أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - من الصراع في سورية إلى الصراع على سوريا















المزيد.....

من الصراع في سورية إلى الصراع على سوريا


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 3523 - 2011 / 10 / 22 - 19:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أكثر ما يميز الصراع الدائر في سوريا هو غياب النزاهة والموضوعية في تناوله وتوصيفه، وهذا ينطبق على عدد كبير من المنتمين إلى الحركات والأحزاب السياسية السورية مثلما ينطبق على الوسائل الإعلامية التي تعاملت مع الحدث. ومن المعروف أن الطبيب حين يخطئ في تشخيص علة مريضه، ستكون النتيجة إما زيادة المعاناة والكلفة في أحسن الأحوال، أو وفاته في أسوئها.
منذ البداية يجب أن نشير إلى أن هناك عملية تسفيه عاصفة بوجه كل من يقترب من المحظورات التي اعتبرها الغرب محرمات لا يجوز الاقتراب منها، مثل وجود مؤامرات أو التشكيك بالهولوكوست أو الاتهام بالخيانة. وفي سوريا يعادل هذه المحظورات أي حديث يشكك ب"سلمية" المظاهرات في سورية أو يمس ب"طهرها". فلكي تكون سياسيا محترما ومعارضا مسموع الكلمة، وثوريا نقيا يجب أن تصر على وجود الطهر الثوري في الحراك السوري على الرغم من عمليات القتل التي يمارسها هؤلاء "الثوار" بالأسلحة والسواطير والشنتيانات من الشهر الأول وعلى الرغم من تقطيع الجثث وسلخ الضحايا وهم أحياء، وعلى الرغم من تهديد وقتل من لا يشاركهم في مظاهراتهم أو حرق ممتلكاته.
وقد جرى التأكيد على إثبات هذا الوهم نتيجة عدة دوافع لدى تيارات مختلفة من المعارضة السورية التي بدا واضحا أنها مختلفة الدوافع تجاه ما يحدث في سوريا. فمنهم من تصرف بدافع الثأر من نظام مارس بحقه وحق غيره ظلما لا شك فيه. وهذه الفئة لم تنظر إلى ما هو أبعد من الانتقام والثأر بغض النظر عن النتائج التي ستحمل أخطارا أكبر بكثير مما يمكن أن يأتي به انتقام لن يعيد كرامة مهدورة ولا حقا مسلوبا. وهناك فئة أخرى بدا واضحا أنها تستعرض محفوظاتها عن الثورة كحلم إنساني جميل يتطلع إلى تحقيقه كل إنسان يريد للبشرية أن تكون أحسن حالا بتحررها من الظلم والقهر والاستغلال والتقييد على الحريات. وهؤلاء عمليا لم يحاولوا أن يعيدوا النظر في محفوظاتهم الثورية، ويعملوا على مقارنة ما يجري على الأرض مع هذه المحفوظات ليكتشفوا أن الأحداث على الأرض وما فيها من ممارسة للقتل والخطف على الهوية وما يتخللها من شعارات طائفية مرعبة ليست مطابقة لما حفظوه من كتب الثورات ونظرياتها وتجاربها. والحقيقة أن عناد هؤلاء جعلهم يصنعون من الحصرم زبيبا. وبذلك وجد كثير من الشعب السوري نفسه أمام تيارين يسيران على الطريق ذاته وإلى الهدف ذاته ولو من اتجاهين: ديني يردد محفوظاته الدينية التي يؤمن أنها حق لا يأتيه الباطل من أي جهة كانت مقابل يسار فقد معظمه نبل وذكاء اليسار منذ أن استبدل أدبيات ماركس ولينين بقوة ودولارات ديك تشيني وكوندوليزا رايس مع بداية هذا القرن واكتفى بترديد محفوظاته التي لم ينتبه إلى أنها أصبحت خارج السياق كليا.
أما الفئة الثالثة، وهي الأكثر خطورة، فتعلم علم اليقين حقيقة ما يجري على الأرض من قتل وخطف وتدمير للممتلكات العامة والخاصة. وتعلم ما تمارسه القوى التي تسمي نفسها "الثورة" من إكراه وتهديد وحرق لممتلكات الذين كانوا يرفضون مشاركتهم في تظاهراتهم وأفعالهم . وقد كانت هذه الفئة أكثر ذكاء حين تمكنت من استخدم الفئتين الأخريين كواجهة إعلامية وسياسية كان لها تاريخها اليساري والديمقراطي مثلما استطاعت إقناعهما بالانتظار أمام المساجد حتى انتهاء صلاة الجمعة للمشاركة في المظاهرات "السلمية جدا" إلى درجة استخدام الصفوف الأولى من المتظاهرين في ترديد الشعارات السلمية حتى اللحظة التي يحين معها استخدام السلاح من جانب الصفوف الخلفية عند الوصول إلى النقطة المناسبة. وهذا كلام قد يتهيب كثير من الناس كتابته لأنه سيوضع مباشرة في صف النظام أو الشبيحة، ولأن مجرد ترديد النظام لأي كلام يجعل هذا الكلام مرفوضا حتى لو كان عين الحقيقة. ففي أجواء من الاصطفاف المطلق مع وضد، أصبحت الحقيقة أولى الضحايا.
لا شك أن النظام اقترف كثيرا من الأخطاء على مدى عقود وأن سوريا تستحق ما هو أفضل بكثير. ولا شك أن هناك كثيرا من المظالم التي لا مبرر لها والتي ينبغي تصحيحها. ولكن هذا لا يبرر تجاهل كل الإصلاحات التي طرحها النظام وباشر تنفيذها. وهذا ما جعل بعض أطراف المعارضة السورية تحجم عن التظاهر في وقت مبكر، وخصوصا حين تبين لها أن التظاهر تحول إلى غطاء لاستعمال السلاح ضد الجيش وتبريرا لممارسات طائفية عنيفة يصر البعض على تسميتها ممارسات ثورية "سلمية". ومن عاش في سوريا خلال شهري تموز/ يوليو وآب / أغسطس وتجول في عدة مدن سورية بينها حماة وجبلة، كما كان حالي أنا، يعرف أن حافلات الركاب المدنية كانت ضحية هؤلاء المتظاهرين السلميين الذين لم يخدش استعمال السلاح ضد المسافرين المدنيين "سلمية ثورتهم". وأنا أعرف أشخاصا ماتوا وجرحوا من دون ذنب ومن دون أن تكون لهم علاقة بما يجري. ومعلوماتي من أصحاب العلاقة مباشرة وليست من أي وسيلة إعلامية تابعة للسلطة أو غيرها.
إن استمرار التعامي عن الحقيقة والإصرار على تسمية الأشياء بغير أسمائها لن يؤدي إلا إلى إطالة فترة الصراع في سوريا وزيادة فاتورة الدم من دون أن يهتم أحد بما يجب فعله لإنقاذ البلاد بالطرق السياسية مستفيدا من حالة هبة السوريين إلى مناقشة أمورهم في كل بيت ومكان، وبشكل غير مسبوق، وبالقليل جدا من الخوف والمحظورات التي كانت شائعة.
هذا التخبط والتحيز المطلق، مع أو ضد، بغض النظر عن وجود أجزاء من الحقيقة عند هذا الطرف أو ذاك، لن يؤدي إلى حلول وإنما إلى صراع داخلي يتحول، كما نشاهد الآن، إلى صراع على سوريا بدلا من أن يكون صراعا في سوريا. وقد بدت ملامح هذا الصراع واضحة على الأرض على الأقل منذ لحظة استخدام الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن. لقد بات واضحا أن سوريا جزء من محور ربما يمتد من الصين عبر روسيا وصولا إلى العراق ولبنان. وهذا ليس ناشئا عن أهمية سورية فقط وإنما عن إحساس عالمي بأن الغرب المتوحش سيبتلع الجميع بعد أن نهب كل فوائض ثرواتهم عبر تاريخه الطويل من القتل والتدمير. ولئن كان هذا المحور سياسيا يذكرنا بالحرب الباردة في القرن العشرين، فإن جزءا منه يشكل محورا عسكريا قد يحمي سوريا من أن تكون الضحية الجديدة للوحش الاستعماري الإمبريالي الذي نجح حتى الآن في تدمير العراق وأفغانستان وليبيا. وهو ماض إلى تدمير ونهب ما يمكن تدميره ونهبه من دول وشعوب العالم الفقير تحت مبررات نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة الفلسطينية وفرصة الضحك الأخيرة
- إلى ناجي العلي:حنظلة يدير وجهه إلينا
- هل نحن أمام تجديد لكامب ديفد؟
- هل هي بداية تآكل النظرية الصهيونية؟ما معنى أن يقول إسرائيلي- ...
- ويلتقي الهلالان ليصنعا البدر السني الشيعي
- ويسألون لماذا نكرههم
- الغرائزية الدينية في خطاب القنوات الفضائية
- وعرفت الصين كيف تكسب ود العرب
- ردا على منظري التزييف والاعتدال العاجز
- حرام يا أمريكا ضرب الميت حرام
- ماذا تنتظرون من ميتشل والشهور الأربعة؟
- لم يعد الطغاة طغاة بعد انضمام بوش إليهم
- إرهاب الديمقراطية إغلاق القنوات الفضائية نموذجا
- مشايخ الأزهر وفتوى- الحق في خنق الخلق-
- التسامح...القيمة المنسية في قراءة - عزازيل-
- عباس نموذج لعقم النظام العربي
- يكاد عباس يقول خدوني
- نأمل أن ترتفع منارة التسامح السعودية
- يكذبون وعلينا أن نصدقهم
- البناء مقابل البناء وأحلام الأطفال


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - من الصراع في سورية إلى الصراع على سوريا