أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لطفي حاتم - الاستقطاب الرأسمالي وخراب الدولة القطرية















المزيد.....

الاستقطاب الرأسمالي وخراب الدولة القطرية


لطفي حاتم

الحوار المتمدن-العدد: 1051 - 2004 / 12 / 18 - 12:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تثير المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي الكثير من الإشكالات الاقتصادية/السياسية على صعيد العلاقات الدولية وتتبدى هذه الإشكالات في اختلال التوازنات بين مراكز وإطراف التشكيلة الرأسمالية المعولمة من جهة, وتزايد حدة المنافسة بين التكتلات الاقتصادية الكبرى المتمحور حول توسعها وهيمنتها على اسواق
الدول الوطنية من جهة أخرى.وبهذا الإطار وعلى الرغم من التغيرات الاقتصادية/السياسية التي حملتها المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي إلا ان سياسية المراكز الرأسمالية إزاء الدول الوطنية لازالت تحافظ على مضامين التبعية والإلحاق. بكلام آخر ان التشكيلة الرأسمالية المعولمة بتعدد أنساقها الاقتصادية الدولية /الإقليمية /الوطنية تدفع المراكز الرأسمالية واحتكاراتها الوطنية الى الصراع لغرض اعادة تشكيل بنى النسقين الاقتصاديين الإقليمي/الوطني اللذان يشكلان بدوريهما مضمون المنافسة الفعلية بين التكتلات الاقتصادية الكبرى.
انطلاقا" من الرؤية المشار إليها أحاول التعرض الى آليات تهميش الدولة القطرية العربية وتأثير ذلك على تبدلات الخارطة السياسية/ الاجتماعية ومواقع القوى الطبقية الفاعلة فيها.

تهميش الدولة القطرية

أفضى تنامي الفعالية الاقتصادية / السياسية للاحتكارات الدولية ومارا فقها من انحسار الوظائف الاقتصادية الخدمية للدولة الرأسمالية الى كثرة من التغيرات على صعيد التوازنات الدولية. وبهذا الإطار تجهد التكتلات الدوليةـ النافتا, الاتحاد الأوربي, اليابان, والقوة الصينية الناهضة ـ الى تبوأ مواقع مسيطرة في الاقتصادات الإقليمية/الوطنية. بمعنى ان سياسة التكتلات الاقتصادية الدولية المتنافسة حول الدول الوطنية والهادفة الى تشكيل التكتلات الاقتصادية الإقليمية والهيمنة عليها تشكل المضمون الفعلي لحركة راس المال المدول في المرحلة التاريخية الملموسة من تطوره.
عند تدقيق الآثار الكارثية التي تفرزها سياسة الاحتكارات الدولية على الدولة القطرية العربية نحاول الانطلاق من رؤية تستند الى ان الطور الجديد من التوسع الرأسمالي وعولمته يشترط تهميش الدولة القطرية وتحويلها الى دولة كمبورادورية بعد اعادة صياغة تشكيلتها الوطنية.
لغرض إضفاء شرعية معللة لهذه الموضوعة نتوقف عند الاختراقات الكبرى للدولة القطرية العربية والتي يمكن تحديدها في: ـ
اختراقات اقتصادية
يهدف الطور الجديد من الرأسمالية المعولمة الى تفكيك الأدوات السيادية للدولة القطرية وتسعى الاحتكارات الدولية بدورها الى المشاركة في رسم السياسة الاقتصادية للدولة القطرية انطلاقا" من المواقع الجديدة التي يتحصن الرأسمال الوافد فيها والمتمثلة في:
ـ المساهمة في أصول الشركات الوطنية.
ـ المشاركة في اقامة المشاريع الخدمية.
ـ الخصخصة وترابط الرأسمال الوطني مع الرساميل الأجنبية.
ـ اشتراطات المراكز المالية الموجهة أصلا" نحو تقليص الرعاية الاجتماعية, وتقليص الإنفاق العام.
لقد أدت تلك الترابطات والتشابكات الجديدة بين اقتصاد ات الدولة القطرية والرأسمال الدولي الى تبدلات في مواقع القوى الطبقية السائدة التي أنتجتها عمليات الحراك الاجتماعي المتسارعة في التشكيلات الوطنية وفي هذا الاتجاه نتوقف عند طبيعة القوى الطبقية الجديدة المتحالفة مع الرأسمال الدولي الوافد والذي يمكن تأشير بعضا" من شرائحها: ـ
ـ أفضى التشابك بين الرأسمال الوطني والرأسمال الدولي الى تبدل مواقع القوى الطبقية السائدة حيث باتت هذه القوى تغير مواقعها القيادية بسرعة, وبهذا الاتجاه تصدرت الواجهة الاقتصادية/ السياسية البرجوازية المالية وذلك بسبب شدة ترابطاتها مع المؤسسات المالية الدولية أو تلك القوى المحركة لما يسمى ( برأسمالية الأسهم ).
ـ تترابط والفئة المالية المشار إليها برجوازية الخدمات والعقارات التي تسعى الى توظيف أموالها في قطاع الخدمات ـ فنادق ،مطاعم سياحية, عقارات للإيجار, مكاتب تابعة للشركات الدولية, الخدمات العامة الصحة والتعليم الأهلي بعد تخلي الدولة عن العديد منها ــ
ــ اتخذت برجوازية القطاع الخاص دورا" اتسم بالامسؤلية من خلال تركيز أنشطتها الاقتصادية على قطاعات استهلاكية استنادا" الى حصولها على الوكالات العامة أو أجازات الترخيص من الشركات الدولية ذات الماركات العالمية.وهنا تجدر الإشارة الى إن تلك الشرائح الفاعلة في التشكيلات الوطنية تتشابك
والطواقم البيروقراطية المدنية/العسكرية الفاعلة في أجهزة الدولة القطرية.
ـ أدى صعود هذه القوى وترابطها مع الرأسمال الدولي الىاضعاف مكانة البرجوازية الوطنية العاملة في قطاع الإنتاج الوطني التي بدا دورها ورغم عمليات الخصخصة المستمرة لقطاع الدولة الاقتصادي في تراجع متواصل. بكلام أخر ان هذه الشريحة الوطنية تتعرض للإقصاء بسبب تبعيتها لحركة التوسع الرأسمالي في ظروفه التاريخية الملموسة.

اختراقات عسكرية.

تعاني الوظيفة الدفاعية للدولة القطرية اختلالات حقيقية تتجسد في عدة اتجاهات منها:
1 : ـ تلاحم الطواقم القيادية للجيوش الوطنية مع القوى الاقتصادية الجديدة الناهضة في التشكيلات العربية الأمر الذي أدى الى اندماج مصالح النخب العسكرية مع مصالح الطبقات الاجتماعية السائدة اقتصادياً. وبهذا يمكن تفسير انحسار الروح الانقلابية لدى المؤسسة العسكرية وعزوفها عن العمل السياسي الناشط الذي ميز فعاليتها في حقبة الخمسينات والستينات من القرن المنصرم.
2 : ـ تعاون الطواقم القيادية لجيوش الدول القطرية مع قيادات جيوش المراكز الرأسمالية من خلال ـ التسليح, التدريب, الإيفاد, المناورات العسكرية المشتركة ـ فضلا" عن انتشار القواعد العسكرية الأجنبية وتخزين السلاح والعتاد على أراضي الدولة القطرية.
استنادا" الى الملاحظات المشار إليها يمكن القول ان المؤسسة العسكرية في الدولة القطرية تعاني اختلالا" واغترابا" في وظائفها الدفاعية تمشيا" مع اغتراب أنظمتها العربية الحاكمة.

تحجيم السياسة الخارجية

تتعرض السياسة الخارجية للدولة القطرية الى ضغوطات هائلة من قبل السياسة الدولية ( الموحدة ) للمراكز الرأسمالية ويمكن تلمس تحجيم السياسة الخارجية للدولة القطرية العربية من خلال تراجع قدرتها على التأثير على مسار السياسة الإقليمية فضلا" عن انعدام تأثيرها على اتجاهات السياسة الدولية. ومن هنا يمكن التأكيد على ان طابع الاستقلالية النسبية للسياسة الخارجية للدولة القطرية لا يتعدى سوى التعبير عن وجهات نظر الحكام العرب حول تلك المشكلة السياسية أو المعضلة الدولية. بمعنى أخر ان السياسة الخارجية للدولة العربية لا ترقى الى مستوى صياغة المشاريع الموحدة لحل المشاكل الإقليمية.
ان تعرضنا الى دور السياسة الدولية (الموحدة ) العاملة على تحجيم السياسة الخارجية للدولة القطرية لايعني تجاهلنا للتأثيرات المتزايدة التي تمارسها المراكز الرأسمالية على السياسة الداخلية للدولة القطرية والتي تعني في نهاية المطاف مساهمة العوامل الخارجية في إدارة التناقضات الاجتماعية في الحقول الوطنية. وفي هذا الاتجاه يمكن تأشير ملاحظة مفادها ان التهميش المتزايد للمراكز السيادية للدولة القطرية أفضى الى نتيجتين الأولى منهما: تبوأ الأجهزة البوليسية/ الأمنية /المخابراتيه المواقع الأساسية في آلية نشاط الدولة القطرية والتركيز على تلك الأجهزة في صيانة الأنظمة السياسية الحاكمة وذلك بعد ان جرى ترويض المؤسسة العسكرية وإبعادها عن الصراعات الاجتماعية.
الثانية منها: التشابك الجديد الذي أفرزته أحداث 11 أيلول بين الأجهزة المخابراتيه للدول الإمبريالية ومثيلاتها في الدولة القطرية الأمر الذي تجسد في لجان التحقيق المشتركة لمتابعة الأنشطة الإرهابية, ومراقبة الحركات الاجتماعية.
ان التشابك المشار إليه يشكل تطورا" جديدا" في اتساع مديات التعاون ألمخابراتي بين الدولة القطرية والمراكز الرأسمالية ويفضي تدريجيا" بسبب اختلال توازناته الى ايكال حماية الأنظمة السياسية في الدولة القطرية والمصالح الاقتصادية للشركات الاحتكارية الى مؤسسات أمنية خارجية.

اختراقات ثقافية
ان المعركة حول مستقبل الدولة القطرية يتركز في مجال آخر يتمثل بالحقول الثقافية/ التاريخية التي تحاول المراكز الرأسمالية المساهمة في اعادة بناء عناوينها وتوظيف مضامينها لصالح أهدافها الاستراتيجية .وبهذا السياق بطالعنا السؤال التالي: ما هي المخاطر الفعلية لهذه المعركة الفكرية / التاريخية ؟ وما هي نتائجها على مستقبل القوى الوطنية / الديمقراطية وبرامجها الاجتماعية/ السياسية ؟ .
الاجابة على الاسئلة المثارة تتطلب الاحاطة الشاملة بهذه المعركة المصيرية من جانبي احاول التوقف عند بعض الموضوعات العامة التي من شأنها دفع السجال الفكري الى افاق ارحب. "
أولا: ـ ان التدخل الخارجي في اعادة النظر في تاريخ وثقافة الشعوب العربية يهدف الى تجفيف المنابع الحقيقية لفكر التيارات السياسية الوطنية/الديمقراطية الفاعلة في التشكيلات القطرية, خاصة تلك التيارات الديمقراطية المناهضة للرأسمالية ونهجها ألتدميري.
ثانيا: ـ : ـ اعادة صياغة الثقافة الوطنية يستهدف إلغاء الذاكرة التاريخية للشعوب العربية وروحها الرافضة للاحتلال والغزو الاستعماريين الأمر الذي يفضي الى جعل الثقافة العربية وكأنها نتاجا" أفرزته الثقافة الأوربية/الأمريكية بعد غزوها لهذه البلدان.
ثالثا: ـ ان اعادة صياغة الثقافة الوطنية يتوخى إلغاء التاريخ والثقافة العربيتين وصولا"الى نزع تراثها الحضاري.بمعنى أخر محاولة إنكار الحضارة العربية الإسلامية ومساهمتها في تطوير الحضارة الإنسانية.

خلاصة القول ان الاختراقات الكبرى للمواقع السيادية للدولة القطرية وعدم مقاومة الأنظمة العربية لتلك الاختراقات بشكل فعال يؤدي في نهاية المطاف الى تحجيم فعالية الدولة القطرية وإخضاعها والمسار التاريخي الراهن لحركة راس المال المعولم الهادف الى تحويل الدول القطرية الى دول كولونيالية
تابعة وحارسة لمصالحه الدولية.



#لطفي_حاتم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية الفكرية لليسار الديمقراطي وبنيته التنظيمية
- الوحدة الفكرية بين النظرية وفعالية الممارسة السياسية
- التداخلات الدولية وتشكيلة العراق السياسية
- *الروح العسكرية والجذور الفكرية للمحافظين الجدد
- ـ التحالف الكبيرـ بديلاً عن الهيمنة والتفرد
- الليبرالية الجديدة ( شعارات إنسانية ) وسياسة بربرية
- النهضة الصينية وأثرها على تطور السياسة الدولية
- تدويل الوظائف الهجومية لجيوش المراكز الرأسمالية
- الرأسمالية وفعالية اليسار العربي
- الاصلاحات العربية وحرب الافكار
- اليسار الديمقراطي ومهام المرحلة الانتقالية
- العولمة الرأسمالية وتدويل الوظيفة الأمنيه
- إنحسار الفكر الاشتراكي والمنظومة السياسية لليسار الديمقراطي
- النزعة الإرهابية وسماتها التاريخية
- الإرهاب وتغيرات السياسة الأمريكية
- انتقال السلطة وازدواجية الهيمنة في العراق
- أفكار حول انتقال السطة ومهام اليسار الديمقراطي
- الليبرالية وتجلياتها في لغة اليسار السياسية
- المرحلة الانتقالية وبناء شكل الدولة العراقية
- رؤية مكثفة لقضايا شائكة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لطفي حاتم - الاستقطاب الرأسمالي وخراب الدولة القطرية