أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - الاتفاقية الأمنية : حساب السلب والإيجاب















المزيد.....

الاتفاقية الأمنية : حساب السلب والإيجاب


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3534 - 2011 / 11 / 2 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كعادتها، لجأت الحكومة العراقية إلى ابتكار اسم آخر للاتفاقية الأمنية المعقودة بينها وبين سلطات الاحتلال. تكرر هذا التكنيك مرارا. آخرها كان حين عمدت لاستبدال اسم "عقود المشاركة في الإنتاج النفطي" سيئة السمعة عالميا باسم آخر هو "عقود التنقيب والإنتاج"! ولكن، وبعد أنْ ساد اسم "الاتفاقية الأمنية" طيلة فترة التخطيط والتفاوض على ألسنة الجميع بمن فيهم أقطاب الحكم فقد غدا الاسم الآخر لا قيمة تداولية له. من ناحية أخرى، وفي ما يتعلق بالشكليات أيضا، فربما تكون هذه الاتفاقية هي الوحيدة بين الاتفاقيات الدولية التي صدرت منها عدة نسخ مختلفة عن بعضها إلى هذا الحد أو ذاك،و بما يشي بأنّ هذا الاختلاف مقصود، وأنّ هناك أطرافا لها مصلحة في التشويش على النص الحقيقي لها رغم أنّ صحيفة الحكومة الرسمية "الصباح" نشرت بتاريخ 19/1/2009نصا قالت أنه النص الرسمي للاتفاقية ولكن النسخ المختلفة استمرت بالصدور وبالتالي استمرت التشكيكات حتى بهذه النسخة.
مع ذلك، سنركز في قراءتنا هذه على الأمور المركزية والتي وردت في جميع النسخ الصادرة من الاتفاقية الأمنية. لنبدأ أولا بإلقاء نظرة على سجل الإيجابيات المزعومة التي تتميز بها هذه الاتفاقية. هنا،لا نجد الكثير مهما بحثنا في عشرات المقالات التي دبجها المدافعون عن الاتفاقية و هم أنفسهم أولئك المدافعون عن خيار تغيير النظام السابق عبر الحرب والاحتلال، ربما باستثناء ما تكرر كثيرا من قبيل: إنها تضمن انسحابا هادئا وكاملا لقوات الاحتلال دون أن يتعرض البلد إلى الصوملة والتدمير الشامل. وكأنّ ما حدث على الأرض طوال سنوات الاحتلال الثماني من تدمير وقتل ونهب لم يكن كافيا شاملا! هناك كلام طويل وعريض عما سيعود به الانسحاب من اتفاقيات تعاون ومساعدات أميركية كثيرة و واسعة كما يزعمون في ميادين الاقتصاد وبناء الجيش .. الخ . والحال فالاعتراض ليس على الانسحاب بحد ذاته ولكن بالطريقة والشروط التي سيتم بها مما سيجعله أشبه بإعادة انتشار أو انسحاب محدود منه إلى الجلاء الكامل، ثم أين هي ثمار التعاون وإعادة الإعمار وبناء الجيش الجديد بعد ثماني سنوات والتي انتهت بفضائح السرقات الكبرى ونهب المنظم لثروات العراق وأرصدته في الداخل والخارج؟
أما في سجل السلبيات فـ"الخير" وفير : تطعن نصوص هذه الاتفاقية في صميم، وبشكل لا لبس فيه، مزاعم السيادة الوطنية والاستقلال لدولة جمهورية العراق وتكشف أن الندية الموحى بها في العديد من المواد هي ندية زائفة وغير حقيقية. الأدلة على ذلك كثيرة منها مثلا:
- خرق السيادة الجوية العراقية خرقا مباشرا وفظا من خلال تطبيق المادة التي تنص على وجوب التصريح ( لطائرات حكومة الولايات المتحدة والطائرات المدنية التي تعمل بموجب عقد مع وزارة دفاع الولايات المتحدة حصرا بالتحليق في الأجواء العراقية، والقيام بالتزود بالوقود جوا لأغراض تنفيذ هذا الاتفاق حصرياً) ولا يتطلب الأمر سوى إذن سنوي روتيني تصدره الحكومة العراقية للطائرات الأميركية.
- خرق السيادة البرية العراقية خرقا مباشرا وفظا من خلال تطبيق المادة التي تنص على وجب أن تصرح الحكومة العراقية ( للمركبات والسفن التي تستخدمها قوات الولايات المتحدة ، أو تلك التي تدار لحسابها حصرا ، أن تدخل وتخرج وتتحرك داخل الأراضي العراقية..)
تُرِكَت صيغة طلب المساعدة من قوات الاحتلال الذي تقدمه الحكومة العراقية عائمة ليفهم منها إنها أقرب إلى الوجوب المفروض على الطرف العراقي، وأنها تتعلق بالحاضر مثلما تتعلق بالمستقبل، فتلك الصيغة تخلو مثلا من عبارات محددة تفيد في تفسير الجانب الأسلوبي والقانوني فيها كالقول ( يحق للطرف العراقي أن يطلب من القوات الأميركية المساعدة في حالات معينة منها.. ) بل أن تلك المادة وردت بالصيغة التالية ( تطلب حكومة العراق المساعدة المؤقتة من قوات الولايات المتحدة لمساندتها في جهودها من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق..) هذه العبارة العائمة يمكن أن تعني أن على الحكومة العراقية واجب طلب المساعدة الأميركية! و قد تعني أن طلب المساعدة من جانب الحكومة العراقية أمر مفروغ منه ويتم تقديم المساعدة والقيام بالتدخل العسكري الأميركي فورا دون الحاج لطلب رسمي مكتوب. على الأرض، وخلال التطبيق الفعلي للاتفاقية حتى الآن ، فإن التفسير الأخير هو الذي ساد وطبق. بل إننا شهدنا عمليات عسكرية كثيرة قامت بها قوات الاحتلال بمفردها ودون أن يعلن عن صدور طلب عراقي رسمي وفي مناطق هادئة أمنيا تماما في الجنوب والفرات الوسط.
عبارات عائمة وغامضة أخرى نجدها في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة التي تنص على التالي ( يحتفظ الطرفان – الأميركي والعراقي- بحق الدفاع الشرعي عن النفس داخل العراق كما هو معروف في القانون العراقي النافذ) فهذه الفقرة مثيرة للسخرية فعلا فهي تساوي بين المحتل والحاكم المحلي في ممارسة حق الدفاع عن النفس. و بما أن الفقرة لم توضح الطرف الذي يستهدف الحكومة المحلية والاحتلال بالهجوم ليمارسا حق الدفاع عن النفس ضده فإن من المنطقي أن يكون المقصود هو الطرف العراقي الداخلي المعارض للحكومة المحلية. بمعنى أن هناك تحالفا عسكريا حقيقيا تؤكده هذه المادة بين الاحتلال والحكومة العراقية المحلية ضد الطرف الشعبي العراقي الذي قد ينتفض أو يثور ضد هذه الحكومة.
يسجل المراقبون والمحللون لنصوص هذه الاتفاقية نوعا من التمييز القضائي الصريح والأفضلية الواضحة للطرف الأميركي على الطرف العراقي فالمادة الرابعة تقرر أن ( يكون للعراق الحق الأولي لممارسة الولاية القضائية على أفراد قوات الولايات المتحدة وأفراد العنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة وطبقا للفقرة الثامنة حين ترتكب تلك الجنايات خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها وخارج حالة الواجب) ولكن هذا الحق يبقى محدودا ومنقوصا من الناحية الجغرافية لأنه يتعلق فقط بالجنايات الجسيمة والمتعمدة" خارج المنشآت والمساحات التي تسيطر عليها القوات الأميركية بمعنى أنها تستثني العسكري الأميركي من هذا المر إذا كان خارج حالة أداء الواجب أي إن الجندي المقاتل يبقى خارج نطاق الولاية القضائية العراقية طالما كان مرتديا بدلته العسكرية وحاملا سلاحه. و أن السيادة العراقية لا تشمل تلك الأماكن فهي سيادة ناقصة وبما أن السيادة الناقصة لا تعريف لها في الفقه القانوني الدولي فهي إذن فقدان سيادة والاحتلال مباشرة. وثانيا فصيغة هذه المادة غامضة بشكل مقصود لتكون فارغة المحتوى وغير قابلة للتطبيق لأنها تقتصر الأمر على "جنايات جسيمة ومتعمدة" فكيف يمكن لأي كان أن يحدد المقصود بالجناية الجسيمة و حجمها وكيف يتم التأكد من كونها مقصودة أم لا بوجود مفهوم "النيران الصديقة" والتبريرات العسكرية الأخرى لعمليات القتل المتعمد؟

في المادة الخامسة عشرة من الاتفاقية الأمنية نجد خرقا لسيادة العراق الاقتصادية على أراضيه وثرواته . فجيش الاحتلال خلال فترة الانسحاب سيتصرف كدولة مستقلة من الناحية الاقتصادية إذ تنص هذه المادة على التالي(يجوز لقوات الولايات المتحدة والمتعاقدين معها أن يستوردوا إلى العراق ويصدروا منه (مواد تم شراؤها في العراق) ويجوز لهم أن يعيدوا تصدير ، وان ينقلوا ويستخدموا في العراق أي معدات أو تجهيزات أو مواد أو تكنولوجيا أو تدريب أو خدمات)واضح أن الصيغة العائمة والمفتوحة تسمح لجيش الاحتلال بالكثير من النهب والسرقة دون أن تتم محاسبة أحد على ذلك .
كما سكتت نصوص هذه الاتفاقية سكوتا مطبقا على موضوع التعويضات التي على الطرف الغازي والمحتل أن يقدمها للطرف العراقي سواء كان ممثلا بالضحايا المدنيين الأفراد الذين قتل مئات الآلاف منهم باعتراف قوات الاحتلال ولم يعوض ذوي أحد منهم باستنثاءات نادرة جدا ولأنها الجرائم المرتكبة خلالها أثارت أصداء إعلامية صاخبة. كما لم تتم مطالبة الجانب الأميركي بالتعويض عن التدمير الشامل الذي لحق بالبنية التحتية العراقية وحول العراق إلى دولة تعيش في العصر الحجري كما سبق لبوش الأب أن توعد العراق خلال حرب" عاصفة الصحراء" الخليج الثانية . الأدهى والأمرّ من ذلك هو أنّ على العراق أن يدفع مئات الملايين للعديد من قتلى الجيش الأميركي وعما سمي "احتجاز مواطنين أميركيين في العراق خلال تلك الحرب". لا جدال في أن هذه سابقة تاريخية إذْ لم يحدث قط في تاريخ العالم أن قدم شعب أو بلد تعويضات لغزاة دمروا بلده وقتلوا قرابة المليون من سكانه .



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: ساسة العرب السُنة يقيمون للشيعة إقليمهم!
- الدستور في قضية كركوك: هل كان عوناً أم فرعونا؟ /ج2
- مع قتل القذافي ..العراقيّون يستعيدون إعدام صدّام
- لتكن كركوك أنموذجا لعراق المستقبل والمواطنة الحقة !/ج1
- الشهرستاني يدافع عن صفقة -غاز البصرة -شِل- معترفا ضمنا بعيوب ...
- الحدث السوري بعيون عراقية
- مجلس السياسات المستعصي
- أسرار المشهداني لم تحرك ساسة بغداد
- المعلم التركي والدرس الكردي -غيرالعويص-
- هدايا كويتية -مسمومة- قد تطيح هوشيار زيباري
- تحذير لنائب المالكي يثير الذعر: العراق سيُحْرَم من نصف مياهه ...
- العلوي بين فلسفة التاو الصينية والمتصوف النُفّري/ج2
- العلوي وفلسفة التاو الصينية : بين المطلق الصيني والآخر الإبر ...
- عزّت الدوري يعزّي البرزاني فيثير غضب البعثيّين
- هل أحبط المالكي انفصالا عشائريا في الأنبار؟
- مجزرة «النخيب» العراقيّة: طائفيّة وعشائريّة وغياب للمركز
- -تطوير- غاز البصرة : صفقة مشبوهة مع -شِل- وكارثة يتحمل مسؤول ...
- أتهم جلال طالباني وآخرين باغتيال هادي المهدي!
- خرافة -جاموس الحجاج- وحقائق التراث الرافديني
- كيف قرأ الراحل هادي العلوي التصوف الإسلامي -القطباني- وتجربة ...


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - الاتفاقية الأمنية : حساب السلب والإيجاب