أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم السراجي - - رقصةُ الدحة -















المزيد.....

- رقصةُ الدحة -


نجم السراجي

الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


نُشرتِ القصةُ ورقياً في مجلة" حسمى " نادي تبوك،
العدد الخامس بتاريخ 26.05.2011


قيلَ لإعرابية، ما الجرحُ الذي لا يندمل *
قالتْ: وقوفُ الكريم بباب اللئيم ثم صده.


قصة قصيرة " رقصةُ الدحة "

ـ الدَمُ والحرارةُ يغليان في بَدني ،
وتِلكَ الأعرابيةُ التي هيَ" أُمي " جرحُها أعمقُ مِنْ أنْ يَنْدمل !
وقفتْ ببابه في ليلةِ عرسه ِ :
ـ ابنكَ يحتضرُ / يَضَوَّرُ من شدّةِ الحُمَّى / !
ولأنهُ لئيمٌ فقدْ صدَّها، بلْ رَفضَها مِنْ مَمْلكةِ الرمْلِ التي يحكُمُها، ورَفضَ ذلكَ الجسدَ الصغيرَ الملتهبَ المرمي على كَتفِها الذي هوَ جسدي أنا / ابنه البكر /
ستلاحِقك لعنةُ الصحراءِ " أبي "...
***
مخادعٌ ، أَرْوَغُ من يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ ، لا يقْدر عليه أحَدٌ ، رَهينُ الخَطيئةِ ،في صَدرِهِ يَحتَبسُ الغدرُ، نفسُه الأمارةُ بالسوءِ غرَّتْه حِينَ أوْحَتْ إليه ليطْغى ويجرِّدَ ذاتَه عنْ قوامِها الإنساني وينسلخَ عنْ أديم المكَانِ ليبْدُو كَنبتةٍ هَجينةٍ لا جَذْر لها ولا انْتِماء!
طَالَ غَدرُهُ المكانَ وقَطَعَ آخِرَ خَيطٍ للمرُوءةِ في ذِمَتِه لتمتدَ سِياطُ الخيانَةِ ويَدُ غَدرِهِ إلى سيدِ المَكانِ ويُطْعَن غَدْراً وهوَ عَزيزُ قَوْمٍِ جَوَاد... كانَ يَحْكِي عَنِ الجذُورِ كَمَنْ يَصوْغ المَاءَ ويَرْسِب في الأرضِ فَتنبتُ الرَحْمَةُ في قلبهِ نخلةً يتكئُ علَيْها الرجال، وكانَ يمتَطي صهوَ الصِعابِ لتُلْهِبَ الرَمْضاءٌ جِلدَهُ وينالهُ مِنها ما ينالُ من لينٍ ومن عسرِ، وينذر روحَه للعَطاءِِ لينضمَ إلى ركبِ الحبِِ ويلتصقَ بجذورِ الأرضِ حَتَى تنبض فيها عروقُه ويكون بينهُ وبينَ أديمَها مُلحة، يقولُ :
الأرضُ " أمٌ "
بِرُّها نذرٌ فَيُقْضى
وفيْضُ دمعٍ ومشربِ
هو ذكرٌ أُفيضُ فيهِ
ويفيضُ صدري بسِرِّه
وارتوي

.***
لوْ كانَ قاسياً كالماسِ شديدَ القبضِ حذراً ، لَمَا امتدَّتْ يدُ الغدرِ إليهِ ، لكنَهُ رخوٌ كالسرابِ ،تركَ اليدَ التي تُطاردُه في المنامِ ليصْحُو على هاتفِ الموتِ وخنجرٌ مزروعٌ في خاصرتهِ والجاني يلعبُ بالمُلْكِ ويدقُ الرقابَ حتى تَتبعَه القبائل خوفاً وطمعاً ، تُعلنُ بيعتَها مصحوبة بزغاريدِ النساءِ ومباركةِ الفتاوى وصليلِ السيوفِ ، بعدَها ، سيمشقُ بسيفهِ ويمتطي فَرَسا ً مُنَعَّلاً تعبثُ حوافرُهُ بحباتِ الرملِ ويأتي صوتُهُ من تيهِ المكانِ :
أنا الردى / سيدُ الرملِ والرجال / أعَلِّمُهم التدبيرَ واتبعُ الطرقَ إلى العلياء!
أنا الصوابُ ، أنا المهاب ،
أنا ... ،
ـ "أبي" لا تُكِدِّرْ صَفوَكَ / لنْ أفْسِدَ عَليكَ ليلةَ عرْسك /
سَتَفعَلُ مَا تَشاء إلا أنْ تَهربَ من الخطيئةِ لأنكَ عينُها وهي ظِلُّك !
***
الليلةُ ... سترقصُ نسوةٌ وترجزُ حناجرٌ بما يشبهُ الغناء وتـُهَزُّ لهيبتِهِ أرْدافٌ فِي كَرنفالٍ رمْليٍ أسطوريٍ تعْتلي فريستُه الأولى فيهِ " خِدْرَ زوجتِه " ليمتلكَ بُضْعَها ويخْرج إليهُم مُنتصراً رافِعاً رايةَ الفحولةِ الحمراءِ ، يصنعُ بعدَها مِن دمِ البكارَةِ وعَرَقِِ الشهوةِ وحباتِ الرملِ طفلاً مِن الفُخارِ يطعنُهُ غَدْرا ويخلفُه في الحكم ِ!
وليلةٌ أخرى ... يتبعُها ما يُشبِه حُلمَ يقظةٍ ، يرْمي فيها عَصَاه ، تتسابقُ " نسوةٌ " ، تلوذُ بها مَنْ تجاهد وتثابر وتزاحم بناتَ جِنْسِها لتمنَحَه جَسداً بِكْراً طَرياً بشهوة فرسٍ وَدِيقٍ ، يجَرِّبُ بهِ فحُولتَه مَرَّةً أخْرى ويَنشرُ أفراحاً مُقّنَّعةً يَعلوها صَريرُ لحظاتٍ تتَجددُ لتقِفَ في اليومِ التالي عِندَ بابهِ ذليلةً / يَطْرُدها / وَيفْتلُ شَاربَيه ويَرمي عَصاهُ مَرّاتٍ ومَرَّات وفي كُلِ مَرَّةٍ يَجِدُ منْ تقاسِمه المُباضَعةَ بشبقٍ!
لمَ لا وهوَ المهابُ وشهواتُهن تطاردُ عصاه !
ـ " أبي "... لنْ أدعَ الحمّى وذئابَ الصحراءِ تفترسُ خلايا دماغي ، ستحيطُني أمي بأسرارِ القوةِ و الدعاءِ ولن أموت حتى أراك ذليلا تستجدي العطف ورحمة الأعداء ، حينها ستَذْكرُ "أمي" وهذهِ الليلة التي طرَدتَنا فيها إلى ظلمةِ الليلِ وتركتَنا في ذمَتِهِ نصارعُ المجهول .
***
هي... منْ اختارتهُ دونَ الرجال، أحبتْ فيهِ الرجلَ الشهمَ الشجاعَ ورفضَتهُ حينَ سقطَ قناعُ الغدرِ لتختارَ كبرياءً اكبَر منْ ترغيبِهِ وأقوى منْ ترْهيبِهِ ،
في هذهِ الليلة حينَ وقفتْ ببابهِ لمْ يكن الأمرُ هيناً عليها ، لمْ تطلب منه عفواً أو عطاء، هي أكبرُ من ذلكَ، لكنَها سألتْ فيه لِحَاءَ الأبوةِ فخابَ ظنُها وامتدَ جرحُها النازفِ عبرَ الصحاري والرمال و عبرَ بيت عرسهِ الأول ... بيتٌ عتيقٌ من الشعرِ أعْمَلَتْ شموسُ الصيفِ وأمطارُ الشتاءِ وغبارُ الباديةِ يَدها عليه.
الحمى تلهبُ بدنَ الرضيعِ وهي تضمُهُ بشدةٍ إلى قلبِ الأمِّ الكسيرِ وتنطلقُ به كلبوةٍ جريحةٍ في طريقٍ موحشٍ طويلٍ عبرَ رمضاءٍ مَضِلَّةٍ يتيهُ في ليلها الفكرُ والإنسان، تنظرُ بقلبِها إلى الأمام وهي تهمسُ بالشفاء همْسَا يفوحُ برائحةِ النباتِ البري، يخرجُ من القلب ، همْسا ً موجِعا ً كنغمةِ الدعاءِ الحزينةِ في ليلِ الغرباء :
ـ " يا رب "
سنصلُ يا ولدي، ستشفى يا بني !
اشتدتِ الحمَى عليه، فمُهُ الفاغر، أنفاسهُ الحارة المتصاعدة، لهيبُ أحشائهِ يتدفقُ على صدرِها، تضمُهُ بحنو، تقتاتُ على أملِ الوصول ،
انطلقتْ أسرع ينيرُ لها القمرُ تلكَ الكثبان الرملية يرافقُهما الكلبُ المطرودُ معَهُما ، لم يساوِرها أيّ خوف من التيهِ والضياعِ بينَ براثنِ صحراءٍ بكرٍ وسماءٍ صافيةٍ لامعةٍ كصفيحةِ قصدير، يحركُها حسُ النجاحِ ويجذِبُها خيطٌ سريٌ بالاتجاهِ الصحيح، بوصلتُها النارُ التي تتوقَدُ باستمرارٍ إزاء قلبِها المحزونِ وسرِ الأمومةِ الخالدِ وصدرٌ يعلو ويهبطُ خافقاً لشدةِ الإحساسِ بالحنينِ الدافئِ الذي لا ينقطع وقوة الشعورِ به... هي الأمُ وحدها تعرف سرَّه وبلوغَ كنهه ،
التهمتْ خطواتُها المسافات ، تسحقُ بقدميها الحافيتين هوامَ البراري بلا وجل، تمدُّ قامتَها البدويةَ المفتولةَ والممشوقةَ كَغزلانِ الفيافي السمراء إلى الأمام... إلى أمام :
ـ سنصل يا ولدي،
هوى شهابٌ من كبدِ السماءِ بسرعةِ البرق، ضمتْ ابنَها بقوةٍ إلى صدرِها، نبحَ الكلب، رمقتْ السماءَ بنظرةِ عتابٍ ورجاءٍ وتابعتِ المسير،
الهمسُ ما يزالُ يأتي من قعر القلب :
ـ ستعيشُ يا أحمد.. تكبرُ، يتلونُ خدُك بالقمحِ ، بلونِ الصحراء و ضوءِ النجومِ المتناثرةِ وأُزَوِجُكَ أجملَ عروسٍ/ أميرةُ البادية، حوريةٌ إنسية، كاعبٌ من النجوم، عروسُ الفرات / سأرقصُ في عرسِك في ليلةٍ مضيئةٍ تستقبلُ فيها أذرعُ القمرِ الفضيةِ الدافـئةِ هيبةَ العرسِ البدوي وزينةَ الهودجِ وعطورُ الهندِ القديمة تقذفُ الفضاءَ بروائِحها، سترقصُ الصحراءُ في تلك الليلةِ المضيئةِ وتتعالى الزغاريدُ فيها والسامرُ يكبرُ، ليلةٌ تُشكِّلُ فيها مسحةُ الحزنِ القديمِ والفرحُ المغيبُ والأملُ مع إيقاعاتِ رقصة " الدحة " وفحيحِ أصواتِ راقصيها وانفتالِ الأجسادِ الجسورة لوحةً رائعةً/ إرهاصة تخلق القوة والإقدام / لوحة المروءة الأزلية/
الليلُ طويلٌ والطريقُ يمتدُ ويتكررُ حتى تضيع الاتجاهات، النعاسُ ينسلُّ إلى عينيها وتكيدُه، تناورُه تحت حملها الناري. تمدُ بصرَها تطاردُ المساحاتِ الممدودةِ والأفقَ اللامتناهيَ على أملِ الوصول ، ليس ثمةَ وجهُ السماءِ وبساطٌ ممدودٌ من الرملِ والحصى والزواحفِ والأخاديدِ وفحيحِ الأفاعي وارتدادِ صدى الوحوشِ الضواري ينقله الريحُ وصمتُ البريةِ والسكون .
تعالتِ الأصواتُ واقتربَ عواءُ ذئب ، تقدمَ الكلبُ ، تحفزَ استعدادا للمواجهةِ وعوى عواء ً مستطيلا ًبنبرةٍ غريبةٍ تُنذِرُ بوقوعِ فاجعة ، حَمَلتهُ ريحُ البريةِ إلى قلبِ الصحراء ، جاءَ أولُ جوابٍ وتعالتْ بعدها أصواتُ الإنقاذِ مسرعة صوبَ المكان ، استمرَ الكلب بالعواءِ حتى اقتربَ الذئبُ وكانتِ المواجهةُ ... معركةٌ داميةٌ شرسةٌ سلاحُها المخالبُ وأنيابٌ تُمَزِقُ الأحشاء ، استمرتْ دونَ تراجعٍ أو فرٍّ أو إدبار/ معركةُ بقاءٍ بينَ الجوعِ والوفاءِ / سالَ الدمُ فيها وانتهتْ بفرارِ الذئب تتبعُه الكلابُ التي لبتِ النداء ،
راقبتِ " الأم " تلكَ المعركة وهي تهمسُ بالدعاء ، انطلقتْ صوبَ غبار المعركةِ وانين الكلب ، انحنتْ عليه ، حاولَ تحريكَ لسانَه ، لم يستطعْ ، امتزجَ دمعُها بدمه النازفِ بالوفاءِ وفارقتْ روحُه الحياةَ تاركاً رسالةً قرأتْها في عينيه،

انتهت
الدانوب الأزرق



#نجم_السراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص : أنا والسهر وردي
- نص : المنْذور للخُلدِ !
- نص : عرّاب الخطايا مجموعة فتاة القمح
- عنق الزجاجة ينتظر ... !
- الدكتور نجم السراجي وقراءة متأنية في قصيدة القابلة للشاعر ...
- لهم عيدهم ولنا عيد
- قصة قصيرة : الحمار ... ثالثنا
- نص : إلى دجلة
- قراءة نقدية


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم السراجي - - رقصةُ الدحة -