أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت هوشيار - تولستوى و جائزة نوبل للآداب















المزيد.....

تولستوى و جائزة نوبل للآداب


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 19:01
المحور: الادب والفن
    


كان الشاعر الفرنسى رينه سولى برودوم ( 1839 – 1907 ) اول من نال جائزة نوبل فى الآداب ، عندما منحت هذه الجائزة للمرة الأولى فى عام 1901 . و كان الأعتقاد السائد فى ذلك الحين و ربما حتى الوقت الراهن ، ان هذه الجائزة الرفيعة هى أهم جائزة للآداب فى العالم ، و تمنح و فق أسس و معايير ثابتة و تقييم موضوعى دقيق ، بعيدا عن لأنحياز السياسى . و الفائز بالجائزة فى نظر ملايين الناس، صاحب موهبة كبيرة ان لم يكن عبقريا و أفضل من بقية المرشحين.
و لكن الواقع يخالف هذا الأعتقاد الراسخ فى الوعى الجمعى . ففى ذلك العام ، كان أحد أبرز عمالقة الأدب العالمى و هو ليف تولستوى ( 1828 – 1910 )من بين المرشحين ولكن لجنة التحكيم الملكية أختارت شاعرا قلما يتردد أسمه اليوم حتى فى فرنسا ذاتها .

فى تلك الفترة كان تولستوى أبرز الأدباء الأحياء و يحتل منزلة رفيعة كروائى أبدع نتاجات روائية عظيمة ، و قد أعترف ( كارل فيرسين ) سكرتير الأكاديمية السويدية فى ذلك الحين ، بأن تولستوى خلق نتاجات خالدة . و لكنه مع ذلك صوت ضد منح الكاتب الروسى الجائزة ، لأن الأخير حسب زعمه " نبذ كل أشكال الحضارة و دعا الى أسلوب بدائى و بسيط للحياة الأنسانية ، بمعزل عن كل أنماط الثقافة الرفيعة ."
كان لقرار لجنة نوبل ، وقع الصدمة على الرأى العام السويدى و الأوروبى و خاصة على الكتاب و المثقفين منهم ، ليس فقط لأن الجائزة لم تمنح لتولستوى ، ففى ذلك الوقت كان ثمة أيضا ،أدباء مرموقين أكثرمن ( برودوم ) . مثل أنطون تشيخوف ، مكسيم غوركى ، الكساندر بلوك ، أميل زولا
.بعد شهر واحد من أعلان اسم الفائز ، وجهت مجموعة كبيرة من أدباء و كتاب السويد البارزين رسالة الى تولستوى ، عبرت فيها عن احتجاجها على قرار لجنة التحكيم و فى الوقت ذاته أعجابها الشديد بنتاجات الكاتب ، و مما جاء فى الرسالة :
" نحن نرى فيكم ، ليس فقط ، العميد المبجل للأدب المعاصر ، و لكن أيضا واحدا من أعظم و أعمق الأدباء المعاصرين ، الذين لا يمكن لأحد ان يتجاهلهم .رغم أنكم حسب قناعاتكم لم تسعوا قط فى أى وقت من الأوقات للحصول على هذا النوع من الجوائز . و لهذا نشعر بمسيس الحاجة ان نوجه اليكم هذه التحية ، لأننا نعتقد بأن المؤسسة التى أنيطت بها مهمة منح جائزة ( نوبل ) فى الآداب ، لا تعبر بتشكيلتها الحالية ،لا عن آراء الكناب و الأدباء و الفنانين و لا الرأى العام . دعهم يعرفون فى الخارج ( أى خارج السويد .ج.ه ) ، بأننا حتى فى و طننا البعيد ،نعتقد بأن الفن الأهم و الأقوى ، هو الفن الذى يولد من رحم حرية الفكر و الأبداع . "
و فى 24 كانون الثانى /يناير عام 1902 نشرت صحيفة " سفينسكا داجبلاديت " السويدية مقالا للكاتب " أغسطس ستريندبرغ " ، جاء فيه : ( أن معظم أعضاء الأكاديمية هم من المهنيين الذين لا يتصفون بيقظة الضمير و ليست لديهم ذائقة أدبية ، و رغم ذلك أنيطت بهم مهمة التحكيم ، و مفهوم الفن لدى هؤلاء السادة ساذج و صبيانى ، فالشعر عندهم هو ما كان منظوما و يفضل ان ان يكون مقفى . فعلى سبيل المثال ، اذا كان تولستوى قد نال مجدا أدبيا رفيعا ، بوصفه كاتبا أبدع فى تصوير المصائر البشرية و خلق آثارا أدبية خالدة فأنه لا يعتبر شاعرا، لأنه لم ينظم الشعر) ,
و قال الناقد الأدبى الدنماركى الشهير جورج برانديس : " يتبوأ ليف تولستوي المركز الأول بين الكتاب المعاصرين و لا أحد يحظى بأحترام يصل الى حد التقديس مثله ، ويمكن القول أنه وحده يبعث مشاعر الخشوع!.
و قد منح جائزة للآداب لأول مرة فى تأريخ جوائز( نوبل) ، لشاعر نبيل و رقيق ، و لكن لا يحتل مكانة مرموقة ،لذا بعث أفضل الكتاب السويديين برسالة الى تولستوى يحتجون فيها على منح الجائزة للشاعر المذكور ، و الكل كان يشعر بأن من المفترض أن تمنح الجائزة الى كاتب روسيا العظيم . "

البيانات العديدة المطالبة بأستعادة العدالة المهدورة و الرساءل الموجهة الى ( تولستوى ) أرغمت الكاتب العظيم على توجيه رسالة جوابية الى الكتاب الأوروبيين ، قال فيها وببساطة شديدة :
"أيها الأخوة الأعزاء لقد سررت كثيرا لأن جائزة نوبل لم تمنح لى ، و مبعث سرورى يرجع لسببين :
أولهما و قبل كل شيء ان ذلك ، خلصنى من صعوبة كبيرة ، وهى كيفية التصرف بمبلغ الجائزة ، و هو فى رأيى مثل أى مال آخر لا يجلب سوى الشر
و ثانيهما ، تشرفت و سررت لتلقي عبارات التعاطف من كثير من الناس ، وإن كانوا غير معروفين بالنسبة لي ، إلا أنني أكن لهم احتراما عميقا.ارجو ، ان تتقبلوا أيها الأخوة الأعزاء خالص الأمتنان وأفضل المشاعر.
ليف تولستوي ".
قال بعض المدافعين عن لجنة جائزة نوبل ، أن تولستوى كان سيرفض الجائزة حتما ، لو تم منحها له . و هذاالأستنتاج صحيح لكل من قرأ نتاجات تولستوى و تعرف على آرائه فى الأصلاح الأجتماعى و الأخلاقى و دعوته الى السلام و نبذ العنف ، . و لدينا اليوم دليل قوى على ذلك .
فى عام 1905 صدر نتاج جديد لتولستوى تحت عنوان ( الخطيئة الكبرى ) ، رفض فيه رفضا قاطعا و على نحو مقنع للغاية و مبرر تماما ( الملكية الفردية ) للأرض. وعلى أثر ذلك ، رشحته الأكاديمية الروسية الأمبراطورية ، لنيل جائزة ( نويل ) فى الآداب لعام 1906
و قد جاء فى رسالة الترشيح الموقعة من كبار علماءالأكاديمية ، " أن رواية ( الحرب و السلام ) و رواية ( البعث ) هما من أعظم النتاجات الأدبية الخالدة. " و أعربت الأكاديمية الروسية عن رغبتها بمنح الجائزة ل( تولستوى )
و قد حظى هذا الأقتراح أيضا بتأييد أكاديمية الآداب فى روسيا .

و عندما علم تولستوى بهذا الأمر ،كتب رسالةعاجلة الى صديقه الكاتب الفلندى ( ارفيدو ارنيفيلدو )يقول فيها :
" لو حدث هذا ( يقصد منح الجائزة له .ج.ه) ، لشعرت بحرج شديد فى رفضها ، ولهذا أرجو منك رجاءا حارا - أذا كانت لديك علاقة ما فى السويد حسب ما أظن – أن تبذل كل جهد ممكن و تسعى .الى عدم منح الجائزة لى . ربما تعرف بعض أعضاء اللجنة أو تكتب رسالة الى رئيسها من أجل عدم القيام بهذا العمل أو التصريح به . و عدم وضعى فى موقف حرج للغاية ، و هو رفض الجائزة ."

و هذا هو الفرق الجوهرى بين كاتب عملاق مثل ليف تولستوى و بين أى كاتب آخر همه الأول و الأخير تسويق نفسه على أفضل صورة والحصول على جائزة نوبل أو الجوائز الأقل شأنا ، التى لا تضيف شيئا حقيقيا الى أبداع الكاتب – أى كاتب .



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحة الأمن و الأمان فى العراق المعذب -2
- واحة الأمن و الأمان فى العراق المعذب -1
- عودة الوعى الى المثقفين العراقيين
- صواريخ المالكى و أقماره الصناعية
- الأساطير الكوردية في الأدب العالمي
- أساس الأزدهار الثقافى الكردى
- روائع التراث الكردى بين رودينكو و وزارة الثقافة الكردستانية ...
- المالكى ... نفاق لا ينتهى
- قوة الضعفاء
- احتفال أمام نصب الحرية ببغداد
- نحو مفهوم جديد للرسالة الأعلامية
- من المآثر البطولية لكرد الاكز ( alagiz)
- سوبرمان العصر الرقمى
- اسطورة حب فرهاد و شيرين فى آداب شعوب الشرق
- الترجمة فى عصرالعولمة
- السياسة فى العراق : مهنة من لا مهنة له !
- نظرية أوروبية الجذور، يعشقها العرب
- بحثا- عن قيادة ديمقراطية حقيقية للعراق
- الحلم الضائع في بحر إيجة
- فى أنتظار جرجل العراق


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت هوشيار - تولستوى و جائزة نوبل للآداب