أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مجدي مهني أمين - الهيبة أم التقدير في قضية خالد سعيد















المزيد.....

الهيبة أم التقدير في قضية خالد سعيد


مجدي مهني أمين

الحوار المتمدن-العدد: 3528 - 2011 / 10 / 27 - 18:14
المحور: المجتمع المدني
    


أثار الحكم الصادر بسبع سنوات من السجن المشدد لأمناء الشرطة؛ من قاموا بقتل خالد سعيد، أثار الرأي العام، والكلمة الأكثر تعبيرا، صدم الرأي العام.. سبع سنوات لضرب أفضى إلى موت!

والحقيقة أنه عند وقوع الجريمة ، حيث كانت العديد من البرامج التلفزيونية تتناول الموضوع، أن قام أحد رجال الأمن بمداخلة مع أحد هذه البرامج ، ليجيب عن السؤال : هو ليه كل رجال الشرطة يفلتون من حكم رادع عندما يتسبب التعذيب الذي يمارسونه في قتل أحد المواطنين؟ أوضح رجل الشرطة في إجابته على السؤال، أن الحكم لا يعتبره قتلا ولكن يعتبره ضرب أفضى إلى موت، وقد أوضح الكثير من الحقوقيين أن ضعف القانون في هذه المسألة يشجع رجل الأمن على التمادي مع المواطنين في التعذيب، لأنه عارف ان القانون في النهاية سيتساهل معه، وهو ما بيدو أنه حدث هنا مع قتلة خالد، والمطلوب إعادة النظر في القانون نفسه كي نحمي المواطن من تعديات رجل الأمن.

- يعني نعمل للقانون هيبة.

وهيبة دي هي بيت القصيد، دائما ما يتردد القول بضرورة أن يكون رجل الأمن "عنده هيبة" وهو يمارس عمله، لأنه مش ها يقدر يمارس عمله والناس بتكلمه بطريقة غير مناسبة.... مني الشاذلي في برنامجها العاشرة مساء بعد الثورة ، عملت عدة حلقات عن الأمن وطرحت السؤال: ازاي رجل الأمن ها يمارس عمله لو ما كانش قادر يشخط وينطر ويكون له وضعه..
نروح أبعد هنا وهناك ، في المدرسة : المدرس عنده هيبة ، يقدر يعمل مع الطالب اللي عايزه، والمدرسون يدافعون باستمانة عن حقهم في الضرب والإهانة، يعني الطالب ملكية خاصة ، على الأقل خلال اليوم الدراسي.
الأمثلة متكررة ، الطالب والأستاذ الجامعي، مستقبل الطالب بالكامل في إيد الأستاذ، طبعا الاستاذ بيستعمل هذا الحق بحكمة ، لأن الهدف مش الأذى، الهدف الهيبة، علشان الأستاذ الجامعي يقدر يمارس دوره. الأمر ذاته مع الطبيب ولمرضى، مع المدير والموظفين ، ومنظر طبيعي في الأفلام المصرية ، كل الأفلام من الثلاثينات للنهاردة ، المدير اللي بيبهدل موظفينه، وتسمعها في كل مكان: الاستاذ فلان مدير طيب، يزعق شوية لكن لا يؤذي، وقد شاهدت المئات من حالات صياح المديرين مع موظفيهم اللي ما يردوش. مرة واحدة شاهدت رجلا طيبا يرد على المديرة بتاعته:

- ليه كدة يا سيادة المديرة! دا إحنا بنراعي ربنا في شغلنا!

الحقيقة قالها بنبرة خشنة شوية ، يمكن إحساسه بالرجولة أمام المديرة اتحرك، كرامته وجعته، لا أدري، دي كانت من المرات القليلة اللي شفت فيها موظف(مواطن) يشد حيله شوية مع مدير (سلطة)، طبعا كادت تؤدي هذه الوقفة الاحتجاجية بالموظف للشارع، لكن رجال ونساء الخير تدخلوا (ناس طيبين) ، والمديرة تسامحت (ست طيبة) والموظف اعتذر، المقامات مصانة والهيبة محفوظة (وروح شوف شغلك يا أستاذ).. العديد من هذه المواقف ولدت لدي قناعة

- نحن شعب "مشخوطٌ" فيه

لو كانت الهيبة رجلا، بصراحة مش عارف كنت هاعمل معاه إيه، المسألة مش في القانون ، المسألة أعمق، المسألة في الثقافة العامة ، في الهيبة كثقافة عامة ، الهيبة هنا أي ان يكون لطرف (في العادة الطرف المسئول) ، حقوق في التعامل لا تمنح للطرف الآخر (في العادة المرؤس)، الأول ممكن يشخط، ينطر، الناس تشوفه تلف من الشارع التاني (بدل ما تروح تسلم عليه)، عنده هيبة ، عنده مسافة، مكانة أعلى، علشان يقدر يتحكم في الناس اللي في مكانة أقل، يتحكم في الرعية في الشعب الواقف أسفل السلم، يمكن ده الخطر الأكبر للتيار الديني الراغب في الوصول للحكم، الحاكم يقف هناعلى سلم أعلى ، يحكم باسم الله، والشعب تحت ، مساحته (أي الحاكم) في التصرف أوسع، مساحة الشعب (اللي تحت) أقل، هو لوحده له قيمة تفوق كل الشعب اللي تحت. ومن الناحية الأخرى ، هي دي الميزة الكبرى للحكم الديمقراطي، اللي الحاكم يحكم باسم الشعب، واحد من الناس ، صلاحياته وسلطاته واخدها من الناس علشان يعرف يمارس دوره.
إذن المسألة مسألة صلاحيات مش هيبة، والحاكم يستطيع أن يمارس دوره بكفاءة طالما أجاد في استخدام الصلاحيات دي لخدمة الصالح العام ، والناس قادرة من خلال أجهزتها على مراقبته ومحاسبته وعزله إن لزم الأمر.
يعني ما فيش هيبة، فيه قانون، أو بمعني أدق، الكل عندهم نفس الهيبة، لأن كلهم كائنات بدرجة إنسان ، وللإنسان كرامة وهيبة وقيمة حتى لو كان طفلا رضيعا، مش شاب يافع في تألق وتأنق "خالد سعيد" ؛ خالد الذي ضُرب حتى الموت، ومن الضرب اتشوه،واتُّهم من رجال الأمن في سمعته وإنه كان يتعاطي بانجو، هذا مع تواطؤ العديد من الجهات في محاولة إثبات إن خالد هو الغلطان، وهو اللي رمي نفسه تحت الدبابة ، أو طار في الهوا وشاط الرصاصة بدماغة .. أعتذر دخلوا في بعض .. لكنهم شئ واحد كلهم شهداء ضياع هيبة القانون، ضياعه في ضمير المسئول، وضياعة في الثقافة العامة اللي بتستبدل القانون بشخص مسئول، هذا الشخص خارج عن القانون ، والشخص ده نحميه ونعمل على تدليله ، وننتقده بس بشويس ، ونحاسب عليه ، ونؤلهه، ونعطيه من وجودنا وجود، ومن حضورنا حضور ، ومن كرامتنا كرامة، إحنا نختفي وهو يطلع فوق، وواحد تاني (في إطار الدولة الدينية) مستني يطلع أكثر، ها يحكم الناس باسم السماء، ده مش ها تكون عنده هيبة ولكن ها يكون حاجة أكبر.
شعوبنا هي اللي عملت صدام والقذافي ومبارك، ثقافتنا هي اللي عملت كل دول ، نحن من يجب محاكمتهم، ثقافتنا ما يجب محاكمتها، يجب أن نحاكم ثقافة الهيبة ، لا هيبة لأحد على حساب أحد ، كلنا نملكها ، لأنها جزء من نسيجنا الإنساني، بالعكس هي جزء من نسيج كافة المخلوقات ، والطبيعة ، والوجود .
علينا أن نسحب الهيبة من كل مسئول ثم نعيدها إليه، بعد أن نكون قد قمنا بتوزيعها علينا جميعا، لأنها تكفينا جميعا، مش مطلوب من المسئول ولا من المواطن أي تعدٍ ، لأن كلهم لوردات بيتعاملوا مع بعض باحترام شديد، وبيطبقوا القانون الممنوح لكل واحد منهم كي تستقيم الحياة.
في هيبة القانون، يحاسب أمناء الشرطة كقتلة، وفي هيبة القانون ، لايحميهم ولا يدافع عنهم رجال الأمن، بالعكس يلزم أن يكونوا هم أول من يطالب بمحاكمتهم لأنهم بتصرفهم هذا أساءوا لجهاز الأمن، الأمن لو اتصرف بالمثالية اللي باقترحها، ها تكون عنده هيبة ، جت منين ؟ جت من احترامنا ليه، جت أنه كبر في نظرنا.
نعم نستبدل في ثقافتنا الهيبة ،التي هي ملكنا جميعا، بالتقدير لكل من قام في حياته نموذجا ومثلا أعلى، في ثقافة الهيبة (للمسئول) مرادف الإهانة (لباقي الناس) فقدنا النموذج والمثل الأعلى، وكسبنا طابور من الجلادين نخشى بأسهم ولكن لا نقدرهم .
ضاعت في ثقافة الهيبة الهامات ، وضاع الحلم ومشروع الوطن ، علينا استرداده بعد الثورة، مع استردادنا لحق خالد وشهداء الثورة، مش المطلوب انتقام، المطلوب ان نرسي ثقافة جديدة ترد للقانون مكانته المرموقة ، وتوزع الهيبة على الجميع بالتساوي، وتنتظر بشوق نماذج الأفعال كي نمنح اصحابها الثناء والتقدير ، ونستلهم مما فعلوا دروسا لأفعال جديدة ، وفعل ورا فعل راقي نلحق بالشعوب التي سبقتنا، يعني أي واحد فينا عنده نفس هيبة أحمد زويل ومجدي يعقوب وفاروق الباز ، بس همَ لهم تقدير خاص، لأن ما قاموا به يلهمنا ويعلمنا.



#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقط القذافي.. سقط سنوسرت الأول
- محمد جمال الدين
- الدولة لازم تتغير
- فأقرأ ثانية رسالة بلال
- أصعدها كمقدارها بنعمتك
- المسلّمات والحقيقة المجردة
- عندما قال -مبارك- للشعب: أفندم
- عمق الثورة، وسطح الثورة
- جريدة الأخبار، في تضامنها الصريح مع الثورة
- الشارع لنا، وكذلك الحصان والعربة
- الخروج من عنق الزجاجة: الوساطة أم التفاوض المباشر
- حكومة ثورة ، أو شارع ثائر يصغي له المجلس الأعلى والحكومة الا ...
- ألا يكون مطلقا أو أبديا وألا يميز بين الناس
- الصف الواحد وخطر الانقسام
- لا يتقدم وطن بين عنف وخوف
- فاطمة ناعوت ، وصفوت حجازي، وحامد عز الدين، وبرنارد لويس، و م ...
- هل سرقوا الثورة؟ من يعلم يدلنا يكسب ثواب
- الأغلبية والأقلية والديمقراطية
- الأكثر تقوى يعظ ، الأكثر معرفة يعلّم ، وكلاهما لا يحكم
- السلفية المحلية والسلفية القومية


المزيد.....




- مجلس أوروبا: ألمانيا لا تفعل ما يكفي من أجل حقوق الإنسان
- واشنطن بوست: المجاعة تضرب غزة والكارثة أكبر إن لم تتوقف الحر ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن المجاعة في شمال غزة “وشيكة ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى
- عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنس ...
- -إسرائيل اليوم-: نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبا ...
- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مجدي مهني أمين - الهيبة أم التقدير في قضية خالد سعيد