أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أردوغان التونسي!















المزيد.....

أردوغان التونسي!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 16:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تونس الجديدة، المنبثقة من انتخابات المجلس التأسيسي، والتي هي تجربتها الأولى في الانتخابات الديمقراطية، التي لا ريب في ديمقراطيتها، هي الدولة العربية الأولى التي "تَعَرَّبَت" فيها، من حيث الجوهر والأساس، ومِمَّا يمكن "تعريبه"، تجربة "تركيا أردوغان"؛ ولا بدَّ لكل من له مصلحة حقيقية في انتصار "الربيع العربي"، هَدْماً وبناءً، من أنْ يتوفَّر الآن على دراسة هذا الحَدَث التونسي التاريخي، وتَمثُّل معانيه، والخروج من هذه التجربة التونسية في البناء (بعد هَدْمٍ أوَّلي) بما يجب الخروج به من الدروس والعِبَر؛ فلا أهمية لتجربةٍ (ولو كانت بالأهمية التاريخية للتجربة التونسية) إنْ لَمْ تنتهِ، بحثاً ودراسةً، إلى جُمْلةٍ من الدروس والعِبَر.

مَنْ ذا الذي انتصر انتخابياً (وسياسياً) في انتخابات المجلس التأسيسي في تونس؟

إنَّكَ، ومِنْ غير أنْ تُخْطئ في الإجابة؛ لأنَّ الإجابة بما يوافِق "نصف الحقيقة" ليست بالخطأ، تستطيع أنْ تقول إنَّ "الإسلام السياسي الجديد"، والذي تمثِّله "حركة النهضة الإسلامية" بزعامة الشيخ راشد الغنوشي، هو المنتَصِر الأوَّل والأكبر؛ أمَّا إذا أردت إجابة تَكْتَمِل صواباً فلا بدَّ لكَ من أنْ تَفْهَم فَوْز الفائزين الكبار، وفي مقدَّمهم "حركة النهضة الإسلامية"، على أنَّه ثمرة مَيْل شعبي قوي إلى القضاء المُبْرَم على نظام حكم زين العابدين؛ وليس من سبيل إلى ذلك، وعلى ما اجتهد الشعب التونسي، إلاَّ نَقْل السلطة في البلاد إلى أيْدٍ يناصِب أصحابها عهد الدكتاتور زين العابدين عداءً شديداً؛ وكأنَّ "قرار الشعب" هو الترجيح الانتخابي والسياسي لكفَّة "الأعداء الألدَّاء" لعهد زين العابدين على كفَّة غيرهم من أعدائه وخصومه ومعارضيه.

إنَّ "الإسلام السياسي الجديد"؛ أيْ الجيِّد في موقفه من الديمقراطية، بقيمها ومبادئها ومعانيها العالمية، وفي موقفه أيضاً من بعض معاني "النظام العلماني"، هو المؤهَّل أكثر من غيره للفوز، انتخابياً وسياسياً، على أنْ يُثْبِتَ بالقول والفعل أنَّه عدوٌّ لدود لكل نظام حكم عربي أَقْنَع شعبه بأنْ لا خلاص له إلاَّ بالخلاص منه، أيْ بإطاحته؛ وكأنَّ شعوبنا تخاطِب "الإسلاميين" قائلةً: تصالحوا مع الديمقراطية وقيمها ومبادئها، وعادوا نظام الحكم المعادي لشعبه وللديمقراطية، فَيَعْقِد لكم الشعب (عبر صندوق الاقتراع) القيادة.

بموازين شتَّى نَزِن الديمقراطية في أيِّ مجتمع؛ وإنَّ من أهمِّ تلك الموازين، وعلى ما أوْضَحَتْه وكَشَفَتْه وأكَّدته لنا تجربة انتخابات المجلس التأسيسي في تونس، ميزان "نِسْبة المشاركين والمقترعين"؛ فكلَّما عَظُمَت هذه النسبة تأكَّدت "الحيوية السياسية" للانتخابات، وأهمية الديمقراطية، من ثمَّ، في اجتذاب الشعب إلى "المعترك السياسي"؛ فالديمقراطية التي لا تُقَوِّي حوافِز مَنْ يتمتَّعون بحق الانتخاب (وحوافزهم السياسية في المقام الأوَّل) للمشاركة في التصويت إنَّما هي ديمقراطية في طور الشيخوخة، وضاقت، أو شرعت تضيق، بما يحتاج إليه الشعب من تغيير؛ وينبغي لنا أنْ نفهم تعاظُم نسبة المُمْتنعين عن التصويت، مِمَّن يحق لهم التصويت، وفي مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص، على أنَّه دليل على أنَّ ما يحتاج إليه الشعب من تغيير تَعْجَز الديمقراطية المعمول بها عن تلبيته؛ فالسلبية الشعبية الانتخابية إنَّما هي موقف شعبي سياسي يجب أنْ يُفْهَم ويُفسَّر على خير وجه.

"حركة النهضة الإسلامية" هي التجربة الأولى عربياً، وبداية التجربة عربياً، لتقويم التناقض بين "الإسلام" و"الديمقراطية (بمفهومها العالمي)"، أيْ لـ "تعريب" ما يمكن ويجب "تعريبه" من تجربة "تركيا أردوغان".

وفي هذه التجربة الجديدة، والتي ما زالت في بدايتها، لا بدَّ من بَرْزَخٍ يُقام بين "الدولة" و"الدِّين"؛ فـ "الدولة"، في عالمنا العربي، تتخلَّص، وإلى الأبد، من قبضة رجال الدِّين؛ والدِّين نفسه يتخلَّص، وإلى الأبد، من قبضة رجال الدولة؛ وهذا إنَّما يعني أنْ يراعي "الإسلام السياسي الجديد"، أيْ الذي يمثِّله أردوغان في تركيا، والغنوشي في تونس، "الثقافة (والمشاعر) الشعبية الإسلامية"، على ألاَّ تتحوَّل هذه المراعاة إلى انتهاك لقيم ومبادئ الحياة الديمقراطية؛ لأنَّ هذا الانتهاك، وإذا ما تعاظَم، يقود، حتماً، إلى قيام أنظمة حكم لا تستمدُّ شرعيتها السياسية من الشعب.

وإنَّ علمانية الدولة (والدستور، والحقوق السياسية والانتخابية، وحقوق المواطنة، والمواطنة نفسها) لا تتعارض، ويجب ألاَّ تتعارض، مع وجود الأحزاب الإسلامية، ومع وصولها إلى الحُكْم.

وإسلامية المجتمع وثقافته لا تتعارض، ويجب ألاَّ تتعارض، مع حقِّ الآخر، ومهما كان لونه الفكري، في الوجود، وفي التعبير عن هذا الوجود؛ ولقد رَأيْنا في التجربة الانتخابية التونسية أنَّ الوزن الحقيقي لأيِّ فكر، ولممثِّل أيِّ فكر، يُقاس فحسب بميزان صندوق الاقتراع الديمقراطي الشفَّاف؛ فالناس يحقُّ لهم أنْ يعبِّروا عن قناعاتهم الفكرية، وأنْ يأخذوا بالفكر الذي يتوافق مع مصالحهم، أو يعتدُّونه مُلبِّياً لحاجاتهم؛ ولا خوف على المجتمع من أيِّ فكر ما دام ممثِّلوه يلتزمون صندوق الاقتراع طريقاً إلى سيادته.

ولقد أحسن الغنوشي صُنْعاً إذ أعلن وأكَّد أنَّ ما اكتسبته المرأة التونسية من حقوق (بورقيبية) سيظل في الحفظ والصَّون، وسيتَّسِع ويتعزَّز، وأنَّ "حركة النهضة الإسلامية" التي يتزعَّم ليس لديها من اعتراض مبدئي على التحالف السياسي والحكومي مع أحزاب يسارية أو علمانية؛ فالحكومة وإدارة شؤون الدولة ليستا بالأمر الذي يجب أنْ يتأثَّر سلباً بالفرق، أو بعمق الفرق، الفكري والإيديولوجي بين الأحزاب السياسية.

وإذا كان من شيء ينبغي للشعب التونسي أنْ يتذكَّره على الدوام فهذا الشيء إنَّما هو أهمية وضرورة الحفاظ على القيم والمبادئ الديمقراطية؛ فإنَّ هذه القيم والمبادئ، ولجهة احترامها ومراعاتها والأخذ بها، هي الطريق التي بسيره فيها فاز حزب أردوغان التونسي هذا الفوز الانتخابي العظيم، ولا بدَّ لهذه الطريق من أنْ تظل آمنة سالكة لكل حزب اختار وقرَّر (واستوفى شروط) السير فيها.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -البحرين- بميزان -الربيع العربي-!
- -الحركة الطبيعية- و-الثلاثية الهيجلية-!
- رسالتان متزامنتان!
- هذا هو جسر الانتقال إلى الديمقراطية!
- وفي القصاص حياة!
- في الأردن.. إصلاحٌ يحتاج إلى إصلاح الحراك!
- -الوسطية- في مناخ -الربيع العربي-
- أوباما الذي -تَغَيَّر- ولم -يُغَيِّر-!
- شعوب الغرب.. إلى اليسار دُرْ!
- د. زغلول النجار يكتشف إشارة قرآنية إلى -النسبية-!
- -11 أيلول ثانٍ- ضدَّ إيران!
- حتى يُزْهِر الربيع العربي الدولة المدنية!
- من اقتحام -السفارة- إلى هدم -الكنيسة-!
- هذا -الخَلْط- بين -الجاذبية- و-التسارُع-!
- -ربيع عربي- يَقْرَع الأجراس في -وول ستريت-!
- الرداءة.. كتابةً وكاتباً!
- هل يفعلها التلفزيون السوري؟!
- -يَسْقُط- الضوء!
- خيار نيويورك!
- دفاعاً عن -مادية- المادة.. في الفيزياء!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أردوغان التونسي!