أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - شاكر الناصري - قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور















المزيد.....

قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 20:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


بلا شك ، أن القذافي كان تجسيدا حقيقيا لشخصية الدكتاتور القاتل الدموي والمستبد الأهوج وبلا شك أيضا فأن فترة حكمه التي أمتدت لأكثر من اربعة عقود كانت فترة موت ودمار وتهميش حقيقي للشعب الليبي ، أجتماعيا وثقافيا وسياسيا وأقتصاديا . أربعة عقود تحول فيها القذافي الى مالك للشعب والارض والمقدرات الطائلة وتحول الأنسان في نظره الى تابع ذليل ، وإن الليبين ليسوا الا مجموعة من الجرذان لايعرف من أي جحور جاؤوا حتى يعيد عليهم السؤال الفج : من أنتم ؟ أو مجاميع من مدمني حبوب الهلوسة الذين يسعون الى تقويض سلطة الشعب التي أبتكرها ، هو ، فحولت هذا الشعب الى مجاميع من المعوزين والذين سحقت كرامتهم وأصبحوا ضحية الجهل والأمية وسطوة القيم والأعراف القبلية والأجتماعية المتهالكة .

ما هو العقاب الذي يجب ان يفرض على القذافي جراء الجرائم والفضائع التي أرتكبها بحق الشعب الليبي ، مجازر وأعدامات جماعية ، سجون ومعتقلات وتعذيب يفوق الخيال ، تجهيل وتحميق وأشاعة المخدرات والأدمان بشكل منظم ، حتى يشعر هذا الشعب بالعدالة وأن ما لحق به من جور وظلم لن يذهب أدراج الرياح ؟ بالتأكيد ليس ثمة عقوبة يمكنها ان تنصف الشعب الليبي وليس ثمة قانون يمكنه ان يعيد الحق ويشيع العدالة التي تحولت الى حلم عصي وبعيد المنال حتى لو قتل القذافي وأفراد أسرته ونظام حكمه الف مرة ،فالأفعال والممارسات الشنيعة التي مارسها القذافي ومن معه تركت آثرا وجرحا عميقا في نفس وشخصية وذاكرة كل مواطن ليبي .

المشاهد التي سجلت للقذافي في آخر لحضاته ومن ثم موته ،لم يتم تسجيلها أعتباطا ولم يكن الهدف منها فرض عقاب لتحقيق عدالة ما ،بل كانت رسالة صريحة وواضحة ولكنها أخطأت هدفها المرتجى فكانت رسالة مشوهة ومكتوبة بالدم وبلغة الأنتقام وتدفع كل من شاهد ما جرى للقذافي وابنه للتساؤل عما يحمله الحكام الجدد لليبيا ولشعبها . فما حملته هذه الرسالة فيه الكثير من مفردات وأشارات سلطة نظام مارس القمع والتنكيل والعقاب الجماعي بحق الشعب الذي يحكمه .

مشاهد أعتقال وقتل القذافي وولده معتصم ، يتم تكرارها عبر وسائل الأعلام الغربي بشكل متواصل . التكرار هنا ليس لبث خبر أعتقال ومقتل دكتاتور وطاغية بحجم القذافي ، الذي ساهم الغرب وبقوة في تعزيز حكمه وعبرالتجاهل المفضوح والصمت المطبق أزاء ماكان يرتكبه من بشاعات بحق الشعب الليبي الا في حالات نادرة كان الهدف منها تحقيق مكاسب أو فرض تنازلات معينة على القذافي ، بل لرسم صورة وأنطباع مغرض عن القدرة التي يملكها الليبيون ، الذين ثاروا وأنتفضوا ضد القذافي ونظام حكمه ، على ممارسة الأنتقام والثأر ومن هذه الصورة يسعى الأعلام الغربي لتصوير حالة ليبيا القادمة أو حين يحكمها أشخاص يجيدون ممارسة الأنتقام وفرض العقاب دون اي رادع . ترشيخ لصورة العربي الذي يشهر السلاح ويطلب من معتقل وأسير ان ينطق بالشهادة حتى يرديه قتيلا . الأعلام الغربي هو الذي تناقل تصريحات قادة قوات حلف الأطلسي التي تؤكد أن قواتهم وطائراتهم الحربية هي التي هاجمت رتل القذافي أثناء محاولته الفرار ولكن هذا الأعلام تناسى تلك التصريحات ما ان حصل على مشاهد وصور تبين الكيفية التي قتل بها القذافي .

قتل القذافي سوف يخلص ليبيا و ينهي الأوضاع المضطربة فيها ويحقق الأستقرار ، ليبيا أفضل لو قتل القذافي ، قتل القذافي سوف يضع حدا للارهاب ...الخ كلها تصريحات تشارك فيها قادة دول حلف الأطلسي وقادة المجلس الأنتقالي وهم يشاركون في عملية أسقاط نظام القذافي . تصريحات تكشف ان قتل القذافي كان أحد الأهداف الرئيسية للحملة العسكرية لحلف الأطلسي ، قتل القذافي أذا كان يعني التخلص من دكتاتور وطاغية مجرم ، فأنه يعني ضمنا طمس كل الملفات التي تربطه بهذه الدول والخدمات الجليلة التي قدمها لهم والصفقات السرية التي عقدها معهم وكان من ضمنها قتل او تسليم المعارضة الليبية في عدد من دول هذا الحلف ومن ثم منع الشعب الليبي من معرفة ما كان يدور طوال العقود الأربعة من حكم القذافي وكيف كانت حياة هذا الشعب وحرياته وتطلعاته تذبح وتنتهك وتسحق عبر أتفاقات وخدمات يقدمها القذافي لدول نافذة في العالم مقابل صمتها وسكوتها المخزي على ما يرتكبه من جرائم . الصمت والتواطؤ الذي مارسته هذه الدول وهي على دراية تامة بما يمارسه هذا الدكتاتور بحق الشعب الليبي من جرائم وأنتهاكات تفوق الخيال يجعلها شريكة في كل الجرائم التي أرتكبها القذافي في ليبيا ويجعل من قضية دفاعها عن حقوق الأنسان والديمقراطية في محل شك مشروع وحقيقي .

هل من حق الشعب الليبي أن يفهم ماكان يجري وكيف حكم واي قوى تتاجر بحياته وحرياته وحقوقه وبكرامته ؟ الأجابة على هذا السؤال سوف تتوقف كثيرا امام مشاهد أعتقال وقتل القذافي والتي ربما تحمل الكثير من الأجابات الصادمة . نسيان الماضي والسكوت والتطلع للمستقبل سوف تكون أجابات جاهزة ولكنها مخادعة ومريبة في نفس الوقت .

ان من حقنا كبشر نعيش في هذا العالم ان نفهم ما يجري وكيف تدار حياتنا وكيف يتم حكمنا ؟ باية وسائل و تشريعات وقوانين يتم تسيير حياتنا ومصادرة حقوقنا وقمع حرياتنا ومطالبنا بحياة تليق بنا كبشر ؟ من يحكمنا ومن يتشارك في حكمنا ؟ هل نحن طرف في ما حدث وسيحدث لنا أم ان هذا ما يجب السكوت عنه وانه خطوط حمراء لايجوز تجاوزها حتى لو بمجرد السؤال ؟

القذافي وصدام حسين والخميني وبينوشيه وموسوليني وهتلر وفرانكو وسوهارتو والأسد وعلي عبد الله صالح وحكام إمارات النفط والبشير وبوتفليقة ...وغيرهم الكثير هم نماذج أنتجتها البشرية عبر مسارها لكنها نماذج مخزية وتحمل الكثير من العار خصوصا أذا ماكان مسعى الحرية والعدالة والمساواة الحقيقية بين البشر هو ما تطمح اليه هذه البشرية وكان شعارها الأساسي عبر تاريخها الطويل لكنهم النماذج الأكثر بشاعة ووحشية وتعطشا للدماء ،فكانوا النقاط السوداء والأثر والجرح الذي لايمحى في مسيرة بشريتنا العتيدة وذاكرتها .

حتى نعيش في عالم أمن بعيدا عن سطوة دكتاتوريات بشعة كالتي مرت على حياتنا وتاريخنا ،فانه يتوجب ان نعيد الحساب في مدى قدرتنا على ان نحيا وفق معطيات أنسانية تجنبنا الكثير من المآسي والنكبات والأذلال . معطيات العدالة والحرية والمساواة وكرامة الأنسان . المواطنة والحوار والشراكة في رسم مصير مجتمعاتنا سوف تكون حاسمة وجوهرية في مسعانا للعيش في عالم أفضل بعيدا عن رعب الدكتاتوريات والأستبداد وأنتهاك الكرامة وبعيدا عن لغة الأنتقام والثأر.

الثورات والأنتفاضات الجماهيرية والشعبية التي حدثت في تونس ومصر وسوريا واليمن وكذلك ليبيا كان أحد أهدافها السامية والنبيلة تحقيق العدالة وأيقاف الظلم وأعادة الكرامة للأنسان المسحوق وإن كل الخروقات والتجاوزات التي تحدث سوف تبعد هذه الثورات والأنتفاضات عن مسعاها الحقيقي لأنها وبكل بساطة لم تكن من أجل الأنتقام والثأر .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي ومجالس الإسناد : حكاية التاريخ المستعاد
- الإعتقالات و الإتهامات لا تحجب الحقيقة يا حكومة نوري المالكي
- عدو ما بعد القتل : عن صور جثة بن لادن
- البديل السياسي في العراق : مقاربة أولية
- حكومتنا وحكوماتهم: الأختلافات والتشابهات
- درعا في مواجهة الأسد
- بوتين والقرضاوي : فجر أوديسا أم الحرب الصليبية ؟
- إزالة الدوار أم إزالة الرمز ؟
- لنحارب المحاصصة أولا
- التجمعات والتظاهرات في العراق بين الأمل والأحباط
- ثورة أم أصلاح ؟.. حول ما يحدث في العراق .
- حزب البعث لايستحق شرف الدفاع عن مطالبنا
- نفحات فاشية ، خطاب القذافي نموذجا
- الحركات الأحتجاجية و المطلبية في العراق، شعاراتها وآفاقها
- لاتدنسوا بغداد بهذه القمة
- الثورة التونسية في عيون قذافية
- زين العابدين بن علي : دكتاتور آخر يتهاوى
- في الدفاع عن العلمانية
- صراع العلمانية والدين وضرورة بناء الدولة المدنية الديمقراطية ...
- عن مذابحنا و صراع الكراسي وتوازن الأكراد


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - شاكر الناصري - قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور