وعد بلفور تكثيف للعلاقةالامبريالية مع الصهيونية

محمود فنون

الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 01:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

وعد بلفور محطة رسخت هيمنة اوروبا على العرب
محمود فنون 2|11|2011
لقد كان وعد بلفور محطة جديدة في سياق المشروع الصهيوني.فقد تأسس اليشوف الصهيوني باساسياته في زمن السلاطين العثمانيين وخاصة في زمن عبد الحميد حيث بلغ عدد المستوطنين في المدن المختلطة والمستوطنات بين 80-90 الف مستوطن وبنوا ما يقارب العشرين مستوطنة في انحاء متفرقة في فلسطين ,كما اسسوا اغلب المؤسسات الصهيونية الاساسية التي ساهمت في تحويلهم الى حالة اجتماعية موازية للجتمع الفلسطيني العربي,وكانوا قد ثبتوا وجودا واسعا في القدس خارج السوار بالاضافة الى وجودهم في الحي اليهودي داخل الاسوار وظل وجوده يتمدد حتى 1914 بداية الحرب العالمية الثانية حيث جمد المشروع حتى نهاية الحرب العالمية الاولى حيث نشط الصهاينة بانفسهم هذه المرة وبمساعدة بريطانيا المنتصرة في الحرب لجعل المشروع الصهيوني برنامجا رسميا مرعيا من الدول المنتصرة في الحرب وعموم الدول الاوروبية وامريكا وهكذا كان.
هنا حصلت نقلة نوعية :فبعد محاولات الحصول على رعاية رسمية من الدولة العثمانية ,هزمت الدولة العثمانية نتيجة الحرب وانتهت ولايتها على فلسطين بفعل هذه الهزيمة ,ان تركيا لم تعط موافقة رسمية وشمولية للمشروع الصهيوني وان غضت النظر عن الهجرة والاستيطان واقامة المؤسسات ,والاهم انها غضت النظر عن او سهلت انتقال الاراضي .كان هناك تواطؤا واضحا احتجت عليه الجماهير الفلسطينية مرات عديدة.
في سياق الحرب وبعد ان بدأت تتضح النتائج ,وبعد ان دخلت القوات البريطانية فلسطين واعلان الحكم العسكري في 9|9|1917.جرت المشاورات بين الدول الغربية حيث اتفقت على صيغة وعد بلفور واعلانه .
نص التصريح الذي اصدره بلفور وزير خارجية بريطانيا:
" ان حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف الى تاسيس وطن قوي للشعب اليهودي في فلسطين,وستبذل غاية جهدها لتحقيق هذهى الغاية على ان يفهم جليا انه لن يؤتى بعمل من شانه ان ينتقص من الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين ,او الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر"

ومن الجدير ذكره ان بريطانيا وقبل اصدار هذا التصريح تداولت امره مع الدول الاوروبية وامريكا
فبريطانيا وفرنسا كانتا قد اتفقتا على تقاسم بلاد الشام وفق معاهدة سايكس بيكو الموقعة بينهما في 6 أيار 1916 على ان تكون فلسطين لليهود .
اما مع امريكا:فكان بيلفور قد ارسل صيغة الوعد الى الرئيس ويلسون بواسطة الكولونيل ادوارد هيس وهو من مقربين ويلسون حيث رد ويلسون "وجدت في جيبي المذكرة التي اعطيتني اياها عن الحركة الصهيونية ,اخشى انني لم اقل لك انني اتفق مع الصيغة المقترحة من الجانب الآخر وسأكون شاكرا لو اعلمتهم بذلك"
واذا كان الانجليز "اكثر من روج لضرورة استعمار فلسطين وتوطين اليهود بها في نطاق الحفاظ على مصالح بريطانيا الاستعمارية "فان الدول الاوروبية لم تختلف على هذه المسألة بل جميعها دعمتها بما فيها فرنسا وايطاليا واسبانيا ..
حدود فلسطين
اتفقت بريطانيا وفرنسا في سياق تقاسمهما لبلاد الشام على حدود فلسطين وذلك في معاهدة سيفر سنة 1920 م التي اعتبرت معاهدة الصلح مع تركيا .وبعد التفاهم عليها اصبحت ما يعرف بحدود فلسطين الانتدابية حيث اقرتها عصبة الامم كما في صك الانتداب عام 1922 .
مفصل جديد في السياق القديم
بعد احتلال الانجليز لفلسطين وبعد وعد بيلفور ,بلغ المشروع الصهيوني محطة جديد.انه لم يكن بمقدور الانجليز ان ينفذو وعد بيلفور بشكل فوري ,ذلك ان المسألة معقدة وتحتاج في تنفيذها الى شروط عديدة وتحتاج الى عامل الزمن الذي يفرض نفسه على السياق كله ولا زال حتى اليوم .
...جلب المهاجرين وبناء المستوطنات وتمويل المشروع ..كل هذا يحتاج الى زمن ولم يكن بمقدورهم تنفيذ المشروع في العهد البريطاني الا بذات الطرائق والمناهج التي اتبعوها في العهد العثماني ولكن هذه المرة بشروط مواتية وموافقات دولية وعربية (الملك فيصل بن الحسين وقع اتفاقية مع وايزمن كجواز مرور لمؤتمر الصلح في فرساي عام 1919)
ان وعد بلفور قد نقل المشروع الصهيوني من برامج المحاولات الطلائعية الاولى الى برامج تنفذ برعاية دولة عظمى واشرافها ومساندتها .
ان الانجليز هم الذين وضعوا الدراسات والخرائط عن الوضع الديموغرافي والاجتماعي والطبيعة الجغرافية والثروات ومصادر المياه بل انهم ضموا اصبع الجليل لفلسطين لما فيه من ثروات مائية.لقد درسوا كل ما يتعلق بفلسطين بواسطة بعثاتهم وخبرائهم مما مكن المشروع الصهيوني على السير بهدى المعارف المتحققة.

ان صك الانتداب الذي اصدرته عصبة الام بموافقة اغلبية الدول في ذلك الوقت قد اشترط في العديد من بنوده على بريطانيا تنفيذ وعد بلفور بشكل صريح.
ان هذا يفسر مواقف الدول الغربية اليو :فقد كانت منذ البداية مؤيدة لاقامة وطن قوي لليهود في فلسطين بل انها هي التي نظمت اقامة هذا الوطن ودعمت وساندت جهود الحركة الصهيونية ,وليس صحيحا ان الصهيونية تفرض ارادتها على الغرب بل ان الصهيونية هي اداة بيد النظام الرأسمالي الغربي وبزعامة امريكا .
ومنذ البداية فرضت الدول الاستعمارية الغربية على كل من دار في فلكها من العرب ان يؤيد الصهيونية و/او يتساوق معها وهذا ما يفسر التمكن من اقامة اسرائيل في هذا المحيط الذي يتظاهر بانه محيط معادي في بعض الاحيان ويمد الحبل الصري للصهاينة.

#محمود_فنون (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات