أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (29): وثيقة السلمى والمادة التاسعة ما بين اليابان ومصر















المزيد.....

على هامش الثورة المصرية (29): وثيقة السلمى والمادة التاسعة ما بين اليابان ومصر


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 15:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يهدأ الجدل فى مصر فى أى قضية حتى تبدأ قضية أخرى فى الصعود، ولا تبدأ أى مرحلة جديدة دون فتح ملفات أخرى موازية تستنزف بدورها المزيد من الوقت والجهد الذى كان يفترض توجيهه لقضايا أخرى جوهرية. وعلى هذا السياق وبدلا من التركيز على الانتخابات البرلمانية التى تمثل عنصر محورى فى الفترة الانتقالية بدأ الجدل حول ما عرف بوثيقة المبادئ الدستورية والتى تعارف عليها باسم وثيقة السلمى نسبة إلى الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطى. ومع تعدد أسباب انتقاد الوثيقة وما أحيط بها من أبعاد فأن أحد النقاط المثيرة تتمثل فى تركز الجدل حول المادة التاسعة من الوثيقة والتى أعادتنى بدورها للمادة التاسعة من الدستور اليابانى خاصة وأن المادة المعنية فى كلا الحالتين تتعلق بالقوات المسلحة ومسئوليتها فيما يتعلق بإعلان الحرب وهو التشابه الوحيد بين المادتين وفيما عدا هذا تختلف كل الأشياء.

وبالطبع لا يمكن أن نقارب بين الحالة التى وضع فيها الدستور اليابانى والسياق الذى أنتجه، والحالة التى وضعت فيها وثيقة السلمى والسياق الذى أنتجها وهو ما يفسر إلى حد ما فكرة الإختلاف دون أن يبررها أو يدعمها فى الحالة المصرية. فاليابان التى خرجت من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومعترفة بحجم الهزيمة والدمار الذى تسببت فيه حملت صورة سلبية عن دور الجيش وما يمكن أن تصل إليه الأوضاع أن تركت الحرية للجيش لإتخاذ القرار، وأعتبرت أن القيادات العسكرية هى المسئولة عن الوصول بالأوضاع إلى ما وصلت إليه، وأرادات أن تسقط هذا الجزء من ذاكرتها وأن تتخذ من السياسات ما يحول دون تكرار تلك الكارثة مرة أخرى وبصورة عملية ما يحول دون سيطرة العسكريين مرة أخرى على القرار السياسى. فى الوقت الذى شعرت فيه القوات المنتصرة وعلى رأسها الولايات المتحدة بالإضافة لدول الجوار الجغرافى التى عانت من الإحتلال اليابانى بأن عدم تسليح اليابان خيار أفضل. ولكن فى ظل الرؤية اليابانية أمكن ليس فقط إتخاذ اليابان لقرار عدم التسلح ولكن أضيف له قرار التخلى عن حق إعلان الحرب فى المادة التاسعة من الدستور والتى أصبحت المادة الأكثر شهرة لما يثار حولها من نقاش داخلى وخارجى. المهم أن المادة التاسعة فى الدستور اليابانى خرجت من قلب مرحلة معاناة ودشنت لقطيعة مع تلك المرحلة، كما جاءت متسقة مع الرؤية الشعبية المتمسكة بخيار رفض أى توجه للعسكرة والذى ظهر واضحا فى التعامل مع قوات الدفاع الذاتى التى تأسست تاليا والتى لا يطلق عليها اسم جيش ولا يطلق على العاملين بها مسمى جنود

انطلقت اليابان بعد الحرب فى عملية بناء متعددة الأبعاد فمع أنها ركزت بشكل واضح على عملية بناء القوة الاقتصادية، إلا أن عملية البناء شملت إعادة بناء المؤسسات الداخلية، وإعادة بناء العلاقات الخارجية خاصة مع دول الجوار الإقليمى، مع ترك جزء كبير من عبء الأمن على الولايات المتحدة بالإضافة إلى قوات الدفاع الذاتى التى شهدت الكثير من التطور التقنى خلال العقود التالية. ولكن استمرت الرؤية المجتمعية لما هو عسكرى بمثابة تحدى لأى محاولة لتجاوز روح المادة التاسعة من الدستور، ولهذا أصبح من الممكن لقوات الدفاع الذاتى القيام بأدوار متعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين، وبعمليات انسانية والمشاركة فى جهود إعمار خارجية ولكنها لازالت غير قادرة على القيام بدور عسكرى بمفهوم الجيوش التقليدية فيما يخص شن الحروب الحرب والقتال خارج حدود اليابان وخارج حدود الدفاع عن النفس

بالمقابل جاءت المادة التاسعة فى وثيقة السلمى مغايرة لتلك الروح المنصوص عليها فى دستور اليابان لأنها تعطى مساحات أكبر للجيش ليس فى صورته الكلية ولكن فى مجلسه العسكرى الذى أصبح بحكم الوثيقة شريك فى إتخاذ قرار الحرب، أو بمعنى أخر صاحب سلطة فيتو على قرار الحرب. كما أصبح فى جزء أخر سيد قراره فيما يتعلق بميزانيته التى أصبحت سرا عسكريا لا يمس من خارجه. والأمر الأكثر أهمية أن الوثيقة بمادتها التاسعة جعلت المجلس الأعلى فعليا هو السلطة العليا كونه حامى الشرعية، والمنوط به النظر فيما يخص القوات المسلحة، والمسموح له بوقف قرار الحرب أن أراد

وفى حين جاءت المادة التاسعة من الدستور اليابانى وليدة للمرحلة التى وضع فيها الدستور ما بعد الحرب وويلاتها التى كبدت اليابان الكثير من الخسائر البشرية والمادية، فأن الوثيقة المصرية جاءت بعيدة عن الثورة التى حدثت فى مصر فى مؤشر واضح على قيام واضعى الوثيقة بتجاوز مرحلة الثورة وتدشين نمط للحكم يخرج من عباءة مبارك ليدخل فى عباءة المجلس الأعلى

ولم يستطع واضعو الوثيقة على ما يبدو قراءة المرحلة التى مرت بها مصر بصورة سليمة فتم الخلط بين التقدير المعنوى والرمزى للجيش وبين أعطاء المجلس الأعلى سلطة تعلو الشعب وتعلو مجالسه المنتخبة. وأصبحت شعارات ومقولات مثل الجيش والشعب أيد واحدة والمجلس حامى الثورة مبررة لوضعية يكون فيها المجلس فوق الدولة. وفى حين كان من المفترض أن تقود الثورة لبناء ديمقراطية تقوم على إستعادة دور الشعب، وتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة، والاحتكام للانتخابات كوسيلة اختيار وتغيير جاءت الوثيقة لتدشن لوضعية خاصة لمجلس هو بطبعه غيرمنتخب شعبيا، وأعطته سلطات واسعة دون أن تحدد من يراقبه أو يحاسبه

وبشكل عام يمكن القول أن المادة التاسعة فى الحالة المصرية تعبر بشكل واضح على أن العقليات المنوط بها التخطيط لمرحلة التغيير أو الآليات المتبعة تنتمى لمرحلة ما قبل الثورة وربما لهذا تثار تساؤلاتهم الآن لماذا هذا الرفض للوثيقة، ولماذا هذا الرفض للمادة التاسعة؟ وربما يقولون لقد أحضرنا الجيش ممثلا فى مجلسه للشعب ممثلا فى مجالسه المنتخبة لتصبح مصر أيد واحدة بجد.

ورغم كل تلك الأحداث، وكل الصخب الدائر لازال لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مساحة للتعامل مع تلك الانتقادات وتولى مسئوليته المرحلية بشكل يليق بمصر ومكانة الجيش، ليس بالإكتفاء بالصمت أو أحاديث المصادر غير المعلنة والمصادر المقربة للصحف والمحطات التلفزيونية، وليس بالإكتفاء بإلغاء الوثيقة أو تعديل المادة التاسعة منها فقط، ولكن على المجلس أن يؤسس لحالة من الحوار والمكاشفة فى التعامل مع الشعب عبر خطاب موجه منه أو من رئيسه يوضح فيه رؤيته لكل تلك القضايا المثارة خاصة ما يتعلق بدور الجيش والمجلس الأعلى ورئيسه فى المرحلة الحالية والقادمة فالغموض ليس بناء ولكنه مضر ومتناقض مع مقتضيات المرحلة الثورية



#عبير_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القذافى قتيلا: الجلاد والضحية
- على هامش الثورة المصرية (28): أحداث ماسبيرو: كيف نواجه الأزم ...
- على هامش الثورة المصرية (27): الثورة بين التغيير والتنقيط
- على هامش كارثة (8): من قانون الطوارئ لطائرة العودة
- على هامش الثورة المصرية (26): السياسة المصرية وزيارة أخرى لل ...
- على هامش الثورة المصرية (25): ملاحظات عابرة
- على هامش الثورة المصرية (٢٤): العلاقة ما بين الن ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٣): المحاكمة... تداعيا ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٢): مشهد المحاكمة..... ...
- للبشر أوجه أخرى
- على هامش الثورة المصرية (٢١): الحاجة سكينة والثو ...
- على هامش الثورة المصرية (٢٠): البحث عن هيبة الدو ...
- على هامش كارثة (٧): أثمن ما نملك
- على هامش كارثة (٦): شهادتى على العودة- الجزء الثالث وا ...
- على هامش كارثة ( ٥ ) : شهادتى على العودة- الجزء الثانى
- على هامش كارثة (4): شهادتى على العودة- الجزء الأول
- على هامش الثورة المصرية (١٩): التحليل بين الموضو ...
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٤) : الأسقف المنخفضة
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٣): سقف الحلم
- شباب مصر هيتجوز بجنيه واحد بس (٢): حدود الحلم


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (29): وثيقة السلمى والمادة التاسعة ما بين اليابان ومصر