أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - العائم: قصة تشكيلية














المزيد.....

العائم: قصة تشكيلية


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 12:39
المحور: الادب والفن
    



العائم
قصة تشكيلية
قصة قصيرة لرياض خليل
سئمت من البيت وجدرانه .. فخرجت لأتنفس الهواء الحر ، انتقلت من الحارة إلى قلب المدينة ، حيث المشهد مختلف عن سكون البيت . المشهد يتغير ويتجدد بسرعة ، كل شيء يتحرك . يظهر ، يختفي ، تتبدل العناصر ، ولا أتمكن من متابعتها دفعة واحدة . حتى لو ركزت فلن تتمكن من تثبين العناصر والمكونات .. ولا القبض عليها ، وأنا جزء من المشهد الذي يموج كالبحر .
كل ما التقطته حواسي هو أنني كنت في شارع متخم بالمارة والأشياء .. كنت مستسلما للزحمة .. أتحرك عائما بلا هدف ..
فجأة بدأت الحركة تتوتر .. هرج ومرج ، همهمات وأصوات مختلطة ، خوف ودهشة وقلق وفضول . ثم سرعان ما تصاعدت الحركة أفقيا وعموديا ، ورأيت الناس يركضون .. ولم أتساءل لماذا؟ ولم يكن يعنيني أو يخطر ببالي مثل هذا السؤال .. والناس يهربون ، ويرتفع اللغط ، وتمتزج الأصوات ، كأصوات قطيع من البقر الهارب من الضواري المفترسة .. ووجدتني مندفعا مع القطيع البشري بالغريزة ... كان الخوف يدفعني بقوة لا تقاوم ، وركضت ، وأسرعت مع الأمواج البشرية الراكضة باتجاه ما .. لا أدري ما إذا كنت أقلدهم لاإراديا ، أم أنهم هم من يقلدني ، لا أدري من كان أول الراكضين الهاربين المندفعين باتجاه ما غير محدد المعالم . لا يهم ، كنا جميعا نركض و نصرخ .. ولم يتسن لي ولا لغيري أن يسأل : ماذا هناك ؟ وما الذي يجري ؟ أو ما المشكلة ؟
وركضنا ... وانتهينا خارج المدينة .
وفجأة وجدت نفسي في المقدمة ، تماما في المقدمة ، ورائي جيوش من الناس يهربون . في البداية كنت في حواشي الحشود .. وحين بدأ الركض والهروب ، كان الناس أو ما أظنه الناس يتفاوتون في قدراتهم ، بعضهم أسرع من الآخر ، بدليل أن بعضهم سبق البعض الآخر ، وكأننا في مباراة حقيقية ، لا في مباراة رياضية ، وأدركت أنني أمتلك قدرة تنافسية متفوقة ، لأنني استطعت أن أصبح في وسط القطيع .. وسرعان ما سبقت الجميع من الناس أو أشباه أو أنصاف الناس ، وأصبحوا ا جميعا ورائي .. خلفي ، ورأيتني أحتل المقدمة ، كانت سرعتي أعلى من سرعاتهم , وكنت أركض ، وكانت المسافة تزداد بيني وبينهم ، ففي حين كنت أسمعهم وأحس بأنفاسهم بلفح ظهري ، أصبحت الآن لا أحس بوجودهم ، ولا بهمهماتهم وأصواتهم التي تشبه هدير قطيع من البقر الهارب من فريق من الضواري المفترسة التي تطاردهم بلا هوادة . وتوجست إذ انقطع الإحساس بهم .. لم ألتفت ورائي مذ بدأنا نهرب مرعوبين من شيء ما أجهله وأم أتساءل عن ماهيته ، إلا أنه بالتأكيد شيء يشبه الضواري البرية المتوحشة اللاهثة وراء القطيع لاصطياد ما يتيسر لها منه .
صار خوفي خوفين معا ، الخوف الأول هو خوف بالعدوى ، والخوف الثاني هو الخوف من فقدان القطيع الهارب ... ولم يتسن لي أن ألتفت إلى الوراء
لأتفقد قطيعي .. لأنني حين قررت أن ألتفت لأطمئن عن القطيع .. كنت قد سقطت من فوق جرف جبلي شاهق جدا ، لم أنتبه لوجوده ، لأنني كنت أفكر ، وأحلل ، وأفسر ، وأحاول الهروب من خوفي المركب ، خوفي الذي احتواني تماما ، وحجب عني الرؤية .
وأنا أسقط .. كنت أمعن النظر نحو الأسفل ، الذي بدا لي كلوحة تشكيلية فريدة .. لا مثيل لها في ذاكرتي . تتداخل وتمتزج فيها كل الأجزاء والخطوط والألوان والأشكال والتفاصيل ، لتخرج صورة مختلفة ، عالما مختلفا عن العالم الذي عشت أو كنت أعيش فيه . .
وكنت أسقط .. وأحاول تصور العالم من تحتي ، وأبحث عن الأشياء ، ولم أجدها ، كنت أبحث عن قلب المدينة والحارة والبيت ، والناس أو أشباه الناس .. أو شيء ما يشبه القطيع المرعوب الهارب من الضواري والكواسر التي تطارده .. عسى أن تتمكن من اصطياد ما يسد رمقها ..
وكنت أسقط .. وأسقط .. وأنا أحلم بجناحي نسر كاسر بحجم التنين الطائر .
اللاذقية : الساعة الثامنة مساء من يوم الجمعة في 21/10/2011 ،



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مها عون : مغامرة الإبدع والتشكيل l
- سوريا : السلطة اللاسياسية
- فرح نادر: بين غيبوبة العاطفة وصحوة العقل
- من قصائد الثورة : (6)
- مساهمة نقدية
- الشبح : شعر
- عن المؤسسة الزوجية
- من قصائد الثورة (5)
- من قصئد الثورة (4)
- ذلك اليوم الجميل: شعر
- من قصائد الثورة : شعر
- من قصائد الثورة (2) : شعر
- من قصائد الثورة (1)
- رحلة جليفر الجديدة : قصة قصيرة
- أنور سالم سلوم
- الروائي والناقد نبيل سليمان في:
- النظام السوري: الحل هو المشكلة !
- شهادات ...
- قصائد قصيرة جدا: الجزء الثاني(6-7-8)
- رياض درويش في :


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - العائم: قصة تشكيلية