أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - صمت الطليان















المزيد.....

صمت الطليان


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 21:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبدو استعارة التسمية للعنوان أعلاه من اسم فلم صمت الحملان مناسبة جدا وتحمل الكثير من التشابه. فالخراف هي الخرفان، والحملان هم صغارها.فلم صمت الحملان (silence of the lambs) أخراج جوناثان ديم وبطولة جودي فوستر والممثل الرائع أنتوني هوبكنز.يتحدث الفلم عن جرائم قتل بشعة تتكرر في أحدى المدن الأمريكية يقوم بها مجرم محترف وهناك حلقة مفقودة تتعلق بسادية المجرم الذي يمثل بضحاياه. تحاول الباحثة من قسم البوليس (جودي فوستر) الحصول على نتائج محددة وربط خيوط الجرائم بجرائم مشابهة. من خلال استنطاق بحثي لقاتل محترف معتقل، سادي ووحشي أيضا ويتلذذ بالمثلة بضحاياه. يقوم بدوره الممثل هوبكنز. ولكن التحقيق والبحث والدراسة من قبل الشرطية يتحول إلى مخادعة تجبر الباحثة على الاعتراف للمجرم بوقائع عن تأريخها الشخصي أثرت عليها. وتجد الباحثة نفسها تحت سطوة وتأثير أفكار المجرم الذي بدأ يربك البحث. في نهاية الفلم يقبض على المجرم الأخر الذي روع المدينة، ولكن المجرم الوحشي القابع في السجن (هوبكنز ) يجد الخطة للهروب بعد قتل حراسه، وتلك دلالة على أن الجريمة مستمرة وأن المجرمين يجدون المكان والوقت المناسب لتطوير الجريمة وانتشارها وأن قوة الردع تظل كليلة وغير كافية لتطويقهم وتدمير قوتهم وكبح نوازعهم الجرمية.
استعرت عنوان الفلم لأن الجرائم التي نفذت وتنفذ في جميع مناطق العراق لها صلة قوية بتناحر القوى السياسية الباذلة جهدها لتقاسم السيطرة على مصادر المال والقوة في العراق،وتلك الجرائم تمثل نموذج لعنف سوف تتلاحق وقائعه تباعا لتصل إلى نهايات تجعل العراقي يعض في النهاية أصابع الندم حين يتمزق الوطن شتاتا وتلك غاية يسعى لها جل قادة العملية السياسية في العراق. ليس صمت القبور الذي تمارسه القوى السياسية العراقية للتغطية على جرائمها المتبادلة وحده يخضع لمثل هذا التشبيه فصمت المواطن وردود فعله البائسة يدفع بقوة للاستعارة أيضا وهو حالة تختلف كليا عن الصمت الذي يمارسه الساسة.
أفضل أن أضع أسم طليان بدلا عن حملان.فالحمل فيه الكثير من الرقة والبراءة ولن يكون شاهدا كفأ على ما يحدث من حوله، فهو صغير ووديع ولن يستطيع تفسير ما يحدث ولذا فهو لا يملك غير الصمت واللعب بعيدا.ما دفعني لاختيار التسمية هو التشابه المطلق بين وقائع الفلم هو الهروب المتكرر من السجون وانتشار الجرائم بمختلف أنواعها في العراق دون رادع مع كثرة من الشهود والمشاركين والفاعلين الحقيقيين من ذوي المسؤولية في اللعبة السياسية ومثلهم البشر الذين باتوا يؤمنون بقدر الموت المسلط عليهم وينتظرونه بشيء من العدمية ولامبالاة. حيث يبدو أن وقائع الفلم يعاد تكرارها يوميا في العراق وحادثة الاعتداء التي تعرضت لها فتاة الفلم في طفولتها وخبأتها في ذاكرتها صورة مكررة لما رسخ في ذاكرة العراقيين تتكرر بعدة أشكال وبنماذج مختلفة ومتباينة في آن، والمجرم مطلق السراح يرتدي أقنعة مختلفة.
الخراف وربما الجمع المناسب لتلك التسمية وحسب الرغبة العراقية هم الطليان.من هم هؤلاء الخرفان أو الطليان ؟ ولم فضلوا الصمت وأمام أنظارهم تغتصب الهوية الوطنية العراقية ويخرق القانون وتمارس لعب العهر السياسي وتباع الأخلاق والضمير والذمم وهم في صمتهم غاوون لايملكون غير حيلة الشجب والاستنكار المماثلة للصمت ليس إلا، وهل حقيقة أنهم صامتون أم تراهم ضمن دائرة الجريمة وهم من يتستر عليها بالصراخ إدانة أو الشجب الذي لا يغني ولا يسمن بل يفضح الغاية منه ليقارب المثل الشعبي القائل الذي في جعبته صخل يمعمع.
الخراف تبدأ بالثغو حين تكون الذئاب بالجوار ولكنها تصمت هلعا حين تقترب الذئاب منها وتلامسها. أنها فطرة الاستسلام للموت. وهي تشترك بذلك مع جميع أبناء جلدتها من حيوانات الله عدا البشر فأنهم يواجهون الموت المفاجئ بصرخة تربك القاتل ولكنها لا تردعه. ما يحدث في العراق قريب جدا من صمت الطليان واستسلامها الفطري، فبالرغم من ضجيج الاستنكار للحوادث والخروقات اليومية فأن ذلك يماثل الصمت في فعلته والجميع فرحون كون القتل والجريمة يصبح بعد لحظات معدودات فعل ماض قابل للنسيان والفخر العراقي كل الفخر يتمثل بسير الحياة واستمرارها على سجيتها وطبيعتها في ذات مكان الحدث ورجوع البسمة على وجوه الناس رغم الدم العبيط الذي سفح والخراب العام، وكل هذا الموت يشي ببطولة المواطن وليس عجزه كما يروج.
هذا المشهد يعد استعارة ناطقة لأرث ثقافة البداوة بامتياز. هذا الاستسلام الفطري يكفي دلالة على قدرة الناس على ابتلاع الزقوم دون شعور بألم.عند شعوب أخرى مقتل كلب له من الوجع الكثير، وفي حادثة القتل والتفجير في أوسلو عاصمة النرويج خرج الآلاف ينددون ويدينون القاتل وجميع أنواع الإرهاب، ونظمت مسيرة في أسبانيا تعدادها ما يقارب 150 ألف من البشر طافت شوارع العاصمة بعد تفجير سيارة أدى لمقتل وجرح خمسة وعشرين شخصا فأين منا بمثل هذا الشجب. أذن صمت الطليان يطيح بأعراف وقيم التحضر والمدنية ليكون واجبا وثقافة وطنية عند هذا الشعب المتعب والمرعوب حتى من خياله والخوف لوحده يجعله مشارك فعال في الجريمة، والشعب الخائف يصنع ويمجد قاتليه.

جميع الجرائم القذرة يقوم بها أنواع الوحوش الذين سيطروا وسلبوا السلطة في العراق بمباركة الاحتلال وجميعها يأتي على خلفية التوريات والخدع السياسية والتواطئ والمحاصصة . ويظهر أن قوانا السياسية تنتابها نوبة تبادل قنوع لا بل توافق ميكانيكي سادي للصمت تجاه جرائم الشركاء. فصمت الشركاء أصبح واجبا وعرفا لذا أغمضوا أعينهم وصمتوا حين يروح أبناء السفاح من شركائهم ينهبون ويحزون رقاب الناس بالجملة لتمرير لعبة سياسية أو قضم مكسب. وكان ولازال التبرير يتداول بل بات ديدن الجميع رفع الصوت استنكارا وليس غيره. الحكومة تتسلى بعذاب العراقيين وتتشاطر في استنكار وتبرير الأعمال الإرهابية، قادة الجيش والأمن الوطني ومثلهم البرلمانيون يصمتون بفرح وشماتة وهم يتفرجون على انفلات الأمن وقرقعة السلاح اليومية وسرقة المال العام وخرق القانون والتعدي اليومي على حقوق البشر من قبل مليشيات وأشخاص بمختلف المسميات. وهذا يجعلنا نعتقد بأن البديل الحقيقي للفاشي صدام حسين أصبح واقعا والقادم لا محالة قد وضحت معالمه وليس بالضرورة أن يكون فردا، وسوف تكون السلطة للحواسم من الظلاميين الذي سوف يحكمون العراق بالكرباج والتفخيخ والتهديد والقتل العشوائي وكواتم الصوت وتكميم الأفواه ويمارسون قذارتهم بلغة القرون الغابرة (العصا لمن عصى ) وأعتقد أن كل من يريد الديمقراطية والحرية والحقوق المدنية سيجد أن العصا جاهزة في القادم من الزمن لقمع أحلامه.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغالبي رحيم وداعا
- ويكيلكيس عراقي
- لغز اختفاء موسى الصدر يكشفه عبد الحسين شعبان
- فتوى سياسية لغلق مقر الحزب الشيوعي
- المالكي في ملكوت الكرسي
- عطايا قليلة تدفع بلايا كثيرة
- ما فضحته مظاهرات 25 شباط
- شلون أو وين ويمته
- البو عزيزي العراقي
- كلمة السر مقر اتحاد الأدباء
- أجندة الأحزاب الدينسياسية
- عجائب وغرائب ساسة العراق
- رحيم الغالبي وجسوره الطينية الملونة
- في انتظار جوده
- السيد جوليان آسانج يشرب نقيع وثائقه
- الارتزاق وأجندة دول الإقليم
- من يربح البرلمان
- جيش محمد العاكَول في البغدادية
- النوارس تشدوا للفرح والسلام
- انتخابات الخارج دعوة مفتوحة للسرقات


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - صمت الطليان