أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عذري مازغ - المغرب والجزائر وذاكرة فقر















المزيد.....

المغرب والجزائر وذاكرة فقر


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 19:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في نهاية التسعينات فجرت شركة أمريكية تسمى "لونستار" أو "سكيدمور" فزاعة اقتصادية حول اكتشاف بئر نفطية بمنطقة المغرب الشرقي، كانت فرحة المغاربة غاية في الغبطة والسرور، لقد اكتشف أخيرا شيء مما ينفس اقتصادنا المهتز، وتعلقت العيون إلى الجهة الشرقية، إلى منطقة تالسينت الفقيرة، وفجأة تحول الإهتمام الوطني إلى مغرب كان حتى الأمس يحسب ضمن المغرب غير النافع، مرت أيام ونحن نستكشف الآفاق، وتكلم الساسة بعفوية فاقت كل الجميل المكمون في هذه الأرض، تساءل البعض عما إذا سيقبل المغرب أن يقتحم نادي المنتجين الكبار، وكم هي الحصة أو النصاب القانوني من الإنتاج للدخول إلى عالم البيترودلار، تفرعت الندوات في وسائل الإعلام وصخب الجدل حول طريقة استثمار هذا الخير الرباني لصالح الوطن، وبشر ملك البلاد في خطاب للأمة بأنه سيسهر على أن لا يكون اقتصاد الريع بل سيستثمر في صالح الوطن، وأذكر أن الدولة الوحيدة في العالم العربي التي شككت في الأمر كانت هي قطر، وسخرت من أمر أن يكون المغرب في نادي أوبيك، في نفس الوقت خرج في بعض الجرائد الوطنية تصريح للسرفاتي يشكك في وجود بيترول أصلا في تلك المنطقة وعزز قوله بمعطيات جيولوجية وجيوكيميائية وعلمية كما أفصح عن المناطق المغربية المؤهلة جيولوجيا لوجود النفط عندنا: نتيجة لذلك أقيل وزير الطاقة والمعادن ورفع السرفاتي من شخص عائد من المنفى إلى مستشار للملك في شؤون الطاقة والمعادن، لقد سخرت حقا قطر من وجود البترول عندنا ولا ندري معطياتها الجيولوجية، لكن السرفاتي تفاءل وهو من الأوائل الذين درسوا البنية الجيولوجية للمغرب، وألمح إلى المناطق التي يحتمل وجود النفط فيها: الساحل الأطلسي، سهل الغرب، حوض ملوية، حوض سوس حوض تادلة ومناطق أخرى متفرعة، عموما لم نعثر بعد عن البترول وإن كانت إسبانيا قد عثرت عليه في عرض المحيط بين الجزر الخالدة وساحل الصحراء وهو مؤشر حقيقي على وجوده. بل هناك عشرات الحقول للصخور النفطية والتي لم تستثمر بعد في انقاذ ميزانيتنا المهترئة بأكاذيب السياحة والفلاحة والجفاف والتنازع حول الصحراء. عموما ليس هذا ما يثير في الموضوع، بقدر ما تثير هذه الغبطة للشعوب، الفرح العارم للوطن وخيراته، ويمكن في فزاعة خبر كهذا وفي غمرة الإستبشار كهذه أن تقلب رأي عام لشعب ما على شعب آخر، كأن يصبح الشعب المغربي كارها لقطر بسبب حفنة بترول غير مؤكد وجودها، نحن حلمنا بالإنتماء إلى ناديهم وهم سخرو من حلمنا، وطبعا هناك مشكل آخر غير معلن له علاقة بالإنقلاب العائلي في قطر، وأذكر أن هذا الإنقلاب لم يعطي حقا الزخم الشعبي الحماسي لعداء المغاربة لبلد صغير كقطر إلا حين خرجت علينا الأخبار تتحدث عن سخرية قطر من بيترول المغرب: أه يا أهل قطر, كم أنتم حسودون؟ دعونا نحلم مثلكم، يبدوا أيضا خطاب العاهل المغربي حينها حين أشار إلى عقلنة وحسن تدبير هذه الطاقة بحيث لا "تدعون للتواكل والخمول والإستهلاك وتعطيل طاقاتنا ومؤهلاتنا البشرية" ، كان بمثابة رد الصاع لسخرية العاهل أو المسؤول الذي علق حينها من قطر، أذكر هذه التفاصيل الصغيرة وأتساءل حقا: ماذا يهمنا نحن المغاربة من انقلاب الإبن على والده في قطر؟أليست شأنا أسريا لا يهم ربما حتى القطريين أنفسهم؟ عند ظهور فزاعة البترول، بدت ملامح الماوطنين مستاءة حقا من قطر، وظف الإعلام الرسمي هذه الأكذوبة بشكل لائق لمعاداة وهم، ووظفت قطر هذه المعادات أكثر في ترشح المغرب لتنظيم المونديال، التحفة الأسطورية لهذين القرنين والذي ساهم صوت قطر في تغليب كفة جنوب إفريقيا، فلنعادي قطر أو يعادونا القطريون، ماذا نكون قد صنعنا في الأمر، بالبترول، بالمونديال أو بأي شيء آخر، لاحدود مشتركة، لا تعاون اقتصادي، لا شيء، وأغلب مواطنين البسطاء لا يعررفون قطر إلا من خلال تبادل الزيارات بين أكباش البلدين الرسميين، وأذكر عندما كنا نتحدث عن الإنقلاب الأسري في مقهى عمومي، سألنا أحد المواطنين بطاقيته الدافئة التي تحتضن ذاكرة فقر: أين تقع البلاد, هذه التي وقع فيها هذا الذي تتكلمون عنه؟
ــ الخليج العربي
ــ ماكمس؟ ماهو...؟
ــ قرب السعودية..
ــ لا قل لي: هل هي من المغرب أم من الجزائر......؟
يا إلهي! بهكذا ستقترب صورة قطر عند هذا المواطن، هانحن لأول مرة نكتشف شيئا غريبا تماما في ثقافتنا، مواطن يعتقد أن العالم هو دولتين فقط: دولة الشر وهي الجزائر ودولة الخير التي هي المغرب طبعا، وطبعا كانت امريكا من الخير لأنها من المغرب وكانت روسيا أيضا من الشر لأنها من الجزائر ولغياب بداهتنا لم نسأله عن موقع فرنسا بين البلدين، هل هي من الجزائر أم هي من المغرب؟ من المسؤول عن وضع هذا المواطن؟ ببساطة هو الإعلام الرسمي.. قبل غزو القنوات الأخرى: كان العلف الخبري للمغرب كما يحفظه كل صغير وكل كبير هكذا في المغرب: أنشطة ملكية بنسبة كبيرة وياويل مسامعنا وأبصارنا في المناسبات الوطنية، يعاد خطاب العرش مثلا سبعون ألف مرة بعد أن يلقى في الثالث من مارس من عهد الحسن الثاني، بعد هذه الأنشطة أنشطة وزارية، تدشينات، خزعبلات، ثم ننتقل إلى الأخبار العربية: رسائل الأكباش العربية شوية حرب خليج، ثم الخبر الوطني الخارج من معطف الرسميات، انتصارت المغرب على الجزائر، هذا الخبر قد يتصدر أحيانا الأخبار إذا كان طازجا، معركة ما في رمال الصحراء، حرب دونكيشوتية بين المغرب والجزائر وطبعا حرب المواقع بين الجيش المغربي وحركة البوليزاريو التي هي حسب تقسيم هذا المواطن جزائرية، هكذا أيضا كان راديو الجزائر وربما تلفزته التي لم تكن تصلنا أمواجها، كنا الشر وكانوا هم الخير، ولن أدخل في التفاصيل منذ بومديان حتى زمن بوتفريقة أو بوتلفيقة، وما زلنا نجتر صراعا مريرا بسبب حثالات حكام لاتربطهم بالشعبين إلا علاقة نهب، والنزاع بين البلدين هو نزاع حول استثمار النهب، يعتبر المغاربة مثلا ربح صفقة مشروع أوربي لتوليد الطاقة الشمسية بمنطقة عين بني مطهر (وهذا حسب مصدر إلكتروني مغربي) وهو من المشاريع الكبرى حسب الخبراء، انتصارا اقتصاديا للمغرب على حساب الجزائر، مشروع ضخم بحسب حجم الرقم المالي المرصود لهذا المشروع، بالنسبة للأوربيين يعتبر تدبير مستقبلي لإنتاج الطاقة الشمسية غير الملوثة والتي ستعوض الطاقة النفطية مستقبلا، بالنسبة للمغاربة هو احتلال موقع، حقل كبير لوضع الواح شمسية تفيد الأوربيين أكثر مما تفيد المغاربة، بالنسبة للجزائر هو خصارة تشريف وتحضين أوربا بشمس الجزائر.
في نزاع الصحراء من الناحية الميدانية يكلفنا ملف الصحراء نسبة كبيرة من الموارد الوطنية، التي يدفعها المواطن المغربي من عرق جبينه، أو يدفعها المواطن الجزائري أيضا من عرق جبينه، من حيث رصد الإستثمارات المزمع تنفيذها في حالة حل النزاع، سواء لصالح هذا الطرف أو ذاك سنجد انها لصالح الدول الإمبريالية، فالدبلوماسية في البلدين في دينامية غير مسبوقة لجلب التأييد لهذا الطرف أو ذاك مقابل تعهدات بأولوية الإستثمار لهذه الأطراف أو تلك، بشكل يبدوا صراحة أن المتحكمين في خيوط النزاع هم اطراف لا شأن للمغاربة ولا للجزائريين ولا للصحراويين أنفسهم دخل فيها سوى هدر الطاقات البشرية والتطاحن الدموي في سبيل تسليم موارد بلداننا للآخرين.
تربطنا بالجزائر أكثر مما يربطنا بقطر: حدود مشتركة تاريخ مشترك، علاقات دم متجدرة ومستقبل مشترك، ويمكن أن نشكل قوة جهوية استنادا إلى التكامل الإقتصادي وأيضا قوة فاعلة في الصراع الدولي لكننا بتوجيه قاتل ضد إرادة الشعبين عبر إعلاميهما المسمومين، نحن الشر وهم الخير او العكس بالعكس.
في أحد اللقاءات الأوربية، وبشكل عفوي تماما جمعتني وزميل من الجزائر هذه التلقائية في فتح نقاش حميمي بيننا، نقاش عفوي تلقائي ومتفتح، وهو نقاش يجمعنا أيضا مع أشقائنا من تونس، وفي غمرة تبادل الأراء جرني من كتفي أحد الأصدقاء ليهمس في أذني قائلا: احذر منه فهو جزائري، يا إلهي، إلى هذا الحد نمارس الرقابة على أنفسنا من مواطن يفترض أنه من دمائنا او نحن من دمائه، هذه العلاقة الوحدوية المترسخة في وعي المغاربيين، هي بشكل ما، بسبب الإعلام المسموم، في اللاشعور، تحمل تلك القيمة التفارقية: تلك القيمة التي عبر عنها صحب الطاقية (قبعة) المدفئة لذاكرة فقر، أو ذلك المواطن البسيط الذي عرف قطر بمعلمي المغرب والجزائر، عالم فيه دولتين هي المغرب والجزائر وباقي دول العالم هي بحسب انتسابها للدولتين من حيث هي مع المغرب أو مع الجزائر، حتى في فزاعة البترول المغربي، كان الشر الجزائري حاضرا بقوة، فالبئر "المكتشفة" بتالسينت هي محادية لآبار جزائرية بالجزائر، والمخيلة الإبداعية للذاكرة الإعلامية صورت لنا غش الجزائريين: بيضة نفطية تحت الأرض ممتدة إلى داخل المغرب، لا بل عمقها في المغرب، كانت الجزائر تمتص منها دون أن تخبرنا، بعض الصيحات أثارت سرقة نفط المغرب من تحت التكتلات الجيولوجية: بيضة عفريت، القواة المسلحة المغربية حينها، كانت أيضا في حالة استنفار في المنطقة. هذا التهيؤ العارم لقتل الذاكرة التاريخية لشعبين شقيقين، يفترض بحكم الجوار أن يكونوا في سلم وتعاون، نثير كل شيء يشعل التوتر ولا نثير هذه الهمجية السائرة والتي أرسى النظامين تواجدها بتشريعات تحت يافطة تشجيع الإستثمار الأجنبي تستبيح مواردنا البشرية منها والطبيعية.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوار ليبيا: ثوار أم تتار؟
- حول ثقافة المسخ 2
- حول ثقافة المسخ
- لعنة الذكريات
- ذرائع قديمة،أو ثورة الملائكة
- آسفي: كارثة تشيرنوبيل بالمغرب
- أرض الله ضيقة
- إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
- المغرب وسياسة تدبير الملهاة
- ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
- يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
- 20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
- القديس آمو
- الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم ...
- الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي
- الماركسية في تفكيك الأستاذ أمير الغندور: في غياب السؤال المع ...
- الماركسية في تفكيك ألأستاذ امير الغندور: النزعة التلفيقية
- الماركسية في فقه الأستاذ أمير الغندور
- من حكايا العبور: سعيد الميركرودي
- عودة إلى الصراع الطبقي والماركسية


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عذري مازغ - المغرب والجزائر وذاكرة فقر