أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي















المزيد.....

المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1045 - 2004 / 12 / 12 - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
وسط هذا الظلام الدامس الذي يجتاح العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، بفعل سيطرة الأعمال الارهابية الدموية المدعومة بالفكر الديني الظلامي المزيف الذي اختطف الإسلام كدين رحمة وتسامح وجدل وحوار، انعقد المؤتمر الثالث لـ "مؤسسة الفكر العربي" في مراكش (1-4 ديسمبر) تحت عنوان مهم وجاد وحيوي في هذه المرحلة وهو : "العرب بين ثقافة التغيير وتغيير الثقافة".

ووسط هذا الارهاب الفكري الذي تمارسه بعض الأنظمة العربية وتفرض فيه أيديولوجيتها بالعصا حيناً وبالجزرة حيناً آخر والتي أصبحت خارج الزمان وخارج المكان ، وتحول دون أية زهرة لكي تتفتح، كما تحول دون أي شمعة لكي تنير طريقاً، قام المؤتمر الثالث للفكر العربي بشق طريق لحرية الفكر ونزاهة الحوار وشفافية الجدل، وألغى ما يطلق عليه بالخطوط الحمراء والصفراء والخضراء وغيرها من الخطوط، ودعا المثقفين إلى القفز على هذه الخطوط والحوار بصراحة بعيداً عن ربطات الَجَزر والعُصي والتلويح بها. ورغم ذلك فقد بقي بعض المثقفين في هذا المؤتمر محكومين للاستبداد والطغيان الذي سنتحدث عنه بعد قليل!

-2-


ما هي الأهداف التي حققها هذا المؤتمر؟

حقق المؤتمر الثالث لـ "مؤسسة الفكر العربي" أهدافاً كثيرة منها:



1- أن الهوة بين المثقف والسلطان والتي سعى المثقفون إلى ردمها منذ مطالع الاستقلال العربي في الخمسينيات كانت وما تزال قائمة. بل إن هذه الهوة هي من واحد من أسباب أزمة السياسة وأزمة الثقافة العربيتين. وفي هذا المؤتمر تمت دعوة عدد من السياسيين العرب المسؤولين من سفراء ووزراء كما تمت دعوة عدد من السياسيين الغربيين من السفراء والوزراء كذلك لكي يناقشوا المفكرين المشاركين في هذا المؤتمر طروحاتهم، وينقلوا بالتالي هذه الطروحات إلى مستويات سياسية عليا. فالتغيير العربي المطلوب الآن لا يهدف إلى سحق الخصوم ولكن إلى التفاهم معهم. ودور المثقفين الآن ليس اتلاف الزهور وسحقها للحصول على رحيقها، ولكن فعل ما تفعله النحلة، دون إيذاء الزهرة. ولعل التجارب المختلفة منذ مطلع الخمسينيات إلى الآن قد دلتنا على أن التغيير والإصلاح الذي لا يتم من داخل المؤسسات السياسية القائمة، فسوف يتم من خارجها، وبتكلفة عالية وقسوة بالغة. فكان أن ردم هذا المؤتمر ولو بحصوة واحدة جزءاً من الهوة السحيقة القائمة بين المثقف والسلطان.

2- لقد قام هذا المؤتمر برفع سقف الحرية في النقاش والجدل وطرح المسكوت عنه والمحرّم البحث فيه في السياسة والثقافة العربية. ولعل العنوان الكبير الذي دارت حوله كافة الطروحات وهو (العرب بين ثقافة التغيير وتغيير الثقافة) دليل كبير على سعة هوامش حرية الفكر والجدل التي تمتع به المشاركون في هذا المؤتمر. ولعل فتح النقاش بأوسع أبوابه حول الحريات العامة ومطالبة المثقف الالتزام بقضايا الأمة ومناقشة هذه القضايا مناقشة عقلانية وواقعية ضمن الامكانات السياسية المتاحة كان من أحد أعمدة الحكمة الرئيسية التي بنى عليها هذا المؤتمر نجاحاته.

3- التفات المؤتمر إلى أهمية الاعلام العربي في معركة التغيير. ومن هنا كان تركيز المؤتمر على تأثير الفضائيات على الثقافة العربية من وجهات نظر ثلاث مختلفة. وتخصيص هذا المؤتمر لندوتين لبحث أثر الإعلام على الثقافة العربية. ولعل أهمية دور الإعلام في معركة التغيير العربية هو ما دفع المسؤولين في "مؤسسة الفكر العربي" إلى تخصيص المؤتمر الرابع في ديسمبر القادم 2005 الذي سيقام في دبي للإعلام ودوره المتعاظم.

4- حرص المؤتمر على ابراز وتوضيح رؤية منظمات حقوق الانسان لثقافة التغيير وتغيير الثقافة في الوطن العربي. واستضافة هذا المؤتمر لأكثر الأصوات العربية صدقاً وشفافية في منظمات حقوق الانسان.

5- تركيز المؤتمر على إبراز رؤية الشباب العربي للثقافة العربية في ضوء الانفتاح على الثقافات العربية. وفتح الأبواب للشباب العربي في الجامعات العربية المختلفة للتعبير عن أفكارهم وتشجيعهم على طرح هذه الأفكار باعتبار أن هؤلاء الشباب هم مفكرو المستقبل وهم صانعو هذا المستقبل في الغد القريب. فطرح الشباب الذين شاركوا في هذا المؤتمر رؤيتهم الثقافية فيما يتعلق بالانفتاح على الثقافة العالمية وماذا تعني ثقافة التغيير وتغيير الثقافة بالنسبة إلى الشباب العربي. وسمعنا من الشباب طروحات جادة وعميقة وجديدة.



-3-

ما هو الاستبداد والطغيان في هذا المؤتمر؟

الاستبداد والطغيان الذي ظهر في هذا المؤتمر - وإن كان محدوداً - لم يكن من قبل "مؤسسة الفكر العربي" المنظمة لهذا المؤتمر، كما لم يكن من قبل الدولة (المغرب) التي استضافت هذا المؤتمر بكرم كبير وسماحة مشكورة، كما لم يكن من قبل من أداروا ندوات وجلسات هذا المؤتمر الذين أتاحوا لكافة الأطياف الفكرية والسياسية التي حضرت هذا المؤتمر لكي تعبّر عن أفكارها وتقدم طروحاتها، ولكن الطغيان والاستبداد كان من قبل بعض جمهور الدهماء الذي يريد من بعض المثقفين أن يكونوا مطربين لا مفكرين، مُخدرين لا مُوقظين، مُطبطبين لا مُحفزين، مُهدئين لا مُقلقين. ولهذه الفئة من الدهماء طغيانها واستبدادها للمثقف الجماهيري الذي هو من الجماهير وإليها، حاله كحال الزعيم السياسي الذي يسعى لإرضاء الجماهير واستثارة غرائزها السياسية لا دعوتها إلى إعمال عقلها السياسي والتبصر في واقعها السياسي وقدراته وحدوده.

و"المثقف الجماهيري" على هذا النحو هو أسوأ أنواع المثقفين لأنه يثير عواطف الجماهير، ولا يستنهض عقلها، ولأنه يسعى إلى تصفيق الجماهير وهياجها، لا إلى تعقيلها وتبصيرها. ومثقف الجماهير هذا مثقف وجداني يخاطب القلوب ولا يخاطب العقول. يطرب لتصفيق الدهماء طرب المطرب للإعجاب. ويقدم لجمهوره لا ما يجب أن يسمعه ولكن ما يريد ويشتهي ما يسمعه. فما كان من فئة مثقفي الجماهير هذه إلا أن تستجيب لرغبات الجمهور في المؤتمر الثالث للفكر العربي لتسمعه مقامات سياسية تطريبية من مقامات الخمسينيات والستينيات التي أدت إلى كوارث سياسية ماحقة، لاستدراج التصفيق كمقام "الإسلام الأمريكي" ومقام "كفى جلداً للذات" ومقام "الاستعمار الجديد"، وغيرها من المقامات التطريبية ذات الحنين السياسي الوجداني العروبي، والتي تفتح الجروح النرجسية العربية، وترشّ عليها ملح الواقع العربي المرير القائم الآن، لكي تهيّجها، وتستدرج تصفيق الدهماء ورضاها.

-4-


ماذا نريد لكي تستمر مؤسسات المجتمع المدني في أداء رسالتها الحضارية؟

إن الرسالة الحضارية والثقافية التي تقوم بأدائها "مؤسسة الفكر العربي" وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني هي أهم بكثير من عمل وزارات الثقافة في العالم العربي التي أصبحت عبارة عن دواوين وصالونات للمثقفين لعلك الكلام، وهشِّ الذباب، ومراقبة المحرمات في الثقافة، وجعل الخطوط الحمراء في كل ثقافة عربية أكثر عرضاً وأشد احمراراً من ذي قبل. فمثقفو السلطان وكتبته في وزارات الثقافة العربية لا يتوانون عن الجسِّ والدسِّ لبعضهم بعضاً. والحل الأمثل لتقدم الثقافة العربية هو إلغاء وزارات الثقافة العربية وتحويل ميزانياتها لمؤسسات الثقافة في المجتمع المدني، لكي تستطيع أداء رسالتها الثقافة المكلفة على الوجه الأكمل. فهذه المؤسسات تعاني من قلة الموارد المادية. وما تقوم به من نشاطات ثقافية يكلفها الأموال الطائلة. وبعض رجال الأعمال العرب يُحمدون ويُشكرون على ما تقدموا به من دعم مادي سخي لهذه المؤسسات. ولكن ما زال الواجب الكبير هو على الدول العربية، لكي تدعم هذه المؤسسات مالياً ، دون فرض أفكارها وأيديولوجيتها على هذه المؤسسات وجعلها حرة.

فبالحرية وحدها ترقى الحياة وتزدهر.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع العربي المرير وأسئلته
- الانتخابات العراقية بين كفر المقاطعة ومعصية الاشتراك
- بشائر مؤتمر شرم الشيخ
- إنفلاج الصُبح في الفلّوجة
- هل يُصبح محمود عباس -غاندي فلسطين-؟
- نجاح -الجمهوريين- انتصار لمشروع التغيير العربي؟
- 3000 توقيع على (البيان الأممي ضد الإرهاب) ماذا تعني؟
- أسماء الدفعة الثانية من الموقعين على - البيان الأممي ضد الار ...
- أسماء الدفعة الأولى من الموقعين على (البيان الأممي ضد الارها ...
- خيبة العُربان والإرهابيين في الانتخابات الأمريكية
- الالتباس التاريخي في إشكالية الإسلام والحرية
- هل سيورّث عرفات سُهى الخلافة الفلسطينية
- لماذا كان -البيان الأممي ضد الارهاب- ولماذا جاء الآن؟
- العرب: جنون العظمة وعقدة الاضطهاد
- شارون وعرفات حليفان موضوعيان!
- ما هي مصلحة العرب من هزيمة الارهاب في العراق؟
- الانتخابات الأفغانية: خطوة الديمقراطية الأولى على طريق الألف ...
- الإجابة على سؤال: لماذا دولة -الرسول- و-الراشدين- لا تصلح لن ...
- لماذا -دولة الرسول- و-الراشدين- لا تَصلُح لنا الآن؟!
- أيها الأزاهرة: ارفعوا أيديكم عن ثقافتنا


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي