أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - حول مجزرة بشتآشان















المزيد.....



حول مجزرة بشتآشان


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1049 - 2004 / 12 / 16 - 12:00
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قرأت في الحوار المتمدن مقال الاخ احمد الناصري حول مجزرة بشتآشان وروعني ما قرأته حول موقف قيادة الحزب تجاه محاربيها الابطال. كنت في حينه قد سمعت عن هذه المجزرة وعن هجوم جماعة الطالباني على شركائهم في الجبهة وقتل العديد من الشيوعيين. وسمعنا هنا في لندن، والعهدة على الراوي، عن الدعوى التي اقامها الطالباني على حكومة صدام لدفع مبلغ كبير وخسر الدعوى. يبدو ان صدام لم يدفع له الثمن الذي وعده به لقاء جريمته الشنعاء او دفع المقدم ولم يدفع المؤخر. ولكننا لم نسمع كلمة واحدة عما اشار اليه احمد الناصري في مقاله هذا. وقد ذكر احمد الناصري مقالا بقلم محسن الجيلاوي وكتابا بقلم قادر رشيد (أبو شوان) عن هذه المجزرة حبذا لو تفضل احدهم بتزويدي بنسخة من هذا الكتاب او المقال.
ان هول ما قرأته في هذا المقال حفزني على كتابة مقال موجه الى الشباب من قواعد الحزب الذين يشعرون بانحراف قيادة الحزب ولكن اخلاصهم للحزب يدفعهم الى البقاء فيه بأمل اصلاح القيادة واعادة الحزب الى امجاده السابقة ومنجزاته العظيمة تحت قيادة الرفيق فهد. وخطر لي لدى التخطيط لكتابة المقال ان اراجع ما كتبته عن الموضوع في خاتمة كتابي حول ثورة ١٤ تموز للاستفادة منه لاني كتبته قبل عشرين عاما في فترة قريبة من تاريخ هذه المجزرة. وعند مراجعتي لها وجدت ان الخاتمة كلها مفيدة لقرائي فقررت استنساخها من الكتاب وارسالها الى الحوار المتمدن قبل كتابة المقال الذي افكر في كتابته ولعل الاخوان المذكورين اعلاه يزودوني خلال هذه الفترة بمعلومات قد تفيدني عند كتابة المقال وتزيد من دقة الموضوع وفائدته.
الى قرائي الاعزاء اقدم خاتمة كتاب ثورة ١٤ تموز الذي نشر في سنة ١٩٨٤:

خاتمة
الى هنا انتهت مهمة هذا الكتاب الذي حدد هدفه بدراسة وتحليل سياسة الحزب الشيوعي قبل وبعد ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨. وليس في نيتي ان اناقش الفترات التالية لا لعدم اهميتها طبعا بل لعدم توفر الوثائق الضرورية لاخراج البحث بصورة مناسبة من الناحية العلمية. ولكن الباحث المتتبع الذي تتوفر لديه المعلومات والوثائق اللازمة يستطيع ان يرى ان سياسة الحزب بعد ١٤ تموز كان لابد وان تؤدي الى سياسة ما بعد انقلاب ١٩٦٣ وانقلاب ١٩٦٨. فالماركسية لا تؤمن الا بالتسلسل التاريخي للظواهر ولا تعترف بسوى التغييرات الناشئة عن صراع التناقضات الذاتية للحركة موضوع البحث. ومع ذلك فلا بأس من بحث الفترات التالية بكلمات موجزة لعل في ذلك بعض الفائدة.
حدث الانقلاب البعثي سنة ١٩٦٣ كنتيجة حتمية لسلوك حكومة قاسم البرجوازية من جهة وسلوك الحزب الشيوعي من الجهة الثانية وحزب البعث من الجهة الثالثة. وقد نجم انقلاب ١٩٦٣ عن مجزرة رهيبة اغرقت ارض العراق بدماء الشعب وراحت ضحيته حكومة قاسم وابرز الضباط الاحرار الذين رافقوه كما راح ضحيته قادة الحزب الشيوعي العراقي وآلاف من اعضائه وكوادره وراح ضحيته الاف الناس الابرياء من جميع طبقات الشعب العراقي.
وبعد فترة وجيزة افلح عبد السلام عارف قائد الانقلاب في تبييض يديه اللتين كان دم الشيوعيين لا يزال يقطر منهما بمسحهما بيدي خروشوف في القاهرة. ومنذ ذلك الحين بدأ قادة الحزب الشيوعي في التنقيب بحثا عن صفات الحكومة الوطنية في حكومة عارف حتى وجدوها واخذوا يبرزونها للشعب حيث بلغ بهم الحماس، وعلى حد ما جاء في كتاب نجم محمود، حد اعتبار حزب عبد السلام عارف القومي الجديد حزبا ثوريا تقدميا بحيث قرروا حل الحزب والانتماء الى هذا الحزب وارسلوا مذكرة بذلك الى عبد السلام عارف. ولكن يبدو ان عبد السلام عارف لم يقتنع بهذه الخطوة اولا وان خطوة قيادة الحزب كانت قد جابهت مقاومة شديدة من قواعد الحزب وكوادره من الجهة الثانية مما اضطر قيادة الحزب الشيوعي الى سحب قرارها والى اخفائه او انكاره. وواصلت قيادة الحزب تأييد وابراز صفات حكومة عارف الوطنية حتى النهاية.
وفي تموز ١٩٦٨ جرى انقلاب بعثي او ثورة بعثية ثانية اغرقت الشعب العراقي بما في ذلك الحزب الشيوعي بالدماء وحاولت ان تنافس انقلاب ١٩٦٣ في وحشيتها وقساوتها. وبعد فترة وجيزة، حين بدأت حكومة صدام البكر في مغازلة الاتحاد السوفييتي في سبيل الحصول على السلاح والمساعدات الاقتصادية اخذت قيادة الحزب الشيوعي في التنقيب عن الصفات الوطنية في هذه الحكومة ووجدتها. وفي سنة ١٩٧٣ عقدت جبهة معها وارسلت عددا من الشيوعيين للاشتراك في الحكومة. واخذت قيادة الحزب الشيوعي ترفع كيان هذه الحكومة الى اعنان السماء. فاعتبرت انقلاب تموز ١٩٦٨ ثورات مجيدة واعتبرت ان هذه الثورات قد تخلت عن خط انقلاب ١٩٦٣ وحطمته وعادت الى خط تموز ١٩٥٨. واعتبرت ان العناية الالهية قد بعثت هذا الزعيم الفريد للشعب العراقي ليأخذ بيده في الطريق اللا راسمالي صوب الاشتراكية وحتى بناء المجتمع الاشتراكي وزعمت ان قيادة حزب البعث قد اعتنقت الاشتراكية العلمية مبدأ لها وزعمت ان الجبهة الوطنية القومية التقدمية هي جبهة لا مرحلية وليست مؤقتة بل جبهة دائمة وباقية حتى الاشتراكية. وأيدت مجلس الثورة في احكام الاعدام الصادرة ضد المتظاهرين في النجف ووافقت على تجميد نشاطها في القوات المسلحة وفي النقابات وبين الطلاب والشبيبة ووافقت على تجميد المنظمات اللاحزبية من على منبر مؤتمر الحزب الشيوعي ومارست نشاطا واسعا في حملات التنمية ورفع الانتاجية الى درجة انها رفعت شعار العودة الى نظام العمل بالقطعة الذي ناضلت الطبقة العاملة العراقية بقيادة الرفيق فهد من اجل الغائه واعتبرت الاستقلال الذاتي الشكلي لكردستان حلا عادلا وصحيحا وحتى لينينيا للقضية القومية الكردية وسكتت عن سياسة التعريب التي مارستها الحكومة تجاه الشعب الكردي كاجلاء القرى الكاملة الى جنوب العراق وفرض القيود على الدراسة باللغة الكردية القومية وتشجيع زواج الرجال العرب من النساء الكرديات واستبدال اسماء المدن والقرى الكردية باسماء عربية الخ.. وفي كل ذلك سكتت قيادة الحزب عن الضحايا العديدة التي وقعت نتيجة تعسف واضطهاد الطبقة الحاكمة بما في ذلك التصفيات الجسدية لمئات الشيوعيين سواء عن طريق الاغتيالات والاختطاف ام عن طريق الاعدامات والاعتقالات وابشع انواع التعذيب. بل بلغ الامر بقيادة الحزب حتى الى تسمية ميشيل عفلق بالرفيق عفلق واجراء مقابلة صحفية معه حول انجازاته الثورية وتاريخ حياته لنشرها على صفحات جريدة الحزب لغرض تثقيف البروليتاريا العراقية بها.
واستمرت هذه الجبهة حتى قرر حزب البعث ابعاد الشيوعيين عنها واستمر الوزيران الشيوعيان في الاشتراك في الحكومة حتى قرر حزب البعث طردهما من الوزارة. وعندئذ قلبت قيادة الحزب الشيوعي صفحة من التاريخ وفتحت صفحة جديدة. وفتح الصفحات الجديدة في التاريخ، كما هو معروف، لا يمت بصلة لا بالمادية التاريخية ولا بالماركسية. فالتاريخ لا يعرف صفحات قديمة تقلب وصفحات جديدة تفتح.
في الصفحة الجديدة اختفت كل المبادئ والاهداف والشعارات التي ملأت سطور الصفحة القديمة. اختفت ثورات تموز المجيدة، اختفى حزب البعث الحليف الذي اعتنق الاشتراكية العلمية مبدأ له، واختفى الرفيق عفلق معه. اختفى الطريق اللا راسمالي صوب الاشتراكية. اختفى مفهوم طلائع البروليتاريا الذي ظهر بنطاق ضيق. اختفت مشاريع التنمية ومشروع زيادة الانتاجية وضرورة العودة الى نظام العمل بالقطعة لتحقيق هذه الزيادة اي لتحقيق مزيد من فائض القيمة. اختفت حملة الرفيق البكر لمكافحة الامية واختفى الحكم الذاتي الكردستاني. وباختصار ذابت المنارة الثلجدية المتفائلة التي عقد في برجها المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي.
فماذا نجد اذن في الصفحة الجديدة؟
نجد ثورات تموز المجيدة قد انقلبت الى ثورة مزعومة او الى انقلاب بعثي واستمرار لانقلاب ١٩٦٣. وان مجلس الثورة هو "مجلس الثورة" اي مجلس ثورة مزعوم . وان حزب البعث هو حزب عفلقي وان القوانين التي سنتها حكومة البعث كانت قوانين فاشية منذ ١٩٦٨ وحتى يومنا هذا دونما تمييز بين القوانين التي شرعت قبل الجبهة او اثناء وجود الجبهة لدى اشتراك الحزب الشيوعي في الحكم او بعد انهيار الجبهة. كل هذا جعل برنامج الحزب الشيوعي المتخذ في المؤتمر الثالث أثرا بعد عين يخجل الحزب الشيوعي من ذكر اية فقرة من فقراته او اي شعار من شعاراته. واصبح الحزب الشيوعي خلوا من كل برنامج يوجه نضالاته الاتية او يوجه خطه الاستراتيجي. وقد رأينا في الواقع ان الحزب كان قد فقد اتجاهه وشعاره الاستراتيجي من زمن بعيد، اي منذ الغاء ميثاق الرفيق فهد والموافقة على ميثاق باسم واختفى كل خط استراتيجي بصورة قاطعة خصوصا في الكونفرنس الثاني للحزب سنة ١٩٥٦. فما هي شعارات الحزب الحالية المناسبة للصفحة الجديدة؟ تتالف الشعارات الجديدة من الشعارات التي تتخذها سلطات الحزب القيادية المركزية بين حين وآخر وتنشرها على صفحات الجرائد والمنشورات الحزبية. ويمكن تلخيص هذه الشعارات بشعارين رئيسيين يحتلان مركز الصدارة في تثقيف الحزب في هذه الفترة الاخيرة. شعار الجبهة الوطنية العريضة وشعار البديل الديمقراطي الذي يمنح الديمقراطية للشعب العراقي والاستقلال الذاتي لكردستان.
وقبل مناقشة هذين الشعارين اود ان اذكر القارئ بحقيقة اولية مبدئية يعرفها كل من اطلع على الفباء النظرية الماركسية هي تفسير عبارة طليعة البروليتاريا. فالحزب الشيوعي كما هو معروف طليعة البروليتاريا وهذا ما تؤكد عليه جميع الادبيات الماركسية والشيوعية.
الا ان تفسير عبارة طليعة البروليتاريا يختلف باختلاف التكوين الفكري والسياسي للشخص او الفئة التي تقوم بتفسيرها. فان هذه العبارة شأنها شأن كل عبارة او شعار او مفهوم تقبل نوعين من التفسير. النوع الماركسي اللينيني الذي يمثل وجهة نظر الطبقة العاملة ومصلحتها. والنوع البرجوازي والبتي برجوازي الذي يمثل البرجوازية والنفوذ البتي برجوازي الانتهازي في صفوف الطبقة العاملة.
فالتفسير البروليتاري الماركسي للطليعة هو ان حزب الطليعة هو حزب يضم انشط واوعى واصلب عناصر البروليتاريا وهو يستطيع، عن طريق تطبيق المبادئ الماركسية اللينينية تطبيقا صحيحيا في غمرة المعارك البروليتارية الطبقية اقناع العمال وحلفاءهم في كل مرحلة من مراحل النضال بالالتفاف حوله والاعتراف بقيادته. ومتى ما عجز الحزب عن تطبيق ذلك بكل دقة انتفى كونه طليعة البتروليتاريا مهما كانت الاسماء التي يطلقها على نفسه ورغم الهالة الديماجوجية التي يثيرها حول نفسه.
اما التفسير البرجوازي او البتي برجوازي الانتهازي فيعرض الامور بصورة معكوسة. فالحزب هو طليعة البروليتاريا بحكم كونه حزبا شيوعيا او حزبا ماركسيا. ويعتبر هذا اللقب حقا ملازما له لا نتيجة لقيادة البروليتاريا الصحيحة في صراعها الطبقي قيادة ثورية بصورة متواصلة. ولذلك فمثل هذا الحزب يتصور ان البروليتاريا تتبعه ويجب ان تتبعه وتلتف حوله مهما كانت شعاراته ومهما تغيرت اساليب نضاله وحتى لو اثبتت المعارك التي يجر الطبقة العاملة الى خوضها انها خاطئة ومضرة بمصالحها. وحزب كهذا يستطيع ان يرفع شعارات متناقضة متضاربة تتغير بتغير ظروف البرجوازية وبتغير مصالحها الانية معتقدا ان البروليتاريا يجب ان تصدقه طالما سمى نفسه حزب الطليعة. ان حزبا كهذا لا ولن يكون طليعة للبروليتاريا بل لا يتعدى كونه مطية للبرجوازية وممثلا لها في صفوف الطبقة العاملة.
فاذا اردنا ان نثمن الشعارات التي يرفعها الحزب حاليا علينا ان نثمنها من وجهة النظر الاولى، من وجهة نظر التفسير الماركسي لمفهوم الطليعة، التفسير الذي يضع امامه قبل كل شيء مصالح البروليتاريا ولا يبحث الحزب الا بمقدار ما يخدم هذه المصالح او لا يخدمها.
ان الشعار الذي يحتل المركز الاول في ادبيات الحزب الشيوعي حاليا هو شعار الجبهة العريضة. والحزب يريد من الجبهة العريضة ان تضم جميع الاحزاب والمنظمات والشخصيات السياسية والاجتماعية التي تعارض حكم صدام الفاشي بصرف النظر عن وجهات نظرهم الفكرية والسياسية والدينية. بل ان الحزب يدعو حتى الى تجاوز حواجز الدم التي لا تعني في واقع الحال سوى نسيان دماء الشعب ودماء الشيوعيين التي سفكتها سائر العناصر المعادية للشيوعية من البرجوازية وحلفائها.
فممن اذن تتألف مثل هذه الجبهة العريضة اذا كتب لها التحقيق؟ تتألف اولا من الحزب الشيوعي، طليعة البروليتاريا، حزب الطبقة العاملة. وبما ان الطبقة العاملة في اي بلد كان لا يمكن ان تكون لها سوى طليعة واحدة حقيقية، وبما ان حزب البروليتاريا هو الحزب الذي يمكن ان يكون طليعة البروليتاريا اذا قادها في الطريق الثوري الصحيح، فان الحزب الشيوعي العراقي، بفرض انه الطليعة الحقيقية للبروليتاريا العراقية يكون الحزب السياسي الوحيد الذي يمثل مصالح البروليتاريا وحلفائها في هذه الجبهة العريضة. واذا وجدت احزاب اخرى تتحدث باسم البروليتاريا او باسم الماركسية او قل الاشتراكية العلمية فلن تكون سوى احزاب دخيلة على البروليتاريا، احزاب بتي برجوازية انتهازية تمثل البرجوازية في صفوف الطبقة العاملة.
قد تكون الى جانب الحزب الشيوعي منظمات لا سياسية اجتماعية او مهنية اخرى تميل الى الحزب الشيوعي او تضم في قياداتها عناصر شيوعية مما يجعلها تقف الى جانب الحزب الشيوعي في الجبهة. ولكننا نعلم من التاريخ ان الحزب الشيوعي العراقي كان قد تخلى طوعا، لمصلحة الجبهة الوطنية القومية التقدمية، عن النضال في العديد من الميادين التي يمكن ان تختلق فيها منظمات من هذا القبيل. فقد تخلى عن النضال في القوات المسلحة وسكت عن قانون حكم الاعدام على كل عضو من القوات المسلحة يثبت وجود علاقة له بالحزب الشيوعي ولو كان ذلك عن طريق التبرع بدرهم لهذا الحزب. وتخلى عن النضال في نقابات العمال ولم يدخل رسميا حتى في انتخابات قياداتها رغم ان النقابات هي عرق الحياة النابض للحركة العمالية ومصدر تزويد الحزب الشيوعي بالدم الحار الذي يبقيه على قيد الحياة. وتخلى عن النضال في صفوف بعض المنظمات المهنية الخ.. ومن على منبر المؤتمر الثالث اعلن الحزب عن تجميد المنظمات التي بقي له دور في قيادتها وتوجيهها كاتحاد الطلبة واتحاد الشبيبة ومنظمة النساء الديمقراطيات وسحب ممثلي هذه المنظمات من المنظمات الدولية. وقد يكون الحزب قد اعاد تنظيم هذه المنظمات بعد تحطم الجبهة والعودة الى موقف المعارضة من حكومة صدام ولكن الاعلان عن اعادة تنظيم هذه المنظمات شيء واعادتها الى النشاط الثوري الفعال شيء اخر. فاعادة التنظيم في بيانات ومنشورات الحزب لا تعني اعادة تنظيمها بصورة واقعية. وجل ما يستطيع ان يفعله الحزب اول الامر هو اعادة تنظيمها من اعضاء الحزب الشيوعي ومؤيديه الذين كانوا اعضاء فيها قبل تجميدها. والبون شاسع بين هذا النوع من المنظمات والمنظمات اللاحزبية الحقيقية. ففي احسن الظروف تكون هذه المنظمات الجديدة نواة للمنظات الاجتماعية والمهنية التي تضم جماهير الشعب التي تمثلها هذه المنظمات بصرف النظر عن ارائهم السياسية والفكرية والدينية. علينا ان نضيف الى ذلك رد الفعل الذي تركه التجميد من جانب الحزب الذي اسلمته هذه المنظمات قيادها لانها اعتبرته خيرة من يحافظ على مصالحها ويناضل لتحقيق اهدافها. لذلك فان هذه المنظمات الجديدة اذا قبلت في الجبهة لا تكون سوى وجه اخر للحزب الشيوعي في الجبهة تؤيده في كل قراراته دونما قيد او شرط. فكأن الحزب الشيوعي في هذه الحالة حاز على عدد اضافي من الاصوات في الجبهة. وليست الاحزاب والمنظمات الاخرى العريقة في النضال ضد كل تقدم تحرزه الطبقة العاملة من الغباوة بحيث تسمح بنشوء وضع كهذا.
فيما عدا الحزب الشيوعي وهذه المنظمات الشيوعية او شبه الشيوعية تتألف الجبهة من احزاب ومنظمات بتي برجوازية او برجوازية. ونفوذ الحزب الشيوعي داخل الجبهة العريضة يتناسب تناسبا عكسيا مع عدد هذه الاحزاب والمنظمات فكلما ازداد عدد الاصوات اللاشيوعية، اي البرجوازية والبتي برجوازية، انخفض حتما نفوذ الحزب الشيوعي فيها، سواء اذا اخذناه من الناحية العددية المطلقة ام اذا اخذناه من ناحية الحقوق الديمقراطية المتعادلة بين القوى المؤنلفة في الجبهة وهو ما يبالغ الحزب في ابرازه والتأكيد عليه في كل دعواته للجبهة.
والحزب يدعو جميع الاحزاب والمنظمات المعادية لنظام حكم حكومة صدام الحالية الى الانضمام الى الجبهة بصرف النظر حتى عن الاسباب التي تدعوها الى هذه المعارضة. وقد رأينا ان هذه الاحزاب جميعها احزاب برجوازية وبتي برجوازية . بل ان الحزب يتمادى في دعوته الى دعوة الاحزاب والمنظمات الاسلامية المتطرفة الى دخول الجبهة. وهذه الحركات او الاحزاب او المنظمات الاسلامية وامكانية دخولها الى الجبهة تحتاج الى بعض التحليل الاضافي. فمن الملاحظ ان حركات واعمال جماهيرية قد حدثت في العراق بقيادة حركات اسلامية في السنوات الاخيرة، خاصة بعد نجاح الثورة الاسلامية ضد حكم الشاه في ايران، بل قد جرت بعض حركات المعارضة لحكم صدام حتى قبل ذلك في زمن الحبهة القومية التقدمية حين وقف الحزب الشيوعي فيها مؤيدا متحمسا لصدام في تحطيم المظاهرات مثل مظاهرة او مسيرة النجف المعروفة وايدت اللجنة المركيزية للحزب الشيوعي احكام الاعدام التي اصدرها "مجلس الثورة" حينذاك دفاعا عن الثورة بحجة ان قادة تلك المظاهرات المحكومين بالاعدام كانوا عملاء مأحورين لدولة اجنبية عربية شقيقة. ومع ذلك فان هذه الحركات قائمة وقد اثبتت جدارتها في القيام بمظاهرات وحركات جماهيرية رغم القوانين الجائرة التي تحرم ذلك ورغم تعسف قوى الامن ضد كل من تسول له نفسه الوقوف ضد نظام الحكم الدكتاتوري باي شكل من الاشكال. ولكن كل ذلك لا يمكن ان يخفي ان هذه الاحزاب الاسلامية، شأنها شأن حركة الخميني الاسلامية، تريد العودة بالمجتمع العراقي الى ظلمات العقود الجاهلية وما بعدها بما يتضمنه ذلك من التعصب الديني، وجعل الدين قانونا ونظاما للحكم والتمييز الفظيع بين الرجل والمرأة واعادة المرأة الى وضعها في العصور الاسلامية الخ.. وقد رأينا ذلك واضحا في حكومة الخميني منذ اليوم الاول لاستلامها السلطة في ايران.
ولكن وضع الخميني في حركته ضد الشاه يختلف مع ذلك عن وضع هذه الحركات الاسلامية في ظل حكومة صدام. فقد كان الشاه يمثل حكما شبيها بحكم العهد الملكي ونوري السعيد، حكما شبه اقطاعي شبه استعماري، ولذلك فان البرجوازية وجميع الفلاحين كانوا قوى احتياطية للثورة في تلك الفترة. وفي تلك المرحلة اثبتت البرجوازية الايرانية عجزها عن تنفيذ ثورتها بصورة انقلاب عسكري شأن جميع الثورات البرجوازية التي وقعت في الشرق الاوسط منذ فشل ثورة مصدق حتى ثورة الخميني. واثبت حزب تودة انه عاجز وغير راغب في قيادة البروليترايا والفلاحين في ثورة جماهيرية تقدمية ضد الشاه وطغمته. فوجدت البرجوازية ضالتها في القوى الاسلامية التي كان يقودها الخميني فمولتها وزودتها بالسلاح املا منها في ان تتحول السلطة الى ايديها بعد ان تحقق الاحزاب والقوى الاسلامية مهمتها في اسقاط الشاه وحكمه. ولكن البرجوازية فوجئت باستيلاء الحركة الاسلامية على الحكم وتشبثها به وانتهاز الفرصة لفرض حكم اكثر رجعية حتى من حكم الشاه نفسه. ومع كل ذلك فان ثورة الخميني في ايران كانت ثورة تقدمية لانها انتقلت بالشعب الايراني من مرحلة الثورة الاولى، مرحلة الثورة البرجوازية، الى المرحلة الثانية، مرحلة الثورة الاشتراكية، شأنها في ذلك شأن ثورة ١٤ تموز في العراق وبصرف النظر عن الطبيعة الرجعية المتطرفة للحركة الاسلامية هناك وبصرف النظر عن نوع الحكم الذي فرضته هذه الحركة الاسلامية. وقد رأينا ان حكومة الخميني، فور انتصارها، انقلبت على جميع القوى الثورية التي حاربت معها جنبا الى جنب وحملت السلاح ضد الشاه وحكومته. وانقلبت بصورة خاصة ضد الحركة الثورية للقومية الكردية في ايران.
اما الحركة الاسلامية في العراق فقد جاءت متاخرة. جاءت في ظروف كانت الثورة البرجوازية العراقية فيها قد تحققت منذ امد بعيد. وليس كفاحها ضد صدام اليوم سوى وجه آخر من كفاح فئة من البرجوازية ضد فئة اخرى، كفاح يتركز حول كيفية اقتسام الارباح التي تجنيها البرجوازية في العراق عن طريق استغلال الطبقة العاملة وسائر الكادحين. فليس للحركة الاسلامية في العراق اذن تلك الشحنة الثورية التي رافقت ثورة الخميني في ايران.
ولكن الحزب الشيوعي يصر مع ذلك على وجوب انضمام الحركات الاسلامية لكي تحوز الجبهة على "العرض" الذي يكفي لاضفاء صفة الجبهة العريضة عليها. فالجبهة العريضة ليست اذن في احسن الظروف سوى جبهة بين البروليتاريا ممثلة بالحزب الشيوعي ممثل البروليتاريا الحقيقي (اذا وجد) وبين جميع فئات البرجوازية المعارضة لحكم صدام مهما كانت اسباب وطبيعة معارضتها.
رأينا في متن الكتاب ان عهد الجبهات الاستراتيجية بين البروليتاريا والبرجوازية قد فات اوانه وولى منذ صباح ١٤ تموز وان العدو الاساسي والرئيسي للبروليتاريا اصبح منذ تلك اللحظة البرجوازية بكل فئاتها ومراتبها وشرائحها، وان ما يمكن تحقيقه حاليا لا يتجاوز الاتفاق الاني المؤقت بين البروليتاريا والمنظمات البرجوازية المعارضة لبرجوازية صدام، وان اقصى ما تستطيع مثل هذه الجبهة تحقيقه هو اسقاط حكومة صدام وتسليم السلطة الى الفئة البرجوازية المنتصرة.
الا ان الحزب الشيوعي ما زال حتى يومنا هذا يبني على هذه الجبهة قصورا من رمل. ورغم ان جميع نداءاته ونصائحه ومجهوداته لاقامة جبهة قذ باءت بالفشل الذريع منذ يوم ١٤ تموز ١٩٥٨ وحتى يومنا هذا فيما عدا الجبهة القومية التقدمية مع حزب البعث الحاكم التي يعرف حقيقتها اليوم حتى اكثر المتحمسين لها بالامس، فان الحزب ما زال يريد الجبهة بنفس مفاهيم جبهة ما قبل تموز ويحملها من الواجبات ما يفوق واجبات تلك الجبهة. ان الحزب يريد ثورة تحقق ما حققته ثورة تموز او تواصل طريق ١٤ تموز على الا تتصرف البرجوازية في هذه الجبهة كما تصرفت البرجوازية في ثورة ١٤ تموز. "ان الثورة الوطنية الديمقراطية التي نواجهها هي غير نمط وطبيعة ١٤ تموز ١٩٥٨. انها اعمق محتوى ومضمونا ويحقق انتصارها مقدمات اليورة الاشتراكية بجهود وسواعد قوى الشغيلة الواعية والمنظمة استنادا الى دعم ومساندة الاسرة الاشتراكية." (الثقافة الجديدة، العدد ١٤٤ ص ٩) فالحزب اذن يعتبر ان الثورة التي تحققها الجبهة العريضة ثورة اعمق محتوى ومضمونا من ثورة ١٤ تموز يحقق انتصارها مقدمات الثورة الاشتراكية. حقا ان هذا يذكرنا بمهمات الحكومة الوطنية التي كانت ستنشأ بموجب مقررات الكونفرنس الثاني في ظل النظام الملكي لتمنح الشعب فرصة السير السلمي التدريجي نحو الاشتراكية.
ولنعد الان من عالم الاحلام الى عالم الواقع. ان هذه الجبهة العريضة اذا ما تحققت فان اهدافها في احسن الظروف تكون محدودة بالاهداف المشتركة المتفق عليها في الميثاق. ولكننا نعلم ان الاحزاب الشيوعية باعتبارها ممثلة الطبقة العاملة يجب الا تكتفي ولا تقيد نفسها باهداف الجبهة بل ان تتعداها وتتجاوزها وفقا لمصالح البروليتاريا. ومن المعلوم ان الحركات الجماهيرية المنظمة غير التلقائية لا يمكن خلقها عن طريق النداءات والمقالات بل عن طريق النضال الفعلي بين الجماهير بالاتصال المباشر بها وتنظيمها ودفعها وتوجيهها في المعارك اليومية البسيطة منها والمعقدة. وان وسائل الاتصال بين الحزب والجماهير تجري عن طريق الاتصال بها في المنظمات المهنية والاجتماعية والنوادي العمالية وغيرها وعن طريق توجيه نضالات العمال والكادحين من اجل مصالحهم الانية الاقتصادية والاجتماعية والنقابية وحتى السياسية. فهل رفع الحزب شعارات تميزه عن شعارات الجبهة وتقنع البروليتاريا بان هذا الحزب يختلف جوهريا عن سائر الاحزاب الاخرى في الاهداف التي يبغي تحقيقها حاليا وفي المدى البعيد مما يجعلها تلتف حوله وتمنحه ثقتها ؟ ليس في ادبيات الحزب المنشورة التي تصل الى القراء في الخارج اي شيء يميز الحزب عن سائر الاحزاب في هذا الخصوص. فالجبهة هي الهدف الاسمى واهدافها هي الاهداف التي لا يرى الحزب اهم وابعد منها ولذلك فان جميع المصالح العمالية تتركز في العمل وتقديم اغلى التضحيات من اجل تحقيق هذه الجبهة. وهل ثمة اعمال جماهيرية ينظمها الحزب في ارجاء العراق وفي بغداد لدفع العمال الى المطالبة حتى بابسط حقوقهم المعاشية والاقتصادية والصحية؟ هل يمارس الحزب سياسة تنظيم العرائض والاضرابات والمظاهرات والعصيانات الخ.. ؟ ليس في الافق ما يشهد على وجود شيء من هذا القبيل. فقد توقف الحزب عن شن مثل هذه النضالات والنشاطات ليس في الوقت الحاضر فحسب بل منذ عشرات السنين. ولا شك ان من يسمعني اتحدث عن مظاهرات واضرابات في ظل الحكم الفاشي السائد في العراق يعجب لذلك اشد العجب. فكيف يستطيع حزب ان يقوم بمظاهرات في مثل هذه الظروف القاسية؟ ولكن الواقع يشهد على خلاف ذلك. فقد نجحت الحركات الاسلامية، وهي لا تمثل البروليتاريا، وليست طليعتها، في القيام بحركات معينة جماهيرية الى حد ما حتى في مثل هذه الظروف. وقد قدمت في سبيل ذلك تضحيات كبيرة ولكنها لا تقاس بالتضحيات التي قدمها الحزب بدون ان يمارس مثل هذه النشاطات. لا شك في صعوبة اجراء مثل هذه النضالات وفي عظم التضحيات التي يفرض على الحزب تقديمها في سبيلها. ولكن الحزب يتحدث في صحفه عن انتفاضة جماهيرية عارمة تطيح بهذا النظام. فكيف يمكن تحقيق انتفاضة جماهيرية بل ثورة وطنية ديمقراطية يقود الحزب جماهيرها اذا لم يكن يستطيع تنظيم اية حركة ثورية جماهيرية مهما كانت بسيطة على الاقل لتدريب الجماهير على المعركة المقبلة؟ أيريد الحزب ان تجري الانتفاضة بطريقة عفوية تلقائية وبدون تنظيم وتدريب؟ يعرف كل متتبع للتاريخ ان الحركات العفوية التلقائية مصيرها الفشل والمزيد من الضحايا للجماهير الكادحة بدون ان تحقق هدفها. ان طريق التحريك الجماهيري المنظم صعب ولا شك ولكنه مع كل ذلك الطريق الوحيد بالنسبة لكل حزب جدي يريد تحقيق انتفاضة جماهيرية او ثورة وطنية حقيقية.
لننتقل الان الى ما تحقق فعلا في طريق الجبهة العريضة حتى الان. سمعنا عن تشكيل ثلاث جبهات على الاقل منذ تحول الحزب الشيوعي من شعار الجبهة مع صدام الى شعار الجبهة ضد صدام حتى الان. اول هذه الجبهات واهمها هي الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود).
تشكلت جود خلال القتال المسلح الذي يجري في منطقة كردستان العراقية ضد النظام القائم في العراق. ويعتبرها الحزب الشيوعي مثله الاعلى للجبهة العريضة التي يدعو الى تشكيلها على نطاق العراق ولو انه لا يصر على ذلك. وقد اصبح تشكيل هذه الجبهة ممكنا طبعا لان البرجوازية الكردية تمر في مرحلة مشابهة الى حد معين لوضع البرجوازية العراقية كلها قبل ١٤ تموز. فالبرجوازية العربية في العراق هي طبقة مستغلة للشعب الكردي ومستغلة لبرجوازيته الى حد ما. وتشعر هذه البرجوازية بهذا الاستغلال عن طريق جيبها ولذلك تكون على استعداد للتعاون مع الحزب الشيوعي على النضال ضد هذه البرجوازية المستغلة الى الدرجة التي لا يصبح فيها الخزب الشيوعي خطرا على مصالحها الحيوية. فجبهة جود شأنها شأن الجبهة الوطنية التي تألفت قبل ١٤ تموز هي جبهة لا يمتد عمرها الى ما بعد تحقيق الهدف منها وهو ضمان حصة محترمة للبرجوازية الكردية من الارباح الناجمة عن استغلال الشعب الكردي. وكما ان البرجوازية العراقية كانت على استعداد للتساوم مع الملكية، الطبقة الحاكمة انذاك فان البرجوازية في جبهة جود هي الاخرى لا تتورع عن التساوم اذا ما وجدت الفرصة المناسبة لتحقيق اهدافها. فاذا لم يتحقق ذلك آنيا فان الائتلاف في الجبهة ينتهي حتما عند اسقاط حكومة صدام ومجيء حكومة برجوزية جديدة. وقد رأينا ذلك واضحا فيما يسمى اوك (الاتحاد الوطني الكردي). ان اوك منظمة كردية اخرى كانت تعتبر من القوى المسلحة التي تمارس القتال المسلح ضد حكومة صدام. ولكن هذه المنظمة وجدت الفرصة المناسبة للمساومة مع صدام فتحولت من خندق النضال ضد صدام الى خندق الهجوم على المناضلين ضد صدام حيث شنت هجوما غادرا مباشرا في ايار الماضي على مقرات جبهة جود راح ضحيتها عدد كبير من اعضاء الحزب الشيوعي واعضاء جود الاخرين.
وفي جبهة جود يتكرر الوضع الذي كان في الجبهة الوطنية التي تشكلت قبل ١٤ تموز وهو ان اهداف الجبهة لا تتضمن شيئا من اهداف البروليتاريا المنفصلة عن اهداف البرجوازية وان الحزب الشيوعي من جانبه لا يؤكد سوى على اهداف الجبهة. وطبيعي ان الماركسية تقدر الحركات الثورية لا بكونها حركات مسلحة ام حركات غير مسلحة، بل تقدرها من حيث خدمتها لمصالح البروليتاريا ام لا. وجبهة جود، رغم كونها حركة ثورية مسلحة ضد نظام الحكم القائم، لا تخدم البروليتاريا الا بقدر ما تتفق مصلحة البروليتاريا مع مصالح البرجوازية في هذه المعركة التي تستهدف اسقاط النظام الفاشي. اما من حيث النضال في سبيل تحقيق اهداف البروليتاريا الانية والبعيدة المنفصلة عن عن مصالح البرجوازية في هذه المعركة فان جود لا ترفع اي شعار ولا يمكن ان ترفع اي شعار من هذا القبيل لان البرجوازية الموجودة في جود تعارض مثل هذه الشعارات اكثر من معارضتها لحكم صدام الف مرة.
ولكن القتال المسلح في منطقة معينة مثل كردستنان، سواء اتسع نطاقه ام ضاق، يشكل ازعاجا للحكومة القائمة واشغالا لبعض قواها المسلحة عن القتال في الحرب ضد ايران. ولكن هذا القتال لا يمكن ان يتطور الى انتفاضة شعبية مالم يرافقه نضال جماهيري منظم يعمل بصورة فعالة من اجل قلب النظام في جميع مدن العراق وقراه. ولا تبدو في الافق اية بشائر تشير الى وجود مثل هذه الحركة في المستقبل.
والجبهة الثانية التي تألفت في طريق النضال من اجل تشكيل الحبهة العريضة كانت الجبهة التي تألفت في دمشق قبل ما يربو على السنتين تحت رعاية الحكومة السورية وشخص رئيسها حافظ الاسد. ولكن عمر هذه الجبهة لم يتجاوز بيانها الاول. فقد صدر بيانها الثاني بدون حضور الحزب الشيوعي وبدون توقيعه على ما اتذكر من انتقادات الحزب الشيوعي نفسه. واختفت هذه الجبهة بدون ان نسمع عنها اخبارا جديدة.
والجبهة الثالثة التي تألفت في طريق تشكيل الحبهة العريضة كانت الجبهة التي عقدت في ليبيا تحت رعاية حكومة ليبيا ورئيسها القذافي. تألفت هذه الجبهة من ١٦ او ١٩ حزبا او منظمة. ولكنها مع ذلك لم تبلغ العرض الكافي الذي يجعل الحزب الشيوعي يعتبرها الجبهة العريضة المنتظرة. ولكن هذه الجبهة على ما يظهر لم يمتد بها العمر اكثر من مدة جفاف الحبر الذي وقع ميثاقها به.
وما زال مطلب الحبهة العريضة يشغل كل ادبيات ومجهودات الحزب الشيوعي العراقي حتى يومنا هذا. فان هذا المطلب هو الحل الوحيد الذي يستطيع انقاذ الشعب العراقي من محنته ويقوده في طريق الديمقراطية ومقدمات الثورة الاشتراكية.
طبيعي ان هدف الجبهة العريضة الاساسي الذي يتوخاه الحزب ويعلن عنه هو البديل الديمقراطي الذي يمنح الديمقراطية للشعب والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان، (وكذلك بالطبع انهاء الحرب مع ايران انهاء عادلا).
فما هو هذا البديل الديمقراطي؟ وما هو مدى الديمقراطية التي يستطيع منحها للشعب؟ رأينا اعلاه ان الحزب يرى ان الثورة القادمة هي ثورة وطنية ديمقراطية تحقق مقدمات الثورة الاشتراكية للشعب العراقي. ولا ادري مع الاسف ماذا تعني مقدمات الثورة الاشتراكية وما هي طبيعة هذه المقدمات، ولكن الامر الواضح الجلي هو ان هذه الثورة ليست بالنسبة للحزب ثورة اشتراكية، بل هي مثل ثورة ١٤ تموز، ثورة برجوازية ولكنها اعمق منها محتوى.
ولنفرض ان الجبهة العريضة تحققت بافضل اشكالها وان سقوط الحكم الحالي جرى عن طريق الجبهة العريضة نتيجة انتفاضة جماهيرية وليس عن طريق انقلاب عسكري او طريق آخر من الطرق التي يجري الاعداد لها داخل العراق وخارجه كل حسب رغبته ووفقا لمصالحه. فان الحد الاقصى الذي تستطيع ان تحققه هذه الثورة او الانتفاضة هو اسقاط حكومة برجوازية قائمة واحلال حكومة برجوازية اخرى بدلا منها تكون في احسن الاحوال حكومة ائتلافية من الاحزاب المنتمية للجبهة العريضة. هذه الحكومة الجديدة هي البديل الديمقراطي الذي يحقق الديمقراطية للشعب والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان وطبعا مقدمات الثورة الاشتراكية للحزب الشيوعي.
لنعد الان قليلا الى التحليل العلمي الطبقي الذي يهدي الشيوعيين الى الطريق الصواب في احلك الظروف. هل يوجد في المفهوم الماركسي اي معنى محدد لعبارة الديمقراطية للشعب؟ تعلمنا الماركسية ان هناك على الاقل نوعان من الديمقراطية ونوعان من الدكتاتورية. اولا: ديمقراطية البرجوازية وهي تتألف من حرية البرجوازية في استغلال الطبقة العاملة والكادحين أفظع استغلال لتحقيق الحد الاقصى من الارباح. ولا تتحقق هذه الديمقراطية البرجوازية الا عن طريق فرض دكتاتورية برجوازية ضد الطبقة العاملة وسائر طبقات الشعب الكادحة. وان اتحاد الضدين هذا ضروري وحتمي لضمان حكم البرجوازية في المجتمع. ان التحام هذين الضدين، الديمقراطية البرجوازية والدكتاتورية البرجوازية هو ما نسميه بالدولة البرجوازية. وهذا يصدق على كل دولة اخرى في تاريخ البشرية. فقد كانت الدولة منذ نشوء اول دولة في التاريخ وستبقى حتى زوال اخر دولة في تاريخ الانسانية التحاما لهذين الضدين، الديمقراطية والدكتاتورية.
ثانيا: ديمقراطية البروليتاريا وهي تعني حرية البروليتاريا في القضاء على البرجوازية بجميع اشكالها سواء أكانت من "البرجوازية المبررة" ام من "البرجوازية الطفيلية" ومحو استغلال الانسان للانسان. وهذا يحتم ممارسة الدكتاتورية العمالية ضد البرجوازية. (ملاحظة: ظهرت في ادبيات الحزب الشيوعي مؤخرا محاولات للتمييز بين نوعين من البرجوازية، البرجوازية المبررة اي البرجوازية التي يبررها التطور التاريخي للمجتمع ومساهمتها في الانتاج كالبرجوازية الصناعية، والبرجوازية الطفيلية التي لا يبرر وجودها التطور الاجتماعي تاريخيا كالمقاولين مثلا ويحاول الكاتب في بحثه القاء اللوم على البرجوازية الطفيلية في خلق الاوضاع المتردية في ظل نظام الحكم الحالي الذي يسود العراق، فما عليك الا ان تكبح جماح البرجوازية الطفيلية كي تعود الامور الى نصابها الطبيعي.) وفي هذه الحالة لا تختلف دكتاتورية البروليتاريا عن دكتاتورية البرجوازية سوى من حيث الطبقة التي تمارس الدكتاتورية والطبقة التي تمارس ضدها الدكتاتورية. ولكن وحدة النقيضين، الدكتاتورية والديمقراطية، هنا ايضا ضرورية وحتمية ما دامت الدولة قائمة. ولذلك اعتبر لينين دكتاتورية البروليتاريا اكثر ديمقراطية من اية دولة برجوازية في التاريخ بمليون مرة. ولكن قادة البروليتاريا ماركس وانجلز ومن بعدهما لينين وستالين ارادوا تسمية الامور باسمها الحقيقي والتخلي عن الطريقة الديماجوجية التي اتبعتها البرجوازية لخدع الشعوب باظهار دولتها بمظهر الديمقراطية. وبما ان الطابع الاساسي للدولة هو الدكتاتورية التي تمارسها طبقة ضد طبقة فقد سموا دولة العمال دكتاتورية البروليتاريا لا لانها اقل ديمقراطية من دولة البرجوازية بل لان الصفة الاساسية لكل دولة سواء أكانت دولة برجوازية ام دولة عمالية هي صفة الدكتاتورية. وفي اللحظة التي تزول فيها ضرورة الدكتاتورية تزول معها ضرورة وجود الدولة ولا تستمر الدولة بعد ذلك ولو دقيقة واحدة.
فهل باستطاعة البديل الديمقراطي ان يوفق بين هاتين الديمقراطيتين، ديمقراطية البرجوازية وديمقراطية الطبقة العاملة؟ ومن باب اولى هل باستطاعة البديل الديمقراطي ان يوفق بين هاتين الدكتاتوريتين، دكتاتورية البرجوازية ودكتاتورية الطبقة العاملة؟ ليس بين من علم ابسط مبادئ الماركسية من يستطيع ان يؤكد ذلك او يؤمن به.
ففي احسن الظروف تاتي بعد الانتفاضة الجماهيرية اذا حدثت او الانقلاب العسكري اذا لم تحدث حكومة برجوازية ائتلافية تشترك فيها جميع الاحزاب المؤتلفة في الجبهة او اغلبيتها باشتراك الحزب الشيوعي او بدونه لتقوم باخفاء مخالبها الناشبة في جسد الطبقة العاملة مؤقتا عن طريق اعطاء بعض الحريات الديمقراطية الشكلية التي لا تمس باي شكل من الاشكال مصالح البرجوازية واستغلالها للطبقة العاملة وسائر الكادحين كالسماح باصدار بعض الصحف العلنية ومنها جريدة الحزب الشيوعي او بالسماح بالعمل العلني لبعض الاحزاب والمنظمات ومنها الحزب الشيوعي بدون ان تلبي ايا من المطالب الحيوية للطبقة العاملة وفقراء الفلاحين سواء منها المطالب الاقتصادية او الاجتماعية او الصحية. واذ ذاك يبدأ الحزب الشيوعي بالتنقيب بحثا عن مقدمات الثورة الاشتراكية في هذه الحكومة فيرفعها الى السماء لستر عورتها البرجوازية والتمويه على حقيقتها الدكتاتورية الاستغلالية بالنسبة للطبقة العاملة والكادحين. لقد شاهدنا ذلك بدرجات متفاوتة بعد ١٤ تموز وبعد شباط ١٩٦٣، وبعد تموز ١٩٦٨ ولا يحتاج الاحياء الى الانتظار طويلا قبل ان يشاهدوا تكرار ذلك في المستقبل ايضا.
ما الحل اذن؟
ان الطبقة العاملة العراقية ومن ورائها الشعب العراقي كله بحاجة ماسة الى حزب يؤمن بالماركسية اللينينية ، لا ماركسية خروشوف تيتو تولياتي كاريليوس، بل ماركسية ماركس انجلز لينين وستالين. لا ماركسية التعايش السلمي والمنافسة السلمية والانتقال السلمي وعالم بدون حروب وبلا سلاح وادارة العمال الذاتية والاوروشيوعية (الشيوعية الاوروبية) بل ماركسية الثورة الاشتراكية والاطاحة بالنظام الراسمالي واقامة دكتاتورية البروليتاريا وازالة الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ومحو استغلال الانسان للانسان.
ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب ماركسي لينيني حقيقي يقود نضالاتها اليومية ويوجهها في طريق ثورتها للتخلص من عبودية الراسمال بشقيه المحلي والاجنبي. بحاجة الى حزب يبدأ حيث بدأ الرفيق فهد سنة ١٩٣٨ عند اعادة بناء الحزب بتأليف الخلايا السرية ذات النظام الحديدي الذي يكفل صيانتها من هجمات العدو. حزب يبنى من الناحية التنظيمية على اساس التشدد في قبول اعضاء جدد واطالة مدد ترشيحهم الى ان يثبتوا جدارتهم بعضوية الحزب. حزب يمارس المركزية الديمقراطيبة بالقدر الذي تسمح به ظروف العمل السري ويمارس الانتقاد والانتقاد الذاتي باعتبارهما المقياس الدقيق لجدية الحزب. حزب يطهر صفوفه دائما من كل انواع الانتهازية والتحريفية والمتقاعسين والثرثارين والمتخاذلين والخاملين. حزب يؤمن بان محاربة التيارات والمفاهيم الانتهازية والتحريفية وابعاد الطبقة العاملة عن كل نفوذ للاشتراكيين الديمقراطيين ومثقفي البتي برجوازية هو من اهم الاسلحة التي يمكن بواسطتها تحقيق وحدة الطبقة العاملة ورصها في طريق ثورتها الاشتراكية.
ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب يضع له منهاجا شيوعيا ثوريا ويحدد له استراتيجيا واضحا ثابتا لمرحلة الثورة الاشتراكية بكاملها. حزب يبدأ بالعودة الى ميثاق الرفيق فهد ويعترف صراحة وعلنا بانتقال العراق من مرحلة الحد الادنى في ذلك الميثاق منذ يوم ١٤ تموز ١٩٥٨ الى مرحلة الحد الاقصى، مرحلة الثورة الاشتراكية واقامة دكتاتورية البروليتاريا. حزب يعلن انه انما يهدف الى قيادة البروليتاريا وفقراء الفلاحين وكافة الكادحين في النضال من اجل اسقاط نظام الحكم البرجوازي القائم ايا كانت الحكومة التي تمثله وبصرف النظر عما اذا كانت حكومة فاشية او بديلا ديمقراطيا وتحريرهم من عبودية الراسمال والاستغلال الراسمالي لا بالطريق السلمي التدريجي بل بطريق الثورة المسلحة الحاسمة، طريق تحطيم جهاز الدولة الراسمالي واجهزة القمع القائمة على خدمته بكافة اشكالها من جيش وشرطة وامن ومحاكم وادارة واقامة اجهزة دكتاتورية البروليتاريا على انقاضها.
ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب يؤمن بان الحزب هو توتقة تصهر فيها اوعى عناصر الطبقة العاملة واثقفها واشدها صلابة. ولذلك فانه يلجأ الى تثقيف اعضائه بالماركسية اللينينية من مصادرها الحقيقية، ويدفع اعضاءه على الدراسة الماركسية كجزء لا يتجزأ من النضال والامتناع عن خلق نخبة مثقفة تسير الحزب كيفما تشاء. فكل عضو في الحزب الشيوعي هو طليعة وعليه ان يكون قادرا على معرفة الاتجاه في المعارك الطبقية التي يخوضها دون انتظار الاوامر ترد اليه من اعلى. وكل عضو في الحزب الشيوعي قائد للطبقة العاملة يجب ان يجيد هذه القيادة وان يمارسها حيثما وجد وفي كل معركة تجابهه او تفرض عليه دون ان يجد نفسه عاجزا عن وضع خطط المعركة وتوجيهها توجيها صحيحا اذا ما وجد نفسه في ظروف منعزلة تفرض عليه قيادة المعركة دونما امكان الاتصال بالقيادة الحزبية. ولا يمكن خلق حزب يضم هذه المفرزة القيادية الطلييعية الواعية الا بالتثقيف الطويل المتواصل والتدريب المستمر في المعارك واهم من ذلك الادراك التام لاهمية الثقافة الماراكسية في خلق الكادر الشيوعي القائد. ان ثقافة الحزب الشيوعي ككل هي مجموع ثقافة اعضائه ولذلك فان الحزب يتفلوذ ويزداد صلابة اذا ما تثقف كل اعضائه بالثقافة الماركسية اللينينية. على مثل هذا الحزب ان يتذكر دائما قول لينين "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية."
ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب يعلم ان الجبهات مع البرجوازية قد فات اوانها وان الطبقة البرجوازية قد اصبحت هي العدو الذي يجب ان توجه جبهة العمال وفقراء الفلاحين قواها ضده. حزب لا يعتبر الجبهة مع البرجوازية غاية بحد ذاتها وحلالا لجميع مشاكل الشعب ولا يؤمن بالبديل الديمقراطي الذي يمنح الديمقراطية للشعب ويحقق مقدمات الثورة الاشتركية ويمنح الشعب فرصة السير بالطريق السلمي التدريجي الى الاشتراكية. واذا وجدت ظروف مناسبة للاتفاق مع بعض احزاب البرجوازية للنضال ضد فئات اخرى منها فيجب ان يكون هذا الحزب واعيا لخطوته وان يثقف البروليتاريا بان هذا الاتفاق ليس سوى اتفاق مؤقت مع عدو ضد عدو اخر اكثر منه شراسة وان الصراع يبقى على اشده بين الحليفين اثناء وجود الجبهة ريثما يتحقق هدفها او بعد تحقيق هدفها. حزب يرمي من كل سياساته ونضالاته الى اضعاف البرجوازية بكامل مراتبها وشرائحها استعددا للاجهاز عليها.
فحين بدأ الرفيق فهد اعادة بناء الحزب كان العراق يمر في مرحلة الثورة البرجوازية الديمقراطية. وهذا يعني وجود معسكرين في الثورة مما يوسع صفوف الحركة الثورية ويجعل العمل اقل صعوبة لوجود الحلفاء رغم ضعفهم وترددهم، اما الان فليس في حركة الثورة سوى معسكر واحد هو معسكر العمال وفقراء الفلاحين وهذا يجعل جيش الثورة اضيق من السابق وبالتالي يجعل عملية بناء الحزب اشد صعوبة.
في فترة الرفيق فهد كان الحزب الشيوعي العراقي الحزب الشيوعي الوحيد في الميدان اما الان فعلى الحزب ان يعيد بناء صفوفه مع وجود حزب شيوعي آخر كانت له من عهد الرفيق فهد مكانة كبيرة وكان له تراث عريق وتخلت قيادته عن الطريق اللينيني القويم. ولا شك ان هذا الحزب سيحارب باستماتة ضد كل حركة حقيقية لاعادة بناء حزب شيوعي لينيني.
في فترة الرفيق فهد كان الحزب الشيوعي يحظى باسناد وتأييد الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي والاممية الثالثة والان فان بناء حزب شيوعي لينيني سيلاقي اشد واعنف مقاومة من الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي والحركة الشيوعية العالمية السائرة في ركابه لانحرافه عن الخط اللينيني وتخليه عن مبادئ الاممية البروليتارية واتخاذه الطريق التحريفي الذي خطه له خروشوف وتلاميذه.
في فترة الرفيق فهد لم تكن قوى القمع على قساوتها ووحشيتها تقارن بوحشية وقساوة قوى القمع الحالية. وعلى الحزب ان يتحدى هذه القوى وان يبدأ نضالات شعبية يومية قد تبدأ من كتابة الشعارات ليلا على الجدران او القاء مناشير في الشوارع او غير ذلك من الاعمال والنشاطات البسيطة. ولكن رد الفعل لدى قوى القمع تجاه مثل هذه الاعمال سيكون هائلا خاصة وقد تعودت هذه القوى خضوع الحزب الشيوعي سابقا لقوانين منع مثل هذه النشاطات خلال العقود الماضية مما جعل البروليتاريا بعيدة عهد عن مثل هذه النشاطات.
من كل ذلك نرى ان طريق اعادة بناء الحزب اللينيني مليء بالاشواك والصعوبات ولكنه مع ذلك طريق الخلاص الوحيد وليس امام البروليتاريا العراقية طريق سواه. ولكن هذه الصعوبات هي الصعوبات التي تقف في وجه البداية. وما ان يبدأ الحزب في بناء كيانه الجديد الا وسيجد ان الافا من الشيوعيين القدامى من اعضاء الحزب الشيوعي البررة الذين خدعتهم قيادة الحزب المنحرفة ومن الذين شعروا بانحراف القيادة وبعدم جدوى اساليب النضال التي اتبعتها فانعزلوا عن الحركة ولجأوا الى التوعق والانتظار سيجدون طريقهم الى الحزب الجديد وان البروليتاريا لن تبخل في انجاب ابنائها الابطال الذين يشكلون طليعتها وان العمال وفقراء الفلاحين لم يفقدوا ولن يفقدوا ثوريتهم واستعدادهم للتضحية والنضال بجميع اشكاله اذا ما توفر لهم الحزب القائد الثوري الصحيح. وان في تراث الحزب من تجارب سواء منها التجارب الثورية الحقيقية التي ادت الى رص صفوف الحزب والطبقة العاملة ورفع مكانة الحزب بين جماهير الشعب العراقي ام التجارب الانتهازية المنحرفة التي جعلت من الحزب والجماهير ذيلا للبرجوازية ما يكفي لكي يكون شعلة هادية للحزب اللينيني في اختيار درب النضال الصحيح في قيادة البروليتاريا وفقراء الفلاحين نحو ثورتهم الاشتراكية الظافرة واقامة دكتاتورية البروليتاريا وبناء المجتمع الاشتراكي.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفمهوم الحقيقي للمقام العراقي
- هل الحرب الاهلية محتملة بعد الانتخابات؟
- أسئلة الى عبدالله ابو عوف
- جواب على رسالة
- اجتماع المبادرة
- حرية المرأة
- التاريخ الحقيقي لانهيار الاتحاد السوفييتي
- كلمة شكر
- من اين والى اين تسير الصين؟
- الاممية البروليتارية
- جواب على رسالة
- الماركسية والدين
- رجوع عجلة التاريخ الى الوراء
- دروس من ثورة تموز
- وأد ثورة تموز
- من وحي كتاب فهد (حلقة اخيرة) شخصية فهد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة عشرة) سياسة فهد الاقتصادية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة عشرة) الاممية الشيوعية
- استشهاد وحيد منصور
- وجاء الفرج


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسقيل قوجمان - حول مجزرة بشتآشان