أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العاطي الخازن - بين طريق بغداد و الحديقة المراكشية : شاعر يخطو بين هاوية الماضي و أحلام المستقبل















المزيد.....

بين طريق بغداد و الحديقة المراكشية : شاعر يخطو بين هاوية الماضي و أحلام المستقبل


عبد العاطي الخازن

الحوار المتمدن-العدد: 3521 - 2011 / 10 / 20 - 19:31
المحور: الادب والفن
    


اهتف و اجعل الفضاء يتكلم لغتك ,
فأنت المحظوظ يا عصفور
ترمي جناحيك للسماء ,
وتندفع مع التيار
آه يا عصفور ..
تلك كانت التلويحة الأولى للشاعر و الكاتب "علاء كعيد حسب" للاندفاع بعيداً عن مدار الجاذبية ، فمن سيناشد هذا العصفور غير قصيدة تعاند لترتمي في أحضان فضاءات الحرية ؟ فكان لا بد من عناد ومن مزاولة القصيدة بمنظور جمالي و بأسلوب تظل الصورة هي لغتهُ الأساس ، أكانت هذه القصيدة قصيرة أم طويلة فقامتها تمتدُ فوق بساطٍ فسيح دائم الترحال لا يمل الأمكنة ولا تملهُ الأوقات حتى خارج مربع عقارب الساعة ، فتبقى القصيدة حية في الحاضر والمستقبل ، وتجسد عبرها دائما روحٌ متجددة متشوفة لغدٍ مشرق ، بل وتساهم في تأكيد ذوق مختلف مُستطيعاً من خلاله أن يؤكد تمردهُ الجامح على العقلية السائدة في كل من الأدب والحياة .
مبرزاً رقة تصلُ مباشرة إلى القلب ، فيكون الفرح بالاتصال بشيء جميل . حيث يشعرُ القارئ أن القصيدة تعنيه بقدر كبير من الصلابة و ربما تستفزُ فيه أشياء كانت غابرة حتى القاع ، بتحرير القصيدة من التجريدات الميتافيزيقية وتمكينهِ من أن يعكس الوقائع الحقيقية والتفاصيل اليومية المزدحمة في الرأس . لا سيما بأننا نعيش في زمن متسارع ، غريب و حافل بالمآسي و المُعاناة .
ولد الشاعر و الكاتب "علاء كعيد حسب" في مدينة مراكش (المغرب) سنة 1983 من أب عراقي و أم مغربية . طبعت حياته الأحداث التراجيدية . عاش الشتات العراقي في غياب الأب مدة طويلة من الزمن بسبب ما شهدته العراق من حروب و حصار ، و كذلك فقدانه أخاه الصغير إثر حادثة أدت إلى مقتله ، و هو ما يعتبره الشاعر أعظم فاجعة حلت به من دون أن يتمكن من استيعابها . له ديوان "مستنقعات الجنوب"(2008) رفقة الشاعر السويسري "برينو ميرسي" ، كما شارك سنوات 2008-2009-2010-2011 في مختارات شعرية بكل من فرنسا و ألمانيا و سويسرا . و قد ترجمت العديد من قصائده إلى الألمانية و الفرنسية لما تحمله من بعد إنساني يتعدى الجغرافيا و الثقافة و يرتكز على المأساة كعنصر يتقاسمه و يفهمه الجميع .
لكن دور الجمال هو إنقاذ العالم هذا ما خطهُ مياكوفسكي وتأكد بلغة الشعر المتحرر والصادق والصريح .. ففي كل قراءة تعلنُ قصائد علاء عن شعر صريح ومتكامل ، شعر ذو تجربة توثق الألم بأوجاعه ، والماضي بأسطوريته و الحاضر بصيروريته ، والمستقبل بأحلامه ، فلا يمكن تغيب التجربة الحياتية كذلك .. ولعل علاء من القليلين الذين توحدوا مع كتاباتهم سيرة وتوجهاً ، فهو الذي عاش الشعر المُبكر ، عاش اليتم المُبكر بعيداً عن موطنه الأصلي العراق الذي زامنه تراباً و نخلاً ولازمه حباً ووجداً رغم طول الفراق :
سمعتُ أن غداً نلتقي
على مقربة من الفرات ،
نلقي التحية على بعضنا
وعتاباً واشتياقاً ..
فظل مجرد وداع مشحون بنزعات الرغبة في العودة للهوية والوطن ، وكما لا يخف أن بلد العراق صاحب الحضارة الوارفة الظلال جدير بالدراسة والبحث والتقصي في ذاكرة التراث المنسي والتراث الأدبي و الشفهي العميق الجذور .. فقد كرس شاعرنا علاء حيزاً كبيراً من وقته للنبش في هذا التراث ، مما أعطى قصائده سحراً درامياً يتشكل من نص إلى آخر ، ومن هنا إلى هناك يبعثُ بقصائده عبر العديد من الصحف و المجلات الورقية منها و الالكترونية إلى بلده العراق ، إلى أصدقاءه و معجبيه . جدل يصارعهُ حيث ليس ثمة حد فاصل بين الغربة و الشعر إنهما مصير محتوم ودائم في حضرة بلدنا المغرب . و قد يتجلى هذا التناغم واضحا من خلال هذا المقطع من إحدى قصائده :
أيها الطائر السابح في المدى
هل تذكر عشك الأول يا ترى
أم لا تذكر إلا وجهتك
أو أبعد قليلا..
نحو عش غريب..؟
و تحتل القصة أيضا حيزا مهما من نتاج الشاعر ، ونذكر مقطعا من إحدى قصصه القصيرة : الطفولة التي أحن إليها كلما تذوقت في لعابي طعم الحليب ، و رغم بساطتها ، معقدة و مركبة و متصلة بالألم كعين الذبابة . و لعل عيون الكبار المهشمة بشمس لا تمسح البؤس عن الوجوه و خطوات العابرين وحيدين في الأصيل ، من جملة الوضع الذي لم نفهمه حين كنا صغارا ، نلعب و نتعارك و نتسابق في زاوية أو درب قديم طويل لا يفضي إلى شيء ، في الهامش ، حيث رسم الله وجها مشوها للمدينة ، لا يعرفه السياح .
.. تفاصيلٌ لطفولة نالت حظها من هذا القدر اللعين ، قدر لا يستطيع شاعرنا أن يستسلم لهُ ولا أن يقاومهُ ، لكنه من خلال الشعر أصر على الإفصاح عن الدهشة الداخلية التي تسكنهُ وتُلازمهُ كيفما تحرك ، مروراً بأقصى التفاصيل اليومية الصغيرة ، يتركُ قصائده متناثرة نُلملمها أحياناً وحيناً تبعثرها الريح :
سأحفظُ يوم تموت
قصيدة البكاء
وسأرقص
والغسق يلهو بأطراف الليل
على جسدي ..
وبالإضافة إلى ما يؤكدهُ هذا المقطع من انغماس علاء في مشكلات شخص آخر و مآسي أخرى ، يلتقي الشخصان ويتبادلان الحديث حيناً و أحياناً يتنازعان بعدوانية مفرطة موظفاً في النص عبارات كالسراب ، السواد ، القيامة ، الرعشة ، الموت والرفات .. لكنه يخطُها ويُخلِطها بإرادته ، فيخاطب من خلالها من يُرزق على أنه حي ويستحق الرثاء . ربما يقصد بذلك أن عالم الموتى عالم خالٍ من الرياء أو كأنه يستشعر أنه سيفقد شخصاً عزيزاً على القلب . وهذا ما حصل بالفعل ، فقد فقدَ شاعرنا أخاه الذي كان بمثابة نور البصر بل البصر نفسه. جُروح نازفة تسربلت بخيوطها مشهداً لتلك الصور ، صورة وسام ذلك الشاب البريء المُروَى من أصالة مياه الفرات مرمياً ينزف حتى الموت .. الموت انطلاق آخر ، فكان نزيف علاء شعراً منطلقاً اتجاه القلب : وسام الشمس هو العنوان الذي اختاره شاعرنا لرثاء أخيه ، نذكر مقطعاً منها :
بين ديوان لم يكتب
و أمٍ تقرأ القدر من عينيك
وحدها صراط العصفورة على الزجاج
وسام الشمس في خصر القيامة .
هكذا هو علاء دائما يعتلي جدارات تكاد لا تستسلم من سطوته للارتقاء وهكذا حال العراقيين وهم يلبسون الحزن قروناً طويلة ، حتى بدت مفردات هذا الحزن تنعكس في الكتابة وفي صورة الأشياء المحيطة بهم . لكن الدور الأوحد والأهم الذي تلعبه المرأة اتجاه الرجل في صناعة المستحيل في أقوى همومِ الحياة هو ذلك العطر النفاث الذي يخترق مخابئ العشق ويحمل العاشق إلى رمي كل المعاناة في أقرب جحيم ممكن والارتماء في حضن الحبيب بلا حتى شجرة دفلى في الذاكرة ، شجرة أنثوية حالمة بالحرية والمساواة والتسامح :
مريم علميني القراءة والسماع
إني جاهل بتفاصيل اللغة
علميني الهدوء
لأكتب اسمي من جديد ..
إنه مقطعٌ فيه الكثير من براءة اللغة والاندلاع نحو مستقبل جديد توثقهُ المعرفة والحب والسلام وكثير من الأمل .. إلى جانب اهتمام علاء بالشعر والسرد القصصي يكتب كذلك في السياسة بقدر كبير من الأهمية ، ولعل هذه الإستراتجية المزاوجة بين الإبداع والفكر ، ساهمت وتساهم في إغناء النص الشعري والقصصي ، كما يدين من خلال كتاباته صمت العراقيين والمغاربة والعرب عموماً لما يجري ، و هو ما أفصح عنه بقوله : قد كسونا أنفسنا الصمت ، كما يفضح أطراف المختلسين و العملاء و غيرهم من السماسرة . فتجده أحياناً يكتب نصاً قصصياً أو شعرياً مُشبعاً بالإسقاطات السياسية منطلقاً به لتأسيس علاقة صريحة مع الذات التي تحب بلاد المغرب والعراق بالتساوي . فلم نجد هنا إلا إشراقه نقية لشاعر أحبه كثيرون وكرهه البعض لصرامته و مواقفه الملتزمة.


أنجزه الشاعر و الصحفي المغربي : عبدالعاطي الخازن



#عبد_العاطي_الخازن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة الحب والسراب ( محاولة أولى )
- بول إيلوار .. انتصار الصدق
- مع الشاعر محمد نور الدين بن خديجه
- نهاية الانسانية
- نسيان كاذب/شعر
- جمعية خطوة بتيكوين -أكادير- تحتفي بالكتاب والأغنية الملتزمة
- لم تعد هناك أغنية/شعر
- الكلمات تتنهد ..وترحل عني /شعر
- أضواء نسرين
- الكلمات/شعر
- طريق الغربة/شعر
- العصفور المتشائم/شعر
- خيانات القمر
- اشتعال البحر
- كان لي قلب
- همسات ريح على وتر(5)/شعر
- همسات ريح على وتر(6)/شعر
- همسات ريح على وتر(3)/شعر
- همسات ريح على وتر(4)/شعر
- همسات ريح على وتر (2)/شعر


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العاطي الخازن - بين طريق بغداد و الحديقة المراكشية : شاعر يخطو بين هاوية الماضي و أحلام المستقبل