أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جهاد علاونه - رد وفاء سلطان على رسالتي لها















المزيد.....

رد وفاء سلطان على رسالتي لها


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3517 - 2011 / 10 / 15 - 23:15
المحور: مقابلات و حوارات
    


عزيزي جهاد
بادئ ذي بدء، أشكرك من أعماق قلبي على ثقتك بي وإيمانك بقدرتي على مساعدتك، أتمنى أن أكون دوما مؤهلة لمستوى المسؤولية التي تحملني إياها.
سأطلعك على حقيقة علمية مثبتة، لا يتمنى المعالج النفسي كثيرا أن يدركها مريضه، وهي:
إن مدى نجاح أو فشل العلاج النفسي مستقبليا يتوقف على ثلاثة عوامل:
العامل الأول: مدى معرفة المعالج العلمية وقدرته على تطبيقها، وهذا العامل ـ صدق أو لا تصدق ـ يساهم فقط في١٥٪ من مدى نجاح العلاج.
بمعنى أنه مهما كان المعالج ملما بطبيعة المعضلة النفسية وأسبابها وحلولها لا يستطيع أن يساهم في أكثر من ١٥٪ من نجاح العلاج
العامل الثاني: طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض، وتساهم في ٣٥٪ من نجاح العلاج.
بمعنى أن مدى الدفء الذي يميز تلك العلاقة، ثقة المريض بالطبيب، احترام الطبيب لمشاعر المريض وإحساسه بأهميته وإنسانيته تلعب دورا يجسد ٣٥٪ من نجاح العلاج
العامل الثالث والأهم: ما يسمي في اللغة النفسية "الجهاز الداعم" أي
Support system
ويساهم ـ صدق أو لا تصدق ـ في الـ ٥٠٪ الباقية، بمعنى أن هذا العامل هو الأهم
وهو يشمل الناس المحيطين بالمريض من أهل بيته وأقربائه وأصدقائه وجيرانه وزملاء العمل ورجل دينه ومرشده الروحاني وغيرهم
مقدار دعم هؤلاء الناس للمريض يلعب دورا مقداره ٥٠٪ من نجاح العلاج
بناء على تلك الحقيقة، يؤسفني أن أقول لا أستطيع إلا أن أضمن ٥٠٪ من نجاح العلاج وذلك في أفضل الظروف، وعليك أنت ـ بناء على معرفتك بالجهاز الداعم والذي يحيط بك ـ أن تقدر الـ ٥٠٪ الباقية
من خلال رسالة واحدة لا يستطيع المعالج أن يشخص الحالة تشخيصا علميا مبنيا على وقائع.
تبادلت وإياك رسائل عدة واطلعت من خلالها على أمور شخصية تقضتي أمانتي العلمية واحترامي لرغبتك أن لا أذكرها هنا
ومع هذا أظل عاجزة عن وضع التشخيص الصحيح، فلغة الجسد عند المريض هي الأساس الذي يعتمد عليه المعالج لوضع التشخص وخصوصا في حالة كحالتك، وبما أنك بعيد في الحقيقة عن طاولة فحصي سيظل ذلك التشخيص مقصورا
لذلك، سأتجنب وضع تشخيص طبي لحالتك خوفا من خطأ غير مقصود، وسأتناول الأمر بشكل عام ودون الخوض في مغبة المصطلحات الطبية
بمعنى أنني سأتناول الأمر وكأن صديقا عزيزا علي (يحتاج) إلى نصيحتي من خلال خبرتي في الحياة، وليس فقط من خلال ما تكرمت علي به الكتب
لقد وضعت كلمة "يحتاج" بين قوسين نظرا لأهميتها ولرغبتي في أن أبدأ نصيحتي منها
الحاجة ـ يا جهاد ـ هي الرباط الذي يشد الإنسان لأخيه الإنسان، ولولا ذلك الرباط لما كان هناك مجتمعات بشرية، بل شراذم بشر تتناثر بلا مشاعر كحجارة الأرض
أنت وأنا ضحايا أعراف وتقاليد أسأءت إلى مفهوم ذلك الرباط، ووصمته بالمذلة (الحاجة لغير الله مذلة) بدلا من أن تقدسه وتؤكد على ضرورة التمسك به
أنت اليوم تحتاجني وأنا أحتاج شخصا آخر، والشخص الآخر يحتاج شخصا آخر، وهكذا دوالييك
الحياة لا تتكون من أيام ودقائق، بل هي مجموعة حكايا، نصيغها نحن البشر ولا نستطيع أن نفصل حياة أي منا عن حياة الآخر
عندما يتألم الإنسان، أي إنسان، تأكد من أن حاجة من حاجاته لم تُلبَ، وبالتالي تأكد من أن خللا ما قد أساء إلى الرباط بين صاحب تلك الحاجة وآخرين من حوله
آلامنا تولد من رحم اللامبالاة التي يُظهرها المحيطون بنا تجاه ما نحتاج إليه
أقول آلامنا، ولا أقول تعاستنا، لأن الفرق هنا كبير
كلنا بشكل أو بآخر نتألم….
وفاء سلطان تتألم….جهاد علاونة يتألم…..الفقراء يتألمون…الأغنياء يتألمون…الأصحاء يتألمون….المرضى يتألمون….
باختصار، الكل يتألم….
لكننا لا نكون تعساء (كما توشك حياتك أن تكون) إلا بمحض إرادتنا!
الألم شيء والتعاسة شيء آخر
ظروفنا تسبب آلامنا، ولكن تعاستنا هي قرارنا
ليست المشكلة في أن نتألم، ولكنها في أن نحول الألم إلى حالة تعاسة تطغى على حياتنا
الألم شعور بعدم الراحة، لكنه يُفترض أن يكون شعورا عابرا، وليس دائما مهما طال
أما التعاسة فهي حالة من الألم الدائم تسيطر على حياة الإنسان وتفقدها مبرر استمراريتها
أنت يا جهاد تتألم، لأن حاجاتك المادية والنفسية والعاطفية ـ بشكل آو بآخر ـ لا تلقى من يبالي بها ويساعدك على تحقيقها
أستطيع أن أتفهم ألمك، لكنني لا أقبل أن يتخذ صديقي جهاد المثقف والإنسان الطيب والخلوق، أن يتخذ قرارا بأن يجعل من آلامه حالة تعاسة يرثى لها، وهذا ما أشارت إليه رسالتك
مهما بدت الحياة قاتمة، هناك ما يسمح لنا أن نرى الضوء في نهاية النفق
اسمعك تصرخ محتجا: وكيف أتخلص من آلامي؟
لا أسألك أن تتخلص من آلامك، لا أحد يستطيع، بل علينا أن نتعلم كيف نتعايش مها
كما أن حاجاتنا هي جزء من كينونتنا البشرية، كذلك هي آلامنا….
ألم أقل في البداية،بأن الألم ينشأ عندما لا تتحقق حاجة ما؟؟
لذلك، يجب أن نتعلم كيف نتعايش مع آلامنا، كي لا تحولنا تلك الآلام إلى مخلوقات يائسة تعيسة تفقد مبرر استمراريتها
لقد رأيت ضوءا في نهاية النفق الذي تعيش فيه يا جهاد، وأريدك أن تراه بنفسك
لقد أشرت بأن لك صديقين حميمين وهما وداد وفؤاد، أليس هذا كافيا لأن ترفض أن تكون تعيسا؟؟
من يملك في هذا العالم المجنون صديقين؟؟
إنك جدا محظوظ!
ألست أنا الأخرى صديقتك؟ لماذا لا يخفف وجودي في حياتك بعضا من آلامك؟
إحساسك بأنك رجل فقير وتعيس، يؤلمني ويشككني في قدرتي على أن أكون صديقة وفية، أليس في ذلك ظلم لي؟
أتذكر، وخلال حديثنا الهاتفي، رددت على مسامعي قول سقراط: "لا تستطيع أن تمنع طيور الشؤم من أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشعش داخله"
كيف تعرف ذلك، وتسمح لنفسك أن تصل إلى تلك الحالة من التعاسة؟
لا ياجهاد، لا أريدك أن تعيش بعواطفك متخليا عن منطقك الجميل الذي تعلمنا منه الكثير من خلال كتاباتك
لا شك أننا نحتاج بين الحين والآخر إلى أن نتخلى عن منطقنا ونستسلم لعواطفنا، كما نخلع معاطفنا عندما تسطع الشمس لنستمتع بدفئها
ولكن يجب أن نظل متمسكين بتلك المعاطف، لأن الشمس تغيب بين الحين والآخر، وخوفا من أن يفتك بنا البرد
العواطف تدغدنا كأشعة الشمس وتبعث في مفاصلنا الدفء
لكن المنطق ـ كمعاطفنا ـ يحمينا من صقيع الحياة…
تشرح لي أخلاقيات الرجل المسلم؟؟؟؟
لماذا تحاول أن تشرح للسمكة طبيعة البحار؟؟؟
****
يبدو ـ يا جهاد ـ أنك قلق ومكتئب بشكل حاد، ومشاعرك تلك نابعة من عدم قدرتك على التكيف مع واقع تعيشه
أغلب الضغوط النفسية تنبع من عدم القدرة على التكيف مع واقع ما.
كلما ازدادت الهوة بين ما يتوقعه الشخص من واقعه وما يراه من حقيقة ذلك الواقع كلما ازدادت حالته النفسية سوءا
أنت رجل متميز بنى لنفسه جهازا أخلاقيا وفكريا مختلفا بشكل جذري عن أخلاقيات وأفكار المجتمع الذي تعيشه
من العبث إذن، أن تتوقع بأنك ستتكيف مع ذلك المجتمع
ليس هذا وحسب، بل أنت شخص مرهف الإحساس وإحساسك المفرط يزيد
من شدة قلقك تجاه عدم التزام مجتمعك بمبدأ "المعاملة بالمثل"
بمعنى، عندما ترى الناس في ذلك المجتمع يتعاملون معك خلافا لطريقة معاملتك لهم تزداد رفضا لذلك الواقع، وتقل بالتالي قدرتك على التكيف معه
آلمتني جدا عبارتك "كلما ازددت ثقافة كلما ازددت فقرا"، آلمتني لأنها
الحقيقة في مجتمع لا يعرف قيمة الثقافة ولا يقدرها
على كل حال، ليست الثقافة مجرد رغيف خبز، هي تشبع الروح والعقل ولكنها قد لا تملئ معدة
أنت غني بما تعطي وليس بما تملك، ولقد أعطيت قرائك الكثير ومازلت تعطي، وهذا بحد ذاته يُفترض أن يخفف من حدة آلامك وضغوطك
الكل يحبك يا جهاد، ولك في قلوب قرائك مكان لا يستطيع أحد غيرك أن يملأه
ما يؤسفني أن الجهاز الداعم القريب منك والمحيط بك ليس مؤهلا ليستوعب حاجاتك ويلبيها لك
الحبيب (بالمفهوم البوذي له) هو المأوى
لا تستطيع أن تحب إنسانا إلا عندما يصبح ذلك الإنسان المأوى الذي تلجأ إليه عندما تقسو عليك الحياة
عندما لا تستطيع أن تتأخذ من جناجي المرأة التي تحب مأوا لك، أنت تتوهم
بأنك تحب تلك المرأة، والعكس صحيح
في فيتنام يستخدمون كلمة "بيت" عوضا عن زوج أو زوجة، فلو سألت الزوج
من حضر لك الطعام، يقول: بيتي حضرته لي
ولو سألت الزوجة، من أهداك هذا المعطف ترد: بيتي اشتراه لي!
هل هناك أجمل من ذاك؟
هل لاحظت كيف يستخدمون نفس الكلمة ـ وما أحلاها من كلمة ـ لوصف الزوج والزوجة على حد سواء
في أعرافنا المرأة حرثٌ، لك الحق أن تغرس شفرة محراثك فيه أنى شئت، شاءت هي أم لم تشأ!
يا لعذوبة ورومانسية هذا التعبير!!
ما أقبح أن يراها الرجل أرضا تُطاء، والأقبح أن تراه شفرة محراث!
أعرفت الآن لماذا في بلادنا يعيش الرجل في واد والمرأة في آخر، وبين واديه وواديها مليون سنة ضوئية؟!
في أعرافنا: جئنا إلى هذا الكون عندما ارتضم المحراث بالأرض، ولم نأتِ عندما تعانقت البويضة مع النطفة لتمارس فعل الحياة، أقدس فعل على سطح الأرض؟
وسعيد منا من كان قادرا على أن يتجاوز تلك الأعراف البغيضة، ويصنع من نفسه مالم يُخلق في رحم أمه!
لديك ما يؤهلك لتكون واحدا من هؤلاء السعداء، يا جهاد!
لديك جمهور كبير جدا خارج حدود بيتك، وقد تجد لدى ذلك الجمهور ـ لو عرفت كيف تتواصل معه ـ ما تبحث عنه من دعم نفسي وعاطفي
الأمور الشخصية الأخرى سنتناولها في رسائلنا وسأفعل كل ما بمقدوري
لأساعدك
أحبك يا جهاد أخا لم تلده أمي وصديقا صنعته لنفسي، وأنادائما فخورة بأصدقائي وفخورة بقدرتي على اختيارهم
أحبك، لأنني أرى فيك ملجأا لي، كما ترى في ملجأا لك….
فكل منا يحتاج إلى ملجأ
عندما يتعمم الدور، ويتمكن المريض النفسي من أن يصبح هو الآخر ملجأا لطبيبه، يعني أن الطبيب قد مارس ذروة حكمته…
فهل فعلت وفاء سلطان؟!!



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصية كاسيوس
- الحجم الطبيعي
- من هي البطلة؟
- الحشيشه الأصليه
- امرأة من سفر الأمثال
- مشكلتي مع الكتابة
- رواية العقل الباطن1
- السلطة فالمال فالمرأة
- ابن الرومي الحظ السيئ
- إلى الدكتورة وفاء سلطان2
- سرقنا الوقت
- الأنبياء وهم أم حقيقة؟
- قطرات الندى
- التاريخ مثل العروس المتعجرفة
- الجنس مع الكتابة
- إلى التي قالت لي كن جميلا
- المصاري مش كلشي
- دفتر مذكراتي
- اللعب مع الذئاب
- على الساكت


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جهاد علاونه - رد وفاء سلطان على رسالتي لها