أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - الحق حين يسخره الباطل















المزيد.....

الحق حين يسخره الباطل


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3521 - 2011 / 10 / 20 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما من مقارنة بين غياهب السجن والخروج إلى الحرية. ومن حق الأسرى الفلسطينيين جميعا ان يطلق سراحهم من غياهب السجون الإسرائيلية ؛ بل إن مجرد اعتقالهم وتشديد أحكام السجن بحق المئات منهم ، إلى جانب اغتيال العديدين، تعتبر انتهاكا للقانون الدولي. كما أن إطلاق صفة المخربين او الإرهابيين على رافضي الاحتلال، المناضلين من اجل الحرية والاستقلال الوطني يستند إلى خرافة "إسرائيل التاريخية" ، ذلك الاختلاق الاستشراقي الممهد للامبريالية الأوروبية، حيث زعم أن دولة إسرائيل إعادة تأسيس دولة يهودية قديمة في فلسطين، والوريث الشرعي لها. إن هذا ما أنكرته منذ سبعينات القرن الماضي وأثبتت بطلانه الحفريات الأركيولوجية والأبحاث التاريخية النزيهة والموضوعية. ومن خرافة "إسرائيل التاريخية" تناسلت أكذوبة حق الشعب اليهودي في وطن الآباء، الذي ينتفي حياله احتلال الأراضي الفلسطينية ثم الهجوم الاستيطاني، وكذلك المزاعم بصدد أيد فلسطينية ملطخة بالدماء وأيد إسرائيلية نقية من كل سوء ، والتي لا تعدو بعض تجليات العنصرية الصهيونية المبنية على خرافة الشعب المختار، تلك الخرافة التي وضعت إسرائيل وممارساتها خارج مساءلة العدالة الدولية. ضمن إطار ادعاء التفرد والشعب المختار والاستثناء من موجبات العدالة يختفي رفض إسرائيل المتواصل لحقوق الشعب الفلسطيني بينما يتعزز صمت العالم عن قيام نظام ابارتهايد في الشرق الأوسط. ولنتأمل شروط نتنياهو الملحقة بالاتفاق : موافقة حماس على الإبعاد ، الموافقة على تقييد الإقامة ، وجوب إثبات الوجود في مكتب التنسيق والارتباط مرة كل شهر للمحررين من الأسر تحت طائلة الإعادة إلى السجن في حال التأخر ولو ساعة عن الموعد ، ثم إعلان مسئول أمني إسرائيلي أن دولته لم تتعهد بعدم اغتيال السجناء المحررين!!
ويوازي السخرية السوداء في تفرد إسرائيل وتجاوزاتها المستثناة من المساءلة الدولية التطابق شبه التام بين السيناريو الراهن وسيناريو الانسحاب من غزة، الذي تزامن مع إقرار مشروع تهويد القدس والضفة. فقد اصدر بنيامين نتنياهو ليلة الإعلان عن صفقة التبادل قرارا بتشكيل لجنة لإعادة النظر في البؤر الاستيطانية " غير الشرعية"، بهدف ضمها إلى المستوطنات القائمة او توسيعها إلى مستوطنات. الأحداث تعيد نفسها ، الأحداث الجديدة هي تكرار لأحداث قديمة ، والتضليل يظل التضليل، والغفلة تظل هي الغفلة. وما لم تتغير بنية التفكير لدى قيادات الفصائل المتنفذة في العمل الفلسطيني، وما لم تتعود التفكير الاستراتيجي وتتجاوز المكاسب التافهة وتمد البصيرة إلى ما وراء الأكمة فلن نحرر أرضا ولن نبني وطنا بحال.
فكما اختار شارون توقيت الانسحاب ، حيث وقفت الأمم المتحدة إجلالا ل" رجل السلام" مع الانتهاء من وضع خطة الاستيلاء التام على الضفة وضمها فارغة من سكانها العرب، اختار بنيامين نتنياهو توقيت تنفيذ صفقة مبادلة شاليت بحيث يستعيد بعض المصداقية على الصعيد الدولي ، وحتى يغطي ضجيجها الإعلامي على التوسع الاستيطاني . ومثلما ارتفعت صيحات "النصر" على جيش الاحتلال، وأفضلية "خيار المقاومة" في "تحرير غزة".. لتغطي على نداءات الاستغاثة من أهالي مدينة القدس الشرقية ـ رأس العامود والشيخ جراح ـ وهم يطردون بالقوة من منازلهم ويلقى بأثاثهم في العراء ترتفع صيحات النصر والتباهي بأفضال العنف المسلح. كان الانسحاب من غزة مجرد إعادة تموضع الجيش المحتل ، ومع الحصار الشامل جرى الإقرار بأن قطاع غزة محتل لم يزل؛ لكن المسارعة لادعاء النصر والمبالغة فيه لم يتغير ولم يتبدل.
لا يعترض أحد على خروج السجناء إلى الحرية ؛ لكن المبالغة في الضجيج الدعائي تخفي الهجمة الاستيطانية المنفلتة. الضجيج المرافق للصفقة صادر عن مبارزات مألوفة على الشعبوية بين فصائل فلسطينية، متجاهلة مكاسب إسرائيل من الصفقة وتقييداتها المعبرة عن روح التفوق والسيطرة . ولا يجوز نسيان تجاهل إضراب السجناء هذه المدة الطويلة للمطالبة بحقوق ظفروا بها إثر نضال عنيد كلفهم الضحايا البشرية ثم انتزع منهم باسم التفرد والاستثناء وإنكار الحقوق الفلسطينية. وبعث عدد من المثقفين الفلسطينيين إلى المسئولين المصريين يناشدون التدخل لفرض معاملة إنسانية للأسرى الفلسطينيين تقرها القوانين الدولية. والخبرة الفلسطينية المريرة تحفظ لإسرائيل دأبها تقديم التنازل المظهري لترفقه بعملية اغتصاب أرض او بتمدد استيطاني أو بإصدار قوانين عنصرية. وحكومات إسرائيل تتقن فن تصدير الأزمات داخل المجتمع المقهور تحرفه عن أهدافه الحيوية في مجادلات ومناكفات تافهة ، وتدخله بين الحين والآخر في صراعات إعلامية تقليدية بصدد أولويات المقاومة وحول أصحاب الفضل.
فبعد خطاب الرئيس الفلسطيني أمام الأمم المتحدة جرت محاولات لطمس مضمون الخطاب، ولتغييب النقاش حول حق الدولة الفلسطينية. خفتت الأضواء حول الطلب الفلسطيني بالدولة المستقلة ذات السيادة، وجرى التعتيم على مداولات مجلس الأمن، كي تستقطب صفقة شاليت الأضواء ولتبقى العرض الوحيد على مسرح السياسة الإقليمية والدولية . والعرض لا يشير إلى أفضلية التفاوض لإنهاء الصراع؛ إنما يؤكد من جديد أفضلية العنف المسلح. نتنياهو من مركزه يتلاعب بتوازن القوى داخل الطرف الفلسطيني. ينقل الصحفي التقدمي في إسرائيل عكيفا إلدارعن موشيه يعلون نائب نتنياهو وعضو حزب ليبرمان قوله حين كان يشغل منصب مدير الشاباك، " بيبي جيد بالنسبة لرافضي السلام ـ حماس وإيران ". من جديد، كما حدث أثناء سحب العسكر والمستوطنين من غزة ، مضت الدعاية أن الممر الديبلوماسي يفضي بالفلسطينيين إلى نهاية مميتة ، بينما "الإرهاب" يطرد المستوطنين من المناطق ، وها هوذا "الإرهاب " يحرر المئات من سجنائهم .
وتستجيب إيران لحملة نتنياهو ، وكأنها على موعد. شاركت إيران في حملة شق الصف الفلسطيني . فعندما تتوفر القوى لتحقيق شعار ما ، أيا كان، يعتبر طرح الشعار عملا سياسيا مبررا؛ ولكن عندما لا تتوفر الشروط فيعتبر طرح الشعار مزاودة انتهازية وتحريضا على الانتحار. إسرائيل لم تتحدث عن القدس الموحدة إلا بعد احتلال القدس الشرقية. من طهران انهالت النصائح في "مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية" تنتقد التوجه إلى الأمم المتحدة وترفض الدولة الفلسطينية التي نظر إليها نتنياهو وليبرمان برعب شديد، و تؤكد أفضلية العنف المسلح. لمصلحة من جرى تسخيف خيار الدولتين و إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967؟! هاجم آية الله الخميني في المؤتمر فكرة حل الدولتين وقال إن على الفلسطينيين أن لا يقصروا جهودهم على البحث عن دولة ضمن حدود 1967 ، لأن فلسطين كلها للفلسطينيين . أضاف آية الله أن إيران لن تقر بأي اتفاق بحل وسط . وتتجاوب حماس مع الدعوة متراجعة عن الطرح الذي قدمه الشهيد الراحل أحمد يسن وكرره مرارا قادة حماس الأحياء. وقف خالد مشعل على منبر المؤتمر يهاجم حل الدولتين ؛ ومن غزة ندد هنية بدعوة عباس للاعتراف بدولة فلسطينية ضمن حدود 1967. وإفراطا في بلاغة الخطاب قال إن الشعب الفلسطيني لا يستجدي الدولة ، والدولة لا يمكن قيامها من خلال قرارات ومبادرات ، بل عبر تحرير البلاد كلها ثم إقامة البنية السياسية. ألم "تستجد" الصهيونية دولتها من الأمم المتحدة ؟! ألم تكن الأمم المتحدة القابلة لعشرات الدول الأعضاء في المنظمة الدولية؟!
هل نرى في هذه الدعوات تصليبا لموقف سياسي أم هي خدمة مجانية تقدمها السياسة غير الرشيدة للأعداء؟! أين تصب دعوات الحسم إما نحن أو هم ؟ من هي القوة القادرة على الحسم في الوقت الراهن؟ المنطق الذي اعتمده مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية في طهران وتجاوب معه هنية وخالد مشعل لا يقدم القضية الفلسطينية بقدر ما يدعم حجج المستوطنين ويسند ممارسات البلطجة التي ينظمونها باضطراد. إن ضمان وجود المجتمع الإسرائيلي في فلسطين مرهون بالاعتماد على السيف والقبضة الحديدية فقط، تلك التي تستنفرها دعاية مؤتمر طهران وتقدم لها المبرر؛ كما أن جميع الغايات الاجتماعية العمومية تتقزّم إزاء الغاية المركزية وهي ضمان البقاء، وأنه يتعيّن على الجميع أن يكون مجندًا، وأن يقبل بداهة أي ضحايا بشرية تُقدّم على مذبح حماية الوجود، فضلاً عن تقبل أي أثمـان باهظة في سائر المجالات. تلك هي حقيقة المجتمع العسكري. تحت وقع مؤتمر طهران صدرت دعوات في إسرائيل تتصدى لخيار العدالة الاجتماعية على السلاح.

لتكريس هذا النهج ينبري ضابط متقاعد وباحث يميني مثل أفي ييساويتش، الصحفي المستقل والمعلق السياسي في شئون الشرق الأوسط لتأكيد أن" إسرائيل والمجتمع الدولي سيكونان على درجة عالية من الحمق إن لم يأخذا بالحسبان الأقلية المتشددة في عدائها لإسرائيل ، والتي ستواصل معارضة وجود إسرائيل القائم على أسس الدين والإيديولوجيا السياسية" . ويقول هذا الخبير الاستراتيجي " تظهر استطلاعات الرأي العام أن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تؤمن أن السلام لن يتحقق على الأرض الفلسطينية . وجميع الأحزاب الإسرائيلية تقريبا ، بمن فيهم المعارضة الرئيسة تصر على وجوب الإقرار بأن إسرائيل هي "دولة اليهود القومية ".
منذ اندلاع العنف المسلح في أيلول ألفين فقد الفلسطينيون 6500 شهيد منهم 1500 طفل ، وتشوه 45 ألف من الجرحى والمعوقين. دمر ت قوات الاحتلال 25 ألف بيت في المناطق المحتلة ، وبنت 236 مستعمرة يقطنها 650 ألف يهودي من الحاقدين على العرب. أشجار تقطع ، مزروعات تدمر وأراض تجرف ومساجد تحرق ..كل ذلك يتم في أجواء من الصمت. أجواء الصمت تمنع وصول أخبار الجرائم الجارية فوق الأرض الفلسطينية المحتلة، بحيث بات العديد من المراقبين داخل إسرائيل وخارجها يستهجنون انتقادات توجه لإسرائيل تصدر من جانب الصحافة المطلعة أو صحافة التقصي. حقا يفاجأون بما ينشر نظرا للتعتيم المفروض على الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ونتيجة للصمت المفروض " يمسك المستوطنون بالأوراق" كما كتب الصحفي سترنهيل بصحيفة هآرتس، " مهددين باحتمالات العنف ضد أي حكومة تتخلف عن خدمة مصالحهم .. وفي ظل هذه الأوضاع فلن يكون الاتفاق مع الفلسطينيين سوى نكتة سوداء ، سواء جاء مباشرا أو بصورة غير مباشرة " .
تناثرت البؤر الاستيطانية على رؤوس التلال استجابة لنداء وجهه شارون لدى فوزه في انتخابات الكنيست على إيهود باراك التي جرت في السادس من شباط 2001. في صباح اليوم التالي شوهدت، على منحدر هابط من مستعمرة بنيت عام 1983 فوق تلة تدعى "ظهر جالس" بين بلدتي حلحول وبيت أمر في الطرف الشمالي من محافظة الخليل.. شوهدت ثماني حاويات مطلية بالأبيض نصبت أثناء الليل. وما زالت البؤرة الاستيطانية قائمة بصفة " غير شرعية "، نموذجا لمئات البؤر المقامة على أراضي المزارعين الفلسطينيين. أما في خرائط جيش الاحتلال فتظهر ملحقة بالمستعمرة مثل زائدة دودية. وفي مؤتمرانا بوليس عام 2007 تم الاتفاق على تصفية البؤر الاستيطانية بموافقة حكومة إسرائيل برئاسة أولمرت؛ ولم ينفذ الاتفاق ، كي تحول البؤر إلى مستوطنات في غفلة عن أصحاب الشأن . وكثيرة هي السرقات التي نفذتها إسرائيل منتهزة ظروفا محلية أو دولية ، أو مستغلة تغييب محكمة العدل الدولية والقانون الدولي، وسيادة قانون البراري..
مباشرة بعد صدور قرار التقسيم في تشرين ثاني 1947، جرت عملية السطو المسلح . بن غوريون الذي ضغط من أجل قبول قرار التقسيم ( مصرا على حق إسرائيل الكامل في أرض الآباء) رأى في رفض العرب قرار التقسيم الفرصة النادرة لتجاهل قرار التقسيم من جانبه والتقدم داخل الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية. وكل منازلة مسلحة مع الفلسطينيين المحاصرين، أو غير المؤهلين، استغلت لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية.
نصح ابراهام بورغ الرئيس الأسبق لمجلس الكنيسيت كل من يود معرفة ما يدور في ذهن نتنياهو أن يقرأ مقال فلاديمير جابوتنسكي المعنون " الجدار الحديدي". و جابوتينسكي هو زعيم التيار المتشدد في الحركة الصهيونية ،الذي تحدر منه تجمع الليكود وحزب كديما، اللذان يسيطران على صناعة القرار في إسرائيل . في حينه اعتبر زعيم الجناح المتشدد نهج بن غوريون تنازلا عن العقيدة محفوفا بخطر تدمير المشروع الصهيوني. دأب جابوتينسكي على الدعوة لاحتلال فلسطين وإقامة الدولة والهيكل الثالث ب" الحديد والنار"؛ بينما عبر بن غوريون عن قلقه من أن إشهار الهدف الصهيوني كاملا من شأنه أن يؤلب العرب ويحشد مقاومة للمشروع قد تفشله. كان سكرتير جابوتينسكي في ذلك الحين هو المؤرخ بن زيون نتنياهو ، والد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء. وقد يكون بن زيون هو صاحب الأفكار الواردة بالمقالة الصادرة عام 1923. تقول المقالة التوجيهية، لا توجد فرصة لأن يقايض العرب أرضهم بالخبز والزبدة، فهم شعب حي ؛ وبهذه الصفة لن يقبلوا بنا إلا بعد نفاذ الأمل بالتخلص منا... ولذا فالشرط الأساس لإقامة نظام امني حول دولة إسرائيل يتمثل في "تشييد جدار حديدي يستحيل تحطيمه من شأنه أن يحمي المشروع الصهيوني. ومع مرور الزمن يقنع العرب أنهم لا يملكون القوة الكافية لتحطيم الحاجز والتخلص من اليهود. "
وعلى هذا " الجدار الحديدي" يعول نتنياهو وتياره المتشدد. هذا الجدار يتمثل في استيطان الضفة مع إبقاء بانتوستانات معزولة تصفى تلقائيا مع الزمن. وتجد خطة إسرائيل دعم اليمين الأميركي والدولي. جابوتينسكي، وخلفاؤه من بعده، لا يفهمون القوة إلا مقرونة بالسلاح المدمر والقاتل ، ولا تخطر ببالهم قوة الجماهير الطالعة إلى التحرر والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والمتطلعة إلى السلام العادل. ولذلك يعولون على القوة المدججة بالسلاح. والمخططات الاستيطانية التي ينفذها بنيامين نتنياهو ، ابن زيون نتنياهو ، ترمي إلى تشجيع التشدد الفلسطيني المعتمد على العنف المسلح؛ فذلك هو الميدان الذي يتجلى فيه تفوق إسرائيل على الفلسطينيين المحاصرين . وبعد فشل مؤتمر كامب ديفيد في خريف 2001 دأب إيهود باراك ثم خلفه شارون على استدراج انتفاضة الشعب الفلسطيني سخطا على المفاوضات العقيمة ، والتي لم تكن سوى قناع لنهج الاقتلاع الصهيوني.. استدراجها إلى مواجهة عنف مسلح استطاع خلالها ضرب المقاومة وإنهاكها والمضي في نهج التوسع الاستيطاني بلا عائق وتشييد جدار الفصل العنصري .
المتدينون والعلمانيون من القوميين المتطرفين يقفون في الحقيقة على أرضية مشتركة ولهم أهداف مشتركة . فهم جميعا يعتبرون التفوق اليهودي القاعدة الوحيدة التي يقف عليها المشروع الصهيوني والوجود الإسرائيلي. حيال هذا الإجماع يرى زئيف ستيرنهيل ، الصحفي الإسرائيلي بصحيفة هآرتس، أن "أنشطة جماعات البلطجة ( في الضفة الغربية المحتلة) برهان حي على عدم جدوى توقع أي تغيير في الأراضي المحتلة...فحتى لو جاء يوم ولم يعد اليمين ممسكا بالسلطة أو اضطرت إسرائيل إلى التراجع أمام الضغوط الدولية ، فإن السياسات في الأراضي المحتلة سوف لن يطرأ عليها تغيير جوهري لآن المتمردين سيظلون ممسكين بزمام الأمور بالتعاون مع الشرطة والجيش ، ونظرا لإجماع الصمت عما يجري بالمناطق". ومن الواجب عدم نسيان أن السياسات الأميركية ، القائمة على مناهضة قيم العدالة والتحرر الوطني،هي التي تدعم بلا تحفظ بالمال والسلاح والمواقف السياسية عدوانية إسرائيل، وتؤيد ادعاءاتها التوراتية المقطوعة عن السند العلمي .
فهل اتضح من هو القادر على المبادرة في هذه المرحلة والحائز على إمكانات الحسم؟ وفي أي طاحون تصب الدعوة لرفض الدولة الفلسطينية على حدود 1967؟
وهذا لا ينفي احتمال قيام دولة موحدة لجميع سكان فلسطين في يوم ما.ولكن ذلك مشروط بإنجاح حملة تنويرية تدحض الأسس التي يقوم عليها الخطاب الصهيوني ، مقرونا بحملات مقاومة شعبية بعض وسائلها المظاهرات الحاشدة ونضال اللاعنف والعصيان المدني والمقاطعة الاقتصادية . ولنا في تصاعد مد الحركات الشعبية السلمية ضد أنظمة القهر وتحدي التبعية في الأقطار المجاورة ما يدعم القضية الفلسطينية ويدخلها أحد بنود المشروع الوطني الديمقراطي في كل بلد عربي.
ومع الانتقال إلى الحكم الديمقراطي التعددي والعدالة الاجتماعية ومجتمع حق المواطنة للجميع سوف تفقد إسرائيل مبرر ادعاء أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وستتراجع إلى دولة القرون الوسطى القائمة على التمييز العرقي والديني .
بهذه الوسائل المتاحة للشعب الفلسطيني و لكل المجتمعات العربية يتم إحراز التفوق على إسرائيل وعزل نظامها العنصري محليا وعلى الصعيد الدولي.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الوطنية من حلم إلى كابوس
- بعض الملاحظات على كتا ب -رؤية بديلة للاقتصاد الفلسطيني من من ...
- الديمقراطية الأميركية معاقة بالكساح
- أضواء العلم على تفجيرات نيويورك
- مزيد من الأضواء على أخطر مؤامرات اليمين الأميركي ضد البشرية
- إعادة القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة
- سوريا ديمقراطية متحررة وتقدمية
- جريمة بريفنيك في النرويج نذير وعبرة
- كل شيء يهون حيال استقلالية القرار الوطني !
- فلسطين .. العراق وعالم الغاب
- لصراع تغذيه المصالح ويتفيأ بظلال الدين
- وفي إسرائيل تنشط فرق البلطجة
- وقائع التاريخ وأزمة إسرائيل الوجودية
- خلف دخان التفاوض إسرائيل وحلفاؤها يجسدون الحلم الصهيوني
- استنهاض الحركة الشعبية (3من3)
- استنهاض الحركة الشعبية(2من3)
- استنهاض الحركة الشعبية (1من3)
- الامبراطور أوباما عاريا
- رضاعة النازية مراجعة نقدية لمسيرة بائسة (2من2)
- رضاعة النازية .. مراجعة نقدية لمسيرة بائسة


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - الحق حين يسخره الباطل