أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد فكري - حكمت المحكمة .. سيمياء الإثم والبراءة قراءة سيميائية للاتهامات الأربعة الموجهة للمدون والناشط السياسي - علاء عبد الفتاح - ورفاقه















المزيد.....

حكمت المحكمة .. سيمياء الإثم والبراءة قراءة سيميائية للاتهامات الأربعة الموجهة للمدون والناشط السياسي - علاء عبد الفتاح - ورفاقه


محمد فكري

الحوار المتمدن-العدد: 3541 - 2011 / 11 / 9 - 10:50
المحور: المجتمع المدني
    


أ.د.محمد فكري الجزار أستاذ السيمياء بقسم اللغة العربية كلية الآداب – جامعة المنوفية

(1)
في تبرئة العلامة
اسمحوا لي أن أكون شديد التخصص في هذا الموضوع تحديدا ، فغالبا ما نستخدم السيمياء في عالم من النصوص لا يصح وصفه بالصدق والكذب ، متغافلين تماما أن هذه خصوصية للنص وليست خصوصية للعلامة ، فالعلامة تنتج الحقيقة كما تنتج الكذب ، وإن اختلفت الآليات . وليس العيب عيبا العلامة ، بل هو القائم خلف توظيف العلامة في كون/نسق سيميائي هو يريده . وبالتالي فلا نعجب أن لم يقدر لأكاذيب رئاسية عبر أربعين عام من يتوقف أمام سيمياء الأكاذيب في الخطابات التاريخية التي وجهت إلينا نحن البسطاء المستهدفين بإنتاجية الكذب للعلامة اللغوية . ولا يكتمل العام بعد ثورة 25 يناير 2001 حتى يمارس المجلس العسكري نفس السيمياء الرئاسية ، والأخطر أنه لا يمارسها في خطب رئيسه أو نائبه ولا في رسائله فحسب ، بل في الاتهام ، فيزيد على وظائف السيمياء في الأربعين سنة الماضية وظيفة جديدة إذ تدخل العدالة نسق سيمياء الكذب ، ويصبح خطاب الاتهام حكما مسبقا بجرم – حسب سيمياء الاتهام – لا سبيل إلى البراءة منه ، اللهم إلا بعفو عسكري في مقابل تنازلا ما يقدمه البريء المتهم .
(2)
د.ليلى سويف .. عابرة سبيل وحاملة موقف
كنت شبه معتقل في المهلكة (المملكة) العربية السعودية لمدة شهرين ومتهما بأربعة تهم ليس أهونها "قلب نظام الحكم" ، وتضامن معي الكثيرون من المصريين الأحرار ، وابتدأت قلة قليلة وقفة أمام السفارة السعودية ، وإذا بعابرة سبيل ، سيدة فوق الستين على الأقل ، تمر من أمامهم ، فتتوقف لتسأل عن الخبر ، ليحدثها أحد الواقفين عن مأساة احتجازي ، فتطلب منه السيدة لافتته التي يحملها ، وتحملها لتقف بها تحت الشمس لساعات ، ثم تستأذن في خجل لأن وراءها وقفة تضامنية أخرى في نقابة المحامين .. كانت هذه السيدة هي د.ليلى سويف والدة الشاب الثائر "علاء أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح" .
(3)
ولد الحرة ثائر حتما : المدون والنشط "علاء عبد الفتاح"
لم تكن تعرف السيدة الحرة أنها بوقفتها أمام السفارة السعودية أنها تؤاخي بين ولدها وبيني أنا الذي لا أعرفها حتى الآن ولا تعرفني ، كما لا أعرف هذا الثائر الحر الذي جعلتني أخاه ولا يعرفني ، لكن شرف الموقف رحم بين أهله . فمن هو علاء ؟
علاء أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد ، المعروف باسم علاء عبد الفتاح (ولد في 18 نوفمبر 1981) هو مدون ومبرمج وناشط حقوقي مصري، ومؤسس "دلو بتات منال وعلاء" بالاشتراك مع زوجته المدونة منال حسن[1] . يعمل أيضاً بتطوير نسخ عربية من البرامج الحاسوبية الهامة[2].
علاء عبد الفتاح هو ابن الناشطين السياسيين المصريين أحمد سيف الإسلام، المحامي والحقوقي المصري ومدير مركز هشام مبارك للقانون، والدكتورة ليلى سويف أستاذة الرياضيات بكلية علوم جامعة القاهرة.
في يوم الأحد7مايو2006، وأثناء وقفة احتجاجية سلمية من أجل استقلال القضاء المصري، اعتقل علاء مع 10 آخرين من المدونين ونشطاء الديمقراطية، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات داخل وخارج مصر، وتأسست مدونة جديدة عنوانها "الحرية لعلاء" (بالإنجليزية: Free Alaa‏)، خصصت للمطالبة بإطلاق سراح علاء عبد الفتاح[3] [4].
أطلق سراح علاء يوم الثلاثاء 20 يونيو 2006، بعد أن قضى في السجن 45 يوماً، وقد صرحت زوجته منال حسن في ذلك اليوم لجريدة الإندبندنت البريطانية قائلة "لا تراجع بعد اليوم ، سوف نستمر في أنشطتنا السياسية ".
في30 أكتوبر ، 2011 ، قررت النيابة العسكرية في مدينة نصر حبس علاء على ذمة التحقيق لمدة 15 يوماً ، على خلفية اتهامه بالتحريض والاشتراك في التعدي على أفراد القوات المسلحة وإتلاف معدات تخص القوات المسلحة والتظاهر والتجمهر وتكدير الأمن والسلم العام في أحداث ماسبيرو، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 25 قبطي بعد الاشتباك مع قوات الجيش.[5] بعد أن رفض الاعتراف بشرعية المحاكمة العسكرية له كمدني، ورفض الإجابة على أسئلة النيابة العسكرية له.[6]
المراجع
-1Manalaa.net
Worldchanging essay2- "Arabization - It s Harder than just Right to Left" December 2004-2
-3Freealaa blog
-4Sandmonkey blog
- 5إخلاء سبيل الناشط بهاء صابر المتهم بالتحريض فى أحداث ماسبيرو، وحبس علاء عبد الفتاح اليوم السابع 30 أكتوبر، 2011 - تاريخ الولوج: 30/10/2011.
- 6النيابة العسكرية تقرر حبس علاء عبدالفتاح وبهاء صابر 15 يومًا على ذمة تحقيقات "ماسبيرو" الأهرام 30 أكتوبر، 2011 - تاريخ الولوج: 30/10/2011
الموقع
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD
وقد وجهت لعلاء عبد الفتاح أربع اتهامات :
1ـ سرقة سلاح مملوك للقوات المسلحة.
2ـ تخريب عمدي لأموال وممتلكات مملوكة للقوات المسلحة.
3ـ التعدي على موظفين عموميين ومكلفين بخدمة عمومية (من أفراد القوات المسلحة) .
4ـ تجمهر واستخدام القوة والعنف ضد أفراد القوات المسلحة.
أولا : العلامة
إشكالية العلامة أن بنية ، والبنية نسق علاقات بين مجموعة من العناصر المكونية المحدَّدة تجريديا فقط ، وانتقالها من التجريد إلى الخطاب ، أي من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل ، هو انتقال من النظام إلى الاستخدام ، وهنا تتورط العلامة ولابد .. تتورط في مقاصد مستخدمها ، وإن لم تحمل أية علامة على أن إنتاجيتها تعتمد اعتمادا مطلقا على تلك المقاصد ، فتبدو بريئة منه براءة مطلقة ، إذ هي – كما يشيع في الخطابات النظرية عنها –إنتاجية داخلية لا قيمة لخارجها فيها . بينما الحقيقة أن هذا الخارج هو المسئول عن امتلاء كل عنصر من عناصر العلامة كبنية بالمقاصد التي من أجلها يستخدمها ، ومن ثم فلا أملك إلا التصريح بأن كل استخدام للعلامة هو استخدام أيديولوجي بامتياز .
ثانيا : إنتاجية العلامة وسيمياء الكذب
إن تمثيل الموضوع من وجه أو أكثر من وجوهه ، يعني مبدأيا اختيارا نوعيا للممثل ، وهذه أولى الخطوات شديدة الأهمية في عملية إنتاج المقاصد السيميائية والتي لا تأخذ كامل تجليها إلا عبر مرتكز التمثيل ، فمرتكز التمثيل يعمل عمل الوصف أو الإضافة في اللغة ، إذ يخصص أو لنقل يحدد علاقة الممثل بالوجه المقصود بالخطاب من موضوعه . هنا نجد أن أطراف الخطاب فضلاته ومتعلقاته وهوامشه أكثر أهمية سيميائية من مراكزه ، وبخاصة إذا لاحظنا أن حالات المؤول الثلاث مرتهنة وجودا وعدما إلى تلكم الأطراف . وهنا تحديدا يكون خفاء الأيديولوجي واختفاؤه ، وهو يمارس كذبه السيميائي على الحقيقة في الخطابات السياىسية .
الشروق: النص الكامل لتقرير لجنة تقصي الحقائق حول أحداث ماسبيرو
نشرت جريدة الشروق النص الكامل لتقرير لجنة تقصي الحقائق حول أحداث ماسبيرو ، ولكن قرار الاتهام تغاضى تماما عن طرف ثالث مجهول لا هو من المتظاهرين ولا من القوات المسلحة ، واختارت – بما يتوافق مع توجيهات المجلس العسكري – بعضا من النشطاء ووجهت إليهم أربعة اتهامات جعلت أولها اتهاما مضحكا للغاية كما سنرى ..
ثالثا : نص الاتهام
1ـ سرقة سلاح مملوك للقوات المسلحة.
2ـ تخريب عمدي لأموال وممتلكات مملوكة للقوات المسلحة.
3ـ التعدي على موظفين عموميين ومكلفين بخدمة عمومية من أفراد القوات المسلحة .
4ـ تجمهر واستخدام القوة والعنف ضد أفراد القوات المسلحة.
أ- فيما يخص الاتهام الأول ، فقد جهلت تماما جهة الاتهام أي تفصيل حول السرقة ، من قبيل :
- ما هي طبيعة السلاح الذي تمت سرقته ؟
- هل من مخازن القوات المسلحة ، أم من أيدي أفرادها ؟
- هل أخذ السلاح عنوة من الأفراد ، أم أنهم تركوه ولاذوا بالفرار ؟
- إذا صحت فرضية هرب الجنود ، وهي صحيحة ، فهل العثور على سلاح يعود للقوات المسلحة مكافئ لسرقته ؟
- في أية ساعة تمت سرقة السلاح ، وأين كان المتهمون وقتها ؟
ب- وبخصوص الاتهام الثاني ، فلا نعلم ، وأعتقد أن جهة الاتهام لا تعلم ، كيف يتم تخريب أموال مملوكة للقوات المسلحة ؟ ولا ما هو العامل الحاسم في تمييز المال من الممتلكات عسكريا ؟ فربما كانت معلوماتنا المدنية عن كنه الأموال العسكرية واختلافها عن الممتلكات العسكرية غير مطابقة للمعلومات العسكرية عن الاثنين . إن تخريب الممتلكات معروف ، أما تخريب الأموال فبحاجة إلى تعريف منضبط جدا ، فسوف ينتج عنه عقوبة ، ولا يمكن تطبيق عقوبة مجهولة على جرم مجهول ، بل إن الأساس في التشريع أكان مدنيا أو عسكريا – لا فرق – هو توصيف الجرم أولا .
ت- الاتهام الثالث هو عين التورط العسكري في المدن ، فيبدو أنه لا يوجد في القانون العسكري الاعتداء على أفراد القوات المسلحة ، فلم يكن المشرع العسكري يتخيل مجرد تخيل أن يحدث هذا ، وكيف يحدث والعسكر في معسكراتهم وليسوا في المدن وشوارعها وأزقتها . كما لم يكن يتخيل مجرد تخيل أن تناط بالقوات المسلحة مهام الشرطة المدنية . صحيح كان للعسكر مهماته في المدن كما حدث في أحداث الأمن المركزي في الثمانينات ، إلا أنها المهمات الخاطفة التي ينجزها العسكري ويخرج سريعا من المدن . هنا كما قلت تتورط جهة الاتهام فلا تجد إلا القانون المدني : "التعدي على موظف عمومي" ، مع العلم أن المجند يؤدي خدمة وطنية إجبارية ، وليس موظفا ولا هو اختار وظيفته . إنه اتهام ساقط بلفظه ساقط بمضمونه ، وما يراد منه إلا إرهاب المتهم به ليس أكثر .
ث- أما الاتهام الرابع ، فيزيد الأمر خلطا وخلطا مقصودا ، فيجمع بين التجمهر وتعلم جهة الاتهام أن الإعلان الدستور أباح التظاهر بشروط تحققت في تظاهرة ماسبيرو ، فتلجأ جهة الاتهام إلى لفظ قانون الطوارئ "التجمهر" وتضيف إليه استخدام القوة والعنف ضد أفراد القوات المسلحة ، وهنا نتبين فضيلة تعويم مرتكز التمثيل في علامة الاتهام والذي أشار إليه تقرير لجنة تقصي الحقائق حول أحداث ماسبيرو ، وهذا هو موقع نص تقرير اللجنة :
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=02112011&id=3de76520-7c63-46e7-abb9-52e9179bacdc
وفي خلاصة هذا التقرير يراجع :
http://arabic.cnn.com/2011/egypt.2011/11/2/masbero.investigate/
إن أهم نقطة في البيان هو إسناد ما حدث من اعتداء على كل من المتظاهرين والقوات المسلحة الممثلة في الشرطة العسكرية إلى بلطجية مجهولين أتوا من الأحياء المجاورة لماسبيرو . وإذن فإن مرتكز التمثيل الذي سيربط علاقة التمثيل بين موضوعة الاتهام وممثلها قد التبست وبالتالي أفردت القوات المسلحة في جانب والمعتدين عليها ، وبلا تمييز ، في جانب آخر . ولما كان البلطجية أداة من يدفع وقد استعملتها الداخلية وغير الداخلية من مؤسسات النظام الحالي في مهمات قذرة من المنظور الوطني ، فقد تم حذفهم تماما ليبقى المتظاهرون ، وتحديدا الثوار منهم ، وهم معروفون جيدا بفضل أجهزة الاستخبارات المحلية الكثيرة ..
القضية – إذن – ليست قضية الاعتداء على قوات الشرطة العسكرية ، وهو اعتداء يجب أن تقام له قضايا وليس واحدة ، إنما منظور المجلس العسكري في إدارة البلاد هو منظور استثماري دائما ، وبالتالي يجب استثمار الاعتداء على قوات الشرطة العسكرية إلى أقصى درجة ممكنة من الاستثمار . وهو ما أوجب بناء علامة وليس استخدام علامة ، وفرق كبير بين بناء العلامة واستخدام العلامة .. فمن ذا علم العسكر تقنيات الشعرية في بناء العلامات بهذا الإتقان !!!
بناء العلامة الاتهامية
العناصر المجردة للبنية هي :
- موضوعة .
- ممثل .
- ركيزة التمثيل .
- المؤول .
أما اتهاميا فعناصر البنية تتحول من التجريد إلى التجسيد ، وهي :
- الاتهام العسكري .
- المتهمين .
- قرينة الاتهام .
- الحكم .
والسؤال هل يمكن تطبيق الواقعي على المجرد ؟ أما الإجابة فلا شيء يمنع ذلك سيميائيا ، ما دامت العناصر الأربعة متوفرة وعلاقاتها هي هي .
أولا : تصنيع الموضوع :- الاتهام العسكري
يبدو من التهم الأربعة أن مراكزها الدلالية متنوعة أما أطرافها فواحدة تمثلها المطابقة بين سلاح واحد هو أبعد ما يكون عن المهام القتالية التي تمثل وظيفة القوات المسلحة وهو الشرطة العسكرية ، ولكنه يشار إليه في الاتهامات الأربعة بلفظ "القوات المسلحة" ، وذلك لغرض دعائي أكثر منه قضائي ، وإعلامي أكثر منه اتهامي .






بالطبع لم تعبأ جهة الاتهام بتقرير لجنة تقصي الحقائق وما ذكرته من دهس للمتظاهرين (المتجمهرين) بواسطة مدرعات القوات المسلحة ، كما لم تعبأ باهتزاز ثقة شعبها بها وهي متموضعة كمسكين مغرق في مسكنته يُنهب ويُسلب ويُعْتدّى عليه ويُمارَس ضده العنف ، وهي بلا حول ولا قوة ، حتى لأكاد اشك ويشك معي كل قارئ ، أنها القوات المسلحة لولا تكرار لفظها في قرار الاتهام . لقد كان ثمة مقاصد للمجلس العسكري وليس للجيش المصري العظيم من وراء الاستهانة بمقامه إلى هذه الدرجة ، بهدف واحد ووحيد ، وهو تأديب حركات التغيير الثوري في المجتمع ، من أجل تثبيت أركان حكم المجلس العسكري للبلاد . وفي السبيل إلى هذا لم تعبأ جهة الاتهام بأي مما سبق ، فكله يقع ضمن الغاية الدعائية والإعلامية التي تستهدفها . لذا كان الأهم هو بناء الموضوع السيميائي للعلامة الاتهامية وحسب ، وكان لها ما أرادت .. غير أننا لا نتوقف أمام هشاشة الاتهامات ، وقد فنّدناها من قبل ، إنما نتساءل : ما المقصود منها ؟
إن الأمر متعلق بتسييج دلالي يقوم به المركز الاتهامي وجامعها المشترك "المسكنة" للطرف الاتهامي : القوات المسلحة ، بكل ما يشعّه التركيب الوصفي من دلالات ، سواء الخاصة بالموصوف : القوات ، أو بالصفة : المسلحة ، أو بهما معا في وظيفتها الإحالية المستدعاة مباشرة إلى أكثر من نصف مليون مصري موزعين على كافة الأسلحة . لقد اجتهدت صياغة الاتهام في تحييد تلك الإحالة وتداعياتها ، وتحييد دلالة الصفة وموصوفها ، لهدف واحد ووحيد ، وهو إبعاد ظلال أربع وعشرين ضحية بعضها قتل بالرصاص ، وأكثرها دهسا بالمدرعات .. فكيف لهذه القوات المسلحة المسكينة البريئة أن تُحْدِث كل هذا وهي المسروق سلاحها المخربة أموالها وأملاكها والمتعدَّى على أفرادها والمستخدم العنف ضدها أن تسند إليها كل هذه الجثث ؟!!!!
إذن فنحن أمام "موضوع" سيميائي مصطنع تماما تتحرك فيه القوات المسلحة من موقعها الذي لا يختلف في كل لغات البشر وكل دولهم وأنظمتها من موقع القوة وموقع السلاح لتتحول إلى ضحية ، بل ضحية كبرى . ولما لم يكن من المستحيل عقليا وشعريا توجيه الاتهام إلى الجثث فقد كان لابد من صناعة "الممثل" على هيئة المقاصد القابعة خلف تصنيع "الموضوع" .
ثانيا : بناء الممثل :- المتهمون
لقد أوصى تقرير مجلس حقوق الإنسان بتشكيل "لجنة تحقيق قضائية مستقلة"، بأحداث ماسبيرو، كما طالب بإحالة ما وصفه بـ"تحريض" التلفزيون المصري ضد الأقباط، للتحقيق . وتوصلت لجنة تقصي إلى أن المتهم الحقيقي في تلك الأحداث "ما زال مجهولاً" . ولكن التقرير شيء وإرادة المجلس العسكري في معاقبة "أشدهم عليه عتيا" شيء آخر ، وبالتالي لابد من بناء الممثل وتصنيعه على هيئة ما حدث من تصنيع "الموضوع" ، ثمانية وعشرين متهما وكأنهم بعددهم هذا يلعبون دور الممثل البديل (الدوبلير) من الضحايا الثماني والعشرين . وطبعا كان لابد من حركة 6 إبريل وقسيمها النشط ، وأخيرا لابد من حركة شباب ماسبيرو . وأغلب المقبوض عليهم من الناشطين قبل ثورة يناير والذين قبض عليهم أيام الرئيس المخلوع وذاقوا مرارة السجن كما هو الحال مع المدون "علاء عبد الفتاح" .. السجن هو السجن ، وأبناء الفيس بوك هم هم ، أكان الاسم دانيال أم علاء عبد الفتاح ، وسواء في ذلك أيام الفريق أول محمد حسني مبارك وأيام المشير محمد حسين طنطاوي . إذن فما يصنع "الممثل" ليس "موضوع" الاتهام بل التاريخ ، الأمر الذي يجعل حقيقة السيمياء الاتهامية محمولا على ركيزة تمثيل هي "الثأر" من ناشطي الثورة .
ثالثا ركيزة التمثيل
أخفى ما يمكن رصده في العلامة داخل كل من الخطاب الشعري والخطاب السلطوي على السواء ، هو "ركيزة التمثيل" . فالشعري والسلطوي يتوسلان بعلامة اصطنعاها ، وبالتالي فهي مغلقة على ذاتها ، ولا يفلح معها انفتاح المؤول اللامتناهي على كل الاحتمالات ، كما لا يسكّن ديناميته وضع نهاية لها اتكاء على السياق أو غير السياق . وحين تخفى ركيزة التمثيل ، لا يكون ثمة مناص أمام "الممثل" من التطابق مع "الموضوع" ، ليصبح "المؤول" مجرد "دلالة" محبطة ولا مؤول مباشر ولا دينامي ولا نهائي ، ولا من يحزنون . ركيزة التمثيل في الخطاب الاتهامي للنيابة العسكرية ليست أكثر من الطرف الدلالي في القرار الاتهامي ، أعني "القوات المسلحة" ، لقد تم إزاحة الركيزة الحقيقية/الثأر من الثوار ، ووضع جزء ذلك القرار موضعها ، لتنغلق العلامة على نفسها ، ويتطابق الممثل مع موضوع تمثيله ، ويصبح "المؤول" من قبيل "تحصيل الحاصل" ..
رابعا : المؤول : حكمت المحكمة
من منا قرأ قصيدة وقطع بدلالتها غاضا نظره نهائيا عن شكلها وتشكيلها ؟ .. أعتقد لا أحد ، وناتج ثبات النظر على شكل النص هو تكريس مطابقة الممثل لموضوعه . أما حين تكون هذه المطابقة في لغة قضائية ، وحين يصنعها "الموضوع" نفسه باقتراح جزئه قرينة لتمثيل الممثل له ، فمعنى هذا أن الاتهام أصبح جريمة ، وأن المؤول لن يكون إلا "حكمت المحكمة على كل من ... بـ ... وكل من ... بـ " ويتم تصنيف المتهمين تحت أحكام متنوعة للإيهام بالعدالة العسكرية ، ولو كان المتهمون مدنيين .

الحرية لعلاء عبد الفتاح ورفاقه
لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين
لا لحكم العسكر



#محمد_فكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيمن نور { يموت } في مستشفى سجن مرزعة طرة!


المزيد.....




- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد فكري - حكمت المحكمة .. سيمياء الإثم والبراءة قراءة سيميائية للاتهامات الأربعة الموجهة للمدون والناشط السياسي - علاء عبد الفتاح - ورفاقه