك الباطل، ويمتثل لها، كما أمتثل البرجان لملاحقة الباطل الإسلامى، بحرق وقتل الآلاف، لا لشىء سوى أن الإله الحق الخالق العادل الحكيم أمرهم منذ خمسة عشرة قرنا، ان يقاتلوا ويقتلوا من يخالفوهم فى الدين السمح الذى جاء ليتمم مكارم الأخلاق، أخلاق القتل وكراهية وقتل الآخر، حتى يكون الدين لله! وكأن الدين كان لأحد آخر!!
ربما يعذرنى صديقى المسلم، بعدما لم أقدم له " البديل " فلست مرسلا من سماء، لأقدم أو أطرح البدائل، ولم أبعث – للأسف – لأتمم مكارم الأخلاق، ولا ناقة لى ولا سيف ولا جمل، حتى أحرص عليهم وأزيدهم، ولا حاجة بى للسبى والنساء، فأنا تكفينى امرأة واحدة، وأنا أعمل لكى آكل حلالا طيب، ولا أغير وأغزو وأتنطع على ممتلكات وغنائم الغير ممن كد وجد للحصول عليها، ولا أتعيش، ولا أقبل أن أعيش من جزية عن قوم وهم مذلون ومهانون، ولا أقبل أن أعيش بينهم وأستمتع بخيرهم وسماحتهم وتحضرهم وعلمهم ثم أكرههم وأسبهم.
ولا يسعنى إلا أن أتمنى لك ولغيرك من عتقاء النار، أن يستخدموا الوعى بدلا من اللاوعى، وأن ينظفوا أو على الأقل يعيدوا ترتيب ساحاتهم الخلفية من عبئ الخرافة وصنم التقديس، وأن يخرجوا الدجاجة من عقلهم كما هم أنفسهم وضعوها، وأن يعرضوا أدمغتهم لشمس الأسئلة ويتحملوا وهجها قليلا، فربما أبصروا بعد حين، وتخلصوا من تلك اللعنة القاتلة، لعنة اللاوعى.



#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله ... بعيدا عن الأنبياء والفقهاء والوسطاء
- إما أن الله أحمق ... أو أن محمدا ميكيافيللى
- الله ... أحمق كذبة عبر التاريخ
- لا شىء مراوغ ... أكثر من حقيقة واضحة
- عزازيل - سيرة ذاتية 1
- محمد يحكم من قبره
- حب الموت وكراهية الدنيا
- مناعة شرسة أم قناعة شرسة
- لعنة الله
- المرأة مقدسة والجنس ليس غول
- إعادة قراءة للدين والحياة


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - لعنة اللاوعى