أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ















المزيد.....



العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3539 - 2011 / 11 / 7 - 14:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بدأ العمل الشيوعي كما هو معروف في منتصف القرن التاسع عشر حين بدأ نظام الإنتاج الرأسمالي يأخذ ملامحه الأخيره وبدأت طبقة البروليتاريا تبرز كطبقة اجتماعية متبلورة مستقلة لديها قوة عمل هامة في إنتاج ثروة المجتمع وأسباب حياته. ترسخ العمل الشيوعي حينذاك ببروز القائدين التاريخيين للبروليتاريا كارل ماركس وفردريك إنجلز اللذين يعتبران بحق مؤسسين للعمل الشيوعي من خلال إصدارهما البيان الشيوعي (المانيفيستو) مطلقين النداء التاريخي الذي ما تزال أصداؤه تتردد بعد أكثر من ماية وستين عاماً.. " يا عمال العالم اتحدوا ". إثر فشل كومونة باريس 1971 أكتشف ماركس أن البروليتاريا لم تكن لديها بعد الدربة الثورية تمكنها من الإستيلاء على الدولة القائمة وتفكيكها واستخدام أجهزتها مثل البنك المركزي لصالحها. ثم إن قوى العمل البروليتارية لم تكن قد تنامت بعد وخاصة خارج العاصمة لتسند الثورة. لذلك قام كارل ماركس نفسه بحل الأممية الأولى عام 1873 التي كان قد شكلها في العام 1864 ولم يُعِد المحاولة مرة أخرى قبل رحيله في العام 1883.

خلال العقدين التاليين لكومونة باريس لاحظ فردريك إنجلز تنامي القوى البروليتارية وتشكيل أحزاب اشتراكية ديموقراطية تمثلها في سائر البلدان الأوروبية، أحزاب متقدمة فكرياً ذوات قواعد عمالية عريضة. إذاك قدّر إنجلز أن الأسباب التي دعت ماركس لحل الأممية الأولى وفي مقدمتها عدم النضوج الثوري لدى البروليتاريا وإرباك الفوضويين للعمل الشيوعي لم تعد قائمة فعلياً. بناءً عليه دعا إلى إجتماع في باريس في يوليو 1889 عشرين حزباً إشتراكياً ديموقراطياً، منها بضعة أحزاب من أميركا اللاتينية، ليقرروا تشكيل الأممية الثانية بعيداً عن كل نشاط للجماعات الفوضوية. في العام 1898 فقط تشكل حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي في روسيا (الشيوعي فيما بعد) بقيادة لينين وبليخانوف وفي العام 1905 انضم هذا الحزب الثوري إلى الأممية الثانية مما رفع من السويّة الثورية لديها حتى وصل بها الأمر إلى أن تتخذ قراراً في مؤتمرها العام في شتوتغارت/ألمانيا 1907 يحدد ساعة الصفر للثورة الاشتراكية العالمية لتكون ساعة إنفجار أية حرب استعمارية في أوروبا حيث يقوم العمال إذّاك في الاستيلاء على السلطة في كافة الإمبراطوريات الاستعمارية المتحاربة ــ بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، النمسا، روسيا والسلطنة العثمانية ــ غير أن الأممية وبقيادة المرتد كاوتسكي عادت في مؤتمرها في بازل/سويسرا 1912 ونسخت قرار شتوتغارت، بل ذهبت بعيداً إلى حد الإشتراك في الحرب بحجة الدفاع عن الوطن وهو ما ينتهي إلى أن يقتل الاشتراكي الإشتراكي. أمام مثل هذا القرار الشوفيني الغريب لم يجد البلاشفة بقيادة لينين سبباً للتعاون مع المرتدين فانسحبوا نهائياً من الأممية الثانية التي تفككت وانحلت نهائياً خلال الحرب في العام 1916. بانحلال الأممية الثانية وتخليها عن الفكر والمنهج الماركسي وهو ما لم يعلن صراحة إلا في العام 1922، أمسى البلاشفة الروس يشكلون مركز العمل الشيوعي في العالم وقادته. ولذلك جاء في إعلان لينين عن قيام الأممية الثالثة في مارس 1919 في موسكو أن البروليتاريا السوفياتية قد برهنت على أنها متقدمة على نـظيرتها في ألمانيا وفي بريطانيا، وكان ذلك أمراً طبيعياً فبعد أن اصطفت أحزاب " الاشتراكية الديوقراطية " خلف البورجوازية الرأسمالية في أسوأ أعمالها (الحرب) انحسر العمل الشيوعي ليس في أوروبا وحدها بل وفي العالم كله.

في مايو 1917 كتب لينين في معرض البحث في العمل الشيوعي عقب الثورة البورجوازية بشهرين فقط يقول، أن البورجوازية الوضيعة هي أعدى أعداء العمل الشيوعي طالما أنها تعتمد في معاشها على البورجوازية الرأسمالية وتتشرب إيديولوجيتها بالتالي، وروسيا مبتلاة بأوسع طبقة بورجوازية وضيعة في أوروبا. لئن توقف لينين قبل ما يناهز القرن عند خطر البورجوازية الوضيعة على التقدم الاجتماعي والثورة وعلى العمل الشيوعي حين كانت روسيا على مفترق طرق، إما الرأسمالية وإما الاشتراكية، فما عساه يقول اليوم والبورجوازية الوضيعة تشكل الطبقة السائدة في كافة المجتمعات في العالم وتتوحش في افتراس البروليتاريا كما لم يتوحش الرأسماليون من قبل !؟ ــ في نوفمبر من العام الماضي كتبت عن البورجوازية الوضيعة كونها الخطر الأكبر على تقدم البروليتاريا العالمية؛ وهو خطر عام بدأ بضرب العمل الشيوعي داخل المعسكر الاشتراكي في خمسينيات القرن الماضي بقيادة خروشتشوف ومن ورائه العسكر والفلاحون، ولم ينتهِ بتفكك الرأسمالية لصالح البورجوازية الوضيعة في السبعينيات. البورجوازية الوضيعة بهذه الضخامة العالمية وبهذه الوحشية غير المسبوقة حتى في الغاب غدت تشكل ومنذ سبعينيات القرن الماضي العدو الرئيسي والوحيد للبروليتاريا. الشيوعيون الذين لا يعترفون بهذه الحقيقة الطارئة على مسار التاريخ هم الذين اصطفوا في صفوف البورجوازية الوضيعة هرباً من الإفلاس السياسي الفاضح دون أن يتخلوا عن صفة الشيوعي بخلاف البعض منهم.

عالم اليوم يعيش خارج التاريخ. علَّمَنا التاريخ منذ البداية أن عصب القوة في بنية المجتمع هو أن الطبقة السائدة والحاكمة في المجتمع هي الطبقة التي تمتلك أدوات الإنتاج. الطبقة السائدة والحاكمة في سائر المجتمعات القائمة اليوم في طول العالم وعرضة هي طبقة البورجوازية الوضيعة التي لا تمتلك أية أدوات للإنتاج (باستثناء الفلاحين) حيث ينحصر إنتاجها في الخدمات. عندما تكون الطبقة التي لا تنتج هي الطبقة الحاكمة والطبقة المنتجة هي الطبقة المحكومة والتناقض بين الطبقتين لا ينبثق من داخل عملية الإنتاج يكون التاريخ قد خرج عن سكته المعلومة. حرس البورجوازية الوضيعة ومجندوها ينكرون بقوة أن طبقتهم لا تنتج معتبرين أن الخدمات، التي هي حصة طبقتهم من مجمل إنتاج المجتمع، أخذت تفوق السلع أهمية وقيمة في الحياة العصرية الحديثة. ينسى هؤلاء المجندون أن الإنتاج المادي والسلعي هو الثابت أو السيد (Principal) وأن الخدمات هي التابع والخادم (Servant) حيث أن المعنى والمبرر الوحيد لإنتاج الخدمات (services) هو خدمة الإنتاج المادي أو السلعي حيث أن الطاقة المبذولة في إنتاج الخدمات مستمدة كليّاً من الإنتاج السلعي؛ وعليه لا يمكن ولا يجوز، بل هو مخالف لقانون الطبيعة أن يتبادل السيد والخادم الموقع. اليوم وهما في تبادل للموقع لا يجوز إنكار حقيقة أن العالم قد خرج من التاريخ.

خروج العالم من التاريخ يفترض آلياً توقف قوانين التطور الاجتماعي المعروفة عبر التاريخ عن العمل طالما كانت هذه القوانين هي محرك المجتمع مهما كانت تشكيلته على سكة التاريخ وليس خارجها، إلى الفوضى. العمل الشيوعي هو القانون الأهم بين قوانين تطور المجتمع الرأسمالي طالما إنه يجسد الصراع الطبقي، ولذلك يتعطل العمل الشيوعي أيضاً في المجتمع خارج التاريخ فلا يعود يجسد الصراع الطبقي النمطي المعروف. قوانين التطور الإجتاعي تعمل طالما المجتمع يتقدم على سكة التاريخ. عوامل التطور في المجتمعات داخل التاريخ تنقلب إلى عوامل هدم وفناء في المجتمعات خارج التاريخ. هذا حقيقة غير مقبولة على مختلف السياسيين العاملين في حلبة الصراع الطبقي، وخاصة على الشيوعيين الذين امتهنوا السياسة وكرسوا حياتهم للعمل السياسي، غير أنها تبقى حقيقة المجتمعات التي خرجت من التاريخ بقيادة البورجوازية الوضيعة تنفيذاً لمؤامرة عالمية ضد البروليتاريا وثورتها الاشتراكية ولو لم يرضَ بها أحد. المجتمعات الاشتراكية وعلى رأسها المجتمع السوفياتي خرجت من التاريخ بعد رحيل ستالين والقيام بانقلاب القصر تحديداً في سبتمبر 1953 حين قرر المكتب السياسي للحزب الشيوعي خلافاً للنظام وللقانون إلغاء مقررات المؤتمر العام التاسع عشر للحزب ، ولذلك رأينا الاشتراكية السوفياتية في تراجع مستمر منذ ذلك التاريخ وحتى الانهيار في العام 91. والمجتمعات الرأسمالية خرجت من التاريخ بإعلان رامبوييه من قبل الدول الرأسمالية العظمى الخمسة (G5) في نوفمبر 1975 حين بدأ الإنتاج الرأسمالي بالتلاشي والنزوح من مراكز الرأسمالية باسم العولمة. الشروط الصعبة في المجتمع الاشتراكي السوفياتي لم تسمح بالخروج من التاريخ إلا بتناول السمّ الزعاف للإشتراكية ألا وهو الإنخراط الكلّي في التسلح بحجة الدفاع عن الوطن بينما هدفه الحقيقي هو تهديم الوطن، وطن الاشتراكية ــ يعتبره العامة خطأً سباقاً في التسلح، بينما هو في حقيقة الأمر السم الوحيد الذي استحضرته البورجوازية الوضيعة، والعسكر خصيصاً، للبروليتاريا وللاشتراكية ــ بخلاف الشروط الصعبة في مراكز الرأسمالية بعد فقدانها كامل محيطاتها إذ تحتم عليها تناول سمها الزعاف الخاص بها وهو الإنخراط في إنتاج الخدمات الذي أخرجها من التاريخ. روسيا وهي مركز العالم الاشتراكي في السابق لا تستطيع بحال من الأحوال التوقف عن إنتاج الأسلحة، ومراكز الرأسمالية لا تستطيع بالمقابل التوقف عن إنتاج الخدمات. لهذا وذاك فإن العالمين الاشتراكي والرأسمالي قد أصبحا خلال النصف الثاني من القرن العشرين خارج التاريخ حيث تعطلت فيهما قوانين التطور والبناء وحلت محلها قوانين الهدم والفناء؛ وهكذا بدأ العالمان الاشتراكي والرأسمالي في الانحدار في هاوية الفقر السحيقة حتى بات العالم الرأسمالي في انهيار محقق وباتت روسيا تعيش على تصدير المواد الخام ــ كان كثيرون من الشيوعيين قد فوجئوا حين كتبت قبل سنتين أن المانيفيستو لم يعد راهناً أو فاعلاً في المجتمعات خارج التاريخ، لكنني أضيف هنا اليوم أن المانيفيستو لو بقي راهناً وفاعلاً في المجتمعات خارج التاريخ لما كان راهناً وراصداً دقيقاً وحقيقياً للمجتمع الرأسمالي داخل التاريخ ــ العالم الثالث هو بطبيعته عالم تابع وبالنتيجة هو أيضاً خارج التاريخ. إخراج العالمين الاشتراكي والرأسمالي من التاريخ كان إجراءً ضد الاشتراكية قامت به البورجوازية الوضيعة في الحالة السوفياتية، والطبقة الرأسمالية في العالم الرأسمالي. روسيا تنتج الأسلحة وأمريكا تنتج الخدمات، والأسلحة والخدمات ليستا من عناصر مركب الحياة، لذلك هما سحبا بقية العالم إلى خارج التاريخ، إلى الفوضى ثم الكارثة.

الطبقة الوسطى التي على يديها خرج العالم من التاريخ تملأ الفضاء زعيقاً للإدعاء بأن العالم هو اليوم بألف خير، فالناس يتهاتفون أنّى كانوا ويتراسلون بمنتهى السهولة، ويرافقون الأحداث بالصوت والصورة ساعة وقوعها، ويستهلكون كل يوم ألف قصيدة وأغنية، ويلعبون الرياضة ليل نهار في أفضل الملاعب، والبورصات تزخر بالمتعاملين وبالمضاربين، والسياحة تزدهر في شتى أقطار العالم وقد أصبحت المورد الرئيسي لخزائن الدول، والإنسان لم يعد بحاجة للحذاء أو الجاكيت كحاجته للموسيقى والرياضة كما أشار أحد زعماء الاشتراكية الدولية المهرة في صناعة الأحابيل والأضاليل .. قادة البورجوازية الوضيعة يطمئنون العالم بألاّ يقلق على غده.
لكن قوانين الهدم والفناء في المجتمعات خارج التاريخ تفعل فعلها دون أن ترتجف بفعل زعيق حماة البورجوازية الوضيعة. الإنحطاط البنيوي بات واضحاً لا تخطئه العين على أغنى دول العالم. الولايات المتحدة يفقد نقدها، وهو ملك النقود، الغطاء الوطني من كل نوع حيث أخذت تغطيه في العقود الأربعة الأخيرة دول أجنبيه فباتت أقوى دولة في العالم فاقدة لسيادتها. تقوم الإدارة الأميركية بطباعة الدولارات المكشوفة بغير حساب وهو ما يعني تخليها عن الأساس الوحيد للنظام الرأسمالي وهو قانون القيمة، ومع ذلك تجد الساسة المفلسين لا يذكرون الولايات المتحدة إلا بوصفها الدولة الرأسمالية الإمبريالية !! كما أن الدولارات التي تغطيها الخدمات هي نقود مفرغة من معظم قيمتها المادية. آدم سميث ودافيد ريكاردو كانا سيلطمان على رأسيهما لو قرآ إعلان رامبوييه يثبت القيمة الفعلية لعملات الدول صاحبة الإعلان دون الحاجة لدخولها السوق كون ذلك الطعنة النجلاء في قلب الرأسمالية. الرئيس الأميركي كان سيعلن الولايات المتحدة الأميركية دولة مفلسة الشهر الماضي لو لم يوافق الكونجرس على استدانة 2.5 تريليون دولاراً إضافية لأجل خدمة دينها العام الذي يتجاوز 50 تريليون دولاراً (مجموع الدين الخارجي والداخلي وفائدته السنوية ليست أقل من 3 تريليون وهو ما يرتب على كل فرد أميركي أن يدفع سنوياً عشرة آلاف دولاراً كفائدة فقط قبل أن يسدد دولاراً واحداً). كافة دول الاتحاد الأوروبي يتهددها الإفلاس بين عشية وضحاها. ليس أدل على إفلاس العالم من أن الطبقة العاملة تقلصت منذ السبعينيات بنسبة 60 – 70% وهو ما انعكس في مظاهرات العاطلين عن العمل التي اجتاحت العالم الأسبوع المنصرم. الدول الاشتراكية التي كانت تساهم بحزء كبير من الإنتاج العالمي تعتمد اليوم في معاشها على تصدير المواد الخام وهو ما يلجم كل تطور فيها. كل هذا دلائل قاطعة على الانحطاط وفناء الحضارة غير الإنسانية الحالية عكس ما يدعية طلائعيو البورجوازية الوضيعة ــ خليك عن انتشار المخدرات وتجارة الرقيق والانحطاط الجنسي والمجاعات واضطرابات المناخ، ولا تنتهي بانحطاط الجامعات والمعاهد العلمية كما في الثقافة والفنون ــ الإنحطاط والفناء يحيطان بالعالم من جميع الجهات رغم صريخ البورجوازية الوضيعة المتعالي وهي لا ترى أمامها إلا الفناء.

العمل الشيوعي وهو من قوانين التطور مجسداً للصراع الطبقي الذي تخوضه الطليعة البروليتارية في المجتمعات داخل التاريخ ضد كل الطبقات الأخرى (الرأسماليين والبورجوازية الوضيعة بما فيها طبقة الفلاحين)، هذا العمل الشيوعي لم يعد فاعلاً في مجتمعات اليوم وهي خارج التاريخ حيث تراجع نمط الإنتاج الجمعي (Associated Production) كما في النمط الرأسمالي لدرجة خطيرة لصالح الإنتاج الفردي (Individual Production) وبذلك فقدت البروليتاريا قوى الإندفاع الذاتية التي تؤهلها لمواجهة طبقة البورجوازية الوضيعة التي تغولت في الاستيلاء على ثروة المجتمع بحجة أكذوبة إنتاج المعرفة وما غدا يسميه إقتصاديو البورجوازية الوضيعة "إقتصاد المعرفة" (Knowledge Economy). ومن العلامات الدامغة على أن المجتمعات المختلفة كانت قد خرجت من التاريخ هي أن الطبقة البورجوازية الوضيعة في العالم كانت قد انتفخت خلال الربع الأخير من القرن العشرين حتى بلغ حجمها أربعة أمثال طبقة البروليتاريا في العالم المتقدم وأكثر من ذلك في العالم المتخلف. كان بليخانوف على فراش الموت في العام 1918 يحلم بأن يفوت أعداد البروليتاريا في أوروبا الغربية مجموع أعداد الطبقات الأخري فتتمكن البروليتاريا من إقامة نظامها الاشتراكي، ولم يدر في خلده أو خلد ماركس أو إنجلز أو لينين أن البورجوازية الوضيعة، التي هي أعدى أعداء الاشتراكية برأيهم جميعاً، ستغدو قبل نهاية القرن العشرين أربعة أمثال طبقة البروليتاريا لتشكل الحائط المانع للثورة الاشتراكية. ما فات ماركس وإنجلز وبليخانوف ولينين هو إمكانية خروج المجتمعات من التاريخ. هؤلاء الثوار قادة البروليتاريا حاكموا التاريخ وليس ما هو خارج التاريخ وما كان لهم أن يحاكموه. خروج العالم من التاريخ وقع بفعل حقنات سامة ما كان لجنس بشري أن يأتي بها. البورجوازية الوضيعة ليست من الجنس البشري الذي يغذ السير على طريق التقدم.

عبثاً يناضل الشيوعيون قبل أن يأخذوا في حسبانهم أن العالم بمختلف تشكيلاته الاجتماعية قد خرج من التاريخ وأن الطبقة السائدة فيه اليوم هي الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة أعدى أعداء الإشتراكية والتقدم، الطبقة التي لا تمتلك بوسيلة إنتاجها بنية اقتصادية تقيم حياة إجتماعية مستقرة وقابلة للإستمرار في الحياة؛ عبثاً يناضلون وفق القواعد والمفاهيم القديمة. كانت البروليتاريا تواجه الرأسماليين بفعل أن علاقات الإنتاج تتناقض بصورة متزايدة مع قوى الإنتاج. كان التناقض ينبثق من عملية الإنتاج ومع تنامي الإنتاج تنمو قوى الإنتاج ويحتدم الصراع المتجسد بالعمل الشيوعي. أما اليوم في المجتمعات خارج التاريخ يغيب نهائياً التناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الإنتاج نظراً لغياب الإنتاج الرأسمالي عن المسرح الدولي ليحل محله الإنتاج الفردي، إنتاج الخدمات. لقد غدا الصراع الرئيسي على المسرح الدولي بين منتجي السلع، البروليتاريا، من جهة، ومنتجي الخدمات، البورجوازية الوضيعة، من جهة أخرى. دورة الإنتاج الرأسمالي (نقد – بضاعة – نقد) التي كانت تفرز فائض القيمة الذي هو القلب النابض للنظام الرأسمالي ورحم التناقض فيه، استبدلت اليوم بنمط جديد من الاستمرار في الإنتاج المتراجع ضمن المعادلة (س x بضاعة = ص x خدمة). استمرار الحياة حتم على البروليتاريا مبادلة بضائعها بخدمات البورجوازية الوضيعة، وليس غريباً أن يتم ذلك خارج السوق التي لم تعد بعمومها رأسمالية حيث الخدمات لا تدخل السوق إلا محمولة في جوف السلعة، ويستحيل عليها فيزيائياً أن تتسنم الصنمية لتتم معايرتها. لذلك بتنا نجد أن 10 ساعات عمل بضاعة = 2 ساعة عمل خدمة، وفي أحايين كثيرة 1000 ساعة عمل بضاعة لا تساوي أكثر من ساعة واحدة عمل خدمة. أي حديث هنا عن فائض القيمة وعن التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج لا يمت إلى الواقع بصلة ولذلك نقول أن المجتمعات بكل تشكيلاتها الماثلة خرجت من التاريخ، والشيوعي الذي يواصل الحديث القديم ويناضل بالأسلحة القديمة إنما يضيع وقته الثمين. البورجوازية الوضيعة عصفت بالسوق وتغولت باستنزاف البروليتاريا.

الشيوعي الذي ما زال يتحدث عن الرأسمالية والامبريالية ليخوض الحرب ضدهما إنما هو يمتشق سلاح البورجوازية الوضيعة ويحارب حربها ضد البروليتاريا ليغدو بذلك عدواً للشيوعية. ليس هناك ساحة المعركة التي يتوهمها مثل هذا "الشيوعي" المضلَل والمضلِل بذات الوقت. البروليتاريا الأميركية تدفع أربع ساعات عمل مقابل ساعة عمل واحدة للبورجوازية الوضيعة وإلا فكيف يستمر السلم الأهلي والبورجوازية الوضيعة تساوي أكثر من 80% من الشعب الأمريكي، وفي بريطانيا 75%، وفي ألمانيا وفرنسا 70%. لماذا لا يعي الشيوعيون مثل هذه الحقيقة التي تفقأ العيون؟ الجواب الوحيد لهذا السؤال المفصلي هو أن غالبية القيادات الشيوعية هي أصلاً من طبقة البورجوازية الوضيعة. الماركسية بما لها من وهج فكري جاذب سبق إلى مدارها المثقفون من أبناء البورجوازية الوضيعة، ورغم كل المعارك الصعبة التي خاضتها تلك القيادات إلا أن القليل القليل منها تخلص من خصائص البورجوازية الموروثة. غالبية المكتب السياسي الذي انقلب في جلسته المنعقدة في سبتمبر 1953 على مقررات المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشيوعي لم تتخلص من أثر الفكر البورجوازي الذي سوّغ لها مخالفة الشرعية الحزبية وإلغاء مقررات المؤتمر العام للحزب. وأقلية المكتب السياسي التي لم تصوت ضد خروشتشوف في اجتماع يونيو 1957 وسحب الثقة منه هي كذلك. وكيف تعلل القيادات الشيوعية في طول العالم وعرضه ترحيبها بهرطقات خروشتشوف من مثل إلغاء دكتاتورية البروليتاريا وإيقاف الصراع الطبقي في النظام الاشتراكي، وبتهجمه على الرفيق الأمين والوفي للينين، جوزيف ستالين وهو الرائد في العمل الشيوعي كما اعترف خروشتشوف نفسه في خطابه السري المشؤوم؟ أليس ذلك من ترسبات الفكر البورجوازي في قاع بنيتهم السيكولوجية؟ استبدال البنية السيكولوجية لإنسان المجتمع الرأسمالي ببنية سيكولوجية أخرى مختلفة تماماً، بنية شيوعية، هو من أهم الأعمال وأكثرها صعوبة وتعقيداً يتوجب على قادة الثورة الاشتراكية القيام به بكل دقة واحتراف علميين.

الأحزاب الشيوعية القائمة اليوم تشكلت أصلاً تلبية لنداء لينين لدى تشكيل الأممية الثانية في مارس 1919 من أجل المشاركة في الثورة والمساعدة في استكمال مشروعه وهو الثورة الاشتراكية العالمية. انهار مشروع لينين وهذه الأحزاب ما زالت قائمة ــ كيف يمكن للطابق الأول في العمارة أن ينهار والطابق الثاني يبقى على حاله !!؟ لتحاشي هذا المطب الفاضح تنكرت عامة الأحزاب الشيوعية في بلدان العالم الثالث لاستراتيجيتها الشيوعية وهي استكمال مشروع لينين لتتبنى بدلاً عنها استراتيجية البورجوازية في التحرر الوطني والديموقراطية والتعددية. تفعل كل هذا دون أن تعلن أنها لم تعد شيوعية !! بل إن بعض هؤلاء يغطي خيانته بستارة حمراء فيقول أن من واجبه " توطين " الماركسية !! هل هناك أكثر فجاجة وغباء من هذا البعض ؟ الماركسية لم تُعنَ إطلاقاً بالتحرر الوطني، بل يمكن اعتبارها بمعنى من المعاني ضد التحرر الوطني حيث موضوعها الرئيسي هو تحرير الطبقة العاملة من عسف الطبقات الأخرى شريكتها في الوطن وأولها الطبقة الرأسمالية. ثم كنا عَلِمنا أن التحرر الوطني كان قد اكتمل وانتهى في العام 1972 حسب إعلان الأمم المتحدة الصريح، فلماذا نبش القبر واستخراج الرمّة للبكاء عليها ؟ وأكثر ما يستحضر الحنق والغضب هو القول باستكناه الماركسية من أجل إقامة التعددية !! التعددية لمن؟ التعددية ليس لها إلا مفهوم واحد قصراً ألا وهو تعايش الطبقات المتعددة سلمياً، أي أن تقبل كل طبقة بوضعها الحالي، أن تقبل الطبقة العاملة بالطبقة الرأسمالية وبالاستغلال الواقع عليها دون أن تناضل ضده أو حتى دون أن ترفضه!! تلك هي المفاهيم النابذة والطاردة للعمل الشيوعي التي يتبناها المفلسون من الماركسيين.

فقد الشيوعيون في مجتمعاتهم خارج التاريخ كل عوامل ومفاعيل الصراع الطبقي الذي هو وظيفتهم الوحيدة فقعدوا بلا وظيفة. البورجوازية الوضيعة المتوحشة في افتراس البروليتاريا وعدو الشيوعيين الوحيد اليوم لم يُكتشف أي سبيل للصراع معها طالما أن تناقضها مع البروليتاريا لا ينبثق من داخل دائرة الإنتاج بل من دائرة الاستهلاك، من السوق كما يُفترض، علماً بأن معظم إنتاج البورجوازية الوضيعة من الخدمات لا يدخل السوق والجزء القليل الذي يدخل السوق يدخلها متخفياً في جوف السلعة فلا تتم معايرته وفق قانون القيمة فكما لو أنه لم يدخل السوق. كما أن السلعة في السوق لا تخص البروليتاريا بل هي غريبة عليها، كما برأي كارل ماركس، وهو ما يعني أن تناقض البروليتاريا حتى مع الرأسمالي لا يتحقق في السوق، حيث يبيع الرأسمالي ساعات العمل المتجسدة بالسلعة بقيمتها الحقيقية، بل في دائرة الإنتاج حيث لا يدفع الرأسمالي القيمة الكاملة لكامل ساعات العمل كأجر للعامل.

في مثل هذه الشروط الطارئة في التاريخ حيث الإنتاج الرأسمالي يتراجع في الدول الرأسمالية الكلاسيكية، وحيث طبقة البروليتاريا تنكمش بالترافق، وحيث قانون القيمة الرأسمالية قد تآكل بصورة خطيرة ولم يعد الحاكم والناظم للسوق التي فقدت خصائصها الرأسمالية، في مثل هذه الشروط يترتب على الشيوعيين أن ينتهجوا نهجا جديداً مختلفاً عن النهج الذي انتهجته الأمميات السابقة الثلاث، نهج قيادة البروليتاريا في صراعها مع عدوها الطبقي الذي كان منذ البدء الطبقة الرأسمالية. عدوها الرئيسي اليوم هو البورجوازية الوضيعة التي تقود ما يسمى مجازاً بالاقتصاد الاستهلاكي (Consumerism)، النقيض القاتل للإقتصاد الرأسمالي، وهي العدو الذي لم يكتشف الماركسيون حتى اليوم سبل الصراع ضده. أمام كل هذه الشروط الطارئة في التاريخ، والتي أغلقت الطريق أمام الشيوعيين يقودون البروليتاريا في صراعها الطبقي، ترك معظم الشيوعيين صفوف البروليتاريا المهزومة وانضموا للقوى المنتصرة باعتقادهم المتمثلة بالبورجوازية الوضيعة. استبدلوا استراتيجتهم الشيوعية باستراتيجية البورجوازية ورفعوا شعاراتها في التحرر الوطني والديوقراطية والتعددية وتداول السلطة، ثم حرّموا لينين ودكتاتورية البروليتاريا.
ليس أمام الشيوعيين اليوم بعد أن فقدوا كل وسائل الصراع الطبقي وأدواته بدلالة مناداتهم بالتعددية، ولو إلى حين اكتشاف سبل الصراع ضد البورجوازية الوضيعة بغض النظر عن مدى احتمال ذلك، ليس أمامهم غير التحوصل دفاعاً عن الذات، وكإجراء يحول دون تحوّل الشيوعيين إلى وطنيين بعد أن لم يكن هناك وطنية. نذكر في هذا السياق شرط لينين على الشيوعيين في المستعمرات أن يكونوا وطنيين كي يتم قبولهم كأعضاء في الأممية الثالثة. كان ذلك عندما كانت البورجوازية الدينامية تقود الثورة الوطنية ضد الاستعمار، أما اليوم فإن البورجوازية الوضيعة تقود العالم إلى التفسخ والانهيار. في المجتمعات خارج التاريخ ليس هناك وطن أو وطنية. يتحوصل الشيوعيون في اتحادات ماركسية (ليست أحزاباً) تتوظف فقط بالقيام بثورة ثقافية تجلو الغبار المتراكم عن بريق الماركسية الأخاذ. الغالبية العظمى من الشيوعيين والماركسيين لم يتحققوا من القدرة الكلية (Omnipotent) للماركسية القادرة على الإجابة على كل الأسئلة المطروحة على البشرية ومنها اتخاذ الموقف الصحيح في المجتمع خارج التاريخ. على الشيوعيين أن يعوا أنهم يمتلكون النظرية كلية القدرة التي عليهم حراسة ألقها ولا أقول تطوبرها كيلا يفسّر ذلك بالاستغناء عن بعض عناصرها وإضافة ما هو غريب عليها، وليس بالإكتشافات الجديدة التي تدعمها. على الشيوعيين الحقيقيين أن يجعلوا الماركسية هي الثقافة المشاع لكل الناس ذوي الإرادة الطيبة. هذا فقط ما من شأنه أن يعمل على نقل العالم إلى فجر جديد.
www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد الإشتراكية السوفياتية
- من الديموقراطية إلى الشيوعية
- خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي
- دور النقد في انهيار الرأسمالية
- المثقفون وسقوط التاريخ
- اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
- نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها
- الإفساد بالأدلجة
- نقد فظ لشيوعي ناعم
- ماذا عن وحدة اليسار
- الإشتراكية والديموقراطية
- لن تكون رأسمالية في روسيا
- إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
- حاجة العالم للينين مرة أخرى
- ماركسيون بلا ماركس
- لماذا الأول من أيار !؟
- المتلفعون باليسار واليسارويّة
- العقبة الكبرى أمام استئناف العمل الشيوعي
- الحرية ليست إلاّ شرطاً ظرفياً يستوجبه فقر أدوات الإنتاج
- فؤاد النمري في حوار مفتوح حول: القراءة اللينينية لماركس المت ...


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ