أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية















المزيد.....

مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1048 - 2004 / 12 / 15 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى العاصمة اليونانية ، أثينا، وفى إحدى جلسات مؤتمر "مناخ الاستثمار ودور وسائل الاعلام فى العالم العربى" .. فجرت السيدة إيمى ليفانيو منسقة الحوار فى هذه الجلسة ، والمذيعة الشهيرة ، والجميلة ، بقناة "ستار" مفاجأة مثيرة أحدثت حيوية شديدة فى الجلسة وأشعلت الحوار بين المشاركين فى المؤتمر.
تركت "إيمى" قضايا الاستثمار .. ووضعتها جانباً لتسأل المشاركين فى الجلسة السؤال التالى :
قبل أن أحضر للمشاركة فى هذا المؤتمر كنت أذيع نشرة الأخبار وكان الخبر الرابع فى هذه النشرة يقول بالنص : كان الثمن باهظاً فى العملية الارهابية التى تعرضت لها القنصلية الأمريكية فى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ، حيث لقى خمسة من العاملين بالقنصلية مصرعهم فى الهجوم الذى شنه عدد من الارهابين الاسلاميين.
فما رأيكم فى هذا الخبر .. وبهذا الشكل الذى قرأته على المشاهدين لتليفزيون "ستار"؟!
الزميل حسين عبد الغنى مدير مكتب قناة "الجزيرة" بالقاهرة كان أول الذين تصدوا للأجابة على سؤال "إيمى" قائلاً أن الخبر بهذه الصياغة نموذج مكثف للأخطاء المهنية الجسيمة التى لا يجوز الوقوع فيها.
فأولاً : يجب أن يكون الخبر صريحاً ، وخالياً من أى "أحكام قيمة" ومنها بكل تأكيد استهلال الخبر بعبارة "كان الثمن باهظاً" .. فهذا "تلوين" للخبر لا يجوز ولا يصح.
ثانياً: لا يجوز إطلاق "أحكام" مسبقة على القائمين بالعملية ، وهذا ما جاء فى صياغة الخبر المشار إليه حيث وصف القائمين بالعملية بأنهم "إرهابيون إسلاميون" . فالمفروض ان هويتهم لم تكن معروفة أو مؤكدة وقت صياغة الخبر وإذاعته. وكان هذا يقتضى وصفهم بأنهم "مسلحون مجهولون" وليس أكثر.
ثالثاً : ينسحب هذا على وصف العملية نفسها بأنها عملية "إرهابية" ، وكان الأنسب وصفها بأنها "هجوم مسلح".
الزميل صلاح الدين مصطفى المذيع المعروف وأحد كبار المسئولين بقطاع الأخبار بالتليفزيون المصرى التقط الخيط من حسين عبد الغنى ليرد على سؤال زميلته اليونانية بسؤال أخر هو : إذا كان ترتيب خبر الهجوم على القنصلية الأمريكية هو الرابع فى النشرة ، فماذا كانت الأخبار الثلاثة السابقة عليه؟
قالت "إيمى" إنها كانت كلها أخباراً محلية عن البورصة اليونانية وما شابه ذلك من شئون.
عاد صلاح الدين مصطفى ليقول أن خبر القنصلية الأمريكية لم يكن بكل تأكيد أهم خبر دولى فى ذلك اليوم ، وكان من الواجب ألا يحتل المركز الأول بأى حال من الأحوال ، واذا كان ولابد من إعطائه هذه الأهيمة فى الترتيب فقد كان من الواجب توخى الموضوعية فى صياغته.
السفير جمال بيومى رئيس اتحاد المستثمرين العرب ، والذى شارك فى المؤتمر إلى جانب هذه الصفة بصفة ثانية هى كونه ممثلا للأمين العام لجامعة الدول العربية ، قال ان هناك استسهالاً منذ أحداث 11 سبتمبر فى إطلاق كلمة "ارهابى" على كل ما هو "إسلامى"، واستسهالاً مماثلاً فى إلصاق معاداة الاسلام للديانات الأخرى ، بينما يسجل التاريخ حقيقة ان العداء لم يقم يوماً بين الاسلام والمسيحية كديانتين، وإنما حدث صراع بين الشمال والجنوب على المصالح والطرق والثروات ، استخدم فيه الصليب أو الهلال فقط لتعبئة أنصار الطرفين.
وحقيقة الأمر ان كثيراً من كتابات المستشرقين الأوروبيين أسهمت فى التعريف بالاسلام ، وأضافت الكثير إلى دراساته الجادة . حتى أن أول معجم مفهرس لألفاظ القرآن الكريم هو من وضع ألمانى . ويسجل التاريخ حقيقة أن المسيحية قدمت حمايتها لدعاة الاسلام فى صدر الدعوة فى الحبشة ، كما يسجل التاريخ كيف حمى الاسلام الكنيسة الشرقية فى مصر.
ومع ذلك فقد صار الكثير مما يكتب عن العرب والاسلام فى أوروبا يتسم بالتحيز والمعاداة دون أساس موضوعى.
وأشار السفير جمال بيومى إلى ان حركة القومية العربية جمعت المسلم والمسيحى على مكافحة الاستعمار ، بما فى ذلك الاستعمار التركى المسلم.
ودلل "بيومى" على ازدواجية معايير بعض الدوائر الغربية بواقعة تحول المغنية الأمريكية الشهيرة مادونا من المسيحية إلى اعتناق اليهودية حيث لم تجد هذه الدوائر فى تغيير مادونا لديانتها اى غضاضة لكن نفس هذه الدوائر تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما تتحول سيدة مصرية مثل السيدة وفاء بطلة واقعة أبو المطامير الشهيرة من المسيحية إلى اعتناق الاسلام وتساءل : لماذا الكيل بمكيالين حتى فى مثل هذه الأمور الفردية؟!
ورداً على الذين يتهمون مصر – زوراً وبهتاناً – باضطهاد المسيحيين قال السفير جمال بيومى ان هذه الدوائر الغربية التى تردد مثل هذه المزاعم تتناسى ان مصر أكثر مسيحية من دول مثل فنلندا ، حيث عدد المسيحيين المصريين اكبر من المسيحيين فى تلك الدولة الاسكندفانية.
وانتقل "بيومى" من التطرف الدينى إلى الإرهاب ليطالب الاعلام الغربى بالتمييز بين المقاومة الوطنية المشروعة وبين الارهاب الاعمى.
اما كاتب هذه السطور فقد دافع عن إذاعة الخبر لأنه حدث مهم فى حد ذاته.
لكننى شاركت الزملاء الذين انتقدوا صياغة الخبر فى ملاحظاتهم الصائبة ، ولم أستبعد أنه ربما تكون بعض وسائل الاعلام العربية قد أذاعت نفس الخبر بصياغة قريبة من الصياغة اليونانية التى انتقدناها. لكن هذه الصياغة المعيبة ليست – من وجهة نظرى – ناتجة عن غفلة مهنية فقط وإنما هى فى الأساس أحد مظاهر "التبعية" التى تعانى منها معظم وسائل الاعلام فى سائر قارات العالم حالياً، والتى تكتفى فى عصر العولمة باجترار وإعادة إنتاج ما تبثه آلة الدعاية الأمريكية.
وذكَّرت الحاضرين بأدبيات المفكر الأمريكى "ناعوم تشومسكى" التى تكفل فيها بكشف النقاب عن هذه التبعية الاعلامية ، وعن إساءة استخدام الاعلام الأمريكى للكثير من المصطلحات والتعبيرات وأصول اللغة ، وهى – فى رأيه ورأينا – إساءة استخدام مقصودة تستهدف تزييف الوعى والتلاعب بعقول البشرية لتمرير المخططات الامبراطورية للمحافظين الجدد الذين نجحوا فى التسلل إلى مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة الأمريكية والهيمنة عليها منذ عام 2000.
لكننى لم أنتقد المذيعة اليونانية "إيمى"، بل شكرتها لطرحها السؤال "الاعلامى" على المؤتمر "الاستثمارى" . فهى قد أرادت ان تستطلع رأى الحاضرين ، وبالذات من الصحفيين والاعلاميين العرب ، فى هذه النوعية من الأخبار وكيفية تناولها.
وكان طرحها للسؤال مفيداً جداً فى تعرف المشاركين فى المؤتمر - وهم من خيرة أبناء النخبة اليونانية – على وجهة نظر اخرى ، وكانت استجابة اليونانيين الحاضرين للرأى الآخر واضحة وغالبة وفورية حيث وافق معظمهم على ما قلناه وانتقدوا طريقة تناول وسائل الاعلام الغربية – ومنها اليونانية – لمثل هذه الأمور، مع ملاحظة أن الرأى العام اليونانى ، وقطاع واسع من وسائل الاعلام اليونانية ، متعاطفان إلى حد كبير مع العرب وقضاياهم فى فلسطين والعراق ، كما ان نزعة "معاداة الأمركة" تيار عريض فى بلاد الأغريق تحسه فور ان تطأ قدمك الأرض اليونانية. ومع ذلك فان عدوى "التبعية الاعلامية" تملك من مقومات الانتشار ما يجعلها قادرة على تجاوز الحدود والتغلغل حتى فى البلاد التى لا توجد بها أرضية خصبة للأفكار والسياسات الأمبراطورية الأمريكية.
يؤكد ذلك أن استطلاعاً للراى عن المواقف والمعتقدات السائدة فى أقسام منتقاة من السوق اليونانى حول إمكانية القيام بـ "بيزنس" فى العالم العربى، كان من بين استخلاصاته أن "كون العالم العربى مقترناً بالعنف إنما هو حقيقة، وأن لوسائل الاعلام دور عميق فى هذا الاتجاه.
وهذه التجربة البسيطة التى تعرضنا لها فى أثينا – بالصدفة – والنتيجة الايجابية ، والفورية ، التى أسفرت عنها تثبت أن بامكاننا – ومن واجبنا – تغيير الصورة السلبية الشائعة عنا بالحوار العقلانى والذكى مع خلق الله فى سائر بلدان وقارات الدنيا.
لكن المشكلة ان بعضنا لا يرون ناساً ولا بلداناً خارج أمريكا .. متناسين ان نصف أمريكا النبيل والذكى والمثقف هو نفسه ضد السياسة الإمبراطورية الأمريكية الحالية.
فهل هو "الحب من طرف واحد" .. أم مازوخية "القط الذى يحب خناقه" ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوش وشارون .. أسوا أعداء الاستثمار فى العالم العربى
- !درس للعرب فى الديموقراطية .. باللغة الألمانية
- ! الاقتصاد غير السياسى
- ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..
- بيان شرم الشيخ.. الآخر
- أبو عمار: حاصروه فى الجغرافيا .. فحاصرهم فى التاريخ
- !الفنادق وشركات الطيران.. الرابح الوحيد في مؤتمر شرم الشيخ
- نصــف أمـــريكا.. الآخــــر
- شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟
- !تكريم وزير .. تحت الكوبرى
- العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية