أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق قديس - ماذا بقي من الكتاب الأخضر؟














المزيد.....

ماذا بقي من الكتاب الأخضر؟


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 3519 - 2011 / 10 / 17 - 19:40
المحور: كتابات ساخرة
    


بما أني من هواة القراءة، سارعت يوم افتتاح معرض الكتاب الأخير المقام في معرض عمان الدولي للسيارات على طريق المطار، أملاً بالعثور على بعض الكتب القيمة، وما يمكنه أن يروي عاشقاً متيماً بالتاريخ والأدب والفلسفة.

وبدأت أُجري حفرياتي الخاصة ما بين دور النشر للتنقيب عما ثقل فكره، وخف سعره، فمسحت الطاولات مسح الشمس للكرة الأرضية، وتفحصت المؤلفات مؤلفاً مؤلفاً، وانتقلت بعينيَّ من الشعر إلى السياسة إلى الدين إلى التاريخ إلى الألغاز إلى كتب الطبح والأبراج حتى وجدتني أقف أمام الكتاب الأخضر. فلم أصدق ما تراه عيناي! فقد كانت تلك المرة الأولى في حياتي التي أكون فيها على هذه الدرجة من القرب من كتاب العقيد معمر القذافي.

ولكي أتأكد من صحة ما أرى تفقدت مكان وقوفي، فوجدت أني أقف في الجناح المخصص للجماهيرية الليبية، والكتاب الأخضر يتوسط المكان بمئات النسخ ويتصدر إصدارات طرابلس، إلى جانب مؤلفات أخرى للقذافي أصدرها في أوقات مختلفة.

هذه أول مرة أراه بهذا القرب، وكنت قد سمعت عنه ولم أقرأه، وقد تمنيت أن أقرأه منذ زمن، فهو كتاب ذا صبغة خاصة كصاحبه – كما قال لي أحد الأصدقاء – لذا تناولت على استحياء نسخة منه كي اشتريها، وتوجهت بتردد نحو المشرف على الجناح لأدفع ثمنها وتصبح من بعد ذلك عضواً جديداً في مكتبي، لكن شيئاً ما هتف بداخلي قائلاً :"تصفح الكتاب أولاً"، فتسمرت في مكاني، وأخذت بالفعل أقلب صفحات الكتاب.

ومع كل تقليب للصفحات كنت أصعق وأصعق حتى غدوت كمن مسه جنٌّ أو سرى في جسده تيار كهرباء، فالمضمون كان هزيلاً للغاية، والجُمَل مجرد رصف كلمات بأخرى، والفكر ينم عن شخص ضيق الأفق قليل المعرفة.

ولم يكن اصطدامي بالفصل الذي يتحدث فيه عن المرأة ودورها في المجمتع سوى الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فأنا لم أصدق أن شخصاً غيَّر تاريخ دولة لمدة 42 سنة يكتب مثل هذه الكلمات : "المرأة أنثى، والرجل ذكر… والمرأة طبقاً لذلك يقول طبيب أمراض النساء .. ( إنها تحيض أو تمرض كل شهر ، والرجل لا يحيض لكونه ذكراً فهو لا يمرض شهرياً (( بالعادة ))....)" أو هذه الكلمات : "المرأة أنثى لا غير .. وأنثى تعني أنها ذات طبيعة بيولوجية مختلفة عن الرجل لكونه ذكراً .. والطبيعة البيولوجية للأنثى المختلفة عن الذكر جعلت للمرأة صفات غير صفات الرجل في الشكـل والجوهر .فشكل المرأة مختلف عن شكل الرجل لأنها أنثى .. وكـذلك كـل أنثـى في المخلوقات الحية من نبات وحيوان مختلفة في شكلها وجوهرها عن ذكرها . تلك حقيقة طبيعية لا مجال لأي مناقشة فيها.".
عندها أعدت الكتاب إلى مكانه والمنية أن أقذف به إلى حظيرة البهائم، لعل البهائم تستفيد منه بشيء.

ودارت الأيام يوماً تلو آخر، واندلعت الثورة في ليبيا، وجاء الوقت الذي أشاهد فيه من ينوب عني بإسقاط الكتاب الأخضر وحرقه خوفاً حتى على البهائم من تفاهة الكتاب، فكم أسعدتني صورة أبطال الثورة الليبية وهم يكنسون مخلفات العقيد ونظامه ويخصلون البلاد من سطوة كتاب أعادهم للوراء مئات السنين، كتاب لا يصلح حتى أن يكون للزينة فوق أرفف المكاتب، كتاب لن يبقى له ذكر على ألسنة الليبيين في المستقبل، ولن يكون له بعد الآن أي محل من الأعراب على الإطلاق.



#طارق_قديس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المسيحية ديانة ثورية؟
- أوراق سائح من شرم الشيخ
- فدائي
- وصلة عتاب ليبية
- برقية عاجلة إلى عمر المختار
- مصر بين ثورتين
- قم أيها المصري
- هل فهم الرئيس ما يريده المصريون؟
- استنساخ محمد بوعزيزي
- الفيفا وأخطاء الحُكَّام في مونديال 2010
- الديمقراطية الحائرة في السودان
- بين بريطانيا واليمين الإسرائيلي
- العائدون من أوسلو
- بين زمنين
- فيلسوف في المنفى
- متاهة الأعراب في برامج الأحزاب
- يا أوباما .. إنما الأعمالُ بالنيّات!
- دليل الحيران إلى مسلسلات رمضان
- رُبى
- دُكَّان حسن شحاته


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طارق قديس - ماذا بقي من الكتاب الأخضر؟