أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد أبو شرخ - -وعد بلفور-.. العقد الإمبريالي الصهيوني















المزيد.....



-وعد بلفور-.. العقد الإمبريالي الصهيوني


خالد أبو شرخ

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1- مقدمه
2- العقد الإمبريالي الصهيوني
3- أهداف العقد الإمبريالي الصهيوني
4- الوعود الأوروبية
- الوعد الفرنسي
- الوعد الألماني
- الوعد الروسي
- الوعد البريطاني
5- خاتمه

مقدمــة

إن فَهْم ماهية العلاقة بين الإمبريالية الغربية والحركة الصهيونية، وكيفية إبرام العلاقة التعاقدية بينهما، يقتضي العودة إلى قصة ظهور الفكرة الصهيونية في ظل الغرب, وهي قصة بدأت قبل ظهور الحركة الصهيونية بثلاثة قرون, فالصهيونية ـ على صعيد الفكر ـ فكرة غربية دعت إلى اصطناع قومية لليهود, وإقامة دولة لهم في فلسطين العربية, يتجمعون فيها على أساس استعماري استيطاني إحلالي، بالتعاون مع قوى الاستعمار الغربي, وقد انطلقت هذه الفكرة في دعوتها هذه, من الزعم بأن اليهود أينما كانوا يشكلون "شعباً" واحداً، وهم غير قابلين للاندماج في الشعوب, التي يعيشون بين ظهرانيها, وهذا ما يجعلهم هدفاً دائماً لاضطهاد هذه الشعوب في كل زمان ومكان, كما انطلقت من الزعم بأن اليهود كشعب, لهم تاريخ متصل في فلسطين, انقطع لفترة مائتين وألف من السنين, كانوا خلالها يتطلعون إلى العودة, بدأ ظهور هذه الفكرة في الغرب الأوربي الحديث, خلال القرن السادس عشر الميلادي حين تضافرت حركة "النهضة الأوربية"، وحركة "الإصلاح الديني البروتستانتي"، وحركة "الكشوف الأوربية" في إرساء التاريخ الأوربي الحديث, وجاء تبلور هذه الفكرة من خلال تفاعُل أفكار الهيمنة الاستعمارية, والسمو القومي, والتفوق العنصري, في الغرب الأوربي, على مدى ثلاثة قرون.
وكان من النتائج الواضحة للبروتستانتية, ظهور الاهتمام الغربي, بتحقيق النبوءات التوراتية, المتعلقة بنهاية الزمان وتردُّد الحديث عن "العصر الألفي السعيد", المستند إلى الاعتقاد بعودة المسيح المنتظر, الذي سيقيم مملكة الله في الأرض, لتدوم ألف عام، وتتالي ظهور علماء لاهوت بروتستانت, تحدثوا عن أمة يهودية, وبَعْث يهودي، وعن كون فلسطين وطناً لليهود، وانتشرت هذه الأفكار في الجزر البريطانية خاصة, وكان من النتائج الواضحة للكشوف الجغرافية الأوربية, بدء الاستعمار الأوربي التجاري, الذي تطوَّر بفعل عوامل أخرى إلى حركة استعمارية واسعة, بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر, مع حدوث الثورة الصناعية في أعقاب الانقلابين التجاري والآلي، وإنتقال الرأسمالية إلى مرحلتها الأعلى (الإمبريالية), وهو ما أدَّى إلى تسلُّط أفكار الهيمنة الاستعمارية على دول أوربا، ومنها إنجلترا, التي برز فيها اهتمام خاص بفلسطين, وبفكرة عودة اليهود إليها لأسباب تجارية, وقد تنامى الاهتمام الأوربي بفلسطين, بسبب موقعها المهم بالنسبة لطرق التجارة الدولية, وبرزت فكرة استعمارها استيطانياً باليهود، ثم تضاعف هذا الاهتمام, مع نشوء ما عُرف في أوربا, بـ "المسألة الشرقية", التي جرى تعريفها باللغة الاستعمارية "بأنها مشكلة ملء الفراغ, الذي ولَّده الانحسار التاريخي التدريجي للدولة العثمانية, عن الحدود التي بلغتها في أوج توسعها", وقد بلغ التنافس أوجه بين إنجـلترا وفرنـسا, القوتين الاسـتعماريتين الأكبر في القرن الثامن عـشر, على مدِّ نفوذهما إلى قلب العالم العربي, وبادر " نابليون بونابرت" حين غزا مصر وفلسطين, وارتد أمام أسوار عكا, إلى مخاطبة يهود فرنسا, مقترحاً عليهم إقامة دولة يهودية في فلسطين، ولم تلبث الفكرة الصهيونية, أن تبلورت في المخططات الاستعمارية الفرنسـية في القرن التاسـع عشر, وحدث الأمر نفسه في المخططات الاستعمارية البريطانية في الفترة نفسها, وامتلأت وزارة الخارجية البريطانية, بمعتنقي الفكرة الصهيونية, ولم تلبث المخططات الاستعمارية الأوربية عامة, أن تبنت فكرة توطين يهود أوربا في فلسطين, وإقامة دولة لهم تكون قاعدة استعمارية.
عمل الاستعماريون الأوربيون, الذين بلوروا الفكرة الصهيونية, وعلى توظيف المعتقدات اليهودية, لإقناع يهود أوربا, بفكرة عودتهم إلى فلسطين وإقامة دولة لهم فيها, وهكذا شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر, تطوراً في مفهوم "الماشيح", تمثَّل في فتاوى حاخامات اليهود القائلة, بضرورة هجرة أعداد كبيرة من اليهود إلى فلسطين, لاستعمارها كخطوة على طريق تحقيق مملكة الخلاص وظهور المخلِّص, وألبس هؤلاء الاستعماريون الأوربيون ومنهم يهود الفكرة الصهيونية الثوب القومي، في وقت شهد ازدهار الفكرة القومية في أوربا، وعملوا على اصطناع قومية لليهود, وحين انحرف بعض المفكرين الأوربيين بفكرة القومية ,ونادوا بالسمو القومي والتفوق العنصري, انساقت الفكرة الصهيونية, مع ادعائهم وسقطت في مهاوي العنصرية, مرددة مقولة "شعب الله المختار".

العقد الإمبريالي الصهيوني

ثمة أسباب عديدة جعلت الفكرة الصهيونية, غير قادرة على التحقق، من أهمها: أن دعاة الفكر الصهيوني, كانوا من الصهاينة غير اليهود, أو من أعداء اليهود، الأمر الذي جعل المادة البشرية المستهدفة أي اليهود, يرفضون الدعوة إلى استيطان فلسطين, كما أنه لم يكن هناك أي أطر تنظيمية, تضم كل الجماعات اليهودية, وعلاوة على هذا كان هناك يهود الغرب المندمجون, الذين كانوا يرون أن المشروع الصهيوني, يهدد وجودهم ومكانتهم وكل ما حققوه من مكاسب, وجاء "تيودور هرتزل" ليحل كل هذه الإشكاليات, بوَضع أسس التعاقد, بين الفكرة الصهيونية والغرب الأمبريالي, إستناداً للفكرة الصهيونية, التي نبعت من صميم الحضارة الغربية, ومن تاريخها الفكري والاقتصادي والسياسي, وبتأسيس المنظمة الصهيونية إطاراً تنظيمياً, أصبح من الممكن توقيع التعاقد, وفرض المقولات الصهيونية على الجماهير اليهودية, كما طوَر الخطاب المراوغ, الذي جعل إرضاء مختلف قطاعات يهود العالم الغربي, في غرب أوربا وشرقها أمراً ممكناً.
حتى جاء "تيودور هرتزل" (1860-1904) بوضع أسس التعاقد بين الإمبريالية الغربية والحركة الصهيونية استناداً للمقولات والأهداف الصهيونية, التي نبعت من صميم هذه الحضارة, ومن تاريخها الفكري والاقتصادي .
وقد عبر التعاقد عن نفسه عبر تاريخ الصهيونية والغرب الرأسمالي, من خلال مذكرات تفاهم, ووعود بلفورية, واتفاقيات عسكرية وإستراتيجية, ودعم عسكري ومالي وسياسي فعلي.
نشر عام 1896م, كتاب "الدولة اليهودية", مضمناً إياه محاولة إيجاد حل عصري للمسألة اليهودية, وتلقَّفه "وليام هشلر" (1845 ـ 1931) القس الإنجليكاني الملحق بالسفارة البريطانية في فيينا، وعاونه في عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال عام 1897م, وصاغ "هرتزل" شعارات الحركة الصهيونية "نحن شعب"، و"فلسطين وطننا التاريخي الذي لا يُنسَى".
وضع خطة لتحقيق المشروع الصهيوني، وحولها المؤتمر إلى برنامج سياسي، وقاد التحرك الصهيوني, مع قوى الاستعمار الغربي, وبخاصة في بريطانيا, لتنفيذ هذا البرنامج, ووضعت الحركة الصهيونية نصب عينها, بعد انعقاد مؤتمرها الأول, القيام بمهام ثلاث هي: أولا : إستعمار فلسطين، وثانيا: محاولة خلق شعب يهودي واحد متجانس، وثالثا: إنشاء حركة تكون بمنزلة رأس الرمح, في البرنامج الصهيوني الاستعماري.
تضمَّن هذا البرنامج تشجيع الاستعمار الصهيوني في فلسطين، وتأسيس منظمة تربط يهود العالم, عن طريق مؤسسات محلية أو دولية, طبقاً لقانون كل دولة، وتقوية الشعور القومي اليهودي، والحصول على موافقة حكومية لبلوغ الأهداف الصهيونية، وصولاً إلى "إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين يحميه القانون".
باشرت الحركة الصهيونية, تهجير يهود أوربيين إلى فلسطين, التي كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية, واستغلت هذه الحركة, ما كانت تعانيه الدولة, من فساد إداري, لتمكِّن آلاف اليهود من التسلل, وكثَّف "هرتزل" في هذه المرحلة, جهوده الدبلوماسية للحصول على "براءة", تضمن أي كيان صهيوني يقام في فلسطين، فحصل على نوع من الاعتراف الأوربي بالمنظمة الصهيونية, رغم معارضة يهود غير صهاينة, رأوا في الصهيونية خطراً عليهم في أوطانهم, وقد استخدم هرتزل مصطلح "البراءة" (أي ترخيص للإستيطان) في جوابه, عن سؤال القيصر "وليهلم الثاني" أن يلخص له مطالب الصهيونية.
إن هذه "البراءة" هي في واقع الأمر التعاقد الضمني الغير معلن, ما بين المنظمة الصهيونية, كمتحدث غير منتخب باسم يهود شرق أوربا وغربها, وبين العالم الغربي, وهو تفاهم ضمني بين يهود غرب أوربا, ويهود اليديشية، تتعهد الحركة الصهيونية بمقتضاه, بإخلاء أوربا من يهودها, أو على الأقل من الفائض البشري اليهودي, وتوطينهم في منطقة خارج هذا العالم الغربي (داخل دولة وظيفية)، ويتحقق نتيجةً لذلك أن يؤسس المستوطنون, في موقعهم الجديد, قاعدة للاستعمار الغربي, وتتعهد الصهيونية بتحقيق مطالب الغرب, ذات الطابع الإستراتيجي, وضمنها الحفاظ على تفتُّت المنطقة العربية, هذا فضلاً عن أهداف أخرى تمكن الصهيونية, من التحكم باليهود, وتخلِّص العالم الغربي, من نسبة كبيرة منهم, ولم يلتفت هذا العقد, لمشكلة شعب الأرض المستهدفة, وكيفية حلها، بل عمدت الحركة الصهيونية, إلى الزعم بأن "فلسطين أرض بلا شعب", منكرة وجود شعب تمتد جذوره في وطنه, منذ فجر التاريخ الإنساني.
والتعاقد بين الإمبريالية الغربية والمنظمة الصهيونية, هو الإطار الذي تمت من خلاله, عملية الاستعمار الإحلالي الصهيوني في فلسطين, وقد مارست دول أوربا الاستعمارية, ضغوطاً على الدولة العثمانية, لتمكِّن الصهيونية من التسلل إلى فلسطين في مطلع القرن، وعملت الحركة الصهيونية طابوراً خامساً لهذه الدول, إبان الحرب العالمية الأولى (1914ـ 1918), ثم قامت بريطانيا يوم 3 نوفمبر 1917م, بأصدار "وعد بلفور" الذي مثَّل اعترافاً رسمياً بريطانياً, بالهدف الصهيوني الخاص, بتحويل فلسطين إلى وطن قومي لليهود, والتزاماً بريطانياً رسمياً, بالتعاون مع المنظمة الصهيونية العالمية, لتحقيق هذا الهدف, وكان هدف بريطانيا منه اسـتعمار فلسـطين واغتصابها, وإيجاد قاعدة اسـتعمارية اسـتيطانية فيها, تفـصل مشـرق العالم العربي عن مغربه، وتمكِّن بريطانيا من الهيمنة على المنطقة.

أهداف العقد الضمني

الهدف الأساسي:
يُؤسس المستوطنون، في موقعهم الجديد، قاعدة للاستعمار الغربي، وتتعهد الصهيونية بتحقيق مطالب الغرب, ذات الطابع الإستراتيجي, ومنها الحفاظ على تَفتُّيت المنطقة العربية.

أهداف أخرى:

• يتم بذلك تخليص العالم الغربي من اليهود الزائدين، باستيعابهم في ذلك الجيب الإستيطاني, وتحويل فيض المهاجرين من يهود اليديشية.
• عن طريق نَقْل اليهود، ستقوم الحركة الصهيونية بالسيطرة على الشباب اليهودي, وتسريب طاقته الثورية من خلال القنوات الصهيونية.

• ستقوم الحركة الصهيونية بحشد يهود العالم, وراء المشروع الصهيوني الغربي, بحيث يصبحون عملاء ووكلاء للغرب أينما كانوا.
• ستقوم الحركة الصهيونية بتجنيد يهود الغرب المعروفين بثرائهم ليدعموا هذا المشروع الغربي دون أن تطالبهم بالهجرة.
• عن طريق نقل اليهود، ستقضي الصهيونية على معاداة اليهود في الغرب.
• نظير ذلك، سيقوم الغرب (ككل), برعاية هذا المشروع ودَعْمه، كما أنه سيساعد الحركة الصهيونية, في الهيمنة على يهود العالم الغربي (الذين يشكلون غالبية يهود العالم).

ولم يتوجه العقد الضمني بطبيعة الحال, لمشكلة السكان الأصليين, وكيفية حلها، ومع هذا يمكن القول, بأن الحل متضمَن في تعهد الدول الغربية بضمان بقاء الدولة الوظيفية، الأمر الذي يعني استعدادها لاستخدام الآليات المألوفة المختلفة, ضد السكان الأصليين من طَرْد أو إبادة أو محاصرة.
وقد أُضيف بعد ذلك, في كتابات رواد الصهيونية تعاقد تكميلي, أو تفاهم بين يهود الغرب التوطينيين (الذين يرغبون في البقاء في بلدانهم الأصلية), ويهود شرق أوربا الاستيطانيين (المهاجرين إلى فلسطين) , بحيث تكفَّل يهود الغرب بالجانب التوطيني, بدعم المُستوطَن الصهيوني مالياً, والضغط من أجله سـياسياً, شريطة ألا تناقض مصالح المُستوطَن الصهيوني مصالح بلادهم، وبحيث يكتسبون شيئاً من هويتهم, من خلال تَوحُّدهم العاطفي, مع المُستوطَن الصهيوني مع بقاء ولائهم لأوطانهم، كما يتعيَّن على الصهاينة الاستيطانيين, ألا يقوموا بشيء من شأنه إحراجهم أمام حكوماتهم, أو وَضْع ولائهم لأوطانهم موضع الشك, أما الاستيطان والقتال والدفاع عن المصالح الإستراتيجية، فيقوم به الاستيطانيون في صهيون "أرض الميعاد والقتال".

الوعود الأوروبيــة
عبر العقد الضمني عن نفسه, بشكل صريح عدة مرات, بإصدار عدد من القادة الأوروبيون, وعودا لليهود بإقامة وطن قومي لهم, وأهم هذه الوعود أخطرها كان وعد إنجلترا المعروف بإسم "وعد بلفور" فهو الوعد الوحيد الذي أخذ طريقة للتطبيق .

الوعد الفرنسي ( وعد نابليون بونابرت )

يعتبَر "نابليون بونابرت" من أوائل القادة الغربيين, الذين أصدروا وعداً بلفورياً, وهو أيضاً أول غاز للشرق في العصر الحديث, وقد أصدر وعده هذا أثناء حصار عكا, وبعد عودته إلى فرنسا, تناقضت سياساته تجاه اليهود مع ما جاء في الوعد, إذ دعاهم ليكونوا مواطنين فرنسيين, أي ان هدفه من الوعد كان توظيف اليهود في حملته على مصر وفلسطين, وهذا الجزء المهم من نص الوعد:

"من نابليون القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية الفرنسـية في أفريقيا وآسيا إلى ورثة فلسطين الشرعيين.
أيها الإسرائيليون، أيها الشعب الفريد، الذين لم تستطع قوى الفتح والطغيان أن تسلبهم اسمهم ووجودهم القومي وإن كانت قد سلبتهم أرض الأجداد فقط.
إن مراقبي مصائر الشعوب الواعين المحايدين ـ وإن لم تكن لهم مواهب المتنبئين مثل أشعياء ويوئيل ـ قد أدركوا ما تنبأ به هؤلاء بإيمانهم الرفيع من دمار وشيك لمملكتهم ووطنهم: أدركوا أن عتقاء الإله سيعودون لصهيون وهم يُغنّون، وسيُولَد الابتهاج بتَملُّكهم إرثهم دون إزعاج، فرحاً دائماً في نفوسهم (أشعياء 35/10).
انهضوا إذن بسرور أيها المبعدون. إن حرباً لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، تخوضها أمة دفاعاً عن نفسها بعد أن اعتبر أعداؤها أرضها التي توارثوها عن الأجداد غنيمة ينبغي أن تُقسَّم بينهم حسب أهوائهم. وبجرة قلم من مجلس الوزراء تقوم للثأر وللعار الذي لحق بها وبالأمم الأخرى البعيدة. ولقد نُسي ذلك العار تحت قيد العبودية والخزي الذي أصابكم منذ ألفي عام. ولئن كان الوقت والظروف غير ملائمة للتصريح بمطالبكم أو التعبير عنها، بل وإرغامكم على التخلي عنها، فإن فرنسا تقدم لكم إرث إسرائيل في هذا الوقت بالذات، وعلى عكس جميع التوقعات.
إن الجيش الذي أرسلتني العناية الإلهية به، والذي يقوده العدل ويواكبه النصر، جعل القدس مقراً لقيادتي، وخلال بضعة أيام سينتقل إلى دمشق المجاورة التي لم تَعُد تُرهب مدينة داود.
يا ورثة فلسطين الشرعيين:
إن الأمة التي لا تتاجر بالرجال والأوطان، كما فعل أولئك الذين باعوا أجدادهم لجميع الشعوب (يوئيل 4/6)، تدعوكم لا للاستيلاء على إرثكم بل لأخذ ما تم فتحه والاحتفاظ به بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء.
انهضوا وأظهروا أن قوة الطغاة القاهرة لم تُخمد شجاعة أحفاد هؤلاء الأبطال الذين كان تَحالُفهم الأخوي شرفاً لإسبرطة وروما (مكابيون 12/15)، وأن معاملـة العبـودية التي دامت ألفي عام لم تُفلح في إخمادها.
سارعوا! إن هذه هي اللحظة المناسبة ـ التي قد لا تتكرر لآلاف السنين ـ للمطالبة باستعادة حقوقكم ومكانتكم بين شعوب العالم، تلك الحقوق التي سُلبت منكم لآلاف السنين، وهي وجودكم السـياسي كأمة بين الأمم، وحقـكـم الطـبيعي في عبادة يهـوه، طبقاً لعقيدتكم، علناً وإلى الأبد".

جوهر الوعد البونابرتي هو العبارات التالية: "تقدِّم فرنسا فلسطين لليهود في هذا الوقت بالذات، وعلى عكس جميع التوقعات... وهذه هي اللحظة المناسبة التي قد لا تتكرر لآلاف السنين". "تدعوكم فرنسا لا للاستيلاء على إرثكم بل لأخذ ما تم فتحه والاحتفاظ به بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء". "وجودكم السياسي كأمة بين الأمم، وحقكم الطبيعي في عبادة يهوه طبقاً لعقيدتكم، علناً وإلى الأبد".
لا يختلف تصريح نابليون, عن وعد بلفور، فنابليون يعتبر أعضاء الجماعات اليهودية شعباً غريباً, عن وطنه, وهو ما يعني إسقاط المواطنة عنه, وهو شعب مرتبط بفلسطين, وقد وجه نابليون نداءه إلى "الشعب الفريد" و"المبعدين" الذين عاشوا "تحت قيد العبودية والخزي... منذ ألف عام" و"ورثة فلسطين الشرعيين" (أي الشعب العضوي المنبوذ), بأن يتبعوا فرنسا التي ستقدم لهم إرث إسرائيل، أي أرض فلسـطين، أي أنهم سـيتم خروجهم, من فرنسا وتوطينهم في فلسطين.
نابليون لم يَكُن يُكن كثيراً من الحب أو الاحترام لليهود، وهذا يظهر في تشريعاته داخل فرنسا, ولذا فإن إرسالهم إلى فلسطين فيه حل للمسألة اليهودية في فرنسا, والتي كانت قد بدأت في التفاقم, ومع هذا، كان نابليون يهدف إلى توظيف اليهود, في خدمة مشاريعه وتحويلهم إلى عملاء له، وهذا ما قاله ملك إيطاليا لـ "هرتزل" وقد وافقه الزعيم الصهيوني على رأيه, ولعل إشارة نابليون إلى التقاليد المكابية, في صياغة الوعد, هو إشارة خفية للدور القتالي, الذي يمكن أن تلعبه الدولة اليهودية المقترحة, في خدمة المصالح الغربية.

الوعد الألمانـي ( وعد وليهلم الثاني )

أهم إسهامات هرتزل للحركة الصهيونية, وهو أنه إذا كانت الفكرة الصهيونية, إمكانية كامنة في الحضارة الغربية تود أن تتحقق، فلم يكن بإمكانها أن تخرج إلى عالم الوجود, إلا من خلال آليات محددة, أهمها تنظيم المادة البشرية (اليهودية), التي سيتم ترحيلها وتأسيس إطار تنظيمي, يستطيع أن يتلقى الوعود, وأن يقوم بتنفيذها, وحينما أصدر نابليون وعده, لم يكن هناك تنظيم يهودي, يمكنه تلقِّي هذا الوعد, والعمل على تسخير المادة البشرية لتنفيذه, وهذا ما أنجزه "هرتزل" بعد أن نشر كتابه "الدولة اليهوديه", الذي وضَح فيه "العقد الضمني بين الإمبريالية الغربية والحركة الصهيونية" .
هرتزل أخذ بزمام الأمور, وتوجه للدول العظمى, وقد ساعده في مسعاه هذا القس (الواعظ) الصهيوني نصف المجنون "هشلر", إذ قدمه إلى أحد كبار المسئولين الألمان, وكانت ثمرة هذه الاتصالات, وعد ألماني ورد في خطاب من "دون إيلونبرج" باسم حكومة القيصر إلى "هرتزل" مؤرخ في سبتمبر 1898م وجاء فيه:

"إن صاحب الجلالة على استعداد أكيد, أن يناقش الأمر (توطين اليهود) مع السلطان، وأنه سيسعده أن يستمع إلى مزيد من التفاصيل منكم في القدس.
وقد أصدر جلالته أوامره بأن تُذلِّل كل الصعاب, التي تواجه استقبال وفدكم.
وأخيراً يحب جلالته أن يخبركم, عن استعداده أن يأخذ على عاتقه, مسئولية محمية يهودية في حالة تأسيسها, وجلالته حينما يكشف لكم عن نواياه، فهو يعوِّل بطبيعة الحال، على مقدرتكم على الكتمان, وكم يسعدني أن أنقل لكم هذه المعلومات، وأتمنى أن تنجح في الوصول إلى القدس, في الموعد المحدد, وفي الحقيقة فإن فشلك في هذا سيسبب لجلالته خيبة الأمل, وأترك لكم بما تتميزون به من لباقة، أن تقرروا ما إذا كنتم تودون الوصول إلى إستنبول, في الوقت الذي يصل فيه جلالته إليها أم لا ".
نلاحظ في صياغة الوعد وأهدافه :
• جوهر الوعد يوجد في العبارة: "يحب جلالته أن يخبركم عن استعداده, أن يأخذ على عاتقه مسئولية محمية يهودية في حالة تأسيسها" وأنه "على استعداد أكيد أن يناقش الأمر (توطين اليهود) مع السلطان".
• النوايا التبريرية للوعد، لا نجد لها أيَّ أثر، فقيصر ألمانيا لم يكن تحت أية ضغوط للبحث عن مسوغات رومانسية، بل إن العكس في حالته هو الصحيح، إذ كان عليه أن يبرر أمام شعبه, مسألة تعاطفه مع المشروع الصهيوني وتأييده له، بل واستعداده لأن يضع الصهاينة تحت حمايته, وكما قال في خطابه المؤرخ 29سبتمبر 1898موالمُرسَل إلى "دوق بادن"، فإن تسعة أعشار شعبه, سيُصدَم صدمة عميقة إذا اكتشف هذه الحقيقة فاليهود ( كما يقول ) هم قتلة المسـيح، وهو يعـترف بهـذه الحقيقـة، ولكنه يضـيف قائلاً: "إن الإله قد أنزل بهـم العـقاب على ما اقترفوه من آثام، إلا أنه لم يأمر المسيحيين بأن يسيئوا معاملة هذا الشعب".
• النوابا الحقيقية للوعد موجودة وبغزارة، في خطاب القيصر المذكور، وقد أجملها في تعليقه على تقرير سفير ألمانيا في سويسرا, عن المؤتمر الصهيوني الأول 1897م فهو، في مجال تسويغ تعاونه مع "قتلة المسيح"، يورد الأسباب التالية لتأييد ألمانيا للمشروع الصهيوني:
1- سينتج عن توطين شعب إسرائيل رخاء للمنطقة، ولا سيما أن الملايين ستصب في الأكياس العثمانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى شفاء الرجل المريض.
2- ستُوجَّه طاقة اليهود ومواهبهم, إلى أهداف أكثر نبلاً من استغلال المسيحيين.
3- إفراغ ألمانيا من اليهود الذين فيها "وكلما عجلوا بالذهاب..، كان ذلك أفضل. فلن أضع أية عراقيل في طريقهم".
4- إذا بُحثت المسألة من منظور الحقائق السياسية، فإن ألمانيا ستستفيد غاية الاستفادة لأن رأس المال اليهودي العالمي، بكل خطورته، سينظر بعين العرفان إلى ألمانيا.

ولعل موقف القيصر من اليهود، بما يتسم به من كره عميق لهم, وترحيب شديد بالتخلص منهم, واستعداد تام لتوظيفهم في خدمة المصالح الألمانية، لا يختلف كثيراً عن موقف نابليون من قبله أو موقف بلفور من بعده.
ورغم وعود القيصر، ورغم حرصه على تبنِّي المشروع الصهيوني، إلا أنه لم يكن مدركاً مدى عُمْق الرفض العثماني للمشروع الصهيوني، وهو الأمر الذي أدركه إبان زيارته لإستنبول, ولذا فحينما تم اللقاء في نهاية الأمر في القدس، حيث كان من المتوقع أن يُصدر القيصر وعده البلفوري العلني الكامل، تراجع واكتفى ببعض المجاملات الخالية من المعنى.

الوعد الروســي (وعد فون بليفيـه )

قام هرتزل بمقابلة "فون بليفيه"، وزير الداخلية الروسي المعادي لليهود، بتفويض من المؤتمر الصهيوني الخامس (1901م)، حتى يَحصُل على تصريح يعبِر عن نوايا الروس, يقدموه للمؤتمر الصهيوني السادس المزمع عقده سنة 1903م, وبالفعل، صَدَر الوعد القيصري, في شكل رسالة وجهها "فون بليفيه" إلى تيودور هرتزل وجاء فيها .

"ما دامت الصهيونية تحاول تأسيس دولة مستقلة في فلسطين، وتنظيم هجرة اليهود الروس، فمن المؤكد أن تظل الحكومة الروسية تحبذ ذلك. وتستطيع الصهيونية أن تعتمد على تأييد معنوي ومادي من روسيا, إذا ساعدت الإجراءات العملية التي يفكر فيها, على تخفيف عدد اليهود في روسيا".

وقد توصـل "هرتزل" أيضـاً إلى اتفاق مع المسئولين الروس مفـاده, أنْ تبذل الحكومـة الروسيـة مسـاعيها الحميـدة لـدى تركـيا, لتسـهيل دخـول اليهود إلى فلسطين, وستقدم مساعدات مالية للمهاجرين, تُجمَع من مصادر يهودية، وستُسهِّل تنظيم الجمعـيات الصهيـونيـة الملتـزمة ببرنامج بازل, وقد سُمح أيضاً لبنك الاستـيطان اليهودي ببيع أسهمه في روسيا, شريطة أن يفتح فرعاً له في البلد, لكـي تستطيع السلطات مراقبة عمليات البيع, كذلك قام "بليفيـه" بتزويد "هـرتزل", برسـالة موقعـة منه، وبعد أن بحث محتوياتها مع القيصر، أعلن فيها أن الحكومة الروسية تنظر بعين العطف إلى الصهيونية, ما دام هدفها إقامة دولة مستقلة في فلسطين، وأنها على استعداد لمساعدتها, وهذه المساعدة قد تتخذ شكل حماية الممثلين الصهاينة, أمام الحكومة العثمانية، وتسهيل نشاط جمعيات الهجرة, ومساعدتها مالياً من الضرائب التي تُجبى من اليهود, وقد استغل "هرتزل" هذه الرسالة، في أكثر من مناسبة، فيما بعد.

ويُلاحَظ أنه لا توجد أية ديباجات رومانسية أو عاطفية, في هذا الوعد، فهو مسألة تعاقدية جافة, يتحدث فيها كل طرف عن الفائدة المرجوة, وعلى العائد من الصفقة, ولذا، فقد أكد "فون بليفيه" دون مواربة أو حياء, أن الهدف هو التخلص من اليهود عامة, باستثناء الأثرياء منهم، وجاء هذا واضحاً في قوله: "... إن نجاح اليهود في إقامة دولة مستقلة لهم تستوعب عدة ملايين منهم لهو أمر نقبله وندعمه... إننا لا نريد التخلص من جميع اليهود الروس... إننا نريد فقط التخلص من المعدمين والمضطربين". وحذر فون بليفيه من أن التأييد الروسـي القيـصري سـيتم سحبه إن كان هـدف الصهيونية، غير المعلن، هو تحقيق تركيز قومي لليهود في روسيا، فالدعم الروسي مشروط بالتخلص من اليهود.
وقد كان ذلك مفهوماً تماماً لدى "هرتزل" الذي أكد ل، " بليفيه": "أن الحركة الصهيونية"ستستقطب جميع اليهود وضمنهم المتطرفون أي العناصر الثورية, التي كانت تقض مضجع الدولة الروسية القيصرية, أما إذا انهارت آمالنا، فإن الوضع سينقلب رأساً على عقب, وستكسب الأحزاب الثورية, إلى صفوفها أولئك الذين سينسحبون من الصهيونية, التي أمثلها أنا وزملائي", كما أن "هرتزل" فهم تماماً تحذير "بليفيه", وهكذا فإننا نجده، في المؤتمر الصهيوني السادس 1903م، يؤكد للمجتمعين أن الحكومة الروسية, لن تسبب أية مشاكل للحركة الصهيونية، ما دام نشاطها منحصراً ضمن النظام والقانون, أي في عملية التخلص من اليهود وتفريغ روسيا منهم, واستطاع "هرتزل" بجهد وتصميم أن يحول بين المؤتمر, وبين مناقشة مذابح "كيشينيف"، وقد علق على الموضوع في رسالة بعث بها إلى بليفيه قال فيها: "... رغم المصاعب التي واجهتني في إدارة جلسات المؤتمر بجوها المشحون نتيجة الأحداث المؤلمة (مذابح كيشينيف)، إلا أنني نجحت في المحافظة على النظام وإعادة الهدوء إلى الجلسات.. ولا شك في أن الفضل يعود في ذلك إلى رسالتكم التي تكرمت بإرسالها في 2 1أغسطس والتي كشـفت محتوياتها لأخـمد بذلك كل جـدال ثار حول تلك الأحداث".

الوعد البريطاني ( وعد بلفور )

وعـــد بلفـــور
"وعد بلفور" هو التصريح الشهير الذي أصدرته الحكومة البريطانية عام 1917م, تعلن فيه عن تعاطفها مع الأماني اليهودية, في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وحين صدر الوعد, كان عدد أعضاء الجماعة اليهودية في فلسطين, لا يزيد عن 5%, من مجموع عدد السكان, وقد أخذ الوعد شكل رسالة بعث بها "لورد بلفور" في 2 نوفمبر 1917م, إلى اللورد" إدموند دي روتشيلد" أحد زعماء الحركة الصهيونية حيننذاك, النص الكامل للرسالة هو:

"عزيزي اللورد روتشيلد:
يسعدني كثيراً أن أنهي إليكم، نيابةً عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي تعاطفاً مع أماني اليهود الصهاينة, التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء, إن حكومة جلالة الملك, تنظر بعين العطف, إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي, في فلسطين, وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف, وليكن مفهوماً بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه, الإخلال بالحقوق المدنية, للجماعات غير اليهودية, المقيمة في فلسطين, أو بالحقوق أو الأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود, في أية دولة أخرى.
وسوف أكون مديناً بالعرفان لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني. "

فيما يتصل بصياغة الوعد واضحة تماماً, هنا إذ تُوجَد هيئة حكومية (حكومة جلالـة الملك), تؤكد أنها تنظر بعين العطف إلى إنشـاء وطن قومي, سيضم "الشعب اليهودي"، أي أنه تم الاعتراف باليهود, لا كلاجئين أو مضطهدين مساكين . كما أن الهدف من الوعد ليس هدفاً خيرياً, ولكنه هدف سياسي (استعماري), والحكومة التي أصدرت الوعد, لن تكتفي بالأمنيات, وإنما سوف تبذل ما في وسعها, لتيسير تحقيق هذا الهدف, هذا هو الجوهر الواضح للوعد.
تبدأ بعد ذلك الصياغات, التي تهدف إلى التغطية، فالوعد لن يضر بمصالح الجماعات غير اليهودية, المقيمة في فلسطين, ولا بمصالح الجماعات اليهودية, التي لا تود المساهمة في المشروع الصهيوني، بل تود الاستمرار في التمتع, بما حققته من اندماج وحراك اجتماعي, والملاحظه أن الصياغات, تتسم بكثير من الغموض, إذ أن الوعد لم يتحدث عن كيفية ضمان هذه الحقوق.

أما عن الأسباب التي يوردها بعض المؤرخين (الصهاينة أو المتعاطفون مع الصهيونية), لتفسير إصدار إنجلترا لوعد "بلفور", فهناك نظرية مفادها أن "بلفور" قد صدر في موقفه هذا عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود, بسبب ما عانوه من اضطهاد, وبأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية, بعمل شيء لليهود، ولذلك أراد إنشاء دولة صهيونية, كأحد أعمال التعويض التاريخية, ولكن من الثابت تاريخياً أن "بلفور" كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية, بين عامي 1903 و1905, هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا, لرفضهم الاندماج مع السكان, واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية, لخشيته من الشر الأكيد, الذي قد يلحق ببلاده على حد تعبيره.
وكان "لويد جورج" رئيس الوزراء, لا يقل كرهاً لأعضاء الجماعات اليهودية, عن "بلفور"، تماماً مثل "تشامبرلين" قبلهما، والذي كان وراء الوعد البلفوري الخاص بشرق أفريقيا. وينطبق الوضع نفسه على الشخصيات الأساسية الأخرى, التي وراء الوعد مثل "جورج ملنر" و"إيان سمطس"، وكلها شخصيات لعبت دوراً أساسياً في التشكيل الاستعماري الغربي.

ويرى بعض المؤرخين, أن إنجلترا أصدرت الوعد, تعبيراً عن اعترافها بالجميل لـ"وايزمان", لاختراعه مادة الأسيتون المحرقة, أثناء الحرب العالمية الأولى، وهو تفسير تافه وسطحي لأقصى حد, لا يستحق الذكر, إلا أنه ورد في بعض الدراسات الصهيونية, والدراسات العربية المتأثرة بها.
وهناك نظرية تذهب إلى أن الضغط الصهيوني واليهودي العام, هو الذي أدَّى إلى صدور وعد بلفور، ولكن من المعروف, أن أعضاء الجماعات اليهودية, لم يكونوا كتلة بشرية ضخمة, في بلاد غرب أوربا، وهم لم يكونوا من الشعوب المهمة, التي كان على القـوى العظـمى, أن تساعـدها أو تعـاديها، بل كان من الممكـن تجاهلهم, ويمكن القول بأن أعضاء الجماعات اليهودية, كانوا مصدر ضيق وحسب، ولم يكونوا قط مصدر تهديد, أما الصهاينة فلم تكُن لهم أية قوة عسكرية أو سياسية أو حتى مالية, فأثرياء اليهود كانوا ضد الحركة الصهيونية في ذلك الوقت, ولكل هذا، لم يكن مفر من أن تكون المطالب الصهيونية, على هيئة طلب لخدمة مصالح إحدى الدول العظمى الإمبريالية.
ولعل أكبر دليل على أن الضغط الصهيوني أو اليهودي, لا يشكل عنصراً فعالاً في عملية استصدار وعد بلفور, وأنه عنصر ثانوي على أحسن تقدير، هو نجاح الصهاينة في إنجلترا, وفشلهم في ألمانيا في إستصدار وعد ثاني, على غرار وعد "وليهلم الثاني " فقد بذل صهاينة ألمانيا جهوداً محمومة لاستصدار وعد بلفوري، وكانت توجد عنـدهم مقومـات النجـاح، ولكن كل هذا لم يُجد فتيلا
وفي الواقع، يمكننا تفسير الفشل الصهيوني في ألمانيا, ونجاحه في إنجلترا، لا بالقوة والضعف الذاتيين الصهيونيين، ولا بحجم الضغوط الصهيونية, مهما كانت ضخمة ومهمة وحيوية، ولكن بالعودة إلى المصالح الإستراتيجية الغربية, ويبدو أن ألمانيا، بسبب علاقتها الحميمة مع تركيا، لم يكن بإمكانها أن تُصدر مثل هذا الوعد, تماماً كما كان الوضع مع إنجلترا عام 1904, حينما أصدرت وعد شرق أفريقيا, ولم تذكر فلسطين من قريب أو بعيد, لأن علاقتها مع الدولة العثمانية, لم تكن تسمح بذلك, ومن المعروف أن "وايزمان"، كي ينجح في الحصول على وعد بلفور، قطع علاقته مع اللجنة التنفيذية الصهيونية في برلين, ورفض التراسل مع زملائه في دول الوفاق, ورفض موقف الحياد الرسمي الذي اتخذته المنظمة الصهوينية, كما أنه لم يخبر المقر الرئيسي للمنظمة في كوبنهاجن بمباحثاته مع إنجلترا, ويُقال إن انقسام الحركة الصهيونية, لم يُعق جهودهبل ساعدها, والواقع أن نجاحه في إنجلترا، تماماً مثل الفشل الصهيوني في ألمانيا، يمكن تفسيره بإستراتيجية الإمبراطورية الإنجـليزية, التي قـررت تقسيـم الدولة العثمانية, واحـتلال الشرق العربي, ولعل ذكاء "وايزمان" يَكمُن في اكتشافه ذيلية الصهيونية, وحتمية الاعتماد على الإمبريالية, وصعود القوة البريطانية, فتبعها بكل قوته, وقطع كل علاقاته مع المنظمة الصهيونية, ذات الجذور الألمانية والتوجه الألماني.

كان وعد بلفور, إمكانية كامنة في الذاكرة الغربية تريد أن تتحقق لتوجد بالفعل، ولذا يجب ألا ننظر لوعد بلفور بمعزل عن الوعود الأوروبية السابقة عليه, أو اللاحقة له, أو عن المعاهدات الاستعمارية الدولية, التي أُبرمت أثناء الحرب العالمية الأولى, وكانت تهدف إلى حل المسألة الشرقية, عن طريق تقسيم تركيا، وأهم هذه المعاهدات اتفاقية (سايكس ـ بيكو) واتفاقية (ماكماهون ـ حسين), كما لا يجب النظر إلى الوعد بعيداً عن البراءات, التي كانت تُعطَى للشركات الاستيطانية في آسيا وأفريقيا، ولا عن تقسيم العالم, من قبَل القوى الإمبريالية الغربية, وإعادة تقسيمه عام 1917م، ولا عن الرؤية المعرفية الإمبريالية، ولا عن الأفكار الصهيونية التي كانت كامنة في الحضارة الغربية.
لذا من المفيد, أن نحاول فَهْم وعد بلفور, في هذا الإطار, باعتباره براءة لاستعمار فلسطين، الأمر الذي يتطلب إزاحة الصيغ العلنية, لنصل إلى لُب الموضوع، أي المصالح الإستراتيجية الغربية, كما تخيَّلها أو توهَّمها أصحابها وكما قاموا بتحديدها، ويمكن أن نتحدث عن بعض الفوائد الجانبية, التي إعتقد أصحاب الوعد يمكن حصدها, من إصداره, ومن تأسيس الوطن القومي اليهودي:
1 ـ يتحدث العقد الضمني, بين الحضارة الغربية, والمنظمة الصهيونية, عن تحويل يهود شرق أوربا عن غربها، حفاظاً على الأمن القومي بالداخل, ولابد أن الحكومة البريطانية, كانت تأخذ هذا في اعتبارها، وخصوصاً أنه قد سبق لها إصدار وعد شرق أفريقيا البلفوري لهذا السبب.
2 ـ يتحدث العقد الضمني, عن تسريب الطاقة الثورية, من شباب اليهود, من خلال المشروع الصهيوني, وهذه مسألة, لم تكن بعيدة عن أذهان أصحاب وعد بلفـور, وقد نُشر خبـر إصـدار الوعـد في الصحف في 8 نوفمبر 1917م، وهـو العـدد نفسه الذي نُشرت فيه أنباء اندلاع الثورة البلشفية، وقامت طائرات الحلفاء, بإلقاء ألوف النسخ من وعد بلفور, وأنباء صدوره على يهود روسيا القيصرية وبولندا وألمانيا والنمسا. فقد كان ثمة اعتقاد غالب, بأن الإعلان سيكون ذا قيمة دعائية, على الصعيد الدبلوماسي، ذلك أن وعد بلفور, سيَلقى صدى لدى اليهود الروس, بحيث يمكن أن يصبحوا بشكل من الأشكال أداة ضغط على الحكومة الروسية, المؤقتة حتى لا تتراجع عن رغبتها في متابعة الحرب مع ألمانيا.
3 - كان من المتوقع, أن يؤدي الوعد, إلى عائد مماثل بين يهود أمريكا, الذين كانوا قد أصابهم شيء من خيبة الأمل, بسبب تحالف الحلفاء الوثيق مع حكومة روسيا القيصرية, التي كانت مكروهة, عند أعضاء الجماعات اليهودية، فكان من المؤمل أن يشجع الوعد أصحاب الأموال, من أعضاء الجماعات اليهودية, على المساهمة في الجهود الحربية للحلفاء, وعلى عدم الارتماء في أحضان الألمان، وخصوصاً أن أرستقراطية يهود الولايات المتحدة كانت من أصل ألماني .
ولكن مسار الأحداث, أثبت أن ثمة خطأً فاحشاً في التقدير، فلم يكن يهود روسيا أو الولايات المتحدة, مهمين إلى هذا الحد, وكانت المنظمة الصهيونية منقسمة على نفسها، كما أن عدد الصهاينة من اليهود, كان لا يزال صغيراً للغاية. وقد أوقفت الحكومة الروسية, كل عملياتها العسكرية في أكتوبر 1917م, حتى قبل وعد بلـفور، ثم استــولى البلاشفة, على الحكم وأنهوا النفوذ الصهيوني فيها, وعلى أية حال، كان يهود روسيا منقسمين, ولم يكن بوسعهم أن يحملوا روسيا على الاستمرار في الحرب, أما في أمريكا فلم يلعب أعضاء الجماعات اليهودية دوراً في الحرب, وتم توفير الدعم الأمريكي, المطلوب من خلال الحكومة, دون أي التفات إلى الصهيونية أو الصهاينة.

هذه كانت الفوائد الجانبية للإمبريالية الغربية, أما الفائدة الكبرى، فهي تأسيس دولة وظيفية في فلسطين, تُوظَّف في إطارها المادة البشرية اليهودية, في خدمة الاستعمار الغربي, فالدافع الحقيقي لوعد بلفور, هو رغبة الإمبراطورية البريطانية, في زرع دولة استيطانية في وسط العالم العربي, في بقعة مهمة جغرافياً لحماية مصالحها الاسـتعمارية، وخصـوصاً في قناة السـويس, ولحــماية الطريق إلى الهند.

أما الإطار العام لإصدار الوعد فقد كانت تقضي, استقالة رئيس الوزراء "إسكويث" عام 1916م، وقد حل محله "لويد جورج" كرئيس للوزراء, و"بلفور" وزيراً للخارجية, وهنا ظهر السير "مارك سايكس"(1979-1919), المهندس الحقيقي لوعد "بلفور",الذي عُيِّن مستشاراً لوزارة الخارجية البريطانية, لشئون الشرق الأوسط , ويكاد يكون هناك ما يشبه الإجماع بين المؤرخين, على أن الإمبراطورية البريطانية, كانت شديدة الاهتمام بفلسطين، وقد أبرمت معاهدة "سايكس ـ بيكو" لتحديد طريقة تقسيم الدولة العثمانية, ولم يشترك الصهاينة في المفاوضات المؤدية، ولم يُدعَوا إليها، ولم يعرفوا بها حتى بعد توقيعها، أي أن مصير فلسطين تقرَّر دون مشاركتهم.
وكان "سايكس" يقبل مبدأ تقسيم الدولة العثمانية، ولكنه كان معارضاً لذلك القسم الخاص بتدويل فلسطين, لأن هذا كان ينفي السيطرة البريطانية عليها, بل كان يعني قيام سيطرة فرنسية، الأمر الذي كان يعني زيادة حجم نفوذ الفرنسيين, بشكل لا يتفق مع الواقع، كما قد يؤدي إلى نسـف الموقف الإسـتراتيجي لبريطانيا, في الشرق الأوسط برمته, وكان "لويد جورج" مقتنعاً بحاجة بريطانيا إلى فلسطين, للدفاع عن مشارف قناة السويس، ومن هنا برزت أهمية المشروع الصهيوني, كوسيلة للانسحاب بلباقة, من اتفاقية "سايكس ـ بيكو", فهذا المشروع يعني ببساطة تحويل فلسطين إلى وطن قومي يهودي, تحت الرعاية البريطانية، وهذه الرعاية تعني, في الواقع احتلال بريطانيا لفلسطين، ومن ثم قررت بريطانيا توظيف اليهود, حتى تتخلص من البنود الخاصة بفلسطين في اتفاقية "سايكس بيكو".
ومنذ أن اتصل الصهاينة "بهربرت صموئيل"، اكتشفهم "سايكس", الذي أراد أن يستخدمهم في محاولة تعديل الاتفاقية, وظلوا هم الجانب المتلقي لما تريده الإرادة الإمبريالية البريطانية, وبعد أن تقرَّر توظيفهم، دُعي الصهاينة لأول مرة للاجتماع, مع ممثلي الحكومة في فبراير 1917, وتتالت الأحداث وقام "سايكس" بكتابة أولى مسودات الوعد، وتمت الموافقة عليها, وحينما تمت صياغة الوعد (كما لاحظ آحاد هعام) تمت صياغته, بدون الالتفات إلى مقترحات الصهاينة, أو مقترحات أعداء الصهيونية.
تأخر صدور الوعد بعض الوقت, بسبب معارضة يهود إنجلتراالمعادين للصهيونية، إذ قاد "لوسيان" و"ولف" وسير" إدوين مونتاجو" حملة ضد الوعد وإصداره, لأنه يُسقط حق المواطنة عن اليهـود, ويجـعلهم مواطنين في دولة أخرى, واسـتجابةً لهذه الضغوط، أُسقطت عبارة "الجنس اليهودي" وحل محلها عبارة "الشعب اليهودي", كما أضيفت عبارة, أن الوعد لن يؤدي إلى الإخلال بالحقوق والأوضاع القانونية, التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى.
ولكن الحكومة الإنجليزية, لم تعامل أعداء الصهيونية برفق شديد, إذ أن "بلفور", أخبر و"ولف" وأصدقاءه, أن يوقفوا الهجوم على الصهيونية، فالمشروع الصهيوني يشكل جزءاً من المشروع الاستعماري الغربي, وعليهم أن يعوا ذلك.

خاتمــة

وعد بلفور والوعود الأوروبية الأخرى, صيغ جديدة من البراءات الاستعمارية, التي كانت تُمنَح للمسـتوطنين الغربيين, في آسـيا وأفريقيا, وحينما أُصدر وعد بلفـور، سماه الصهاينة "الميثاق أو البراءة", وقد كانوا، في ذلك، أكثر دقة من كثير من العرب ومؤرخي الصهيونية، فوعد بلفور كان الميثاق الذي يشبه البراءة, التي مُنحت لرودس (وإن كان وعد بلفور أكثر التزاماً بمساعدة اليهود من البراءة التي مُنحت لرودس), وقد مُنحت براءة بلفور لليهود, بعد تقسيم تركيا بطريقة لا تختلف كثيراً عن البراءات, التي أُعطيَت لبعض الشركات الغربية, في أعقاب تقسيم أفريقيا, في مؤتمر برلين, وقد أصدرت بريطانيا البراءة, بعد التفاوض مع الحلفاء، ووافقت عليه مسبقاً كلٌّ من فرنسا وإيطاليا، ثم أيَّدته الولايات المتحدة، فهو ليس وعداً إنجليزياً بحتا, وإنما هو وعد غربي، كما أن المستعمرة اليهودية, التي ستُؤسَس لن تكون تابعة لإنجلترا وحسب, وإنما ستخدم المصالح الإمبريالية الغربية كافة, ولذا فإن ثمة مسافة بين الصهاينة والحكومة البريطانية, رغم التزام إنجلترا بدعم المُستوطَن الصهيوني، إلا أنه كان من المتوقع أن يقع عبء العمل الاستيطاني نفسه على عاتق الصهاينة أنفسهم, تماماً كما هو الحال مع شركات الاستيطان.
ويُلاحَظ أن براءة بلفور الاستيطانية، مثل البراءات الأخرى، صدرت دون اسـتشـارة السـكان الأصليين ودون أخذ مصيرهم في الاعتبار .
وعد أو براءة بلفور وجدت طريقها للتطبيق وتم إنتزاع حقٌ من ورثته الشرعيين منذ آلاف السنين ومنحه لمن لا حق لهم به ولا يستحقونه .



#خالد_أبو_شرخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل القذافي بين اللاشعور والمؤامرة
- المطلق والنسبي في التاريخ التوراتي
- مخاطر التطبيع مع إسرائيل
- التاريخ اليهودي
- الصهيونية المسيحية (2 - 2)
- الدولة المدنية والقوميات بين الواقع والطموح
- الصهيونية المسيحية (1-2)
- لماذا نرفض يهودية إسرائيل
- الصهيونية (34) .. الدور الوظيفي الجديد
- الصهيونية (33) .. الدعاية المراوغة
- الصهيونية (32) .. إسرائيل العظمى إقتصاديا
- الصهيونية (31) .. المفهوم الصهيوني - الإسرائيلي للسلام
- الصهيونية (30) .. عسكرة المجتمع الإسرائيلي
- الصهيونية (29) .. نظرية الأمن الإسرائيلية (2)
- الصهيونية (28) .. نظرية الأمن الإسرائيلية (1)
- الصهيونية (27) .. الديموقراطية الإسرائيلية
- الصهيونية (26)..الإرهاب الصهيوني من عام 1967م وحتى إعلان الم ...
- الصهيونية (25).. الإرهاب الصهيوني حتى عام 1967
- الصهيونية (24).. التطهير العرقي في فلسطين أعوام (49-48-47)19 ...
- الصهيونية (23).. التطهير العرقي في فلسطين أعوام (47-48-49)19 ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد أبو شرخ - -وعد بلفور-.. العقد الإمبريالي الصهيوني