أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فاخر السلطان - الله وغرضية العالم














المزيد.....

الله وغرضية العالم


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3532 - 2011 / 10 / 31 - 14:24
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


استمتعت بقراءة كتاب "الدين.. والعقل الحديث"، لمؤلفه ولتر ستيس، الأمريكي الذي ولد في لندن، ودرس في انجلترا واسكتلندا وايرلندا، وأصبح في عام 1935 أستاذ الفلسفة في جامعة برنستون، والذي له مؤلفات عديدة ترجمت إلى اللغة العربية، منها، إضافة إلى "الدين.. والعقل الحديث"، "الزمان والأزل.. مقالة في فلسفة الدين" و"التصوف والفلسفة" و"تاريخ الفلسفة اليونانية" و"معنى الجمال".
الكتاب محاولة معمقة، وبأسلوب سلس جدا، للتمييز بين عالم الإنسان الحديث وعالم الإنسان ما قبل الحديث أو عالم الإنسان القديم. فالمؤلف ينقل القارئ من معرفة العالم في العصر الوسيط إلى معرفة العالم في العصر الحديث في ظل تحولات العقل البشري وإبداعاته، والتي أثرت في تطور التفكير وتغيّر الحياة. في العصر الوسيط يشير المؤلف إلى صور العالم، ثم إلى غرضية العالم، ثم ينتقد العالم بوصفه نظاما أخلاقيا.
ما أثارني هو فصل العصر الوسيط، وبالذات الإشارة إلى "الله وغرضية العالم"، والتي تحاكي عقول الغالبية العظمى من العرب والمسلمين الذين يعيشون راهنا في العصر الحديث، على الرغم من اعتقاد ستيس بأن الإشارة تمتّ بصلة قوية لإنسان العصر الوسيط. لذلك، يطرح ستيس تساؤلا مفصليا يبدو سعيا منه للتمييز بين العالمين انطلاقا من صور معرفة الله: "ماذا تعني هذه الكلمة (الله)، التي ورثناها من عصور موغلة في القدم، في أذهان الناس؟"، أو في تساؤل آخر: "ما هو نوع الوجود الإلهي الذي نؤمن به؟".
يؤكد ستيس أن نوع الوجود الإلهي الذي نؤمن به، يحدد علاقة الإنسان بالعصر الوسيط عنها بالعصر الحديث. لذلك يطرح فكرة خاصة تعتبر بمثابة مفتاح لمعالجة الأمر، فيقول: "النقطة الأساسية التي ينبغي أن نركز عليها هي أن الناس يعتقدون أنه (أي الله) هو إله مشخص، أعني أنه عقل واع أو روح"، مستدركا: "ما الذي يؤمن به الناس عندما يقولون أنهم يؤمنون بالله بوصفه عقلا أو روحا، فلابد أنهم يؤمنون بما تتضمنه كلماتهم منطقيا، وهو أن الله وعي له سيكولوجيا تشبه أساسا سيكولوجيا البشر، ومن ثم فمن الصواب أن تنسب إليه العمليات العقلية التي تدل عليها كلمات مثل فكرة، وتصور، وغرض، وحب، وغضب". بمعنى أن ستيس يسعى للانتقال بنا إلى عالم بات فيه الإنسان يحمل مقومات لصفات كانت منسوبة - وتنسب راهنا عند الكثيرين، ومنهم العرب والمسلمون - سابقا إلى الله.
إذاً، هي فكرة الله "التشبيهية"، في "تصور الله من منظور العقل البشري"، التي يركّز عليها ستيس. فالإنسان لا يملك إلا عقله للوصول إلى تلك الفكرة، ونتيجة لذلك لن تكون هناك إلا الصورة "التشبيهية" عن الله. ومن الصُوَر الرائجة، أو التي تمثل أساس الفكرة، تلك المرتبطة بمفردة "الخلق". يقول ستيس: "أن تخلق يعني أن تصنع، والبشر يصنعون المنازل، والآلات، والأثاث، ولقد صنع الله العالم بهذا المعنى تماما". صورة أخرى يشير إليها ستيس هي "الغرض"، والإشارة إليها تكمن - مثلا - في تفسير ظواهر الطبيعة "تفسيرا غرضيا"، حيث يقابله "التفسيرالآلي" الذي له سبب بدلا من الغرض، بمعنى - مثلا - تفسير الظواهر الطبيعية عن طريق القوانين الطبيعية، أي عن طريق الأسباب.
فالصورة التشبيهية بين الله والإنسان والمتعلقة بمفردة "الخلق"، والاختلاف بين التفسير الغرضي والتفسير السببي، وما رافقهما من تطورات استندت إلى فلسفات ونظريات وأدلة علمية وتجريبية، ساهما في نقل الإنسان من مرحلة إلى مرحلة، من مرحلة قديمة إلى مرحلة حديثة.
يؤكد ستيس أن أحد التعارضات بين العقل في العصر الوسيط والعقل الحديث هو أن الأول سيطر عليه الدين بينما سيطر العلم على الثاني. لذلك، ارتبط الدين بصفة عامة "بالغرضية" بينما ارتبط العلم "بالآلية"، أي أن العقل الديني يستند إلى التفسير الغرضي بينما العقل العلمي يستند إلى التفسير السببي. يستدرك ستيس بالقول: "قسمة أساسية للعقل الحديث استمدها من العلم هي أن نظرته في الأعم الأغلب آلية، وأنه ألقى بالنظرة الغرضية إلى الخلف". وعلى هذا الأساس فإن "معظم علماء البيولوجيا آليون، ويميلون إلى رفض التفسيرات الغرضية حتى بالنسبة لسلوك الموجودات الحية، ونفس الكراهية للغرضية شائعة في علم النفس إذ يُنظر عادة إلى إقحام فكرة الغرض على أنها عمل غير علمي". لذلك، فـ"أي تفسير من منظور الأسباب بالمعنى الذي نستخدمه لكلمة التفسير، أو أي تفسير من منظور قوانين الطبيعة لا يُدخِل تصور الغرض، يسمى تفسيرا آليا". فـ"مهمة العالِم أن يقدم تفسيرات سببية أو آلية. ومن ثم يكون علمه آليا تماما. وهو قد يقول في بعض الأحيان أن الحركة، ولتكن حركة الإلكترون، لا تحكمها الأسباب، غير أن ذلك لا يعني أن تفسيره غرضي بل معناه أنه لم يصل بعد إلى تفسير، وهكذا فإن تصور علم الطبيعة للتفسير لا يزال آليا تماما".
إن معظم الأديان، بما فيها الدين الإسلامي، تؤمن بأن الله خلق العالم "من أجل غرض ما". أي أن النظرة الغرضية "هي سمة من سمات الموقف الديني تجاه العالم"، بالتالي هي نظرة لا تنتمي إلى العقل السببي، أو إلى العقل في العصر الحديث. في هذا الإطار يطرح ستيس مثالا، فيقول: "لقد فسرت ظاهرة قوس قزح تفسيرا غرضيا (دينيا) عندما فهمت على أنها تأكيد للإنسان بأن الجنس البشري لن يتعرض مرة أخرى للدمار عن طريق الطوفان. وهي تفسر تفسيرا آليا عندما تفهم في ضوء قوانين الطبيعة. ولقد افترض العقل في العصر الوسيط (العقل الديني) تفسيرات نهائية للشمس، والقمر، والنجوم، والكواكب، والحيوانات، والماء ولكل الظواهر الطبيعية، على أساس أن الله خلقها من أجل الإنسان".
إن ستيس في إشارته الختامية إلى "الله وغرضية العالم"، يقول: "إن تصور العالم على أن له غرضا، وأنه عالم تبدو فيه جميع الأحداث غير معقولة وغير واضحة، يجد له معنى في ضوء الغرضية الكونية التي فيها يبدو الخليط المهوش من التفصيلات التي لا معنى لها في الظاهر"، أما "ما حدث لهذه النظرة في القرن السابع عشر (مع تحرير العقل من الدين) وما كان من تأثير الظهور المفاجئ للعلم عليها، بطرقه الآلية في التفكير" فذلك أمر ينتمي إلى عصر آخر جديد.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الربيع- والحرية.. بين الديني والعلماني
- -الربيع-.. ووردة الحرية
- -الربيع- الكويتي.. والقيم الحديثة
- بين العلم والمعرفة (3-3)
- بين العلم والمعرفة (2 -3)
- بين العلم والمعرفة (1-3)
- التعايش.. والحداثة.. ورجال الدين
- الإقصاء.. أي الهيمنة
- قواعد اللعبة السياسية الجديدة في الكويت
- الطاعة
- المضي قدما في التغيير
- العدالة والدين
- الربيع العربي.. والسياسة الخارجية الكويتية
- -الربيع- الكويتي.. متى؟
- الطائفية و-الربيع العربي-
- الكويت و-الربيع العربي- والقبلية
- المكابرة الدينية
- أي الثورات نختار؟
- التحولات الديموقراطية.. والإسلام السياسي
- حدود الليبرالية


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فاخر السلطان - الله وغرضية العالم